الرئيس التونسي يهدد بـ«حل البرلمان» إذا لم تنل حكومة الفخفاخ ثقته

TT

الرئيس التونسي يهدد بـ«حل البرلمان» إذا لم تنل حكومة الفخفاخ ثقته

هدد الرئيس التونسي قيس سعيد القوى السياسية في البلاد بـ«حل البرلمان»، والدعوة إلى انتخابات مبكّرة إذا فشلت حكومة إلياس الفخفاخ في نيل ثقة البرلمان. ووصف سعيد، في تصريح نقلته «رويترز» الأزمة التي تمر بها البلاد بـ«الأسوأ منذ الاستقلال» في العام 1956.
وكانت «حركة النهضة» نجحت في تحييد حزب «قلب تونس» وضمان عدم تصويته لفائدة (لمصلحة) حكومة إلياس الفخفاخ في حال عرض تشكيلتها على البرلمان، وشرعت «النهضة» عبر مكتبها التنفيذي، في مشاورات لاختيار ما سمّته «مرشح الأغلبية النيابية» لتشكيل حكومة جديدة، وسحب الثقة من حكومة يوسف الشاهد، ما أحدث جدلاً واسعاً حول مدى تلاؤم هذا الحل مع الدستور التونسي، نظراً إلى أن «النهضة» هي الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي ستقترح اسم رئيس الحكومة الجديدة عوضاً عن الشاهد وبعيداً من الفخفاخ.
ودعا أكثر من طرف سياسي إلى «الاستعداد لسيناريو حل البرلمان وإعادة الانتخابات» ما سيفرز «مشهداً نيابياً مختلفاً»، في حين أكد مصطفى بن أحمد القيادي في حركة «تحيا تونس» بزعامة الشاهد أن «الحل يكمن في الحل»، على حد تعبيره.
وكان رئيس كتلة «النهضة» البرلمانية نور الدين البحيري استبعد، في حوار تلفزيوني، فرضية حل البرلمان وإعادة الانتخابات، مشيراً إلى «حل دستوري آخر يجنب البلاد هذا السيناريو». وقال: «بعد فشل تكليف الحبيب الجملي، وفي حال فشل الفخفاخ في نيل ثقة البرلمان مجدداً، تعود العهدة إلى صاحب السيادة الأصلية وهو البرلمان». وأضاف أن «هذا المسار الثالث يتمثّل في سحب الثقة من الشاهد ومنحها لرئيس حكومة جديد يشكل حكومة قبل انقضاء مدة الأشهر الأربعة التي يمكن لرئيس الجمهورية (قيس سعيّد) بعد انقضائها حل البرلمان وإعادة الانتخابات».
وبشأن هذا الحل، قال القاضي السابق في المحكمة الإدارية أحمد صواب إن خيار حركة النهضة سحب الثقة من حكومة الشاهد وتكليف شخصية أخرى من الحزب صاحب الأغلبية البرلمانية (النهضة في الوضع الحالي) بتشكيل الحكومة «حل غير قانوني، وانحراف بالإجراءات، وتحايل على القانون، ومحاولة من جزء من البرلمان الانقلاب على صلاحيات رئيس الجمهورية».
وأضاف صواب: «في ظل هذا التصادم والتصريحات المتضاربة من كل الجوانب والتي تكشف عن إمكانية عدم منح الثقة لحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، فإن القانون يتيح لرئيس الجمهورية إمكانية تكليف شخصية أخرى تأليف الحكومة، لكن يبدو أن رئيس الجمهورية لا يفكر في اللجوء إلى هذا الخيار».
وعلى الرغم من الجدل الدائر حول الحل المناسب لتجاوز الأزمة السياسية إثر انسحاب «النهضة» من الائتلاف الحاكم وقرارها عدم التصويت لحكومة الفخفاخ، فإن قيادات «النهضة» بصدد مناقشة مختلف الخيارات، ومنها إمكانية التوجّه بلائحة لوم إلى البرلمان، وسحب الثقة من حكومة تصريف الأعمال الحالية بقيادة الشاهد، إذ أكد عضو المكتب التنفيذي خليل البرعومي أن «كل الاحتمالات واردة».
وأفاد البرعومي بأن «الحركة تتشاور مع خبراء في القانون في ظل وجود قراءات مختلفة للدستور»، مؤكدا «أنها لا تتحرك إلا في إطار ما يمليه القانون والدستور».
وأشار إلى تواصل جهود الوساطة التي تقودها منظمات نقابية لتقريب وجهات النظر بين «النهضة» والفخفاخ قبل انتهاء الأجل الدستوري يوم 20 فبراير (شباط) الجاري.
أما على مستوى الأحزاب السياسية المشاركة في مشاورات تشكيل الحكومة، فإن المواقف ظلّت متباينة، غير أنها تحمّل في مجملها «النهضة» مسؤولية المأزق السياسي الحالي. وفي هذا الشأن انضمت «حركة الشعب» (الحزب القومي) إلى الدعوة التي وجهها حزب «التيار الديمقراطي» (اليساري) إلى الفخفاخ بتعويض الوزراء الممثلين لحركة النهضة في الحكومة المقترحة والتوجه إلى البرلمان.
وفي هذا الشأن، قال رئيس حركة «الشعب» زهير المغزاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «حركة النهضة تقف أمام فرصة أخيرة للتراجع عن موقفها وإلا ستتم إزاحة وزرائها وتعويضهم بمستقلين ونذهب للبرلمان بحكومة من دونها».
وأضاف المغزاوي أنه في حال لم تحظ الحكومة بالنصاب في المجلس النيابي، سيتم حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
ورغم تموقع كل طرف بعيداً من بقية الأطراف السياسية المشاركة في الائتلاف الحاكم المقترح، فإن الفخفاخ تفاوض مجدداً أمس مع «النهضة» لإقناعها بالعدول عن قرار انسحابها من الحكومة ومحاولة الاستجابة لبعض شروطها.
ويتمسك الفخفاخ بعدم تشريك حزب «قلب تونس» الذي يتزعمه نبيل القروي في حكومته، ووفق مصادر سياسية، وعبر عن استعداده للاستجابة لبعض مطالب «النهضة» المتعلقة بمنحها حقائب وزارية إضافية، وسيعمل الفخفاخ على إضافة بعض المناصب إلى تركيبة حكومته وإحداث كتابات دولة جديدة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».