ريما بنت بندر لـ «الشرق الأوسط»: السعودية الشريك الأوثق لأميركا في المنطقة

قالت إن علاقة البلدين صمدت في وجه تحديات كثيرة ولا تتأثر بتغير حزب الرئيس

الأميرة ريما بنت بندر خلال الحوار مع {الشرق الأوسط}
الأميرة ريما بنت بندر خلال الحوار مع {الشرق الأوسط}
TT

ريما بنت بندر لـ «الشرق الأوسط»: السعودية الشريك الأوثق لأميركا في المنطقة

الأميرة ريما بنت بندر خلال الحوار مع {الشرق الأوسط}
الأميرة ريما بنت بندر خلال الحوار مع {الشرق الأوسط}

أكدّت السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، أن المملكة العربية السعودية هي «الشريك الأوثق» للولايات المتحدة في المنطقة. وقالت إن شراكة البلدين «مؤسساتية وراسخة»، بغض النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس.
وقالت الأميرة ريما في حوار مع «الشرق الأوسط»، هو الأول لصحيفة عربية منذ توليها مسؤولية تمثيل المملكة في واشنطن، إن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين التي مر على تأسيسها 75 عاماً، عايشت تحديات وتقلبات كبرى في النظام الدولي من مواجهة المد السوفياتي، مروراً بالأزمات النفطية المكررة وكذلك حرب الخليج، وصعود تهديد الجماعات الإرهابية وغير ذلك «إلا أنها أثبتت صمودها أمام التحديات كافة التي واجهتها، وهي في تطور مستمر».
ورداً على سؤال، اعتبرت أن أبرز عائق تواجهه في واشنطن يتمثل بـ«تغلُّب الصورة النمطية وإصدار الأحكام البدائية»، بيد أنها أكدّت على دورها في مخاطبة الجميع والتواصل معهم للحفاظ على علاقة البلدين. واعتبرت أن «أغلب من ينادي بمراجعة العلاقة السعودية - الأميركية ليسوا على اطلاع واضح على حقيقة جهود المملكة». وهنا نص الحوار:
> كان اللقاء التاريخي بين الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والرئيس فرنكلين روزفلت، بادرة أولى لشراكة قوية سياسية واقتصادية وتجارية وثقافية بين السعودية وأميركا. ما حال هذه الشراكة اليوم في ظل المتغيرات التي تعصف بالمنطقة؟
- الشراكة السعودية - الأميركية راسخة منذ عهد الملك المؤسس، طيب الله ثراه، وحتى العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أيده الله، وهي شراكة قامت على مصالح وأهداف استراتيجية مشتركة بين البلدين، كان على رأسها السعي المشترك لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة ودفع عجلة التعاون الاقتصادي.
هذه الأهداف لا تزال قائمة رغم كل المتغيرات، بل تزداد أهمية خصوصاً مع المتغيرات التي تمر بها المنطقة. ورغم بعض التحديات التي مرت بها الشراكة، فإننا استطعنا عبر تاريخ العلاقات تجاوزها ولم تتأثر بها شراكة بلدينا الصديقين؛ لأن الأهداف المشتركة مهمة وحيوية، ليس للبلدين فحسب، وإنما لأمن واستقرار المنطقة والعالم.
> كيف تقرأون مستقبل الشراكة في ظل التغيرات التي تمر بالنظام الدولي من الصعود الاقتصادي للصين، وعودة روسيا خصماً أبرز للولايات المتحدة وعودتها إلى الشرق الأوسط، إلى تقلص دور الاتحاد الأوروبي؟
- أولاً، الشراكة الاستراتيجية بين البلدين مرت بالكثير من التقلبات الكبرى في النظام الدولي مثل مواجهة المد السوفياتي، مروراً بالأزمات النفطية المكررة وحرب الخليج، وصعود تهديد الجماعات الإرهابية وغير ذلك، وأثبتت صمودها أمام جميع التحديات التي واجهتها، كما أثبتت تقارب وجهات النظر حيال الكثير من القضايا الدولية المختلفة التي تواجه النظام الدولي.
ثانياً، مع إعطائها الأولوية للأهداف الأمنية والسياسية والاقتصادية المشتركة، تتجاوز الشراكة ذلك إلى أبعاد أكبر بكثير. اليوم نجد صعوداً للتقارب الثقافي والاجتماعي بين شعبي البلدين رغم اختلاف الثقافتين وبُعد المسافة الجغرافية بينهما. هذه العلاقة التي تنمو بين الشعبين أصبحت رافعة جديدة لتحقيق الأهداف والمصالح الاستراتيجية المشتركة.
ثالثاً، رغم التغيرات التي طرأت على النظام الدولي، فإن الوقائع التاريخية أثبتت أن المملكة هي الشريك الأوثق للولايات المتحدة في المنطقة. كما أن الشراكة القائمة بين البلدين ليست شراكة سلبية أو انعزالية، بمعنى أنه لا يصح لأحد البلدين أن يقيم أي نوع من العلاقات خارجها، بل على العكس فإن الدولتين تدعمان تعزيز شراكتهما بعلاقات وتحالفات إيجابية مع القوى الإقليمية والدولية الأخرى، وبما فيه دعم الاستقرار في المنطقة والعالم. عندما بدأت المملكة تطبيق «رؤية 2030»، فتحت أبوابها لجميع دول العالم لتشارك وتكون جزءاً من رؤيتها، ورغم ذلك، فإن الولايات المتحدة ما زالت تحظى بالنصيب الأكبر من المساهمة في تحقيق هذه الرؤية.
> تتوافق رؤية القيادة السعودية مع الإدارة الأميركية في كثير من ملفات المنطقة التي قد يواجه بعضها معارضة ونقداً من قبل بعض أعضاء في الكونغرس. ماذا تفعلون لتقريب الرؤيتين؟
- الشراكة بين البلدين مؤسساتية قائمة على تعاون جميع الأجهزة في البلدين بشكل يومي مع بعضها البعض. لكن من الطبيعي جداً حدوث اختلاف في وجهات النظر فيما يتعلق بالسياسة الأميركية الخارجية بين الإدارة والكونغرس وبين مجلسي الشيوخ والنواب وبين أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي. رغم ذلك فإن العلاقات السعودية - الأميركية مؤسساتية لا تتأثر بتعاقب الإدارات المختلفة من الحزبين، حيث بدأت العلاقة في عهد الرئيس روزفلت، وهو رئيس ينتمي إلى الحزب الديمقراطي، واستمرت منذ ذلك الوقت حتى الآن مروراً بالكثير من الإدارات الجمهورية والديمقراطية، وصولاً إلى الرئيس ترمب الذي تشهد في عهده العلاقات تعاوناً كبيراً على مختلف الأصعدة.
دوري كسفيرة هو التواصل مع جميع الأطراف والمسؤولين في مختلف المواقع، سواء في الإدارة أو في الكونغرس بصرف النظر عن الحزب الذي ينتمون إليه، لإيصال وجهة نظر المملكة والعمل بكل الوسائل الممكنة على تعزيز العلاقة وتحقيق أكبر قدر من الأهداف المشتركة.
> واجهت السعودية أخيراً الكثير من الهجمات الإعلامية والسياسية، حتى أن بعض تلك الهجمات بدأت تقلل من أهمية العلاقة السعودية - الأميركية وتطالب بمراجعتها. كيف تردون على هذه الهجمات؟
- دائما ما كانت مواقف المملكة وسياستها ثابتة وراسخة ومتزنة حيال القضايا التي تواجهها، ومواقف المملكة ودورها معروف للجميع وجهودها في مختلف المجالات أكبر من أن تلغيها بعض التصريحات هنا أو هناك. المراقبون والنقاد الذين يعلمون ما تقوم به المملكة في مختلف المجالات مثل مكافحة الإرهاب، وجهودها في دعم الاستقرار في المنطقة، أو الحفاظ على التوازن في أسواق النفط يعون أهمية المملكة على الساحة الدولية، وأن العلاقة السعودية - الأميركية محورية لكلا البلدين.
للأسف، أحياناً نسمع بعضا ممن ينادي بمراجعة العلاقة. لكن أغلبهم ليسوا على اطلاع واضح بحقيقة جهود المملكة، وأنا أسعى دوماً إلى الالتقاء بمختلف الشرائح في الولايات المتحدة لإيصال هذه الرسالة. ونحن نعي أنه في الفترات الانتخابية تزداد التصريحات لأسباب مختلفة، لكننا على ثقة أن كل من يتسنى له الاطلاع على المعلومات الوافية حول جهود المملكة إقليمياً ودولياً، سيعي أهمية دور المملكة وأهمية العلاقة معها.
> ما هو الهدف الذي تسعين إلى تحقيقه خلال الفترة المقبلة؟
- إننا ننظر إلى علاقتنا مع الولايات المتحدة من منظور شامل لا يتعلق فقط بالعلاقة السياسية والأمنية، بل يتجاوزها إلى التعاون في المجالات كافة، خصوصاً أن المملكة لديها رؤية طموحة للمستقبل طرحها سمو سيدي ولي العهد، يحفظه الله، ونحن ننظر إلى الكثير من فرص التعاون مع الولايات المتحدة في المجالات الاقتصادية والتعليمية والثقافية لتحقيق أهداف «رؤية 2030». الولايات المتحدة تملك أفضل الجامعات ومراكز الأبحاث والتقنية والشركات الرائدة في المجالات كافة، وما أسعى إليه هو المساهمة في تحقيق رؤية المملكة من خلال الارتقاء بهذه العلاقة مع الشرائح كافة في الولايات المتحدة، وأن نساهم في تحقيق مزيد من التعاون بين البلدين في المجالات كافة.
> ما هو العائق الذي يقف أمامكم؟
- إن أكبر تحدٍ يواجه المملكة اليوم في الولايات المتحدة هو للأسف تغلُّب الصورة النمطية وإصدار الأحكام المسبقة حيالها، ورغم ذلك ولله الحمد فإن صورة المملكة تشهد تطوراً إيجابياً كبيراً سواء في الولايات المتحدة أو في مختلف أنحاء العالم مع استمرار مسيرة المملكة لتحقيق رؤية القيادة أيدها الله، فعلى سبيل المثال ولا الحصر بعد تدشين التأشيرة السياحية، إذ صدر ما يزيد على 200 ألف تأشيرة أتاحت للمواطنين من مختلف دول العالم زيارة المملكة والتعرف عليها على حقيقتها، وبدأنا نشهد أن هذه الصورة تتغير، وبالأخص بين من أتيحت لهم الفرصة للتعرف على المملكة عن قرب. رسالتي للجميع هنا هي دعوتهم إلى المملكة لرؤية التقدم الذي تشهده على أرض الواقع، والتعرف على الشعب السعودي الكريم مباشرة ومن دون أي حواجز.
> وما هو مستقبل العلاقة التي أتمت عامها الخامس والسبعين؟
- العلاقة مستمرة وستبقى مستمرة إن شاء الله لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، وخدمة المصالح المشتركة للبلدين. وعندما ننظر إلى تلك اللحظة التاريخية للقاء الملك المؤسس والرئيس روزفلت نرى أن البلدين ومنذ ذلك الحين جمعتهما مبادئ مشتركة رغم بُعد المسافة واختلاف الثقافة والعادات بينهما، وهذه المبادئ والأسس هي الإيمان بالعدالة وحق الشعوب بالحياة في أمن واستقرار وتنمية مستدامة. ولذلك فإن الشراكة التي بدأت منذ ذلك اللقاء التاريخي أرست أسساً حقيقية للتعاون بين البلدين، استمرت من مواجهة الشيوعية إلى مكافحة الإرهاب إلى أجندة قمة العشرين، وسعيها لمعالجة التحديات البيئية والاقتصادية العالمية من أجل مستقبل أفضل للعالم.
> ما هي الصورة التي تودون تعزيزها عن المرأة السعودية في الداخل الأميركي؟ وماذا عن الأصوات المشككة حيال التقدم في حقوق المرأة؟
- لقد تحقق الكثير من آمال وأحلام المرأة السعودية أخيراً، إذ حصلت على الكثير من الحقوق التي سعت لها منذ زمن طويل، كما أن مسيرة الإصلاح والتغيير وتمكين المرأة ستستمر بإذن الله في ظل دعم مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي عهده الأمين. ومن اللافت وأنا هنا في الولايات المتحدة أن أرى أن المرأة السعودية حصلت على حقوق لم تحصل عليها نظيراتها في الكثير من الدول المتقدمة، مثل وجود قانون يتعلق بالمساواة في الأجور مع الرجال.
إنني أشعر بالفخر تجاه تمكين المرأة في المملكة اليوم، وعلى ثقة بأن هذه البيئة التي خلقتها «رؤية المملكة 2030» ستقود المرأة السعودية لمكانة تضاهي نظراءها على الساحة العالمية، وهذه هي رسالتي إلى الجميع، إذ إن التقدم لا يحدث بين ليلة وضحاها، والذي ينظر إلى ما تم من خطوات على مدى السنوات القليلة الماضية يستطيع أن يستشف إلى أين تتجه المملكة خلال العقود المقبلة، وتصدّر المملكة لقائمة الدول الأكثر إصلاحاً بين 190 دولة فيما يتعلق بالمرأة وأنشطة الأعمال والقانون لعام 2020 هو أبلغ مؤشر على حجم التقدم الذي أحرزته المملكة في هذا المجال.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)