الرئيس التنفيذي لشركة الأندلس: القطاع العقاري التجاري في السعودية لا يزال جاذباً وحيوياً

هذال العتيبي أكد أن استراتيجيتهم تتمثل في بناء وجهات أكثر جودة

يؤكد الرئيس التفيذي لـ«الأندلس العقارية» أن السوق السعودية لا تزال جاذبة وحيوية. وفي الإطار هذال العتيبي (الشرق الأوسط)
يؤكد الرئيس التفيذي لـ«الأندلس العقارية» أن السوق السعودية لا تزال جاذبة وحيوية. وفي الإطار هذال العتيبي (الشرق الأوسط)
TT

الرئيس التنفيذي لشركة الأندلس: القطاع العقاري التجاري في السعودية لا يزال جاذباً وحيوياً

يؤكد الرئيس التفيذي لـ«الأندلس العقارية» أن السوق السعودية لا تزال جاذبة وحيوية. وفي الإطار هذال العتيبي (الشرق الأوسط)
يؤكد الرئيس التفيذي لـ«الأندلس العقارية» أن السوق السعودية لا تزال جاذبة وحيوية. وفي الإطار هذال العتيبي (الشرق الأوسط)

كشف هذال العتيبي الرئيس التنفيذي لشركة الأندلس العقارية السعودية أن سوق العقارات التجارية في المملكة شهدت تغيرا هيكليا خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن مفهوم المراكز التجارية تحول من منطقة للشراء والبيع إلى فكرة التجربة المتميزة، مشيراً إلى أن السوق العقارية في المملكة لا تزال بحاجة إلى المزيد من العقارات التجارية ذات القيمة المضافة للبائع والمشتري.
وقال العتيبي إن الشركة - مدرجة في سوق الأسهم السعودية - أعادت تخطيط استراتيجيتها مؤخراً من خلال التحول الجذري من القطاع التقليدي إلى القطاع الجاذب والذي ينسجم مع مستجدات العصر، موضحاً أن آخر تقييم معلن هو أن محفظة الشركة واستثماراتها تقدر بنحو 2.25 مليار ريال (600 مليون دولار).
وكشف رئيس «الأندلس العقارية» في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن توجهات الشركة المستقبلية وحول وضع سوق العقارات السعودية خلال الفترة المقبلة من خلال الحوار التالي:
> ما هي استراتيجية شركة الأندلس العقارية خلال الفترة الحالية والمقبلة؟
- إن استراتيجية الشركة خلال الفترة الحالية والمقبلة ما هي إلا امتداد وتطوير لاستراتيجيتها السابقة، والمتمثلة في استهداف استثمارات ذات قيمة عالية، تكفل استمرارية نجاح الشركة، وتحقيقها لمستوى أداء عال ومتميز، يلبي طموح وتطلعات مستثمريها.
ومن أبرز معالم هذه الاستراتيجية هو التركيز على التنوع في طبيعة الاستثمارات العقارية، ومثال ذلك مشروع الشركة بمدينة جدة (الأندلس سكوير) حيث يتضمن مولا تجاريا، وبرجا فندقيا ملاصقا له، وإلى جانبه مشروع المستشفى بالشراكة مع مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية، كذلك تراعي الشركة في استراتيجيتها اختلاف التوزيع الجغرافي لمشاريعها بحيث تنتشر في مختلف المدن الرئيسية في السعودية، فضلا عن الحرص على اختيار المزيج المناسب من المستأجرين داخل المراكز والمجمعات التجارية العائدة للشركة، ومن حيث نوعية المشاريع فالشركة تهتم بتوجيه استثمارتها نحو العقارات المدرة للدخل لضمان تحقيق دخل ثابت ومتنام للشركة، وقد أسهمت هذه الاستراتيجية في تكريس نجاح «الأندلس العقارية» منذ بدء تأسيسها، مرورا بمرحلة طرح وإدراج أسهم الشركة في السوق المالية في مطلع عام 2016. وحتى الوقت الحالي، وانتهت الشركة مؤخرا من تطوير شامل لاستراتيجيتها، وذلك بالاعتماد على أحد أشهر بيوت الخبرة في الولايات المتحدة الأميركية في هذا المجال، ومن أبرز المعالم الاستراتيجية التي تم تطويرها، السعي إلى التحول الجذري من القطاع التقليدي إلى القطاع الجاذب الذي ينسجم مع مستجدات العصر، فانطلاقا من التغيرات والتطورات الكبيرة التي طرأت على بيئة التسوق وسلوك المتسوقين في المملكة والاهتمام المتزايد بجانب الترفيه، بالإضافة إلى اهتمام القيادة السعودية برفع جودة الحياة وتشجيع الترفيه في المجتمع، فقد حرصنا على الاستجابة لهذه المتغيرات والتوجهات، من خلال السعي لخلق وجهات متميزة وجاذبة توفر جميع الخدمات التي يحتاج إليها المستهلك، وعلى وجه التحديد الخدمات ذات الصلة بجانب الترفيه من مطاعم ومقاه، فضلا عن الأماكن المخصص للتسلية والترفيه. وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجهنا في القطاع الذي نعمل فيه، فمن أبرزها تأثير التجارة الإلكترونية على قطاع التجزئة، إلا أننا ما زلنا نؤمن بأن تطوير وجهات متميزة وجاذبة، تضمن تحقيق تجربة مميزة تعلق بأذهان الزوار، سوف يساعد بكل تأكيد على تذليل تلك التحديات، بما يدعم تجار التجزئة ويضمن استمراريتهم، ونجاح الشركة في الوقت نفسه. ويمكن باختصار أن نقول إن استراتيجية الشركة الحالية والمقبلة لا تقتصر على مجرد تأجير مساحة معينة، وإنما تتجاوز ذلك إلى الحرص على خلق أماكن ذات جودة عالية، وتوفير بيئة جاذبة للمتسوقين والزوار، وفي سبيل تحقيق ذلك فإننا نسعى إلى إعادة تطوير مشاريعنا الحالية بما ينسجم مع هذه المعايير التي وضعتها الشركة لتطوير أي مشروع مستقبلي.
> كم عدد المشاريع العاملة في الوقت الحالي والمستقبلية؟
- تمتلك «الأندلس» العقارية نسبة 25 في المائة من مركز حياة مول في الرياض، وتملك نحو 68.73 في المائة من مركز الأندلس مول في جدة وفندق ستايبردج من خلال ملكية الشركة في صندوق «الأهلي ريت 1»، كذلك تملك 50 في المائة من مركز دارين مول في مدينة الدمام بالمنطقة الشرقية، بالإضافة إلى ثلاثة مراكز أحياء في العاصمة الرياض، وهي تلال سنتر والصحافة سنتر واليرموك سنتر، وتملك أيضا المروة بلازا في مدينة جدة. وأما المشاريع تحت التطوير، فمشروع مستشفى الدكتور سليمان الحبيب في جدة بالشراكة مع مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية للخدمات الطبية، حيث تملك الشركة 50 في المائة من هذا المشروع عبر شركة مستشفى غرب جدة، والجدير بالذكر أن هذا المستشفى هو الأول لمجموعة الدكتور سليمان الحبيب على الساحل الغربي في السعودية، وهو ضمن نطاق مشروع الأندلس سكوير، الذي سيكون مشروعا متكاملا يتضمن مركزا تجاريا وفندقا ومستشفى. كذلك تملك الشركة 25 في المائة من المشروع الجاري تطويره وهو مركز الجوهرة مول بالشراكة مع شركاء استراتيجيين، ويعد الموقع الجغرافي لهذا المركز موقعا مميزا، فهو مجاور لمدينة الملك عبد الله الرياضية في جدة. كذلك تمتلك الشركة حصة 25 في المائة في أرض على طريق المدينة في مدينة جدة، كانت مخصصة لإنشاء مركز تجاري وتم الإعلان عن تكليف مجلس مديري الشركة المالكة للأرض لبحث أفضل استثمار ممكن للأرض، حسب ما تم الإعلان عنه في تداول.
> كم يبلغ تقييم مشاريعكم العقارية؟
- وفقاً لآخر تقييم معلن فإن محفظة الشركة واستثماراتها تقدر بنحو 2.25 مليار ريال (600 مليون دولار).
> بما أنكم مستثمرون بشكل كبير في المراكز التجارية، وكما تعرف في الوقت الحالي تغيرت هيكلة سوق التجزئة، فلم يعد وجود محل أو مساحة للتأجير أمرا مغريا للتجار، كيف تتعاملون مع الموضوع؟
- سؤال جيد، وكما ذكرت سابقاً، فإننا نتعامل مع هذا الأمر من خلال التحول من الاهتمام بقطاع التجزئة إلى التركيز على خلق وجهة جاذبة ومميزة، تسهم في جذب الزوار ودعم قطاع التجزئة في الوقت ذاته، ويمكن القول إن قطاع التجزئة لديه نقطتان أساسيتان تحددان قوته وضعفه بالنسبة لملاك المراكز التجارية، النقطة الأولى هي قابلية تجار التجزئة للتطور وقدرتهم على مواكبة احتياجات الشريحة المستهدفة، والنقطة الثانية هي مدى أهمية التكامل في الأنشطة داخل المركز التجاري، ونحن نهدف كشركة إلى أن نخدم تاجر التجزئة الذي يحقق لنا التكامل والتطور المنشود، وذلك لتفادي ما نشاهده في الوقت الراهن من انهيارات لتجار تجزئة تقليديين أو عالميين، وخلاصة القول إننا نركز على خلق تجربة غير تقليدية، وهذا الأمر يتطلب منا اختيار نوعية معينة من تجار التجزئة قادرة على المساهمة معنا في تطبيق هذا الاستراتيجية، وفي هذا السياق نحن على استعداد لدعم الشركات الناشئة السعودية التي لديها أفكار في تجارة التجزئة أو الترفيه أو الموضة ولديها ارتباط عال بشريحتها المستهدفة.
> كيف تنظر إلى سوق العقارات في السعودية؟
- سأتحدث هنا عن قطاع العقارات التجارية، ففي هذه المرحلة، القطاع بحاجة إلى التعامل معه على أساس قاعدة «الكيف وليس الكم»، فهناك نقص واضح للعقارات التجارية التي تستطيع خلق تجربة مختلفة، الأمر الذي يحتاج إلى توفير وجهات مختلفة وعالية الجودة، والمآخذ على قطاع التطوير العقاري التقليدي هو النظر إلى حجم العرض والطلب بالأمتار المربعة، في حين أن المستهلك ليس بحاجة إلى تلك المساحة من الأمتار، بقدر حاجته إلى تجربة مختلفة ومميزة، وخير شاهد على ذلك الإقبال الشديد للمستهلكين على فعاليات موسم الرياض الترفيهي، لوجود جودة في الترفيه وجودة في المطاعم وجودة في العروض، وهذا ما يبحث عنه المستهلك.
> لاحظنا وجود مجمعات كثيرة في الرياض وبها مساحات متعددة للتأجير، هل تعتقد أن المدينة بحاجة إلى هذا الكم من المجمعات؟
- في السوق العقارية التجارية كل وجهة لها خصوصيتها، فالمراكز التي تفتقر للتصميم الجيد قد تحظى بموقع متميز، فضلا عن كونها تخدم الأحياء التي تقرب منها، والسؤال الذي يمكن طرحه هنا هو: هل أنا مطور عقاري أبحث عن الكم لتغطية المساحات المطلوبة من العقارات التجارية، أم أبحث عن التميز بنوعية معينة من التطوير...؟! بالنسبة لنا، ووفقا لاستراتيجيتنا الجديدة، فإننا نهدف إلى أن نكون الخيار الأول لأي فرد يبحث عن تجربة متميزة في أي مدينة نوجد فيها، وهو ما سنعمل عليه خلال العشر سنوات مقبلة.
> هل تتوقع نموا في أعمال الشركة خلال العام الحالي 2020؟
- نتوقع أن يكون هناك نمو، فالشركة تسعى بشكل دائم إلى البحث عن الفرص الاستثمارية المتميزة واقتناصها، كما أن لديها القدرة على الاستحواذ على أي فرصة مناسبة، إلا أن ذلك يعتمد على نوعية وقيمة تلك الفرصة التي تتاح للشركة، حيث تقوم الشركة بدراسة وتقييم جدوى أي فرصة من جميع النواحي قبل اتخاذ القرار الاستثماري، ونحن نسعى في هذا السياق إلى التواصل مع مختلف الجهات لمن يرغب في بناء شراكات سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص.
> التحديات التي تتوقعها من وجهة نظرك في القطاع العقاري السعودي؟
- إن أبرز التحديات تتمثل في التأخير في استخراج الرخص الحكومية المطلوبة لتطوير المشاريع، وأعتقد أنه في حال تم تطبيق نموذج هيئة السياحة مع تنظيم قطاع الإيواء والتراخيص الفندقية، فإن ذلك سيسهم في تيسير الإجراءات المطلوبة لتطوير الوجهات الترفيهية والتجارية.
> العوامل التي تعتقد أنها تساعد على النمو؟
- متطلبات ومقاييس المجتمع في الوقت الحالي أصبحت عالية في تقبل الخدمات، وهذا يساعد على تصفية السوق لإظهار الأفضل، وكما ذكرنا لم يعد «الكم» هو ما يسيطر على السوق، بل إن «الكيف» بات يفرض نفسه على القطاع العقاري، ومن يملك القدرة على خلق وجهة متميزة تلبي احتياجات وتطلعات المستهلكين، فسوف يستأثر بأكبر شريحة ممكنة من العملاء والمستهلكين، ويحقق بالتالي قدرا أكبر من النمو والتوسع.
> كيف سيتم تمويل المشاريع المستقبلية؟
- لدينا نماذج متعددة في تمويل المشاريع، ولكن نحن ندرس كل فرصة استثمارية على حدة والهيكل التمويلي لها، بحيث يكون القرار مبنيا على تحقيق أعلى فائدة لمساهمي الشركة، ومن مصادر القوة أن الشركة لديها القدرة والحرية المالية في اتخاذ أي قرار بهذا الشأن، حيث إن الشركة قامت بسداد جميع قروضها، ولديها أصول تسمح لها بالحصول على تمويل جديد، والمركز المالي قوي، فضلا عن السيولة الجيدة التي تتمتع بها الشركة.
> هل لديكم نية للاستثمار خارج السعودية؟
- لا يوجد حاليا أي نية للاستثمار خارج السعودية، فالسوق السعودية لا تزال جاذبة وحيوية، ولدينا إيمان تام بحاجة السوق لمنتجات عالية الجودة، وهذا ما يمثل توجهنا في الفترة المقبلة.


مقالات ذات صلة

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

الاقتصاد مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «تداول» السعودية، المهندس خالد الحصان، إن إعلان وكالة «موديز» رفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى «إيه إيه 3» يعزز ثقة المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»