عضو «السيادة» السوداني لـ«الشرق الأوسط»: «الإخوان» كانوا يخططون لابتلاع الدولة

سليمان قال إن 48 لجنة شكلت لاسترداد الأموال المنهوبة

محمد الفكي سليمان
محمد الفكي سليمان
TT

عضو «السيادة» السوداني لـ«الشرق الأوسط»: «الإخوان» كانوا يخططون لابتلاع الدولة

محمد الفكي سليمان
محمد الفكي سليمان

بدا عضو مجلس السيادة الحاكم في السودان، محمد الفكي سليمان، واثقا في كلامه، عندما تحدث عن فساد مسؤولي نظام الإنقاذ الوطني، الذي أُسقط بثورة شعبية في أبريل (نيسان) الماضي. فهو يرى أن معظم مسؤولي النظام السابق، إن لم يكن جميعهم، تورطوا في قضايا فساد مالي، أو إداري، أو في انتهاكات أمنية أو حقوقية، أو على الأقل منح التسهيلات لكوادر الحزب، أو لأقاربهم، لتمكينهم داخل مؤسسات الدولة وهيئاتها... ويقول إن «حتى البقية التي يظن أنها لم تتلوث بشبهات، فهي فاسدة، لأن النظام كان فاسدا، ووجوده ضمن هذه المنظومة فساد».
وأكد سليمان في حواره مع «الشرق الأوسط» بمكتبه بالقصر الجمهوري بالخرطوم، تشكيل 48 لجنة لاجتثاث آثار النظام السابق، واسترداد مليارات الدولارات المنهوبة في الخارج، وتريليونات الجنيهات السودانية في الداخل، منها 13 تابعة للجنة تفكيك النظام، و35 تابعة للنيابة العامة. وقال إن «اللجان وضعت يدها على مئات العقارات المملوكة لمسؤولين في الحكومات السابقة، مسجلة بأسمائهم أو أسماء المقربين منهم».
وقال سليمان، وهو نائب رئيس لجنة «تفكيك النظام السابق»، التي تعمل على إعادة ممتلكات الدولة والأموال المنهوبة، إن الإسلاميين في السودان، كانوا يخططون لابتلاع الدولة... حتى قبل أن يأتوا إلى السلطة في يونيو (حزيران) 1989. وأضاف: «وضعوا خططاً بعيدة المدى، منذ المصالحة الوطنية الشهيرة في عهد الرئيس الأسبق، جعفر النميري، (1969 - 1983)... ومن وقتها بدأوا في التغلغل في مؤسسات الدولة، لتنفيذ مآربهم».
وتابع: «بعد انقلابهم على النظام الديمقراطي، في 30 يونيو 1989، كانت خطة (التمكين)، جاهزة للتنفيذ، وفق تفاسير سياسية وأسانيد دينية، نابعة من تفسيرهم للمواطنة، وتعني لديهم عناصر حزبهم، وليس غيرهم... ونتيجة لهذا التمكين استأثروا بموارد الدولة، وقاموا بعزل كبار الموظفين في المؤسسات الاستراتيجية واستبدلوا كوادرهم بهم، حتى يتثنى لهم تمرير مخططاتهم... ومن ثم تحول مشروع التمكين، إلى مشروع لتسهيل السرقة».
وقال سليمان إن «لجنة تفكيك النظام السابق، تقع عليها أعباء كبيرة جدا، ومهمة شاقة»، مشيرا إلى تكوين 13 لجنة، تعالج قضايا مختلفة وتعنى بمجالات متعددة، منها ملف إزالة التمكين في الخدمة المدنية، وملف العقارات والممتلكات العامة، ولجنة لاسترداد الأموال المنهوبة في الخارج، وتقدر بالمليارات. وأضاف: «شرعنا في تجهيز الملفات وستأخذ وقتا طويلا، لتأتي ثمارها».
وكشف عن استرداد بعض العقارات في أحياء الخرطوم، وقال: «وجدنا وزيرا يملك 400 عقار، ومسؤولا آخر يملك 300 قطعة سكنية، وثالثا يملك 100، مسجلة بأسماء أبنائهم، وأقربائهم». وتابع: «الأسبوع الماضي استرددنا 28 قطعة أرض وعقارات بحي كافوري الراقي بالخرطوم بحري، وهي عبارة عن وقف مسجلة باسم والد الرئيس المعزول، وقمنا بإعادتها إلى إدارة الأوقاف».
وقال عضو السيادة السوداني: «هناك لجان تعمل على استرداد الأموال بالخارج، ولا توجد تقديرات وأرقام محددة ولكن هنالك معلومات عن أرصدة مالية ضخمة تقدر بالمليارات»، مشيرا في الوقت ذاته لصعوبة تعقبها، «لأنها تحول من مكان لآخر، ومن بلد إلى آخر، كلما اقتربنا من كشفها... لذلك فإن اللجنة تعمل بسرية تامة».
وأضاف: «لدينا اتصالات، مع جهات خارجية، وكلفنا شركات للعمل على استرداد الأموال بالخارج... هذا الأمر مربوط بقوانين وتعاون الدول الأخرى». وأشار إلى أن وزيري العدل والمالية، هما أعضاء في هذه اللجنة، التي يشارك فيها أيضا، شخصيات أخرى لا يمكن الكشف عنهم حفاظا على سرية العمل.

- تعاون من رموز النظام السابق
وقال سليمان: «تواصلت لجنة الأموال المنهوبة في الخارج، مع بعض رموز النظام المعزول الذين أبدوا الرغبة في التعاون... واستعدادهم للإدلاء بمعلومات حول الأموال بالخارج».
وحول ما إذا كان للجنة اتجاه لتسوية قضية الأموال بالخارج مع بعض الأشخاص، قال: «هذا الأمر متروك للجهات المختصة... واسترداد الأموال بالخارج لها طرق ونماذج متعددة، منها استرداد جزء منها أو عقد تسويات مع البعض الآخر».
وأشار إلى أن النيابة العامة السودانية تعمل أيضا على ملفات كثيرة، وهناك 35 لجنة تعمل في القضايا الكبيرة مثل بيع مؤسسات القطاع العام، والخطوط الجوية السودانية (سودانير)، والخطوط البحرية السودانية، وميدان جامعة الخرطوم، والعقارات المطلة على النيل.
وحول الاتهامات ببطء عمل اللجنة، يقول سليمان: «التأني سببه تجويد العمل، والتأكد من أن الأشياء التي نضع أيدينا عليها، ونتخذ فيها قرارات أو إجراءات، لا نريد أن تحدث فيها مراجعة أو استئناف... والاستعجال سيوقعنا في أخطاء لا نريد لها أن تقع».
وأكد الرئيس المناوب للجنة التفكيك، أن هناك عددا من الملفات على وشك الانتهاء، مثل ملف العقارات والأراضي، لسهولة اكتشافها... وأخرى تحتاج إلى وقت مثل ملف مراجعة ملف موظفي الخدمة المدنية.
وبشأن ملف تفكيك حزب المؤتمر الوطني (المنحل)، أوضح سليمان، أن كل الممتلكات المسجلة باسم الحزب، تم تسلمها... لكن الحزب يستخدم أحيانا واجهات من منظمات وأسماء أشخاص، يصعب الوصول إليها في حينها... على سبيل المثال؛ إذا تحدثنا عن سيارات الحزب، تجد المدون منها نحو 400 سيارة، ولكن ما هو معروف أن الحزب يمتلك آلاف السيارات... فهي مسجلة بأسماء منظمات، أو أشخاص. وكذلك الحال بالنسبة للدور ومقرات الحزب... فما هو مسجل باسم الحزب قمنا بتسلمه، أما ما هو مسجل باسم منظمات أو أشخاص فهذا يحتاج لوقت لتعقبه.
ويقول سليمان: «المؤتمر الوطني دولة داخل دولة... وحصر ممتلكاته مهمة صعبة، ويتعذر حصرها في وقت وجيز، وإذا استطعنا خلال الفترة الانتقالية التي تتجاوز 3 سنوات استرداد جزء كبير منها نكون حققنا إنجازا كبيرا».
وقال سليمان: «هناك تعاون كبير من المواطنين والمتطوعين مع اللجنة، قمنا بافتتاح مكتب بالخرطوم، وفيه نتلقى المعلومات من المواطنين، ونقوم بالتحري فيها. ولدينا متخصصون يعملون على فحص الأوراق وسماع الأقوال ومعرفة قيمتها، وفتح ملفات للقضايا».

- من أين لك هذا؟
وحول الأسس التي يقوم عليها قانون تفكيك النظام السابق، الذي صدر الشهر الماضي، يقول عضو مجلس السيادة، إن «قانون تفكيك النظام المعزول يقوم على فلسفة (من أين لك هذا)... نقوم برصد الظواهر البارزة ونتتبعها لنعرف مصدرها... على سبيل المثال إذا وجدنا لدى أحد موظفي الدولة 100 عقار، ثمنها مليار دولار... نقوم من جانبنا بوضع يدنا على هذه العقارات، وعلى الموظف أن يثبت لنا من أين حصل على هذه الأموال».
ويضيف سليمان: «معظم أموال الدولة وعقاراتها حولت لأشخاص وفقا لإجراءات إدارية ونهب منظم... بعض قيادات النظام السابق اعترفوا بأنهم استولوا على أموال الدولة، ووضعوا أبناءهم في الصفوف الأولى، حتى انهارت الخدمة المدنية». (في إشارة للاعترافات التي سجلها مسؤولو النظام السابق في جلسات سرية أذاعتها قناة العربية).
وبسؤاله عما كان يتداول بأن دولا وعدت بإعادة أموال سودانية منهوبة منها ماليزيا، قال: «ليس لدي علم، لكن هناك مجهودات تمت... الدول التي بيننا وبينها اتفاقيات، أو الاتفاقيات التي تجمع الدول تحت مظلة الأمم المتحدة، يمكن أن نتعاون معها بصيغة أو بأخرى». وقال إن الأموال المنهوبة غير معروفة، لأن كثيرا من المستندات تم إخفاؤها... كانت هناك فوضى كبيرة ونهب لأموال البترول، وسرقت أموال طائلة من إنتاج الذهب، وتم تهريبها للخارج تحت غفلة القانون، وتم أيضا استدانة مئات الملايين من الدولارات كقروض، واختفت مستندات وبقي الدين... وعندما انفصل الجنوب، تم إخفاء كثير من المستندات عن الجنوبيين حتى لا يعرفوا حقوقهم المالية.

- نسب الفساد
وفي سؤال حول نسب الفساد في عهد الإنقاذ الوطني، قال سليمان: «لا يوجد مسؤول في النظام المعزول غير فاسد... هم فاسدون بنسبة مائة في المائة... النظام كله فاسد، وبالتالي لا يعفى أي أحد من الفساد». وأضاف: «نسبة الفساد تتفاوت بينهم... هناك فاسد يقوم بسرقة ونهب الأموال عيانا بيانا، وآخر يبدو نزيها، ولكنه يوافق على تعيين شخص غير كفء في منصب ما... وبالتالي فهو فاسد، ويتستر على الفاسدين. وهناك آخرون محسوبون على هذا الوضع الفاسد، فهم أيضا فاسدون».
ويقول سليمان: «من أكبر المفارقات أن تجد وزيرا يملك 400 قطعة أرض في أرقى الأحياء بالعاصمة الخرطوم، أو تجد عقارا ضخما أو بناية من عدة طوابق، مؤجرة لأحد منتسبي النظام، بـ100 دولار في الشهر، أو أقل من ذلك».
وأكد أن كل الترسيات المالية التي تمت بالفساد إبان النظام المعزول سيتم فتحها من جديد مثل ملف (القطط السمان)، وستتم مراجعة أي ملف فساد، ولن يغلق أي ملف إلا بعد استرداد كامل أموال السودانيين، خصوصا الموجودة داخل البلاد.



عودة «آلاف السودانيين» تكبح جماح الإيجارات في أحياء مصرية

سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
TT

عودة «آلاف السودانيين» تكبح جماح الإيجارات في أحياء مصرية

سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)

انتقل نافع عبد الحي، وهو سوداني مقيم في منطقة فيصل جنوب القاهرة، إلى شقة بنصف سعر إيجار أخرى سكن فيها هو وعائلته منذ 9 أشهر، مستفيداً من تراجع أسعار إيجارات الشقق في مصر بشكل ملحوظ مع عودة آلاف السودانيين إلى بلادهم.

يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يدفع الآن 4500 جنيه فقط في الشهر (الدولار 48.75 جنيه)، بدلاً من 9 آلاف جنيه في الشقة الأولى، وهما في نفس المستوى، ولا يبعدان عن بعضهما سوى 2 كيلومتر فقط.

وخلال الشهور الماضية، تَقَدَّمَ الجيش السوداني في أحياء سكنية ومناطق عدة بالعاصمة الخرطوم وضواحيها على حساب «قوات الدعم السريع»، كما سيطر على مداخل 3 جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، وهي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا»، والذين يربطون ولايات أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري، ومهدت هذه الانتصارات لعودة آلاف السودانيين.

ووصف القنصل السوداني في أسوان السفير عبد القادر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» أعداد العائدين من مصر إلى السودان بـ«الكبيرة»، مشيراً إلى أنهم لا يملكون إحصائية دقيقة، لكن «أستطيع أن أقول إنه منذ 3 شهور العائدون إلى السودان أضعاف القادمين من السودان إلى مصر»، على حد قوله.

محل بيع ملابس سودانية في منطقة المهندسين (الشرق الأوسط)

وتوقع الدبلوماسي السوداني أن تزداد الأعداد بشكل أكبر الفترة المقبلة، قائلاً: «كلما تقدم الجيش السوداني عاد المزيد من السودانيين»، خصوصاً «في بداية العام المقبل، بعد انتهاء امتحانات الشهادة السودانية والتي تبدأ في 28 ديسمبر (كانون الأول)، وتستمر أسبوعين»، موضحاً أن «كثيراً من الأُسر تنتظر إنهاء أبنائها للامتحانات للعودة إلى السودان».

وفسّر المستشار الإعلامي السابق للسفارة السودانية في القاهرة وأمين أمانة العلاقات الخارجية في جمعية الصداقة السودانية المصرية محمد جبارة لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود حصر دقيق بالأعداد إلى أن بعض العائدين دخلوا مصر في الأساس بطرق غير شرعية، وعودتهم تتم دون أوراق أيضاً، أما الآخرون ممن دخلوا بشكل رسمي، فوثقت الجمعية عودة 29 ألف منهم في الفترة منذ أغسطس (آب) وحتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين.

وقدّرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أعداد السودانيين المسجلين لديها في مصر حتى 30 سبتمبر (أيلول) الماضي بـ503 آلاف و993 لاجئاً. ولا يعكس ذلك كل أعداد السودانيين الذين دخلوا مصر بعد الحرب، إذ ثمة آخرون غير مسجلين في المفوضية.

وتسبب توافد السودانيين إلى مصر وتمركزهم في مناطق محددة في رفع أسعار الإيجارات أضعافاً عدة. وتعد ضاحية فيصل، الحي الشعبي جنوب العاصمة، واحدة من نقاط تمركز الوافدين السودانيين، إذ بلغ متوسط الإيجار في المنطقة الشعبية 8 آلاف جنيه، بعدما كان 2000 جنيه قبل قدومهم، حسب السمسار أحمد عبد الرحيم.

مواطن سوداني يجلس على مقهى بفيصل تحت عبارة «تحيا مصر» (الشرق الأوسط)

تراجع متفاوت

والآن، يؤكد عبد الرحيم لـ«الشرق الأوسط»، تراجُع أسعار الشقق خصوصاً «المفروشة في الأبراج السكنية»، والتي كان يسكنها «السودانيون اللي معاهم فلوس»، مشيراً إلى أن كثيرين منهم عادوا إلى بلدهم.

يوضح السمسار: «كانوا يدفعون في الشهر 15 ألف جنيه في الشقة المفروشة، وبعد عودتهم لا تجد هذه الشقق من يسكنها بالأسعار نفسها، ما دفع أصحابها إلى تخفيض أسعارها إلى 12 و10 آلاف جنيه».

وأقرّ السمسار بأن هذه القيمة تظل مبالغاً فيها في منطقة شعبية مثل فيصل «لكن قد تنخفض أكثر مع قلة الطلب»، مُرجعاً بطء حركة تراجع الإيجارات إلى «جشع أصحاب الشقق ممن يأملون في أن يدفع المصري نفس ما كان يدفعه السوداني».

وقال السمسار السوداني حسن عبد الله، والذي يعمل على عرض الشقق على غروب بـ«فيسبوك» يضم آلاف السودانيين في مصر، لـ«الشرق الأوسط» إن الأسعار انخفضت إلى النصف تقريباً، فالشقة التي كان يعرضها بسعر 5 و4 آلاف جنيه، أصبحت معروضة بـ2000 و2500 و3000 جنيه «الشقق متوفرة مو زي قبل»، وذلك بعدما ترك الكثير من السودانيين الشقق وعادوا إلى السودان، على حد وصفه.

ومن فيصل إلى منطقتي الدقي والمهندسين الراقيتين بمحافظة الجيزة، انخفضت الأسعار كذلك بشكل ملحوظ. يقول أحمد الأسيوطي وهو حارس عقار وسمسار في الدقي لـ«الشرق الأوسط» إن إيجارات الشقق المفروشة في المنطقة تراجعت «بشكل كبير جداً»، مشيراً إلى أنها وصلت الفترة الماضية مع قدوم السودانيين، وتحديداً منذ منتصف العام الماضي إلى 70 ألف جنيه، لكنها بدأت تتراجع منذ 3 شهور إلى ما بين 40 و30 ألف جنيه، مع عودة بعض السودانيين.

أحمد الأسيوطي حارس عقار وسمسار في منطقة الدقي بالجيزة (الشرق الأوسط)

ويعود التفاوت الكبير في الأسعار بين فيصل والدقي إلى طبيعة المنطقتين من جهة، ومساحة ومستوى الشقة نفسها من جهة أخرى، إذ إن الشقق في المنطقة كبيرة في المساحة «4 غرف و3 حمامات ومستوى لوكس».

وتوقّع السمسار أن تتراجع إيجارات الشقق بشكل أكبر الفترة المقبلة، مستدلاً على ذلك أن «تحت يدي شققاً فاضية من أكثر من شهر، لا تجد من يسكنها، وكل فترة يخفض أصحابها السعر أكثر، للعثور على مستأجر».

الأمر نفسه أكده السمسار في منطقة المهندسين حمدي الصعيدي، واصفاً سوق الإيجارات حالياً بالـ«الهادئ»، في إشارة إلى كثرة المعروض مقابل المطلوب.

التأثير نفسه شهدته منطقة مدينة نصر شرق العاصمة، حيث تراجعت الإيجارات فيها إلى 20 و30 ألف جنيه، بعدما وصلت إلى 40 و50 ألف الفترة الماضية، حسب محمود محسن، وهو صاحب شقق يقوم بتأجيرها.

يقول محسن لـ«الشرق الأوسط» إن لديه شقة حالياً يعرضها بـ 22 ألف جنيه، كانت وصلت الفترة الماضية إلى ضعف هذا السعر مع كثرة الطلب على الإيجارات بقدوم السودانيين، مشيراً إلى أن مدينة نصر من مناطق جذب الوافدين من جنسيات مختلفة.

ورغم التراجع النسبي لأسعار الإيجارات في مناطق تمركز السودانيين، استبعد عضو شعبة الاستثمار العقاري في غرفة القاهرة التجارية أحمد عبد الله، أن تشهد السوق العقارية تراجعات تعود به إلى المستوى الذي كان عليه قبل قدومهم، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يتوقع انخفاضاً في أسعار الإيجارات بوجه عام بفعل التضخم وعوامل أخرى، «ومع ذلك ففي بعض المناطق التي شهدت تراجعاً مؤثراً في أعداد الجالية السودانية، من المتوقع أن ينخفض الطلب».

وتابع: «في كل الأحوال، الأرجح هو ألا تنخفض أسعار الإيجارات إلا إذا حدث تراجع كبير في الطلب مقارنة بالمعروض، وهو ما يعني مغادرة عدد كبير من الإخوة السودانيين».

محل سوداني في حي فيصل ينوي مغادرة مصر قريباً (الشرق الأوسط)

وسبق أن علق رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي، على أزمة الإيجارات قائلاً إن الأسعار ارتفعت، لكن الحكومة لا تستطيع التدخل في سوق العقارات الذي يحتكم لـ«العرض والطلب»، متوقعاً آنذاك أن تكون «أزمة الإيجارات في مصر مسألة مؤقتة».

وخلال 6 شهور على حد أقصى، سيعود الشاب السوداني نافع عبد الحي إلى السودان، بعد شفاء قدمه التي خضعت لعملية جراحية مؤخراً، مشيراً إلى أن والديه عادا بالفعل، وأن «كثيراً من الوافدين السودانيين في مصر عاد منهم على الأقل شخص، يطمئن على الأوضاع هناك، قبل أن تتبعه بقية الأسرة».

واتفق معه توكل أحمد، وهو سوداني جاء إلى مصر مع عائلته قبل نحو 9 شهور، ويستعد للمغادرة في غضون أيام، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن السودانيين يفضلون العودة بمجرد الاطمئنان على استتباب الأمن في مناطقهم بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة في مصر، فضلاً عن عدم توافر وظائف وأعمال لهم، وهو ما أكده أيضاً أمين أمانة العلاقات الخارجية في جمعية الصداقة المصرية السودانية محمد جبارة.