المقاطعة تهيمن على الانتخابات البرلمانية الإيرانية

إيرانيون قبل أيام من انطلاق موسم عيد النوروز في بازار طهران أمس (أ.ف.ب)
إيرانيون قبل أيام من انطلاق موسم عيد النوروز في بازار طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

المقاطعة تهيمن على الانتخابات البرلمانية الإيرانية

إيرانيون قبل أيام من انطلاق موسم عيد النوروز في بازار طهران أمس (أ.ف.ب)
إيرانيون قبل أيام من انطلاق موسم عيد النوروز في بازار طهران أمس (أ.ف.ب)

تهيمن حالة من عدم المبالاة والمقاطعة بين كثير من الإيرانيين، حيال المشاركة في الانتخابات العامة هذا الأسبوع، في ظل العقوبات الاقتصادية والاضطرابات السياسية وشبح النزاع العسكري.
ويشتكي عدد من أهالي طهران، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، بقلوب مثقلة وشعور بالمرارة، من أنهم تعبوا من السياسيين الذين فشلوا في الإيفاء بوعودهم برفع المستوى المعيشي في البلاد.
وقالت باري (62 عاماً): «مستحيل! لن نصوّت!»، بينما أكدت ابنتها كذلك أنها تنوي مقاطعة الانتخابات التشريعية الجمعة، بعدما فقدت ثقتها بالسياسيين. وأضافت باري: «الأمر صعب بالنسبة للجميع في إيران اليوم. مللنا. نريد إيصال رسالة بأننا غير راضين عن الوضع».
وتعهد الرئيس حسن روحاني الذي أعيد انتخابه في 2017 بمزيد من الحرّيات الاجتماعية والفردية، وقدّم تطمينات بأنه سيكون بإمكان الإيرانيين قطف ثمار التعاون مع الغرب. لكن كثيرين يشعرون بأن حياتهم شُلّت جرّاء تباطؤ الاقتصاد الذي تفاقم، نظراً لعقوبات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في 2018. وزاد الوضع سوءاً مع خطر اندلاع نزاع عسكري في وقت كثّف فيه ترمب حملته لممارسة «ضغوط قصوى».
وكانت باري تتنزّه مع ابنتها كيانا في تجريش، أحد أرقى أحياء العاصمة، حيث تتناقض مظاهر الثراء والفقر الشديدين. وتقود نساء أنيقات بنظارات شمسية داكنة سياراتهن الرياضية في الشوارع، بينما يصطف على الأرصفة باعة متجولون يعرضون بضائعهم. وكاد سائق دراجة نارية لتوصيل الطلبات يقود مسرعاً في الاتجاه الخاطئ من الشارع المكتظ، يصدم فتى يلمّع الأحذية يجلس على حافة رصيف غطاه الجليد.
وقالت كيانا التي تطاير شعرها الأسود من تحت غطاء الرأس الذي كانت ترتديه: «لا يوجد عمل ولا مستقبل». وأضافت أنها لم تعد «تثق بالسلطات» وتشعر بالإحباط حيال «عدم مصداقيتها».
وتراجعت مصداقية المسؤولين الإيرانيين بالنسبة لكثيرين عندما نفت السلطات الشهر الماضي، أن القوّات المسلّحة الإيرانية أسقطت بالخطأ طائرة ركاب أوكرانية قبل أن تعترف بالأمر بعد أيام.
خلف مدخل بازار طهران الكبير الذي يزينه الفسيفساء، سارع المئات إلى السوق التاريخية المكوّنة من متاهة من الأزقّة والمتاجر تحت الأسقف الحجرية.
ويتدافع المتسوّقون وسط الحشود بحثاً عن الأواني النحاسية وأغطية الأسرة والسجّاد والملابس. وعند المدخل، وقف أمير محتشم (38 عاماً) العاطل عن العمل منذ عامين. وقد أعرب عن قلقه حيال غياب الرؤيا لدى المرشحين الذين سمح لهم بخوض الانتخابات. وقال: «يبدو أن أياً من المرشحين لا يملك خطة لشيء».
وأضاف: «لا المحافظون ولا الإصلاحيون جديرون بالثقة. كل ما يهمّهم هو الأصوات (...) انتخاباتنا عديمة الفائدة».
وعلى مقربة منه، أعرب تاجر سجّاد في وضع أفضل بكثير من محتشم عن وجهة نظر مشابهة. وقال التاجر محمد (30 عاماً): «كان لدينا حلم عندما صوّتنا لروحاني، لكننا لم نحقق شيئاً»، متّهماً السلطات بنشر «الأكاذيب». وأضاف: «لم يعد الناس يشعرون بالراحة. عندما لا يكون الناس هم من يقررون، فلمَ نصوّت؟ إذا كان التصويت يمنح شرعية (للفائزين بالانتخابات) فلن نصوّت». لكن آخرين من خلفيات محافظة أو دينية، أكدوا عزمهم المشاركة في الانتخابات.
وقال بائع في البازار يبلغ من العمر 55 عاماً، ويدعى حسن غول: «سأصوّت بالتأكيد، لكن عليّ التفكير لمن». وأضاف: «يحاول جميع نوّابنا القيام بأفضل ما يمكنهم القيام به، لكن لا أحد يعرف إلى أي درجة يمكنهم فعلياً النجاح»، معرباً عن أمله بأن يعمل النواب القادمون على «حل مشاكل الشباب».
في حي نازي آباد الأكثر فقراً في جنوب طهران، أكدت ربّة منزل ارتدت الشادور التقليدي أنها ستقوم بواجبها بالتصويت. وقالت: «من وجهة نظر دينية، من المهم أن نصوّت خصوصاً أن بلدنا محاط بالأعداء». وأضافت: «الأهم بالنسبة إلينا هو أن نثق بالحياة ومن ثم سيتحسّن الاقتصاد».
لكن في الحي ذاته، تحدّث شباب عن تعطّشهم لمزيد من الحرية في الجمهورية الإسلامية التي احتفلت هذا الشهر بالذكرى 41 لتأسيسها.
وقال كمران بلوش زاده (20 عاماً) بتعبير نادر من نوعه عن معارضته لمجرى الأمور: «أصبحت الانتخابات مجرّد أمر رمزي (...) لا أؤيد هذه المنظومة ولن أصوّت». وتابع وهو يرتجف في درجات حرارة أدنى من الصفر: «أشعر بفقدان الأمل والضعف ولم أبلغ 25 عاماً بعد». وأضاف: «أشعر باليأس»، مشيراً إلى النفقات التي لا يمكنه تحمّلها وقلقه بشأن عدم قدرته على العثور على زوجة والاهتمام بوالديه.
بدورها، قالت مصممة الأزياء باري آغا زاده التي كانت تحمل أكياساً من الملابس وهاتفاً جوالاً: «بصراحة لا أريد التصويت لأن ذلك لن يحل مشاكلنا»، متهمة الحكومة بسوء الإدارة.
وأضافت آغا زاده التي أجرت عملية تجميل لأنفها بينما وضعت أظافر اصطناعية وطبقة سميكة من أحمر الشفاه: «هذه الحكومة وهذا النظام لا يهتمان إطلاقاً بالنساء. لا نملك أي حرّيات شخصية». وقالت إنه على الأقل «يمكننا التعبير عن احتجاجنا» من خلال مقاطعة الانتخابات.



الجيش الإسرائيلي يشدد ضوابط التغطية الإعلامية وسط مخاوف من مقاضاة عسكريين

جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل  (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يشدد ضوابط التغطية الإعلامية وسط مخاوف من مقاضاة عسكريين

جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل  (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون أغراضهم عائدين إلى إسرائيل (أرشيفية - إ.ب.أ)

فرض الجيش الإسرائيلي قيودا جديدة على التغطية الإعلامية التي تشمل عسكريين أثناء مشاركتهم في مهام قتالية فعلية وسط مخاوف متزايدة من احتمال تعرض أفراد من قوات الاحتياط لإجراءات قانونية خلال سفرهم إلى الخارج بسبب اتهامات تتعلق بتورطهم في جرائم حرب في غزة.

جاءت هذه الخطوة بعد أن اضطر جندي احتياط إسرائيلي كان يقضي عطلة في البرازيل إلى مغادرة البلاد بشكل مفاجئ عندما أمر قاض برازيلي الشرطة الاتحادية بفتح تحقيق في أعقاب اتهامات من مجموعة مناصرة للفلسطينيين بأنه ارتكب جرائم حرب أثناء خدمته في غزة.

وبحسب ما قاله المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لفتنانت كولونيل ناداف شوشاني للصحفيين فإنه بموجب القواعد الجديدة، لن يتمكن الإعلاميون الذين يجرون مقابلات مع عسكريين برتبة كولونيل فما أقل من إظهار وجوههم أو نشر أسمائهم بشكل كامل، على غرار القواعد القائمة بالفعل بالنسبة للطيارين وعناصر وحدات القوات الخاصة. كما يتعين عدم الربط بين العسكريين الذين تجري مقابلات معهم وبين نشاط قتالي محدد شاركوا فيه.

وقال شوشاني «هذه هي القواعد التوجيهية الجديدة لحماية جنودنا وضمان عدم تعرضهم لمثل هذه الأمور التي يقوم بها ناشطون مناهضون لإسرائيل حول العالم». وأوضح أنه بموجب القواعد العسكرية المعمول بها حاليا، ليس من المفترض أن ينشر العسكريون مقاطع فيديو وصورا من مناطق الحرب على وسائل التواصل الاجتماعي «رغم أن هذا ليس الحال دائما، فلدينا جيش كبير». وأضاف أن هناك أيضا قواعد وإرشادات راسخة للعسكريين المسافرين إلى الخارج.

وذكر أن جماعات، مثل مؤسسة هند رجب التي تتخذ من بلجيكا مقرا والتي دفعت لاتخاذ الإجراء الذي شهدته البرازيل، «تربط النقاط ببعضها» فيما يتعلق بالعسكريين الذين ينشرون مواد من غزة ثم ينشرون صورا ومقاطع فيديو أخرى لأنفسهم أثناء قضاء عطلاتهم في الخارج.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بالإضافة إلى القيادي بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إبراهيم المصري المعروف باسم محمد الضيف، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة ما أثار غضبا في إسرائيل.

وقال شوشاني إن هناك «بضعة» حالات جرى فيها استهداف جنود احتياط خلال السفر للخارج، بالإضافة إلى قضية البرازيل، كلها بدأت بمطالبات من جماعات للسلطات بإجراء تحقيق.