تركيا تطلب من روسيا إعلان «وقف إطلاق نار دائم» في إدلب

قبل زيارة وفدها لموسكو اليوم... وفي ظل استمرار التصعيد

جدارية للانتفاضة السورية 2011 في كفرنبل المهجورة جنوب مدينة إدلب نتيجة هجوم قوات النظام (أ.ف.ب)
جدارية للانتفاضة السورية 2011 في كفرنبل المهجورة جنوب مدينة إدلب نتيجة هجوم قوات النظام (أ.ف.ب)
TT

تركيا تطلب من روسيا إعلان «وقف إطلاق نار دائم» في إدلب

جدارية للانتفاضة السورية 2011 في كفرنبل المهجورة جنوب مدينة إدلب نتيجة هجوم قوات النظام (أ.ف.ب)
جدارية للانتفاضة السورية 2011 في كفرنبل المهجورة جنوب مدينة إدلب نتيجة هجوم قوات النظام (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه طلب من نظيره الروسي سيرغي لافروف وقف الهجمات في شمال سوريا على الفور والعمل على إعلان وقف دائم لإطلاق النار في إدلب.
والتقى الوزيران التركي والروسي على هامش أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا أمس (الأحد) لبحث التطورات في إدلب التي تسببت في الأسابيع الأخيرة في توتر بين أنقرة وموسكو، رغم استمرار المباحثات الدبلوماسية والعسكرية بين الجانبين من أجل وقف هجمات النظام وتحقيق التهدئة.
وفي هذا الإطار، يتوجه وفد دبلوماسي وعسكري تركي إلى موسكو اليوم (الاثنين) لإجراء جولة جديدة من المباحثات حول التطورات في إدلب، وسط تأكيدات من أنقرة بأنها ستواصل مباحثاتها للتوصل إلى حل. واتهم جاويش أوغلو النظام السوري بتفضيل الحل العسكري على الحل السياسي، قائلا إنه صعد من وتيرة اعتداءاته في الآونة الأخيرة في إدلب، وإن تركيا تبذل مع روسيا جهودا لوقف اعتداءات النظام.
في غضون ذلك، شنت الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا هجوماً على محور كفر حلب الخاضع لسيطرة قوات النظام السوري في ريف حلب الغربي بالتزامن مع قصف مدفعي تركي مكثف على كفر حلب وميزنازر.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن هيئة تحرير الشام استهلت الهجوم بتفجير عربة مفخخة، واندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين بعد منتصف ليل السبت – الأحد على محور الشيخ دامس وركايا سجنة بريف إدلب الجنوبي، في محاولة من قبل قوات النظام التقدم في المنطقة، تزامناً مع قصف جوي روسي.
وواصلت الطائرات الحربية الروسية ضرباتها الجوية على مناطق عدة بالقطاع الغربي من ريف حلب ومناطق أخرى شمال المدينة، في حين تشهد مناطق في مدينة إدلب ومحيطها قصفاً صاروخياً تنفذه قوات النظام بشكل متقطع منذ فجر أمس. وقتل مدني وأصيب آخرون بجروح جراء قصف جوي روسي على محيط دارة عزة بريف حلب الغربي.
وتواصل قوات النظام السوري تقدمها في إدلب ومناطق في شمال محافظة حلب، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في الوقت الذي يستمر فيه نزوح عشرات آلاف السوريين من محافظة إدلب إلى مناطق قريبة من الحدود مع تركيا، هرباً من قصف المقاتلات الروسية ومروحيات الجيش السوري. في المقابل، قالت وكالة أنباء «الأناضول» التركية، إن قوات النظام في مناطق خفض التصعيد بإدلب تكبدت خسائر كبيرة في الهجوم المضاد الذي تشنه المعارضة السورية والمجموعات المناهضة للنظام، منذ أسبوعين، ردا على الغارات الجوية.
وأشارت إلى أن محاور عدة في مناطق خفض التصعيد في إدلب تشهد اشتباكات عنيفة، أبرزها في جنوب إدلب وشرقها والريف الغربي لمحافظة حلب. واستطاعت فصائل المعارضة والمجموعات المناهضة للنظام السوري، تحييد أكثر من 100 عنصر للنظام خلال آخر أسبوع، إلى جانب إسقاط مروحيتين. كما دمرت فصائل المعارضة المسلحة، خلال آخر أسبوعين 12 عربة و24 دبابة و8 منصات لمضادات جوية و3 ناقلات جنود مصفحة و4 راجمات وطائرتين مسيرتين.
في الوقت ذاته، واصل الجيش التركي أمس (الأحد) إرسال تعزيزات عسكرية إلى وحداته المتمركزة على الحدود مع سوريا لإدخالها إلى نقاط المراقبة في إدلب. وتضمنت التعزيزات مركبات عسكرية، وسيارات إسعاف مصفحة، وأنظمة تشويش، وأفرادا من القوات الخاصة (الكوماندوز).
وجدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تأكيده أن المشكلة في إدلب لن تحل إلا بانسحاب قوات النظام السوري حتى حدود مذكرة تفاهم سوتشي الموقعة مع روسيا في 17 سبتمبر (أيلول) 2018 بشأن إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح للفصل بين قوات النظام والمعارضة في إدلب. وقال إردوغان، في كلمة خلال اجتماع في إسطنبول مساء أول من أمس، إنه «ما لم يتم حل المشكلة في إدلب لن يتمكن السوريون في بلدنا أو النازحون نحو حدودنا من العودة إلى ديارهم... سنكون سعداء إذا تمكنا من حل الأمر في إدلب بدعم أصدقائنا، لكننا مستعدون لتحقيق المهمة بالطريقة الصعبة إذا اضطررنا إلى ذلك (في إشارة إلى قيام تركيا بعملية عسكرية ضد النظام في إدلب)».
وكان إردوغان بحث التطورات في محافظة إدلب السورية في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أول من أمس. وذكر بيان لدائرة الاتصال بالرئاسة التركية، أن إردوغان وترمب أكدا رفضهما هجمات النظام السوري على إدلب، واعتبرا أنها «غير مقبولة»، وشددا على ضرورة إنهاء الأزمة الإنسانية التي تشهدها المحافظة السورية بأسرع وقت ممكن. وكانت واشنطن أعلنت أنها تقف إلى جانب تركيا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ضد هجمات النظام في إدلب التي طالت نقاط المراقبة التركية وأدت إلى مقتل 13 جنديا وإصابة عدد آخر خلال الأسبوعين الماضيين. وأوفدت المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري إلى أنقرة الأربعاء الماضي لبحث الوضع في إدلب مع المسؤولين الأتراك، حيث كرر دعم بلاده للموقف التركي في إدلب وطرح إمكانية التعاون الاستخباراتي واللوجيستي مع تركيا.
في سياق متصل، قال مصدر عسكري تركي إن الهجوم الذي نفذه النظام السوري على قافلة عسكرية تركية في إدلب في 3 فبراير (شباط) وتسبب في مقتل 5 جنود وإصابة 5 آخرين، تم بواسطة طائرة روسية، بحسب ما نقلت صحيفة «يني عقد» عن المصدر الذي لم تسمه.
وكان إردوغان، قال بعد هذه الحادثة، إن قوات النظام لا تتحرك في إدلب دون قرار من الدول الضامنة، في إشارة إلى روسيا، مضيفا: «قواتنا الجوية والبرية ستتحرك عند الحاجة بحرية في كل مناطق عملياتنا وفي إدلب، وستقوم بعمليات عسكرية إذا اقتضت الضرورة». وهدد باستهداف قوات النظام مباشرة عند تعرض الجنود الأتراك أو حلفاء تركيا (الفصائل السورية المسلحة الموالية لأنقرة) لأي هجوم، دون سابق إنذار وبغض النظر عن الطرف المنفذ للهجوم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.