«القتل على الهوية»... جرائم مجهولة ضد معارضي حرب طرابلس

وقعت في 5 مدن من بينها مصراتة وسرت

TT

«القتل على الهوية»... جرائم مجهولة ضد معارضي حرب طرابلس

تزايدت عمليات خطف وقتل المواطنين في مدن ليبية عدة، وخاصة غرب البلاد، خلال الأيام الماضية، على خلفية مواقفهم السياسية من الحرب الدائرة على العاصمة طرابلس منذ 10 أشهر. وأبلغت عائلات ليبية في مدن مصراتة والقرة بوللي وترهونة وطرابلس وسرت، خلال الأسبوعين الماضيين، عن اختفاء أحد أفرادها، قبل أن يُستدل على جثته مقتولاً وملقى بها على أحد جانبي الطريق، وقد نالها التشويه. وهي الجريمة التي باتت متكررة، وتزعج الليبيين. وقال حقوقيون ومواطنون لـ«الشرق الأوسط» إن هناك بلاغات عدة تقدمت بها بعض الأسر إلى الجهات الأمنية عن اختفاء أبنائهم، وسط مطالبات لحكومة «الوفاق» ووزارة داخليتها بضرورة التحرك لتأمين الشباب مما سموه «التصفية الجسدية بسبب آرائهم السياسية».
وتعاني ليبيا من استقطاب واسع وانقسامات حادة بسبب تأييد الحرب على طرابلس، التي يشنها «الجيش الوطني» أو معارضتها، ما يجعل أحد هذين الفريقين معرضاً للخطر خارج نطاق منطقته. وقالت غرفة الطوارئ الخاصة بمدينة مصراتة (غرب ليبيا) إن ما وصفتهم بـ«عصابات الغدر والخيانة» بمدينة ترهونة يخطفون أبناءهم ويقتلونهم، مشيرة إلى أن عناصر كتيبة «الكانيات» التي تقاتل مع «الجيش الوطني» تنكل بأبناء مصراتة وتطاردهم. وتحدثت الغرفة نهاية الأسبوع الماضي، عن مقتل 3 مواطنين على أيدي عناصر الكتيبة، وإلقاء جثثهم في أماكن مهجورة، لافتة إلى أن هذه الحوادث تكررت من قبل «دون رادع للمجرمين من الجهات المعنية».
وباتت أخبار اختفاء الأشخاص قسراً، والإعلان عن مقتلهم، من الأمور الاعتيادية في مدن غرب ليبيا، بعد أن اختفت هذه الظاهرة بعض الوقت. وكتب المواطن أسامة القليب المنتمي إلى مصراتة، متحسراً على مقتل اثنين من أبناء خاله، بالإضافة إلى شخص آخر كان برفقتهم، على أيدي مجموعة مسلحة، أثناء ذهابهم إلى مدنية مسلاتة. وقال مسؤول بوزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» إن الأجهزة المعنية تسعى للتصدي لهذه الجرائم التي تقع في نطاق سيطرتها، مشيراً إلى أنها لن تتوانى عن تقديم أي متورط إلى العدالة لينال عقابه. وكانت وزارة الداخلية الليبية، أعلنت أنها عثرت على جثة بأحد المنازل المهجورة بمنطقة الزطارنة، وعليها آثار إطلاق رصاص، ومن خلال التحاليل تم التعرف على جثة المجني عليه، لافتة إلى أنه بعد جمع المعلومات والتحري تمكن أعضاء مديرية أمن تاجوراء من ضبط المتهم وإحالته لمركز شرطة وادي الربيع.
وقال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أحمد عبد الحكيم حمزة، إنهم رصدوا تصاعد حالات الاحتجاز التعسفي والخطف والقتل بحق المدنيين في مدن طرابلس والقرة بوللي وترهونة وسرت، ورأى أن هذه الجرائم تتزايد على خلفية المواقف السياسية للمواطنين وأصولهم الاجتماعية.
ودعا حمزة إلى ضرورة اضطلاع الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية بدورها الرقابي، خاصة على مراكز الاحتجاز، منعاً لتدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد، منوهاً إلى أن المخطوفين يتعرضون في الغالب للضرب والتعذيب على أيدي سجانيهم. وقال أحمد مسعودي، الناشط المدني من مدينة القرة بوللي (شرق العاصمة)، إن «الحرب تسبب حالة كراهية واسعة بين المواطنين، بالشكل الذي لم يعد يأمن المواطن على نفسه إذا مر بمنطقة يسيطر عليها أحد طرفي الحرب وكان يخالفه الرأي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كل يومين نعثر على جثث لمواطنين تمت تصفيتهم بالرصاص بسبب مواقفهم السياسية».
وسبق أن حذرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا من زيادة أزمات المفقودين في مدن طرابلس والقرة بوللي وترهونة وسرت، وذلك في ظل غياب وانحسار سيادة القانون، وضعف قدرة القضاء على ممارسة أعمال الرقابة على الاحتجاز، وهيمنة الميليشيات المناطقية والسياسية على أجسام سيادة القانون وإدارة مراكز الاحتجاز في البلاد، محملاً حكومة «الوفاق» المعترف بها دولياً المسؤولية عن ضرورة حماية المواطنين.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.