السلطة تخشى على عباس من سيناريو عرفات

مخاوف من تغييبه بلا ترتيبات متفق عليها للمرحلة التالية

لافتة انتشرت في تل أبيب تظهِر الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية معصوبَي الأعين (أ.ف.ب)
لافتة انتشرت في تل أبيب تظهِر الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية معصوبَي الأعين (أ.ف.ب)
TT

السلطة تخشى على عباس من سيناريو عرفات

لافتة انتشرت في تل أبيب تظهِر الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية معصوبَي الأعين (أ.ف.ب)
لافتة انتشرت في تل أبيب تظهِر الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية معصوبَي الأعين (أ.ف.ب)

ارتفعت جدية التخوفات الفلسطينية على حياة الرئيس محمود عباس بعد اعتماد الحكومة الإسرائيلية خطاباً يريد أن يظهره غير ذي صلة بالنسبة لعملية السلام. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، إنهم يريدون جعله غير ذي صلة، كما فعلوا مع الرئيس الشهيد ياسر عرفات.
وحذر عريقات، أمس، من المس بحياة الرئيس عباس، متهماً الحكومة الإسرائيلية بانتهاج سياسة عنصرية تهدف إلى تدمير السلطة الوطنية. وأضاف، أن «نتنياهو وترمب يريدان تدمير السلطة. يريدان سلطة خدماتية لشعبنا تحت السيادة الإسرائيلية».
وتصريحات عريقات هي الأحدث وتأتي من مسؤول رفيع ومقرب من عباس، ضمن سلسلة تصريحات لمسؤولين فلسطينيين اتهموا إسرائيل بالسعي للتخلص من الرجل الثمانيني. وتسيطر هذه الفكرة على عقول مقربين من عباس منذ رفضه خطة السلام الأميركية المعروفة باسم صفقة القرن، ويعززون نظريتهم هذه بما واجهه سلفه، الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، الذي توفي في ظروف غامضة داخل مستشفى بيرسي العسكري الفرنسي، وذلك بعد حصار إسرائيلي - أميركي ضده في عام 2004. ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بتسميم عرفات بطريقة غير مباشرة، أي اغتيال من دون بصمات، وهي فرضية لم تعترف بها تل أبيب. وتجري السلطة منذ وفاة عرفات قبل 16 عاماً، تحقيقاً خاصاً للوصول إلى متورطين في تسميمه، لكن من دون أي نتيجة حتى الآن.
وتشبه الظروف التي سبقت رحيل عرفات الظروف الحالية فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وأجواء التحريض العالية التي سجلت ضد عرفات وتسجل الآن ضد عباس. وخلال العامين الماضيين تم اتهام عباس من قِبل الأميركيين والإسرائيليين على حد سواء بتدمير فرص السلام ومعاداة السامية ودعم «الإرهاب»، وأنه غير ذي صلة.
وسجل أحدث هجوم ضد الرئيس الفلسطيني من قِبل المندوب «الإسرائيلي» الدائم لدى الأمم المتحدة داني دانون، الذي دعا ضمناً إلى ضرورة إزاحة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن منصبه. وقال دانون بعد خطاب عباس في مجلس الأمن الأسبوع الماضي، إنه «لا يمكن التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين طالما بقي عباس في منصبه». وأضاف، أن «التقدم نحو السلام لن يتحقق طالما استمر عباس في منصبه، وفقط حين يتنحى، يمكن للفلسطينيين أن يمضوا قدماً إلى الأمام».
وأشعل هذا التصريح مخاوف حقيقية في محيط عباس الذي تقدم به العمر. واتهم عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، حسين الشيخ إسرائيل بتهديد حياة عباس. وقال إن دعوات تغييبه تشبه الطريقة التي غيبوا بها الرئيس ياسر عرفات، كما حذر عضو اللجة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، من مصير مماثل لعرفات. وقال مجدلاني، إن «السيناريو القديم نفسه الذي استخدمه الاحتلال مع الشهيد عرفات يتم استخدامه حالياً مع الرئيس عباس، وهذا أمر بات واضحاً للكل الفلسطيني، وحالياً يتم وصف عباس بأنه لم يعد شريكاً للسلام ويمارس الإرهاب الدولي والدبلوماسي». والشيخ ومجدلاني مقربان من عباس.
ولا يتوقف القلق الفلسطيني على تحذيرات سياسية، وهي تحذيرات نقلت من قبل السلطة إلى دول قريبة، مثل مصر والأردن ودول أخرى، لكن تراقب الأجهزة الأمنية الفلسطينية محاولات خلق جسم بديل.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن الولايات المتحدة وإسرائيل عملا خلال العامين الماضيين على إنشاء أجسام بديلة وقيادات جديدة، من خلال التواصل مع فلسطينيين في الضفة وغزة وفي الخارج. وأضاف المصدر «تملك الأجهزة الأمنية معلومات وأسماء». وبحسبه، فإن الإسرائيليين والأميركيين يحضّرون لمرحلة ما بعد عباس ويأملون بتشكيل قيادة بديلة.
والتحذير من خلق قيادة بديلة ليس أمراً سرياً؛ فقد بثته الرئاسة الفلسطينية في بيانات متتالية. لكن الفلسطينيين لا يعرفون، بمن فيهم مسؤولون، كيف سيتم ترتيب الوضع الداخلي فعلاً في مرحلة ما بعد عباس.
ولا يوجد لعباس نائب في رئاسة السلطة؛ إذ يلزم ذلك تعديل الدستور، كما لم تجمع حركة «فتح» حتى الآن على مرشح محتمل في ظل وجود خلافات تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، وفي مواجهة محتملة مع حركة «حماس» في أي انتخابات حقيقية.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».