أوروبا تطلق مهمة بحرية جديدة لمراقبة حظر السلاح على ليبيا

TT

أوروبا تطلق مهمة بحرية جديدة لمراقبة حظر السلاح على ليبيا

توصل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أمس (الاثنين)، إلى اتفاق بشأن مهمة جديدة في البحر المتوسط قبالة ليبيا لمراقبة حظر وصول الأسلحة، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة في هذا الصدد. وأنهى الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بين الدول الأعضاء، خلافات استمرت طوال الفترة الأخيرة بشأن إعادة تفعيل «مهمة صوفيا» البحرية، التي كانت مخصصة لتعقب مهربي البشر، ومخاوف من تأثير ذلك على تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
وسيجري وضع التفاصيل الخاصة بالمهمة في اجتماعات للجان العسكرية والسياسية في الاتحاد الأوروبي، لعرضها على الدول الأعضاء من جديد في مارس (آذار) المقبل، لاعتمادها بشكل نهائي قبل انتهاء مهمة صوفيا في مارس.
وفي المؤتمر الصحافي الختامي، قال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية: «سيكون هناك اتفاق سياسي أكثر وضوحاً في اجتماعنا الشهر القادم، ولكن اتفقنا الآن على إطلاق مهمة جديدة في البحر المتوسط بدلاً من مهمة صوفيا التي ستنتهي رسمياً أواخر مارس القادم، وستكون المهمة الجديدة لمراقبة حظر الأسلحة إلى ليبيا، وستمارس عملها في شرق ليبيا، ومدعومة بمساعدة من الأقمار الصناعية والطائرات للمراقبة».
ووصف بوريل الاتفاق بـ«السياسي»، مشيراً إلى أن ضرورة مناقشة مزيد من التفاصيل، خصوصاً فيما يتعلق بالشق العسكري خلال الأسابيع المقبلة. وأشار إلى أن القرار الأوروبي قد اتخذ بإنهاء عملية صوفيا الحالية في المتوسط، بدءاً من 30 مارس (آذار) لتحل محلها العملية الجديدة.
وينص الاتفاق على نشر سفن وكذلك طائرات وتفعيل أقمار صناعية لمراقبة تدفق السلاح على ليبيا، مبيناً أن «قواعد الاشتباك مع السفن التي تنقل السلاح والمرتزقة بشكل غير شرعي، سيتم تحديدها من قبل اللجنة العسكرية الأوروبية»، وفق كلام بوريل. كما يشير الاتفاق إلى إمكانية سحب الإمكانات البحرية من العملية الجديدة، التي لا تزال بحاجة إلى تسمية، في حال أدى وجودها إلى «اجتذاب» مزيد من المهاجرين إلى أوروبا. ورغم أن بوريل غير مقتنع بأن الوجود البحري الأوروبي في المتوسط قد يؤدي لجلب المهاجرين، فإنه أقر بأن وضع هذه المادة في نص الاتفاق يأتي مراعاة لمخاوف الدول التي كانت لا تزال مترددة.
ورداً على سؤال بخصوص إمكانية إنقاذ مهاجرين في البحر من قبل سفن العملية الجديدة، أكد بوريل أن قانون البحار يسري دائماً على كل السفن، موضحاً عدم إمكانية تجاهل هؤلاء في حال تمت مصادفتهم. وتابع أنه لم يكن يتوقع التوصل إلى هذا الاتفاق عندما وصل إلى مقر الاجتماعات في الصباح، وذلك بسبب التباين في المواقف بين الدول الأعضاء حول هذا الملف ما بين مؤيد لاستمرار مهمة صوفيا البحرية وآخر يطالب بمهمة جديدة، خصوصاً المجر والنمسا.
ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير خارجية فنلندا بيكا هافيستو لدى وصوله إلى مقر الاجتماع: «يجب أن يبقى الاتحاد الأوروبي متحداً من أجل التوصل إلى حل في ليبيا، ونحن في فنلندا نحترم القوانين الدولية، ومن المهم جداً مراقبة حظر الأسلحة، ويمكن لمهمة صوفيا أن تلعب دوراً في هذا الصدد، كما يجب ضمان أن يكون للأوروبيين دور في المستقبل للتأكد من تنفيذ وقف لإطلاق النار».
بينما قال وزير خارجية النمسا ألكسندر سخالنبرغ: «أعتقد أن الخطوة الأولى من جانبنا كأوروبيين للعب دور رقابي حيادي، هو إطلاق مهمة جديدة، ومن خلالها ستقوم أوروبا بدورها في مراقبة حظر وصول السلاح إلى ليبيا».
واجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أعقبت لقاء في ميونيخ حول الملف نفسه. وأطلع وزير الخارجية الألماني هايكو ماس نظراءه الأوروبيين على نتائج النقاشات لتقييم ما جرى تحقيقه من خطوات في إطار تكليف أوروبي لمنسق السياسة الخارجية لوضع مقترحات تتعلق بكيفية المساهمة في تحقيق السلام في ليبيا عبر مراقبة حظر السلاح ووقف إطلاق النار.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.