الأكراد يقصفون «داعش» بـ«صواريخ البيشمركة» ويستعدون لـ«مرحلة الهجوم»

خلافات بين وحدات الحماية ومقاتلي «الحر» في كوباني

الأكراد يقصفون «داعش» بـ«صواريخ البيشمركة» ويستعدون لـ«مرحلة الهجوم»
TT

الأكراد يقصفون «داعش» بـ«صواريخ البيشمركة» ويستعدون لـ«مرحلة الهجوم»

الأكراد يقصفون «داعش» بـ«صواريخ البيشمركة» ويستعدون لـ«مرحلة الهجوم»

نجحت وحدات حماية الشعب الكردية الليلة قبل الماضية في صد هجوم لتنظيم «داعش» من الجهة الشرقية على بعد 4 كيلومترات من مدينة كوباني في ريف حلب، مستخدمة لأول مرة «صواريخ البيشمركة» البعيدة المدى، بينما استمرت أمس وتيرة الاشتباكات كما هي بين الطرفين على الجهتين الشرقية والجنوبية، وفق ما قاله قائد في وحدات حماية الشعب في كوباني لـ«الشرق الأوسط».
وبينما لفت المصدر إلى أن قوات البيشمركة بصدد العمل على إنهاء الخطط العسكرية للدخول فعليا على أرض المعركة، أشارت مصادر في المجلس العسكري للجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن خلافات حصلت بين الأكراد ومقاتلي الجيش الحر الذين دخلوا قبل أيام قليلة إلى المدينة الكردية الحدودية مع تركيا، لافتة إلى أن نحو 20 مقاتلا من أصل 52 غادروا المنطقة وعادوا إلى تركيا. لكن مصدرا في وحدات حماية الشعب رفض تأكيد الخبر أو نفيه، مكتفيا بالقول: «إن مقاتلي الحر الذين دخلوا أخيرا إلى كوباني كان هدفهم سياسيا أكثر منه عسكريا»، متهما إياهم بالانصياع لأوامر تركيا، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «فصائل (الحر) التي كانت تقاتل معنا منذ بدء المعركة لا يزالون إلى جانبنا وقتل منهم نحو 30 قتيلا في المعركة، لكن الذين أتوا حديثا بقيادة العقيد عبد الجبار العكيدي ومعهم الأسلحة لا يزالون مترددين ولم يقرروا بعد الدخول في المعركة، رغم أننا نفتح الباب أمام أي مساعدة من قبلهم».
في المقابل، شدد منذر سلال، رئيس مجلس أمناء الثورة في منبج، هذه المعلومات، على دور الجيش السوري الحر في المعارك الدائرة، قائلا أن 200 مقاتل من الجيش الحر بقيادة العكيدي لحقوا بالمجموعة الأولى ودخلوا إلى كوباني في اليومين الأخيرين. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ربما من مصلحة الأكراد أن يقللوا من أهمية دور الحر وهم الذين لم يقبلوا بدخولنا لولا الضغط التركي، لكننا نؤكد أن وضع مقاتلينا في كوباني جيد وبدأت التحضيرات للدخول جديا في المعركة، انطلاقا من أن كوباني التي تستحوذ على الاهتمام والدعم الأكبر من الممكن أن تكون البوابة لتحرير منبج وجرابلس وتل أبيض».
وكان مكتب «أخبار سوريا» المعارض قال كذلك إن عددا من عناصر الجيش السوري غادروا كوباني نتيجة «خلافات» مع وحدات الحماية الكردية. وقال أحد عناصر الجيش الحر الذين غادروا المدينة في تصريح إن ما يقارب 20 مقاتلا خرجوا من كوباني باتجاه الحدود التركية نتيجة خلافات على توزيع الذخائر والأسلحة.
وأكد المصدر أن الخلاف نشب نتيجة عدم تسلم عناصر المعارضة لذخائر أو المعدات القتالية التي ألقيت إلى وحدات الحماية جوا في وقت سابق من الشهر الماضي.
كما أكد قيادي من ضمن المجموعة التي غادرت كوباني لـ«المكتب» نفسه أنه تلقى «رسالة تهديد» من وحدات حماية الشعب بضرورة مغادرة المدينة لأنه «شخص غير مرغوب فيه» على حد قولهم، وذلك حسب القيادي الذي أوضح أنهم برروا الطلب بأنه قاتل في وقت سابق ضد وحدات الحماية الكردية في منطقة أخرى من سوريا.
وكان نحو 150 مقاتلا كرديا قد دخلوا أول من أمس إلى كوباني عبر تركيا من العراق أملا في أن تحول مساندتهم لإخوانهم الأكراد المدعومين بغارات جوية تقودها الولايات المتحدة من دون سيطرة التنظيم المتشدد على المدينة الحدودية السورية، وقد سبقهم قبل يوم واحد عشرة من الخبراء والقياديين لتمهيد الطريق أمام زملائهم. وأفادت معلومات نقلا عن مصادر طبية داخل المدينة بانخفاض عدد الإصابات في صفوف المقاتلين الأكراد عن المعدل المعتاد، وعزت ذلك إلى ما عدته حالة الارتباك التي أصابت صفوف مسلحي التنظيم، إذ وصفوا قصفهم بأنه كان «عشوائيا».
وقال إدريس نعسان المسؤول الكردي المحلي في منطقة كوباني إن الأكراد العراقيين الذين يستخدمون المدفعية بعيدة المدى انضموا إلى المعركة مساء السبت. وأضاف لوكالة «رويترز»: «شارك البيشمركة أمس واستعملوا المدفعية النظامية التي جلبوها معهم. نحن لم يكن لدينا مدفعية. كان لدينا مورتر وأسلحة محلية الصنع». وأوضح المصدر في وحدات حماية الشعب أن مقاتلي البيشمركة الـ150 الذين دخلوا كوباني أول من أمس ناقلين معهم الأسلحة المتوسطة والثقيلة، سيكون دورهم كـ«قوات إسناد» وتحديدا على الجبهة الأمامية، وأضاف: «لم نبدأ بعد مرحلة الهجوم بمساندة البيشمركة إنما ننتظر الانتهاء من الخطة وتوزيع الأسلحة والقوات لننطلق في مهمتنا». وتوقع المصدر أن يتلقى الأكراد في مرحلة لاحقة المزيد من كميات الذخيرة من العراق نظرا لشدة المعارك المتوقعة.
في غضون ذلك، تواصلت ضربات طائرات التحالف ضد مواقع «داعش» على مقربة من كوباني، ولفت المصدر في وحدات حماية الشعب إلى أنه إضافة إلى الغارات الليلية نفذ الطيران غارتين خلال ساعات النهار استهدفت مواقع للتنظيم في الجهة الشرقية، وفي الجهة الجنوبية الغربية في آخر شارع 48 الذي يقسم المدينة إلى نصفين أحدهما شمالي والآخر جنوبي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.