بومبيو يُبشر باتفاق بشأن «سد النهضة» رغم «التحفظات» الإثيوبية

السودان يتمسك بحصته في مياه النيل... ويدعو مصر لتوقيع مبادرة عنتيبي

أبي احمد مستقبلاً بومبيو في أديس أبابا (رويترز)
أبي احمد مستقبلاً بومبيو في أديس أبابا (رويترز)
TT

بومبيو يُبشر باتفاق بشأن «سد النهضة» رغم «التحفظات» الإثيوبية

أبي احمد مستقبلاً بومبيو في أديس أبابا (رويترز)
أبي احمد مستقبلاً بومبيو في أديس أبابا (رويترز)

تمهيداً لاتفاق نهائي مزمع نهاية فبراير (شباط) الجاري، التقى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، أمس، في أديس أبابا، في محادثات تناولت النزاع بين مصر وإثيوبيا بشأن «سد النهضة»، بجانب قضايا ثنائية أمنية واقتصادية.
وتسعى الولايات المتحدة للتوفيق بين إثيوبيا ومصر والسودان، بشأن ملف سد عملاق تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل) بهدف توليد الكهرباء، وتقول مصر والسودان إنه يهدد حصتهما في المياه.
وبشر وزير الخارجية الأميركي، بقرب التوصل لاتفاق نهائي، رغم حديث إثيوبيا عن «قضايا عالقة». وقال بومبيو، في مؤتمر صحافي أمس مع نظيره الإثيوبي، جيدو أندارجاشو، إن «عناصر الاتفاق بشأن سد النهضة تقترب من نهايتها»، لكنه أوضح أن «هناك عملا ينبغي القيام به قبل التوصل إلى حل نهائي».
وقال بومبيو، وفق ما نقله موقع قناة «الحرة»، إن «الرئيس دونالد ترمب جعل من العمل مع الدول الثلاث المعنية (مصر والسودان وإثيوبيا) أولوية، مشيرا إلى أن وزير الخزانة ستيفن منوشين يقود الجهود الأميركية في هذا الإطار».
وقال إن وزير الخارجية الإثيوبي توجه إلى واشنطن عدة مرات للعمل على الملف، موضحا أن «عناصر الاتفاق تقترب من نهايتها ولكن لا يزال هناك عمل» ينبغي القيام به. وأردف أن «هدف الولايات المتحدة وأعتقد هدف القيادة الإثيوبية والقيادة المصرية والقيادة السودانية، هو التوصل إلى حل وسط يعود بالفائدة على الدول الثلاث».
وقال أيضا إن «مهمتنا عدم فرض حل عليهم، وإنما جعل الدول الثلاث تلتئم سويا، ونحن نراقب ونرى أن كل دولة تهتم بهواجس الدولتين الأخريين».
وختم تصريحاته بأن هناك كثيرا من العمل يجب القيام به، معربا عن أمله في التوصل إلى حل.
من جهته، قال وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاشو إن بلاده حققت تقدما في المفاوضات مع مصر والسودان بشأن النهضة، لكن هناك قضايا عالقة ما زالت بحاجة إلى مفاوضات حولها. وأوضح جيدو أندارجاشو «نثمن دور الولايات المتحدة الإيجابي في المفاوضات حول السد، حققنا تقدما في مسائل كثيرة خلال المفاوضات مع مصر والسودان، لكن ما زالت هناك قضايا عالقة تحتاج إلى التفاوض».
وأضاف الوزير الإثيوبي «تأمل إثيوبيا أن تتوصل لاتفاق، نحن لنا نفس المياه، والحلول تتمثل في أن يفهم كل بلد مصالح البلد الآخر»، مؤكدا «نحن مستمرون في المفاوضات ونأمل في التوصل إلى اتفاق».
وجاءت زيارة بومبيو لإثيوبيا ضمن جولة تشمل ألمانيا والسنغال وأنغولا. ووفق الوكالة الإثيوبية الرسمية، فإن آبي أحمد أجرى محادثات مع بومبيو ناقشا خلالها تعزيز العلاقات بين إثيوبيا والولايات المتحدة، ومواصلة مجالات التعاون، والمسائل الإقليمية، وكذلك الإصلاح في إثيوبيا.
وتأتي زيارة بومبيو في أعقاب اجتماع عُقد بواشنطن الأسبوع الماضي بين إثيوبيا والسودان ومصر بشأن «سد النهضة»، بحضور وزير الخزانة الأميركي ورئيس البنك الدولي، وصفه سفير إثيوبيا لدى واشنطن بأنه انتهى «دون إحراز تقدم».
وجاء التعقيب الإثيوبي، معارضا لبيان مشترك صادر عن اجتماع واشنطن أكد توافق الدول الثلاث على استمرار المفاوضات حتى صياغة اتفاق نهائي بحلول نهاية فبراير الجاري. فيما ذكرت وزارة الخارجية المصرية أنه تم الوصول لاتفاق شامل بشأن خطة ملء وتشغيل السد الإثيوبي، وأن الجانب الأميركي سيقوم بالمشاركة مع البنك الدولي ببلورة الاتفاق في صورته النهائية وعرضه على الدول الثلاث، تمهيدا لتوقيعه قبل نهاية فبراير.
وبحسب السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري، سابقا، للشؤون الأفريقية ومياه النيل في مصر، فإن ما أسفرت عنه جولة مفاوضات واشنطن الحالية تمهد الطريق للتوقيع لاتفاق نهائي بحضور قادة الدول الثلاث والرئيس الأميركي بالإضافة لوزير الخزانة الأميركي ورئيس البنك الدولي اللذين ساهما بدور مهم ومحوري استحق الإشادة في التوصل لهذا الاتفاق.
ونوه الدبلوماسي المصري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الاتفاق - إذا ما تم - يؤسس لمرحلة جديدة يتحول فيها النهر إلى أداة من أدوات التعاون وليس للخلاف والصراع، وينتقل الأمن المائي الوطني الضيق لكل دولة إلى الأمن المائي الجماعي الإقليمي».
وتسلمت مصر وإثيوبيا والسودان، أمس، مسودة الاتفاق النهائي المقترح من الولايات المتحدة، بحسب مصادر تحدثت إلى موقع «مدى مصر» الإخباري، وأشارت إلى أن أمام الأطراف الثلاثة ثلاثة أيام لمراجعة الشروط وإرسال تعليقاتها.
ويهدف المقترح النهائي إلى تجاوز الخلافات بشأن حصة المياه السنوية التي تصل إلى دولتي السودان ومصر، وفقا للمصادر، التي أشارت إلى أن الولايات المتحدة تضغط في الوقت الراهن على كل من مصر وإثيوبيا للتنازل والموافقة على حصة سنوية قدرها 37 مليار متر مكعب من النيل الأزرق، بينما وافقت مصر مسبقا على 40 مليار، وتسعى إثيوبيا لخفضها إلى 31 مليار فقط.
وتقدر حصة مصر من المياه بـ55.5 مليار متر مكعب، وتعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة في تأمين احتياجاتها من الشرب والزراعة.
من جهتها، أعلنت الحكومة السودانية تمسكها بحصة السودان من مياه النيل، ونفت معلومات متداولة في وسائط إعلام عن تخليها عن «جزء» من حصتها لصالح مصر، وأوضحت أن تقاسم حصص المياه لم يكن ضمن أجندة التفاوض الجاري في واشنطن بشأن سد النهضة الإثيوبي.
وقال وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة السودانية فيصل محمد صالح، في تصريحات صحافية أمس، إن مصر لم تطلب من السودان التخلي عن جزء من حصته في مياه النيل لصالحه، ولم تفعل ذلك إثيوبيا، ولم يتم تداول تقاسم حصص المياه في اجتماعات واشنطن.
وقال صالح إن مفاوضات واشنطن التي بين الدول الثلاث بواشنطن الأسبوع الماضي، تعلقت بالملء الأول وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وإنها أحرزت تقدماً كبيراً عزز من التوصل إلى اتفاق نهائي.
وأوضح أن مواقف السودان ومصر وإثيوبيا تقاربت كثيرا، وحال موافقتها على مسودة الاتفاق النهائي، فإن توقيع الاتفاقية سيتم في شهر مارس (آذار) المقبل، باحتفال بواشنطن يحضره رؤساء وحكومات الدول الثلاث.
وأكد صالح توافق الدول الثلاث على معظم الجوانب الفنية في مسودة الاتفاق، ومن بينها سلامة السد واستقراره، وتصرفات النهر إلى جانب تبادل المعلومات، وكشف عن تضمين مادة في مسودة الاتفاق النهائي، تتضمن طرق حل النزاعات بين الدول الثلاث عبر الحوار.
ووصف صالح دور الجانب الأميركي في المفاوضات، بأنه تطور من دور المراقب إلى دور الوسيط والمسهل، وأن واشنطن تعكف حاليا على الصياغة النهائية للاتفاقية لعرضها على الدول الثلاث.
من جهته، قال الوزير السوداني ياسر عباس في مؤتمر صحافي آخر، إن وفود الدول الثلاث توافقت على ما قدره بخمسة 95 في المائة من القضايا الخلافية، وتوقع حسمها بشكل نهائي بنهاية الشهر الجاري، لتوقع بحلول شهر مارس المقبل.
ودعا الوزير عباس الحكومة المصرية لإنهاء تجميد عضويتهما في مبادرة دول حوض النيل المعروفة بالاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل بـ«عنتيبي»، والدخول في تفاوض مع دول المبادرة من داخلها حول القضايا الخلافية الخاصة بالمادة 14 من المبادرة.
وكان السودان ومصر قد جمدا عضويتهما في المبادرة بسبب خلافات على المادة 14 من الاتفاقية الإطارية، وتتعلق بإعادة التوزيع العادل لمياه النيل، ودراسة المشاريع المشتركة بين دول الحوض، واتخاذ القرارات بشأن المشاريع المائية الجديدة بشكل جماعي.
واعتبر كل من السودان ومصر المادة 14 تهديدا لأمنهما المائي، واتخذتا قرارا بتجميد عضويتهما في المبادرة، بيد أن السودان أنهى تجميد عضويته في المبادرة عام 2011، واختار التفاوض من داخل المبادرة على القضايا الخلافية المتعلقة بالمادة 14.
وتأسست مبادرة دول حوض النيل في العام 1999 من عشر دول، وتهدف لتعظيم الفائدة من مياه النيل، وإنشاء مشاريع مشتركة استثمارية وبناء القدرات وتعزيز الثقة بين دول الحوض.
وكشف الوزير عن إقامة احتفالات «يوم النيل» في العاصمة السودانية الخرطوم السبت المقبل، والتي تقيمها دول المبادرة العشر، وينتظر أن يبحث خلالها وزراء الموارد المائية بهذه الدول 80 مشروعا استثمارياً، تقدر تكلفتها بنحو 6 مليارات دولار.



العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على أن الاستقرار السياسي يُعد شرطاً أساسياً لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، في ظل تداعيات قرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، مشيداً في الوقت ذاته بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظات شرق البلاد.

جاءت تصريحات العليمي، الأحد، خلال اتصال أجراه بمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، والتداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، على خلفية الإجراءات الأحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية في الأيام الماضية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن مصدر رئاسي أن العليمي استمع إلى إحاطة من محافظ البنك المركزي حول مستوى تنفيذ قرارات مجلس القيادة، وتوصياته الهادفة لمعالجة الاختلالات القائمة في عملية تحصيل الإيرادات العامة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، إضافة إلى عرض للمؤشرات المالية والنقدية، والجهود المطلوبة لاحتواء تداعيات القرار الدولي على استقرار سعر الصرف، وتدفق الوقود والسلع، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف المصدر أن الاتصال تطرق إلى تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية الراهنة، وما يفرضه تعليق أنشطة صندوق النقد من تحديات تتطلب تنسيقاً حكومياً عاجلاً للحفاظ على الاستقرار سواء المالي أو النقدي، وضمان استمرار التزامات الدولة تجاه المواطنين.

وكانت مصادر يمنية رسمية ذكرت أن صندوق النقد الدولي قد أعلن تعليق أنشطته في اليمن، عقب التوتر الأمني في حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أثار مخاوف من انعكاسات اقتصادية محتملة، في وقت تعتمد فيه الحكومة اليمنية على الدعم الخارجي والمؤسسات الدولية في تنفيذ برامج الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

إشادة بمساعي التهدئة

أفاد المصدر الرئاسي اليمني - حسب ما نقلته وكالة «سبأ» بأن العليمي أشاد بالمساعي التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، مثمناً دعم الرياض للموازنة العامة، وتعزيز صمود مؤسسات الدولة، واستمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية تجاه المواطنين.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن يحرسون مدخل القصر الرئاسي (رويترز)

وأشار المصدر إلى أن العليمي عدّ إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن بمثابة «جرس إنذار»، يؤكد ارتباط الاستقرار الاقتصادي بالاستقرار السياسي، ويبرز أهمية توحيد الجهود لتفادي انعكاسات سلبية على الوضعين المالي والمعيشي.

كما جدّد رئيس مجلس القيادة التأكيد على أن الانسحاب الفوري للقوات الوافدة كافة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة يُمثل الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، واستعادة مسار النمو والتعافي، وتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين والمؤسسات الدولية.

توحيد الجهود

يأتي اتصال العليمي بمحافظ البنك المركزي عقب لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي (رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي) في العاصمة المؤقتة عدن بقيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، برئاسة اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي.

وكان اللقاء ناقش - حسب الإعلام الرسمي اليمني - سُبل توحيد الجهود في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية.

اجتماع وفد عسكري سعودي إماراتي في عدن مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وأكد الزُّبيدي خلال اللقاء عمق ومتانة العلاقات الأخوية مع دول التحالف، مثمناً الدور الذي تقوم به في دعم القوات المسلحة، ومواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وعقب هذا اللقاء كانت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها الدوري برئاسة الزبيدي، واستعرضت نتائج اللقاء مع قيادة القوات المشتركة للتحالف، وما خرج به من تفاهمات لتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتأمين خطوط الملاحة وحماية الأمن البحري، إضافة إلى الأوضاع في وادي حضرموت والمهرة، والجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع، وحفظ السكينة العامة.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.


مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».