تزايدت عمليات خطف وقتل المواطنين في مدن ليبية عدة، وخاصة غرب البلاد، خلال الأيام الماضية، على خلفية مواقفهم السياسية من الحرب الدائرة على العاصمة طرابلس منذ 10 أشهر. وأبلغت عائلات ليبية في مدن مصراتة والقرة بوللي وترهونة وطرابلس وسرت، خلال الأسبوعين الماضيين، عن اختفاء أحد أفرادها، قبل أن يُستدل على جثته مقتولاً وملقى بها على أحد جانبي الطريق، وقد نالها التشويه. وهي الجريمة التي باتت متكررة، وتزعج الليبيين. وقال حقوقيون ومواطنون لـ«الشرق الأوسط» إن هناك بلاغات عدة تقدمت بها بعض الأسر إلى الجهات الأمنية عن اختفاء أبنائهم، وسط مطالبات لحكومة «الوفاق» ووزارة داخليتها بضرورة التحرك لتأمين الشباب مما سموه «التصفية الجسدية بسبب آرائهم السياسية».
وتعاني ليبيا من استقطاب واسع وانقسامات حادة بسبب تأييد الحرب على طرابلس، التي يشنها «الجيش الوطني» أو معارضتها، ما يجعل أحد هذين الفريقين معرضاً للخطر خارج نطاق منطقته. وقالت غرفة الطوارئ الخاصة بمدينة مصراتة (غرب ليبيا) إن ما وصفتهم بـ«عصابات الغدر والخيانة» بمدينة ترهونة يخطفون أبناءهم ويقتلونهم، مشيرة إلى أن عناصر كتيبة «الكانيات» التي تقاتل مع «الجيش الوطني» تنكل بأبناء مصراتة وتطاردهم. وتحدثت الغرفة نهاية الأسبوع الماضي، عن مقتل 3 مواطنين على أيدي عناصر الكتيبة، وإلقاء جثثهم في أماكن مهجورة، لافتة إلى أن هذه الحوادث تكررت من قبل «دون رادع للمجرمين من الجهات المعنية».
وباتت أخبار اختفاء الأشخاص قسراً، والإعلان عن مقتلهم، من الأمور الاعتيادية في مدن غرب ليبيا، بعد أن اختفت هذه الظاهرة بعض الوقت. وكتب المواطن أسامة القليب المنتمي إلى مصراتة، متحسراً على مقتل اثنين من أبناء خاله، بالإضافة إلى شخص آخر كان برفقتهم، على أيدي مجموعة مسلحة، أثناء ذهابهم إلى مدنية مسلاتة. وقال مسؤول بوزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» إن الأجهزة المعنية تسعى للتصدي لهذه الجرائم التي تقع في نطاق سيطرتها، مشيراً إلى أنها لن تتوانى عن تقديم أي متورط إلى العدالة لينال عقابه. وكانت وزارة الداخلية الليبية، أعلنت أنها عثرت على جثة بأحد المنازل المهجورة بمنطقة الزطارنة، وعليها آثار إطلاق رصاص، ومن خلال التحاليل تم التعرف على جثة المجني عليه، لافتة إلى أنه بعد جمع المعلومات والتحري تمكن أعضاء مديرية أمن تاجوراء من ضبط المتهم وإحالته لمركز شرطة وادي الربيع.
وقال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أحمد عبد الحكيم حمزة، إنهم رصدوا تصاعد حالات الاحتجاز التعسفي والخطف والقتل بحق المدنيين في مدن طرابلس والقرة بوللي وترهونة وسرت، ورأى أن هذه الجرائم تتزايد على خلفية المواقف السياسية للمواطنين وأصولهم الاجتماعية.
ودعا حمزة إلى ضرورة اضطلاع الأجهزة الأمنية والسلطات القضائية بدورها الرقابي، خاصة على مراكز الاحتجاز، منعاً لتدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد، منوهاً إلى أن المخطوفين يتعرضون في الغالب للضرب والتعذيب على أيدي سجانيهم. وقال أحمد مسعودي، الناشط المدني من مدينة القرة بوللي (شرق العاصمة)، إن «الحرب تسبب حالة كراهية واسعة بين المواطنين، بالشكل الذي لم يعد يأمن المواطن على نفسه إذا مر بمنطقة يسيطر عليها أحد طرفي الحرب وكان يخالفه الرأي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كل يومين نعثر على جثث لمواطنين تمت تصفيتهم بالرصاص بسبب مواقفهم السياسية».
وسبق أن حذرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا من زيادة أزمات المفقودين في مدن طرابلس والقرة بوللي وترهونة وسرت، وذلك في ظل غياب وانحسار سيادة القانون، وضعف قدرة القضاء على ممارسة أعمال الرقابة على الاحتجاز، وهيمنة الميليشيات المناطقية والسياسية على أجسام سيادة القانون وإدارة مراكز الاحتجاز في البلاد، محملاً حكومة «الوفاق» المعترف بها دولياً المسؤولية عن ضرورة حماية المواطنين.
«القتل على الهوية»... جرائم مجهولة ضد معارضي حرب طرابلس
وقعت في 5 مدن من بينها مصراتة وسرت
«القتل على الهوية»... جرائم مجهولة ضد معارضي حرب طرابلس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة