جنرال إسرائيلي كبير: سلاح الجو لا يستطيع حسم المعارك

يحذر من الاعتماد على سلاح الجو والصواريخ على حساب المدرعات

جنود من الجيش الإسرائيلي في قرية بالضفة الغربية (أرشيفية - رويترز)
جنود من الجيش الإسرائيلي في قرية بالضفة الغربية (أرشيفية - رويترز)
TT

جنرال إسرائيلي كبير: سلاح الجو لا يستطيع حسم المعارك

جنود من الجيش الإسرائيلي في قرية بالضفة الغربية (أرشيفية - رويترز)
جنود من الجيش الإسرائيلي في قرية بالضفة الغربية (أرشيفية - رويترز)

في خضم النقاش الذي يخوضه الجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة حول أهمية سلاح المدرعات وتفضيل الاعتماد على سلاح الجو والصواريخ، وجه الجنرال يوسي بيلد، أحد كبار القادة العسكريين السابقين، انتقادات شديدة لأولئك الذين يواصلون التمسك بنظريات التخلي عن سلاح اليابسة وحذر من أن «التأخير الجاري في تطوير هذا السلاح لصالح التكنولوجيا والغارات الجوية يُلحق ضرراً كبيراً بقدرات إسرائيل العسكرية ويجعلها عاجزة عن حسم الحرب».
وقال بيلد، الذي كان منافساً لإيهود باراك على رئاسة أركان الجيش وخلع بزّته العسكرية وانضم إلى حزب الليكود آنذاك وأصبح وزيراً في حكومة بنيامين نتنياهو، إن الفكرة الرائجة في إسرائيل والعالم بالاعتماد على أسلحة الجو خاطئة عموماً ولكنها بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي تقترب من الخطيئة، لأن كل التجارب دلّت على أن هذه الأسلحة غير كافية.
وأضاف بيلد، في مقابلة إذاعية أثارت ردود فعل في تل أبيب: «بواسطة الصواريخ من الطائرات ومن الأرض، يمكن إلحاق أضرار جسيمة، لكن لا يمكن حسم الحرب. هذا هو أحد أهم الدروس المستفادة من حرب لبنان الثانية ومن العمليات الحربية على قطاع غزة. ففي المرحلة الأولى من حرب لبنان الثانية، عمل سلاح الجو لدينا بشكل رائع، عندما دمر صواريخ (حزب الله) بعيدة المدى. لكنه لم يتغلب بالذات على الصواريخ البدائية، التي تم إطلاقها على الجليل حتى وقف إطلاق النار. من هنا، تسبب (الخبراء) العسكريون الذين سارعوا إلى نعي سلاح اليابسة والمناورات البرية الكلاسيكية، في نهاية القرن الماضي، في دخول سلاح المدرعات الممتاز في الجيش الإسرائيلي، إلى حرب لبنان الثانية، دون أن يكون مستعداً، بسبب تقليص ساعات التدريب. عندما لا يتدربون، ينخفض المستوى ويكون التنفيذ سيئاً».
وأعرب بيلد عن تأييده للجنرال يتسحاق بريك، الذي سبقه في توجيه انتقاداته القاسية إلى الجيش بسبب إهمال سلاح المدرعات، وقال: «لقد تصرف قادة الجيش الإسرائيلي بغباء، أيضاً مع بريك. إنه رجل مدرعات استثنائي وشخص مصمم مثل الصخر. في عام 1990 عندما كنت قائد المنطقة الشمالية، عيّنته قائداً للفرقة النظامية 36، لأنه كان في نظري صاحب قدرات عالية... لا يجوز تجاهل انتقاداته».
ويعد بيلد في إسرائيل قائداً عسكرياً من أصحاب الرصيد، فهو الذي قاد بامتياز لواء المدرعات 205 في جيش الاحتياط الذي لعب دوراً رئيسياً في صد السوريين جنوب مرتفعات الجولان في حرب 1973، وبعد ذلك اشتهر بالتطوع في حرب لبنان، فقاد الكتيبة التي احتلت طريق بيروت – دمشق، في حرب لبنان الأولى سنة 1982، وتم تعيينه على أثرها قائداً للواء الشمال طوال خمس سنوات. وفي 1991 تم ترشيحه لرئاسة الأركان مع إيهود براك وأمنون ليبكين شاحاك. لكن وزير الأمن موشيه أرنس، الذي قاد عملية استبعاد ذراع اليابسة من مركز المفهوم الحربي في الجيش الإسرائيلي، لم يعيّنه، فترك الجيش واتجه إلى السياسة. وهو اليوم في التاسعة والسبعين من العمر.
وسئل بيلد: «ألا تظن أن الصواريخ الثقيلة والسريعة والدقيقة، وتكنولوجيا المعدات الحربية العصرية الفائقة، التي تتطور بوتيرة متزايدة، تغيّر مبنى الجيش ونظريات القتال؟». فأجاب: «منذ سنوات بعيدة طوروا أسلحة دقيقة، والصواريخ ليست اختراعاً منذ 20 عاماً. وحتى الآن، لم تحسم الصواريخ الحرب. أتذكر الحرب العالمية الثانية، كطفل في بلجيكا. ألمانيا قصفت لندن بشدة بالصواريخ، لكنها لم تحتل إنجلترا. واحتل الجيش الألماني بلجيكا وهولندا لأنه كانت لديه إمكانية الوصول البري إليهما. من ناحية أخرى، استمرت إنجلترا في القتال، وفي النهاية هزمت مع الحلفاء ألمانيا النازية، لأن ذراع اليابسة الألمانية لم يكن لديها خيار حقيقي لاحتلالها. في حرب الخليج ضد صدام حسين، هاجمت الولايات المتحدة التي تملك أكثر القوات الجوية تطوراً في العالم، مع الإنجليز والفرنسيين، بغداد لمدة 49 يوماً بصواريخ توماهوك ولم يرفع حسين الراية البيضاء. عندما اقتربت ذراع اليابسة من العاصمة، أدرك أنها كانت نهايته. مع الصواريخ، يمكن التسبب بأضرار جسيمة، لكن لا يمكن حسم الحرب».
وقال بيلد: «أنا لست ضد التكنولوجيا، ولكني ضد التذاكي. الأسلحة الدقيقة تضيف إلى القدرة القتالية، لكنّ ذراع اليابسة يجب أن تصل إلى خطوط وقف إطلاق النار. سلاح الجو هو الذراع الاستراتيجية للجيش الإسرائيلي والصواريخ الدقيقة مهمة جداً، لكن التوازن بين الأسلحة خُرق على حساب سلاح اليابسة وهذا يجب تصحيحه عاجلاً. حسب تقديري، يجب تغيير كل التوازنات القائمة في الجيش الإسرائيلي اليوم، وتكريس وسائل أكبر لذراع اليابسة، بما في ذلك ساعات التدريب وأنواع الذخيرة».
واختتم بيلد قائلاً: «يمكن شراء كل شيء بالمال، باستثناء شيء واحد – التجربة. لست متأكداً من وجود قائد كبير واحد في الجيش الإسرائيلي اليوم، لديه خبرة في معارك المدرعات المتحركة على مستوى الفرقة. مَن يدّعون الذكاء، وهم من أتحفظ منهم، يقولون عن هذا النوع من القتال إنه انتهى زمانه، وإن المتوقع في المستقبل هي الحرب بين الحروب ضد المنظمات غير الحكومية، مثل (حماس) و(داعش) و(حزب الله). هذا بالطبع هراء تام. فقد تتغير العلاقات الأمنية الحالية مع مصر، مثلما تغيرت مع تركيا وإيران. يجب أن نتذكر أنه كانت لدينا علاقات أمنية ممتازة مع تركيا – أجرينا تدريبات معاً وقمنا بتحسين أسطول دباباتهم. وإيران كانت حليفة لنا خلال أيام الشاه، ولو تأخرت ثورة الخميني، لكان يمكننا أن نواصل تحسين نظامهم الأمني إلى مستوى كان سيعد بالغ الخطورة اليوم. منذ ذلك الحين انقلب كل شيء –تركيا وإيران لم تبقيا صديقتين، والأخطر أن يعلن قادة إيران عن تطلعهم لإبادتنا، وبصفتي أحد الناجين من المحرقة، أنا أحذّر من أنه لا ينبغي الاستهتار بهذه التطلعات».



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.