«أدنوك» تُرسي عقدين بـ1.6 مليار دولار لبناء منشآت بحرية في تطوير «دلما»

ضمن مساعي الإمارات لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز

«أدنوك» تشير إلى أنه سيتم إعادة توجيه 70 في المائة من القيمة الإجمالية للعقدين إلى الاقتصاد المحلي (الشرق الأوسط)
«أدنوك» تشير إلى أنه سيتم إعادة توجيه 70 في المائة من القيمة الإجمالية للعقدين إلى الاقتصاد المحلي (الشرق الأوسط)
TT

«أدنوك» تُرسي عقدين بـ1.6 مليار دولار لبناء منشآت بحرية في تطوير «دلما»

«أدنوك» تشير إلى أنه سيتم إعادة توجيه 70 في المائة من القيمة الإجمالية للعقدين إلى الاقتصاد المحلي (الشرق الأوسط)
«أدنوك» تشير إلى أنه سيتم إعادة توجيه 70 في المائة من القيمة الإجمالية للعقدين إلى الاقتصاد المحلي (الشرق الأوسط)

أعلنت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» عن ترسية عقدين لبناء منشآت بحرية ضمن مشروع تطوير «حقل دلما للغاز»، الواقع على بُعد 190 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من العاصمة الإماراتية أبوظبي، الذي يعد جزءاً رئيسياً من امتياز «غشا»، أحد المرتكزات الأساسية لاستراتيجية تحقيق الاكتفاء الذاتي للإمارات.
وقالت «أدنوك» إنه تم ترسية عقدي الأعمال الهندسية والمشتريات والتشييد بقيمة إجمالية تبلغ 6.06 مليار درهم (1.65 مليار دولار) على «بتروفاك الإمارات»، وتحالف مشترك مكون من «بتروفاك» و«سابورا إنيرجي برهاد» من خلال فرعها في أبوظبي، حيث سيساهم العقدان، اللذان من المتوقع أن يتم الانتهاء من تنفيذهما في عام 2022، في تمكين حقل «دلما» للغاز من إنتاج حوالي 340 مليون قدم مكعبة قياسية يومياً من الغاز الطبيعي.
وأضافت «أدنوك» أنه تماشياً مع التزام الشركة بتعزيز القيمة للإمارات في سعيها لتنفيذ استراتيجيتها المتكاملة 2030 للنمو الذكي، سيتم إعادة توجيه 70 في المائة من القيمة الإجمالية للعقدين إلى الاقتصاد المحلي من خلال برنامج «أدنوك» لتعزيز القيمة المحلية المضافة.
وقال ياسر سعيد المزروعي، الرئيس التنفيذي لدائرة الاستكشاف والتطوير والإنتاج بـ«أدنوك»، «تمثل ترسية هذين العقدين مرحلة مهمة في تطوير مشروع امتياز (غشا) العملاق لإنتاج الغاز عالي الحموضة، الذي يعد مرتكزاً أساسياً لاستراتيجية (أدنوك) لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز لدولة الإمارات. ويعكس توقيع العقدين نهج (أدنوك)، الذي يركز على تعزيز التعاون مع شركاء استراتيجيين قادرين على توظيف أحدث التقنيات والخبرات العالمية لتسريع جهود تطوير موارد أبوظبي الغنية من الغاز».
وأضاف: «تم اختيار (بتروفاك) و(سابورا إنيرجي)، لتنفيذ هذا المشروع المهم بعد مناقصة اتسمت بالدقة والتنافسية الشديدة لضمان مساهمة المشروع في إعادة توجيه 70 في المائة من قيمة العقدين إلى الاقتصاد المحلي كقيمة محلية مضافة، وذلك للمساهمة في تحفيز نمو وتنويع الاقتصاد المحلي».
ووفقاً لعقد الأعمال الهندسية والمشتريات والتشييد (حزمة أ)، الذي تم ترسيته على التحالف المشترك الذي يضم «بتروفاك» و«سابورا إنيرجي»، بقيمة 2.17 مليار درهم (591 مليون دولار)، سيقوم هذا التحالف بتنفيذ الأعمال الهندسية والمشتريات والتشييد لأربع منصات رؤوس آبار بحرية وخطوط أنابيب وكابلات في حقول «هير دلما» و«سطح» و«بوحصير» البحرية. ووفقاً لعقد الأعمال الهندسية والمشتريات والتشييد (حزمة ب)، الذي تمت ترسيته على «بتروفاك»، بقيمة 3.9 مليار دولار (1.065 مليار دولار)، تتولى «بتروفاك» تنفيذ الأعمال الهندسية والمشتريات والتشييد لمنشآت معالجة وضغط الغاز المرتبطة بالمشروع على جزيرة أرزنه، التي تبعد 80 كيلومتراً عن مدينة أبوظبي. ويتم إرسال الغاز من منشآت المشروع إلى مصنع «حبشان» لمعالجة الغاز لإجراء مزيد من المعالجة اللازمة لإنتاج غاز المبيعات، والمكثفات، والكبريت.
وقال جورج صليبي مدير العمليات لقسم الهندسة والتشييد في «بتروفاك»، «نحن ملتزمون بدعم الاستثمار المستمر والمستدام في قطاع النفط والغاز في أبوظبي، والمساهمة في برنامج (أدنوك)، لتعزيز القيمة المحلية خلال تركيزنا الاستراتيجي على توفير احتياجاتنا من المواد من داخل الدولة ودعم الاقتصاد المحلي».
من جانبه، قال تان سري شهريل شمس الدين الرئيس والرئيس التنفيذي لمجموعة «سابورا إنيرجي»، «يسرنا التعاون مع (أدنوك) لتنفيذ مشروع تطوير حقل (دلما) للغاز من خلال الاستفادة من تميزنا في الأعمال الفنية والتقنية. وتتمثل أولويتنا في دعم جهود (أدنوك) الرامية لتعزيز وزيادة القيمة من أحد أصولها».
ويعطي العرضان الفائزان اللذان تقدمت بهما كل من «بيتروفاك» و«سابورا إنيرجي» الأولوية في توفير مواد المشروع من مصادر داخل الإمارات، واستخدام موردين ومصنعين محليين من خلال إنفاق مبلغ إجمالي يتجاوز 4.2 مليار درهم (1.15 مليار دولار)، سيتم إعادة توجيهها إلى الاقتصاد المحلي.



ارتفاع حاد لسندات لبنان الدولارية مع تفاؤل المستثمرين بالإصلاحات

الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع حاد لسندات لبنان الدولارية مع تفاؤل المستثمرين بالإصلاحات

الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً جوزيف عون يلقي خطاباً في مبنى البرلمان ببيروت (أ.ف.ب)

ما إن انتخب مجلس النواب اللبناني العماد جوزيف عون رئيساً جديداً للبلاد، بعد أكثر من عامين على الشغور الرئاسي، حتى عززت سندات لبنان الدولارية مكاسبها مسجلةً ارتفاعاً حاداً وسط تفاؤل بإجراء إصلاحات في بلد مزقته الحروب، وأنهكت اقتصاده الذي تناوله عون في خطابه بعد إدلائه بالقسم، حين شدّد على تمسكه الثابت بمبادئ الاقتصاد الحر.

وقد شهدت سندات لبنان الدولية بآجالها كافة، الخميس، ارتفاعاً إلى أكثر من 16 سنتاً للدولار، من حوالي 13 سنتاً يوم الأربعاء، وذلك بعدما كانت وصلت إلى أدنى مستوياتها عند 6.25 سنت في عام 2022، رغم أنها لا تزال أدنى بكثير من أسعار سندات دول أخرى تخلفت عن سداد التزاماتها في العام نفسه.

جوزيف عون يسير بعد انتخابه رئيساً للبنان في مبنى البرلمان ببيروت (رويترز)

وكان لبنان أعلن التخلف عن سداد ديونه في ربيع عام 2020 بعد أن سقط النظام المالي في البلاد في أزمة اقتصادية عميقة في 2019.

وتأتي هذه الزيادة في قيمة السندات في وقت بالغ الحساسية، حيث لا يزال الاقتصاد اللبناني يترنح تحت وطأة تداعيات الانهيار المالي المدمر الذي بدأ في 2019، إذ يواجه أزمة مصرفية ونقدية وسياسية غير مسبوقة استمرت أكثر من ثلاث سنوات، أثرت بشكل عميق على استقراره النقدي، مما جعله واحداً من أكثر البلدان عُرضة للأزمات المالية في المنطقة. ومنذ بداية هذه الأزمة، شهد الاقتصاد انكماشاً حاداً ناهز 40 في المائة، مما أدى إلى تدهور ملحوظ في جميع القطاعات الاقتصادية. كما فقدت الليرة اللبنانية ما يقارب 98 في المائة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي، مما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة معاناتهم. في الوقت نفسه، سجل التضخم معدلات غير مسبوقة، مما زاد من الأعباء المالية على الأسر. وفي الوقت ذاته، خسر المصرف المركزي اللبناني ثلثي احتياطياته من النقد الأجنبي، مما أضعف قدرته على دعم العملة المحلية وضمان استقرارها.

ويرى مراقبون أن الارتفاع القوي لسندات ما يعرف باليوروبوندز ينبع من التفاؤل بأن انتخاب عون رئيساً جديداً سيفتح الباب على تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية وهيكلية مطلوبة بشدة. ويعدون أن هذا من شأنه أن يمهد الطريق لإعادة هيكلة السندات الدولية في نهاية المطاف.

لكن التحدي هو في اختيار رئيس للوزراء، والإسراع في تشكيل حكومة تعمل على تمرير الإصلاحات بالتعاون مع مجلس النواب.

وقال سورين ميرش، مدير المحافظ في «دانسكي بنك» في كوبنهاغن الذي بدأ بشراء السندات اللبنانية في سبتمبر (أيلول): «إذا تمكن لبنان من انتخاب رئيس جديد، فأتوقع أن ترتفع السندات. فانتخاب رئيس يعني على الأرجح تعيين رئيس وزراء، وتشكيل حكومة فعّالة بدلاً من تلك القائمة بالوكالة»، وفق «بلومبرغ».

وتوازياً، شهدت الأسواق اللبنانية حالة من التهافت على شراء الليرة اللبنانية، حيث عدّ كثير من اللبنانيين أن انتخاب عون قد يُشكّل بداية مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي، ما قد ينعكس إيجاباً على العملة المحلية. ومع الآمال التي علّقها البعض على تحسن الوضع الاقتصادي، يتوقع كثيرون أن تشهد الليرة تحسناً مقابل الدولار في ظل التفاؤل الذي صاحب هذه الخطوة السياسية المهمة.

الاقتصاد في خطاب عون

في خطابه الأول بعد انتخابه رئيساً، شدّد عون على تمسكه الثابت بمبادئ الاقتصاد الحر، مؤكداً على أهمية بناء قطاع مصرفي يتمتع بالاستقلالية التامة، بحيث لا يكون الحاكم فيه سوى القوانين. كما بعث برسالة واضحة ومباشرة إلى المواطنين والمودعين، مؤكداً أن حماية أموالهم ستظل على رأس أولوياته، معلناً أنه لن يتهاون في هذا الملف الذي يمثل تحدياً كبيراً.

أعضاء من الجيش اللبناني يقفون خارج فرع «بنك بلوم» في بيروت (رويترز)

وأكد عزمه على بناء علاقات قوية مع الدول العربية، التي تُعد شريكاً رئيساً في إعادة الإعمار، ودعم لبنان اقتصادياً، لا سيما وأن تعزيز هذه العلاقات سيسهم في الحصول على الدعم المالي العربي، وتحفيز النمو من خلال جذب الاستثمارات، وفتح قنوات التعاون مع دول دعمت لبنان في فترات سابقة.

تحديات

إلا أن تحديات كبيرة تواجه الرئيس. فهل سيتمكن عون من تحقيق الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة لانتشال لبنان من أزمته الراهنة وتحقيق الاستقرار المالي؟

يتصدر ملف الإصلاحات الاقتصادية أولويات الاستحقاقات الوطنية في لبنان، ويُعد البوابة الأساسية لاستعادة الاستقرار المالي والانطلاق نحو تعافي الاقتصاد المترنح. وتتجاوز أهمية هذه الإصلاحات تحسين الوضع الداخلي، فهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمسألة إعادة الإعمار والحصول على الدعم المالي. وفي هذا السياق، يُتوقع أن يُعاد إحياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف التوصل إلى اتفاق ينص على تأمين الدعم المالي مقابل التزام الحكومة بحزمة إصلاحات هيكلية ومالية تشمل تحسين إدارة القطاع العام، ومكافحة الفساد، وتحرير الاقتصاد من القيود التي تعرقل نموه. وتُعد هذه الإصلاحات حجر الزاوية في عملية إنقاذ لبنان، حيث تشكل الأساس للحصول على الدعم الدولي بشتى أنواعه.

وفي ظل استمرار لبنان في معركته ضد الدين العام الهائل الذي بلغ نحو 140 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، سيواجه الرئيس الجديد مهمة شاقة تتمثل في إرساء الاستقرار المالي الذي من شأنه أن يعزز الثقة المتجددة في النظام الاقتصادي اللبناني، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الديْن العام، وبدء مفاوضات جادة مع الدائنين.

كذلك ستتجه الأنظار إلى آفاق جديدة في إدارة الاقتصاد اللبناني، لا سيما فيما يتعلق بإعادة استقرار سعر صرف الليرة، التي سجلت اليوم 89 ألف ليرة مقابل دولار واحد، بعد أن كانت عند 1500 ليرة في عام 2019. وتبدي الأوساط الاقتصادية أملاً كبيراً في تحسن الوضع المالي بفضل السياسات النقدية الجديدة التي سيقودها حاكم أصيل لمصرف لبنان. ومن هذا المنطلق، يعد انتخاب عون خطوة محورية نحو تحقيق بيئة سياسية أكثر استقراراً، وهو ما يسهم في تعزيز الثقة في النظام النقدي اللبناني المتأزم.

علاوة على ذلك، تقع على الحكومة المقبلة سياسات مالية تهدف إلى تقليص العجز في الموازنة العامة من خلال تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وزيادة الإيرادات المحلية. ويُعد التركيز على مكافحة الفساد والتهرب الضريبي من بين الأولويات الرئيسة التي يجب أن تسعى الحكومة إلى تحقيقها في الفترة المقبلة، في خطوة تهدف إلى استعادة الثقة بالمؤسسات الحكومية وتحقيق الشفافية المالية، خاصة وأن مسح البنك الدولي السنوي الأخير عن الحوكمة والإدارة الرشيدة لعام 2024 صنف لبنان في المرتبة 200 عالمياً من أصل 213 دولة، والمرتبة الـ16 بين 20 دولة عربية من حيث فاعلية الحكومة.

إضافة إلى هذه التحديات الاقتصادية العميقة، يواجه عون أيضاً صعوبة في تعزيز البنية التحتية المتدهورة للبلاد، مثل قطاع الكهرباء الذي يُعد من العوامل الأساسية التي تثقل كاهل الدين العام (حوالي 45 مليار دولار من إجمالي قيمة الدين العام)، وتستهلك جزءاً كبيراً من الموارد العامة دون أن تقدم تحسينات ملموسة في الخدمات المقدمة للمواطنين.

احتفالات شعبية بعد انتخاب قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيساً للبنان (رويترز)

إن لبنان اليوم يقف أمام اختبار اقتصادي بالغ الأهمية في تاريخه الحديث، حيث تأمل البلاد في التغلب على أزماتها الاقتصادية الحادة، مدعومةً بدعم عربي ودولي حيوي يسهم في تحقيق الاستقرار وإعادة البناء.