أوباما يواجه خسارة آخر تحد انتخابي له يوم غد

الجمهوريون يستعدون للسيطرة على الكونغرس

أوباما يواجه خسارة آخر  تحد انتخابي له يوم غد
TT

أوباما يواجه خسارة آخر تحد انتخابي له يوم غد

أوباما يواجه خسارة آخر  تحد انتخابي له يوم غد

تشهد الولايات المتحدة انتخابات تشريعية مهمة يوم غد، وهي الانتخابات الأخيرة على الصعيد الوطني في الولايات المتحدة قبل انتهاء ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما. وبعد تدني شعبيته إلى نسبة 41 في المائة بحسب استطلاع للرأي نشرته مؤسسة «غالوب»، في آخر استطلاع يؤكد تراجع شعبية أوباما، بقي الرئيس الأميركي بعيدا عن حملات الانتخابات التي شنها المرشحون الديمقراطيون، ساعين للإبقاء على سيطرتهم على مجلس الشيوخ. ولكن 10 ولايات مؤثرة تظهر إمكانية خسارة الديمقراطيين السيطرة على مجلس الشيوخ وبذلك فقدان السيطرة على الكونغرس.
وبعد أشهر من الحملة الانتخابية وإنفاق مليارات الدولارات سينتخب الأميركيون غدا الكونغرس الجديد الذي سيصوت على القوانين خلال السنتين الأخيرتين من ولاية أوباما، في انتخابات تبدو المنافسة فيها حامية مع ترجيح الكفة لصالح الجمهوريين.
وسيتم التجديد لكل مجلس النواب ونحو ثلث مجلس الشيوخ لكن الغالبية الجديدة مرتبطة فقط بـ10 ولايات تختار مرشحين جددا لمجلس الشيوخ تبدو نتيجتها غير محسومة حيث يخشى الديمقراطيون تصويتا مصيريا يكون بمثابة عقاب لرئيس الولايات المتحدة.
وللمرة الأولى منذ 2006 يجد الجمهوريون أنفسهم في موقع قوة للهيمنة على مجلسي الكونغرس، لا سيما وأن الغالبية الجمهورية يبدو بقاؤها مضمونا في مجلس النواب الذي يسيطرون عليه.
ويكرر الجمهوريون بشكل منهجي القول إن صوتا للديمقراطيين يعني صوتا لباراك أوباما، في حجة تبسيطية منبثقة من واقع تدهور شعبية الرئيس الأميركي. وهذه الهجمات أرغمت المرشحين الديمقراطيين على استخدام مهاراتهم الخطابية لإثبات استقلاليتهم السياسية. وهكذا يرفض أليسون لاندرغان غريمز في ولاية كنتاكي المحافظة جدا بإصرار الإفصاح عما إذا كان صوت لأوباما، فيما أرجع مارك بيغيش في ولاية ألاسكا الرئيس الأميركي إلى سجلات التاريخ معلنا أنه بات «خارج الموضوع».
لكن خيبة أمل الأميركيين تشمل كل الطبقة السياسية ولا تقتصر على الديمقراطيين فحسب. فقد عبر أكثر من 75 في المائة من الأميركيين عن معارضتهم لعمل الكونغرس وهو رقم قياسي. لكن حجب الثقة هذا صب في مصلحة الجمهوريين مما يفسر بقاء نتائج استطلاعات الرأي متقاربة جدا ويجعل الترقب سيد الموقف بالنسبة للسهرة الانتخابية غدا التي يصعب توقع نتائجها.
وهذا الأسبوع وصف مستطلع الرأي الجمهوري ويت ايريس أثناء أحد النقاشات الكثيرة التي نظمت في العاصمة وسط حالة غليان، الوضع بقوله إنه «أشبه بيوم صيف خانق، نعلم أن عاصفة ستحصل حتى وإن لم نرها على الرادار».
وأضاف «لكن منذ 10 أيام، أو أسبوع، بدأنا نلمح المؤشرات الأولى لهبوب العاصفة»، خصوصا من خلال استطلاعات الرأي التي غالبا ما تضع الجمهوريين في الطليعة حتى ولو مع هامش خطأ.
وقد جمع أوباما 25 مليون دولار للمرشحين الديمقراطيين إلى مجلس الشيوخ ووضع بتصرف الحزب قواعد معطياته الثمينة لكنه اكتفى عمليا منذ الخميس بالقيام بتنقلات مضمونة في ولايات يحظى فيها بالغالبية مثل مين ورود وايلاند وميتشيغن وبنسلفانيا وكونكتيكت.
وقال مساء السبت أثناء تجمع في ديترويت حيث وجه نداء إلى الممتنعين عن التصويت، «هذه الانتخابات مهمة جدا كي تبقوا في منازلكم»، مضيفا «لا تسمحوا لأحد غيركم في اختيار مستقبلكم. فعندما نصوت نفوز».
في المقابل كثفت وزيرة الخارجية السابقة، المرشحة لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، هيلاري كلينتون، من جولاتها في تجمعات الدعم للديمقراطيين (لويزيانا ونيوهامشير، كنتاكي وايوا وكولورادو وكارولاينا الشمالية...) تمهيدا لحملتها الرئاسية، مع رسالة محسوبة لتعبئة النساء والأقليات.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.