علاوي يلعب بأعصاب القوى السياسية مع قرب نهاية مهلة تكليفه

توقعات بأن يعرض حكومته على البرلمان العراقي الأحد

TT

علاوي يلعب بأعصاب القوى السياسية مع قرب نهاية مهلة تكليفه

فيما لم يعد رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي يترأس الاجتماع الدوري للحكومة كل ثلاثاء، فإن رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي لم يقترب بعد من الكرسي الذي بات هزازا في العراق. ومع بدء العد التنازلي للمهلة الدستورية الخاصة بتكليفه لهذا المنصب، فإن علاوي الذي كثيرا ما يلجأ إلى الاستخارة في تحديد خياراته لا يزال على قناعة بأن صراعه الحاد مع الكتل والقوى السياسية سوف ينتهي لصالحه في النهاية.
الموعد الذي كان مقررا أمس لتمرير الكابينة الحكومية تأجل إلى اليوم ثم إلى غد ليتم ركله إلى الأحد طبقا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» رئيس كتلة «بيارق الخير» في البرلمان النائب محمد الخالدي. وأوضح الخالدي، المقرب من علاوي، أن «هناك توافقا كبيرا بشأن تمرير الكابينة دون عوائق، حيث إن الأغلبية باتت مضمونة تماما بعد أن رفض رئيس الوزراء المكلف كل الضغوط التي مورست عليه لا سيما أنه راعى تمثيل المكونات لا الأحزاب أو الكتل السياسية».
من جهته، فإن علاوي لا يزال يلعب على مدى الأسبوعين الماضيين بأعصاب الكتل والقوى السياسية، متسلحا برفض الشارع الكلي لهم والنسبي له. ومما ساعد علاوي كذلك على الاستمرار في مناورة لم تعهدها الكتل السياسية العراقية على مدى الدورات النيابية والحكومية الخمس السابقة من أي رئيس وزراء سابق هو عدم قدرة هذه القوى على ممارسة ضغوط واضحة عليه لخشيتها من غضب الشارع وينطبق هذا بالأخص الكتل الشيعية التي بدأت أنواعا مختلفة من المغازلة له ومعه، بينما لم يلتفت علاوي كثيرا إلى الغضب الكردي والسني.
المؤشر العام هو نيل الحكومة الثقة في حال عقد البرلمان جلسة يوم الأحد في وقت لم تتلق رئاسة البرلمان طلبا رسميا لعقد جلسة استثنائية، الأمر الذي قد يجعل من فرضية التأجيل إلى موعد آخر قائمة بسبب اختلاف المواقف وعدم التوصل إلى توافقات نهائية بين الكتل لا سيما الكردية والسنية.
وطبقا لما أعلنه النائب في البرلمان حسين عرب عن حركة إرادة لـ«الشرق الأوسط» فإن «علاوي أنجز ملفات 19 وزيرا جاهزين للتصويت باستثناء 3 وزارات لا تزال شاغرة وهي حصة الكرد التي ينبغي أن يرشحوا له وزراء مستقلين». وحول ما إذا كان يتوقع تمرير الوزارة من عدمها أكد عرب أن «كل المؤشرات تقول إن الكابينة سوف تمضي داخل البرلمان لعدم وجود معارضة قوية لها يمكن أن تعرقل التصويت عليها».
في السياق نفسه، أكد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن علاوي اختار 57 شخصية بواقع 3 شخصيات لكل وزارة وهو ما يعني أنه وضع الكرة في ملعب البرلمان بعدم إلزامه بشخصية واحدة لكل وزارة لأنه إن رفضها فإن ذلك قد يؤثر على كامل التشكيلة الحكومية.
إلى ذلك ورغم الانشقاق الذي تعانيه القوى السنية أعلن رئيس جبهة الإنقاذ أسامة النجيفي أن الجبهة وضعت شروطا للمشاركة في الحكومة. وقال بيان صادر عن مكتب النجيفي لدى استقباله السفير المصري لدى العراق إن «الجبهة دعمت ترشيح محمد توفيق علاوي لرئاسة الوزراء شريطة أن تكون حكومته حكومة مستقلة مع تلبية مطالب الشعب والقضاء على الفساد ومحاسبة قتلة المتظاهرين وإنجاز الانتخابات المبكرة في مدة لا تتجاوز السنة، فضلا عن مطالب المدن الأخرى التي تحررت من (تنظيم داعش)». وأضاف البيان أن «مصلحة العراق الحقيقية تكمن في الابتعاد عن التمترسات الطائفية والحزبية الضيقة، وإعلاء قيمة المواطنة وإعلاء سيادة العراق»، مشيرا إلى أن «قرار إخراج القوات الأميركية لا يزال يحتاج إلى ظرف ملائم لأن العراق لا يزال مهددا من قبل الإرهاب والتدخلات الأجنبية، ويتعين أن تخرج القوات الأجنبية على وفق اتفاق يصون سيادة العراق وأمنه وعبر توافق وطني».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.