شركة تركية تخسر دعوى حركتها ضد سلطات ليبيا بتحكيم دولي

طالبت بتعويض 95 مليون دولار عن خسائرها بعد «الثورة»

TT

شركة تركية تخسر دعوى حركتها ضد سلطات ليبيا بتحكيم دولي

ربحت سلطات ليبيا تحكيماً دولياً لصالحها أمام غرفة التجارة الدولية ضد شركة إنشاءات تركية كانت تطالب سلطات البلاد بدفع 95 مليون دولار نتيجة تضرر أعمالها بسبب «الثورة» التي اندلعت عام 2011، وأسقطت نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.
وقالت إدارة القضايا بوزارة العدل، التابعة لحكومة «الوفاق» في طرابلس، أمس، إنها «جنبت الخزانة العامة الليبية دفع 95 مليون دولار، وهي قيمة التعويضات التي كانت تطالب بها شركة (تكفن تي إم إل) التركية في القضية التحكيمية ضد ليبيا أمام غرفة التجارة الدولية، وذلك تأسيساً على ما تدعيه من انتهاكات مزعومة بواجب حماية استثماراتها في ليبيا، جراء أحداث ثورة فبراير (شباط) 2011، ومعاملتها بصورة تمييزية».
وأضافت إدارة القضايا أن «هيئة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس أصدرت حكمها النهائي بالقضية... ويقضي باختصاصها بنظر الدعوى في مواجهة الدولة الليبية، وبعدم قبول طلبات الشركة المدعية، المؤسسة على الالتزامات التعاقدية مع جهاز النهر الصناعي». كما لفتت إلى أن الهيئة «رفضت جميع طلبات الشركة المدعية التي تم قبولها، المبنية على المعاهدة الثنائية لحماية وتشجيع الاستثمارات بين ليبيا وتركيا المبرمة عام 2009، استناداً لعدم إخلال الدولة الليبية بالتزامها بالحماية والأمن، وعدم وجود تمييز في تعاملاتها، وفقاً للمادتين (2-2) و(3-2) من هذه المعاهدة».
ونفى مصدر مسؤول بوزارة العدل، التابعة لحكومة «الوفاق»، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن تكون السلطات الليبية قد تعاملت بتمييز مع الشركات التي كانت تعمل في ليبيا قبل الثورة، لافتاً إلى أن «قرابة 800 شركة أجنبية كانت تعمل وقتها، بعضها حصل على تعويضات عما لحقها من أضرار وعادت للعمل، وبعضها الآخر لم تلحق به أي أضرار».
وهذه ليست المرة الأولى التي تربح فيها الإدارة التابعة لحكومة «الوفاق» قضية في المنازعات الدولية، حيث سبق أن أعلنت الحكومة في السابع من فبراير (شباط) الحالي أنها كسبت تحكيماً دولياً في دعوى مرفوعة ضدها لتعويض شركة أجنبية بقيمة 80 مليون دولار. وقبلها بيوم واحد، قالت إنها ربحت تحكيماً دولياً آخر ضد شركة تركية، جنبها دفع 80 مليون يورو لصالحها. وقالت إدارة القضايا حينها إنها «ربحت قضية جديدة في مجال المنازعات الخارجية، بعد كسبها الاستئناف المرفوع أمام محكمة استئناف باريس من طرف شركة (بيزنس نيت وورك أنفستمنت)، طعناً على حكم محكمة تجارة باريس القاضي في سبتمبر (أيلول) 2018 بعدم الاختصاص في نظر طلب الشركة إلزام الدولة الليبية دفع مبلغ 80 مليون دولار أميركي».
ووفقاً لإدارة القضايا الليبية، أمس، فقد «ألزمت غرفة التجارة الدولية الشركة المدعية بدفع نحو 2.747 مليون جنيه إسترليني للدولة الليبية، قيمة التكاليف القانونية والنفقات الإدارية، بما في ذلك مصاريف غرفة التجارة، وأتعاب المحكمين والمستشارين القانونيين والخبراء والشهود، مع فائدة مركبة بنسبة 2 في المائة، تحتسب بعد أسبوعين من تاريخ صدور هذا الحكم حتى السداد الكامل، فضلاً عن رفض طلبات الشركة المدعية استرداد ما تكبدته من مصاريف ونفقات لخسرانها الدعوى».
ونوّهت إدارة القضايا الليبية بأن هذا الحكم «يعد الخامس الذي يصدر لصالح الدولة الليبية بالكامل خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة في قضايا التحكيم التجاري الدولي المتعلقة بالاستثمار، حيث جنبت إدارة القضايا التابعة للمجلس الأعلى للقضاء في تلك الأعوام الخزانة العامة خسائر تقدر بنحو مليار و500 مليون دولار أميركي، إضافة إلى مبلغ 900 مليون يورو».
يشار إلى أنه في أعقاب «ثورة» 17 فبراير (شباط) الليبية، اشتكى وزير التجارة التركي آنذاك، ظافر جاجلايان، من أن «لصوصاً هاجموا شركات تركية في ليبيا» التي قدّر قيمة مشاريعها بأكثر من 15 مليار دولار.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم