عضو «السيادة» السوداني لـ«الشرق الأوسط»: «الإخوان» كانوا يخططون لابتلاع الدولة

سليمان قال إن 48 لجنة شكلت لاسترداد الأموال المنهوبة

محمد الفكي سليمان
محمد الفكي سليمان
TT

عضو «السيادة» السوداني لـ«الشرق الأوسط»: «الإخوان» كانوا يخططون لابتلاع الدولة

محمد الفكي سليمان
محمد الفكي سليمان

بدا عضو مجلس السيادة الحاكم في السودان، محمد الفكي سليمان، واثقا في كلامه، عندما تحدث عن فساد مسؤولي نظام الإنقاذ الوطني، الذي أُسقط بثورة شعبية في أبريل (نيسان) الماضي. فهو يرى أن معظم مسؤولي النظام السابق، إن لم يكن جميعهم، تورطوا في قضايا فساد مالي، أو إداري، أو في انتهاكات أمنية أو حقوقية، أو على الأقل منح التسهيلات لكوادر الحزب، أو لأقاربهم، لتمكينهم داخل مؤسسات الدولة وهيئاتها... ويقول إن «حتى البقية التي يظن أنها لم تتلوث بشبهات، فهي فاسدة، لأن النظام كان فاسدا، ووجوده ضمن هذه المنظومة فساد».
وأكد سليمان في حواره مع «الشرق الأوسط» بمكتبه بالقصر الجمهوري بالخرطوم، تشكيل 48 لجنة لاجتثاث آثار النظام السابق، واسترداد مليارات الدولارات المنهوبة في الخارج، وتريليونات الجنيهات السودانية في الداخل، منها 13 تابعة للجنة تفكيك النظام، و35 تابعة للنيابة العامة. وقال إن «اللجان وضعت يدها على مئات العقارات المملوكة لمسؤولين في الحكومات السابقة، مسجلة بأسمائهم أو أسماء المقربين منهم».
وقال سليمان، وهو نائب رئيس لجنة «تفكيك النظام السابق»، التي تعمل على إعادة ممتلكات الدولة والأموال المنهوبة، إن الإسلاميين في السودان، كانوا يخططون لابتلاع الدولة... حتى قبل أن يأتوا إلى السلطة في يونيو (حزيران) 1989. وأضاف: «وضعوا خططاً بعيدة المدى، منذ المصالحة الوطنية الشهيرة في عهد الرئيس الأسبق، جعفر النميري، (1969 - 1983)... ومن وقتها بدأوا في التغلغل في مؤسسات الدولة، لتنفيذ مآربهم».
وتابع: «بعد انقلابهم على النظام الديمقراطي، في 30 يونيو 1989، كانت خطة (التمكين)، جاهزة للتنفيذ، وفق تفاسير سياسية وأسانيد دينية، نابعة من تفسيرهم للمواطنة، وتعني لديهم عناصر حزبهم، وليس غيرهم... ونتيجة لهذا التمكين استأثروا بموارد الدولة، وقاموا بعزل كبار الموظفين في المؤسسات الاستراتيجية واستبدلوا كوادرهم بهم، حتى يتثنى لهم تمرير مخططاتهم... ومن ثم تحول مشروع التمكين، إلى مشروع لتسهيل السرقة».
وقال سليمان إن «لجنة تفكيك النظام السابق، تقع عليها أعباء كبيرة جدا، ومهمة شاقة»، مشيرا إلى تكوين 13 لجنة، تعالج قضايا مختلفة وتعنى بمجالات متعددة، منها ملف إزالة التمكين في الخدمة المدنية، وملف العقارات والممتلكات العامة، ولجنة لاسترداد الأموال المنهوبة في الخارج، وتقدر بالمليارات. وأضاف: «شرعنا في تجهيز الملفات وستأخذ وقتا طويلا، لتأتي ثمارها».
وكشف عن استرداد بعض العقارات في أحياء الخرطوم، وقال: «وجدنا وزيرا يملك 400 عقار، ومسؤولا آخر يملك 300 قطعة سكنية، وثالثا يملك 100، مسجلة بأسماء أبنائهم، وأقربائهم». وتابع: «الأسبوع الماضي استرددنا 28 قطعة أرض وعقارات بحي كافوري الراقي بالخرطوم بحري، وهي عبارة عن وقف مسجلة باسم والد الرئيس المعزول، وقمنا بإعادتها إلى إدارة الأوقاف».
وقال عضو السيادة السوداني: «هناك لجان تعمل على استرداد الأموال بالخارج، ولا توجد تقديرات وأرقام محددة ولكن هنالك معلومات عن أرصدة مالية ضخمة تقدر بالمليارات»، مشيرا في الوقت ذاته لصعوبة تعقبها، «لأنها تحول من مكان لآخر، ومن بلد إلى آخر، كلما اقتربنا من كشفها... لذلك فإن اللجنة تعمل بسرية تامة».
وأضاف: «لدينا اتصالات، مع جهات خارجية، وكلفنا شركات للعمل على استرداد الأموال بالخارج... هذا الأمر مربوط بقوانين وتعاون الدول الأخرى». وأشار إلى أن وزيري العدل والمالية، هما أعضاء في هذه اللجنة، التي يشارك فيها أيضا، شخصيات أخرى لا يمكن الكشف عنهم حفاظا على سرية العمل.

- تعاون من رموز النظام السابق
وقال سليمان: «تواصلت لجنة الأموال المنهوبة في الخارج، مع بعض رموز النظام المعزول الذين أبدوا الرغبة في التعاون... واستعدادهم للإدلاء بمعلومات حول الأموال بالخارج».
وحول ما إذا كان للجنة اتجاه لتسوية قضية الأموال بالخارج مع بعض الأشخاص، قال: «هذا الأمر متروك للجهات المختصة... واسترداد الأموال بالخارج لها طرق ونماذج متعددة، منها استرداد جزء منها أو عقد تسويات مع البعض الآخر».
وأشار إلى أن النيابة العامة السودانية تعمل أيضا على ملفات كثيرة، وهناك 35 لجنة تعمل في القضايا الكبيرة مثل بيع مؤسسات القطاع العام، والخطوط الجوية السودانية (سودانير)، والخطوط البحرية السودانية، وميدان جامعة الخرطوم، والعقارات المطلة على النيل.
وحول الاتهامات ببطء عمل اللجنة، يقول سليمان: «التأني سببه تجويد العمل، والتأكد من أن الأشياء التي نضع أيدينا عليها، ونتخذ فيها قرارات أو إجراءات، لا نريد أن تحدث فيها مراجعة أو استئناف... والاستعجال سيوقعنا في أخطاء لا نريد لها أن تقع».
وأكد الرئيس المناوب للجنة التفكيك، أن هناك عددا من الملفات على وشك الانتهاء، مثل ملف العقارات والأراضي، لسهولة اكتشافها... وأخرى تحتاج إلى وقت مثل ملف مراجعة ملف موظفي الخدمة المدنية.
وبشأن ملف تفكيك حزب المؤتمر الوطني (المنحل)، أوضح سليمان، أن كل الممتلكات المسجلة باسم الحزب، تم تسلمها... لكن الحزب يستخدم أحيانا واجهات من منظمات وأسماء أشخاص، يصعب الوصول إليها في حينها... على سبيل المثال؛ إذا تحدثنا عن سيارات الحزب، تجد المدون منها نحو 400 سيارة، ولكن ما هو معروف أن الحزب يمتلك آلاف السيارات... فهي مسجلة بأسماء منظمات، أو أشخاص. وكذلك الحال بالنسبة للدور ومقرات الحزب... فما هو مسجل باسم الحزب قمنا بتسلمه، أما ما هو مسجل باسم منظمات أو أشخاص فهذا يحتاج لوقت لتعقبه.
ويقول سليمان: «المؤتمر الوطني دولة داخل دولة... وحصر ممتلكاته مهمة صعبة، ويتعذر حصرها في وقت وجيز، وإذا استطعنا خلال الفترة الانتقالية التي تتجاوز 3 سنوات استرداد جزء كبير منها نكون حققنا إنجازا كبيرا».
وقال سليمان: «هناك تعاون كبير من المواطنين والمتطوعين مع اللجنة، قمنا بافتتاح مكتب بالخرطوم، وفيه نتلقى المعلومات من المواطنين، ونقوم بالتحري فيها. ولدينا متخصصون يعملون على فحص الأوراق وسماع الأقوال ومعرفة قيمتها، وفتح ملفات للقضايا».

- من أين لك هذا؟
وحول الأسس التي يقوم عليها قانون تفكيك النظام السابق، الذي صدر الشهر الماضي، يقول عضو مجلس السيادة، إن «قانون تفكيك النظام المعزول يقوم على فلسفة (من أين لك هذا)... نقوم برصد الظواهر البارزة ونتتبعها لنعرف مصدرها... على سبيل المثال إذا وجدنا لدى أحد موظفي الدولة 100 عقار، ثمنها مليار دولار... نقوم من جانبنا بوضع يدنا على هذه العقارات، وعلى الموظف أن يثبت لنا من أين حصل على هذه الأموال».
ويضيف سليمان: «معظم أموال الدولة وعقاراتها حولت لأشخاص وفقا لإجراءات إدارية ونهب منظم... بعض قيادات النظام السابق اعترفوا بأنهم استولوا على أموال الدولة، ووضعوا أبناءهم في الصفوف الأولى، حتى انهارت الخدمة المدنية». (في إشارة للاعترافات التي سجلها مسؤولو النظام السابق في جلسات سرية أذاعتها قناة العربية).
وبسؤاله عما كان يتداول بأن دولا وعدت بإعادة أموال سودانية منهوبة منها ماليزيا، قال: «ليس لدي علم، لكن هناك مجهودات تمت... الدول التي بيننا وبينها اتفاقيات، أو الاتفاقيات التي تجمع الدول تحت مظلة الأمم المتحدة، يمكن أن نتعاون معها بصيغة أو بأخرى». وقال إن الأموال المنهوبة غير معروفة، لأن كثيرا من المستندات تم إخفاؤها... كانت هناك فوضى كبيرة ونهب لأموال البترول، وسرقت أموال طائلة من إنتاج الذهب، وتم تهريبها للخارج تحت غفلة القانون، وتم أيضا استدانة مئات الملايين من الدولارات كقروض، واختفت مستندات وبقي الدين... وعندما انفصل الجنوب، تم إخفاء كثير من المستندات عن الجنوبيين حتى لا يعرفوا حقوقهم المالية.

- نسب الفساد
وفي سؤال حول نسب الفساد في عهد الإنقاذ الوطني، قال سليمان: «لا يوجد مسؤول في النظام المعزول غير فاسد... هم فاسدون بنسبة مائة في المائة... النظام كله فاسد، وبالتالي لا يعفى أي أحد من الفساد». وأضاف: «نسبة الفساد تتفاوت بينهم... هناك فاسد يقوم بسرقة ونهب الأموال عيانا بيانا، وآخر يبدو نزيها، ولكنه يوافق على تعيين شخص غير كفء في منصب ما... وبالتالي فهو فاسد، ويتستر على الفاسدين. وهناك آخرون محسوبون على هذا الوضع الفاسد، فهم أيضا فاسدون».
ويقول سليمان: «من أكبر المفارقات أن تجد وزيرا يملك 400 قطعة أرض في أرقى الأحياء بالعاصمة الخرطوم، أو تجد عقارا ضخما أو بناية من عدة طوابق، مؤجرة لأحد منتسبي النظام، بـ100 دولار في الشهر، أو أقل من ذلك».
وأكد أن كل الترسيات المالية التي تمت بالفساد إبان النظام المعزول سيتم فتحها من جديد مثل ملف (القطط السمان)، وستتم مراجعة أي ملف فساد، ولن يغلق أي ملف إلا بعد استرداد كامل أموال السودانيين، خصوصا الموجودة داخل البلاد.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».