بعد غياب عامين؛ عاد تومي هيلفيغر إلى لندن قائلاً في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» قبل عرضه بيوم: «لندن بالنسبة لي تضج بالأفكار؛ بالفن، بالإبداع، وبثقافة الشارع... أي بكل ما يُلهم ويُلهب الخيال... إنها تُذكرني بنيويورك». غيابه كان نتيجة استراتيجية تعمد فيها أن يتنقل بعروضه في عواصم عالمية رافعاً راية «البيع مباشرة بعد العرض». استراتيجية أكدت نجاحها، لا سيما بعد تعاونه مع نجوم يُمثلون الجيل الجديد مثل جيجي حديد وزيندايا وغيرهما. هذه المرة عاد إلى لندن متسلحاً بمفهوم التنوع من جهة، وببطل الـ«فورميلا وان»، لويس هاملتون والمغنية الشابة «H.E.R» من جهة ثانية، في تشكيلة أطلق عليها «TommyXLewisXH.E.R».
دعا المصمم 900 ضيف إلى عرضه الذي كانت قاعة «تايت مودرن» مسرحاً له، حتى يكونوا شهوداً على تبنيه «رسمياً» كلاً من الاستدامة والتنوع. يقول: «لا بد من أن أواكب العصر، وأن أستمع إلى نبض الشارع. لا أريد أن يصيب الهرم (تومي هيلفيغر) ما أصاب كثيراً من بيوت الأزياء الأخرى، لهذا فنحن نتحلى دائماً بروح (سبور) ومرحة». وبينما أصبح لويس هاملتون من «أهل البيت» إذا أخذنا بعين الاعتبار أنها ليست المرة الأولى التي يتعاون فيها مع الدار، فإن المغنية الشابة، في المقابل، جاء تعاونها بمثابة فرصة لكي تضع لمستها على تشكيلة قال عنها المصمم المخضرم إنها تخاطب الكل. وصفة يعود نجاحها، كما يقول، إلى أنه مستمع جيد لنبض الشارع وما يجري من حوله من تطورات؛ «خذي مثلاً جيل الألفية، فهو مهم لصناع الموضة كما تعرفين، لأنه يعشق الموضة ويتابعها بنهم. كذلك يتميز برغبة جامحة في أن يُرضي نفسه ويحقق رغباته الآن وليس غداً». لهذا الجيل الذي لا يريد أن يصبر أشهراً للحصول على قطع أعجبته على منصات العرض ويصيبه الملل بعد فترة قصيرة، استحدث فكرة «البيع مباشرة بعد العرض». أما جيل «زي»، وهو الجيل الذي يليه، فهو حسب رأيه «يتحلى بالصبر، وليس مهووساً بالموضة بالطريقة نفسها. هذا لا يعني أنه لا يعشق الموضة، بل العكس؛ يتابعها ويفهما، لكنه لا يريدها أن تتحكم في حياته أو تأتي على حساب الغير بأي شكل من الأشكال. فرغم صغر سنهم، فإنهم أكثر نُضجاً ولهم أهداف سامية وأكبر مثل إنقاذ البيئة والكون وما شابه من أمور».
ويعيد تومي هيلفيغر الفضل إلى التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وما توفره من معلومات لم تكن متوفرة للأجيال السابقة... «عندما كنا في سنهم، كنا نستعين فقط بموسوعات لا تُوفر سوى معلومات محدودة، الآن كل شيء تغير وتوسع بعد أن أصبح العالم مفتوحاً». الجميل أيضاً في هذا الجيل أنه يؤمن باحتضان الغير، بغض النظر عن لونه وجنسه وطبعاً مقاساته، ويستعمل صوته ليفرض وجهة نظره. طبعاً لم يتأخر المصمم عن معانقة أفكاره هاته، بدليل عرضه يوم الأحد الماضي في «تايت مودرن». وظّف فيه كل ما لديه من إمكانات لكي يجعله حديث الأسبوع، بدءاً من الموسيقى الحية، إلى استعانته بعارضات من مثيلات ناعومي كامبل وياسمين لوبون من جيل ما فوق الأربعينات، وأخريات في عمر الزهور ومن ثقافات أخرى مثل حليمة أيدن. كانت الصورة مثيرة للنظر، لا سيما مع ظهور مجموعة من العارضات لم تكن الموضة لتفكر في الاستعانة بهن أو تتقبلهن نظراً لمقاساتهن غير الكلاسيكية، لولا وسائل التواصل الاجتماعي وحملات الجيل الجديد المتواصلة لتغيير مفاهيم الجمال التقليدية. فهن إما بدينات أو قصيرات يتمتعن بأسلوب «سبور» أو «بانك».
يقول تومي هيلفيغر إن جيل «زي» يُذكره بنفسه قبل 50 عاماً. حينها كان مجرد صبي عاشق للموضة يريد أن يقتحمها ليُحدث تغييرات إيجابية فيها. حينها؛ افتتح أول محل له، أطلق عليه اسم «مكان للناس (People’s Place)». أراده أن يكون للجميع، ومع الوقت بدأت تصاميمه تعكس رؤيته هاته في احتضان الكل «فهذه المفاهيم كانت دائماً ولا تزال جزءاً من جينات الدار ورموزها» حسب تأكيده، مضيفاً أن حب الموضة بالنسبة له يجب ألا يقتصر على من لديهم قدرات مادية عالية أو مقاسات معينة. لكنه في الوقت ذاته لا ينكر أن أحد الأسباب التي تجعله يُعلن الأمر حالياً بشكل احتفالي في كل عواصم العالم، إنصاته إلى ما يريده المستهلك. فهذا الأخير لا يطالب بالتنوع فحسب؛ بل أيضا بالشفافية ولديه رغبة في الإلمام بكل التفاصيل المتعلقة بالقطعة التي سيشتريها: أين صنعت، وكيف صنعت، ومن أنتجها...؟ وهكذا، «فهذا الجيل كما قلت يريد التنوع بمعناه الشمولي وليس التفرد بشكل أناني». لكن طبعاً استعانته بنجوم من أمثال لويس هاملتون وجيجي حديد وزيندايا وأخيراً وليس آخراً مغنية «الآر آند بي» «H.E.R» يساعده على إيصال رسالته بشكل أسرع وأقوى.
ثم يشير، وكأنه يدافع عن نفسه، إلى أن استعانته بالمشاهير ليست وليدة الساعة أو هي لركوب موجة سائدة؛ «لقد تعاملت مع نجوم حتى قبل أن تتعامل معهم المجلات البراقة. فهذه مثلاً كانت تركز على عارضات الأزياء في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، ولم تكن تُفكر بأن تتصدر نجمات أغلفتها كما هو حاصل الآن. حينها خرجت عن القاعدة وتعاملت مع بيونسي وهي مغنية صاعدة لا يتعدى عمرها 17 سنة في حملات ترويجية، كذلك الأمر بالنسبة لبريتني سبيرز التي توسمت فيها الموهبة وهي لا تزال في البداية وفي عمر الصبا. من هذا المنظور، فإن تعاملي مع جيجي وزيندايا أو (هير) هو امتداد لتاريخ طويل للدار».
يذكر أن تعاونه مع لويس هاملتون كان ناجحاً بكل المقاييس... «بالنسبة لبطل الـ«فورميلا وان» فقد أدخله عالماً كان يعشقه من بعيد، وبالنسبة لـ«تومي هيلفيغر» فقد استقطب شريحة جديدة من الرجال، ربما لم تكن تعرف الدار من قبل. بالنسبة لـ«ـH.E.R» فإن الأمل منها أن تحقق تشكيلتها النجاح نفسه الذي حققته تشكيلتَيْ كل من جيجي حديد وزيندايا، علما بأنها ساهمت في تصميم كل قطعة وهي تتصور نفسها على خشبة المسرح ترقص وتتحرك. دور فريق «تومي هيلفيغر» كان أن يجعلها عالمية تخاطب الجميع، بما في ذلك زبون منطقة «الشرق الأوسط». يقول هذا وهو يبتسم، مشيراً إلى أنه زبون لا يختلف عن نظيره في الولايات المتحدة أو أي دولة أوروبية من حيث إنه يريد أزياء أنيقة وعملية وبأسعار تناسب إمكاناته. يعلق: «في الماضي كان البعض يشتري كل ما هو غال ونفيس اعتقاداً منه أنها (القطع) الأفضل، لكنهم الآن يتبعون إحساسهم ولديهم ثقة أكبر بأذواقهم، ويُدركون أن الأسعار المتوسطة لا تعني أنها غير أنيقة».
أما كيف سيخاطب المصمم هذا الزبون، فبافتتاح محلات جديدة في المنطقة وبأسلوب يحترمه، بدل تخصيص تصاميم خاصة به، لأنه في هذه الحالة سيستثنيه من التجربة العالمية وهو ما يتعارض مع مفهومه للاحتضان.
تومي هلفيغير يستمع جيداً إلى الأجيال الصاعدة... لئلا يصيبه الهرم
«الشرق الأوسط» حاورته على هامش عرض في لندن دعا إليه 900 ضيف
تومي هلفيغير يستمع جيداً إلى الأجيال الصاعدة... لئلا يصيبه الهرم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة