مخاوف من معارك جديدة في طرابلس وسط تحشيد عسكري متبادل

TT

مخاوف من معارك جديدة في طرابلس وسط تحشيد عسكري متبادل

اعتبر فائز السراج رئيس حكومة «الوفاق» في ليبيا، والتي تحيي اليوم الذكرى التاسعة للإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. أنه ليس لديه «شريك للسلام» للتوصل إلى حل للنزاع في البلاد، في إشارة إلى غريمه المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي. وتزامنت تصريحات السراج مع معلومات غير رسمية، عن تحشيد متبادل بين القوات التابعة له وقوات الجيش الوطني، تحسبا لاندلاع جولة جديدة من القتال في العاصمة طرابلس.
وساد هدوء حذر مختلف محاور القتال في طرابلس وفقا لما أكده مسؤولون في الجيش الوطني، بينما نقلت وسائل إعلام موالية لحكومة السراج وقوع مناوشات بالمدفعية الثقيلة من حين إلى آخر دون أي اشتباكات مباشرة. وقال إبراهيم بيت المال قائد محور أبوقرين التابع للحكومة، إن قواتها المشاركة ضمن ما يعرف باسم عملية «بركان الغضب» على استعداد تام لصد أي محاولة تقدم للجيش، الذي أشار إلى أنه يحشد قواته في مدن صبراتة وصرمان والعجيلات.
ورغم مخاوف اندلاع معارك جديدة، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة السراج عن استعدادات أمنية مكثفة وتسيير دوريات في مختلف أنحاء المدينة للاحتفال بالذكرى التاسعة لثورة فبراير (شباط) ضد نظام القذافي، مشيرة في بيان مقتضب إلى تكثيف عمل الدوريات الأمنية الثابتة والمتحركة داخل طرابلس.
بدوره، رأى السراج في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في طرابلس أنه «آن لداعمي حفتر أن يعلموا أن رهانهم خاسر»، وأضاف «ندرك أنه ليس لدينا شريك للسلام ولهذا نأخذ أقصى درجات الحذر والحيطة».
وبعدما اتهم قوات الجيش الوطني بتكثيف انتهاكاتها للهدنة الهشة التي أبرمت الشهر الماضي، عبّر عن ارتياحه لتبني مجلس الأمن هذا الأسبوع قرارا يطلب وقفا «دائما» لإطلاق النار في ليبيا. وتابع دون تسمية «آن لداعمي حفتر أن يعلموا أن رهانهم خاسر ولا نتيجة لذلك سوى إطالة أمد الحرب وترسيخ عداوة يصعب محوها». وأضاف «لا يمكن أن تجرى مفاوضات في ظل القصف وتدمير البنى التحتية»، مشيرا إلى أن قواته ستضطر لرد الفعل إذا لم يتم اتخاذ إجراءات دولية حازمة لوقف القصف. واعتبر أن إقفال مرافئ النفط «سيؤدي إلى كارثة على مختلف المستويات والعجز سيطال المرتبات ودعم المحروقات».
وحذر السراج من أن ليبيا ستواجه أزمة مالية وعجزا في ميزانية 2020 بسبب استمرار إغلاق المنشآت النفطية، ما سيؤدي إلى أزمة كارثية تضاف إلى تداعيات العدوان، حسب وصفه. وقال «باختصار... استمرار إغلاق المنشآت النفطية سيؤدي إلى أزمة مالية وستخفض إلى مستوياتها الدنيا»، موضحا أن ليبيا خسرت أكثر من 1.4 مليار دولار منذ بدء الإغلاق، محذرا من «استخدام ورقة النفط كورقة مساومة سياسية». وتابع مخاطبا المسؤولين عن الإغلاق «من أعطاهم التعليمات قد تنصل منهم أمام الأطراف الدولية، الفرصة تتضاءل أمامهم وقد شرعنا فعلا في اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم».
وتراجع إنتاج ليبيا من النفط بشكل كبير منذ 18 يناير (كانون الثاني) الماضي عندما بدأت عمليات الإغلاق، بينما حذرت المؤسسة الوطنية للنفط من أن إنتاج النفط سيهبط في نهاية الأمر إلى 72 ألف برميل يوميا إذا استمرت عمليات الإغلاق مقابل نحو 1.2 مليون برميل يوميا في السابق.
في المقابل، عبر وفد من أعيان ومشايخ قبيلة ورفلة وعميد بلدية بني وليد، لدى اجتماعه مساء أول من أمس مع المشير حفتر بمقره في «الرجمة» شرق البلاد، عن دعم قبائل ورفلة وانحيازها الكامل لقوات الجيش في «حربها ضد الإرهاب».
وبحسب بيان مكتب حفتر «أكد أعضاء الوفد رفضهم التام للتدخل التركي في شؤون البلاد وجلب حكومة الوفاق، (التي وصفها بغير دستورية)، لمرتزقة سوريين لقتال أبناء الشعب الليبي»، لافتا إلى أن «حفتر عبر في المقابل عن شكره للمواقف المُشرفة لقبيلة ورفلة وكافة القبائل الليبية في دعمهم المتواصل لجيشهم في حربه على الإرهاب ورد التدخل التركي الغاشم».
من جانبه، قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، إن غسان سلامة رئيس البعثة الأممية «متفهم لضرورة تغيير مجلس إدارة مؤسسة النفط ومصرف ليبيا المركزي»، واعتبر في تصريحات له أمس أن «الشعب الليبي هو من أغلق حقول النفط والهدف عدالة توزيع دخله على ليبيا، ووضع آلية جديدة لتغيير الأشخاص الذين فشلوا في إدارة النفط». وأوضح صالح أن مجلس النواب ينتظر نتائج اللجنة العسكرية 5+5 المنعقدة بجنيف، وسيختار المجلس وفده المشارك فيها من النواب الوطنيين وفقاً لثوابت معينة، مع عدم السماح لهم بالتوقيع إلا بعد العودة إلى الشعب وممثليه، على حد تعبيره. وأضاف «طلبنا من بعثة الأمم المتحدة الكشف عن أسماء الـ14 عضوا الذين ستختارهم البعثة للمشاركة في جنيف، فلا يمكن أن نقبل بأسماء مجهولة في هذا الحوار».
من جانبها، قالت مفوضية اللاجئين عبر مكتبها في ليبيا إن السراج أعلن تعهد حكومته بمساهمتها بمبلغ 10 ملايين دولار أميركي لخطة الاستجابة الإنسانية في ليبيا للعام الحالي التي أطلقتها المفوضية بهدف تلبية الاحتياجات المتزايدة، في مسعى أوضحت أنه يستهدف جمع ما يقرب من 115 مليون دولار أميركي لتوفير الدعم لمن هم بحاجة إليه، بالأخص لـ345 ألف شخص من الفئات الأكثر عرضة للضرر. ورغم الهدنة، فإن معارك متقطعة تدور يوميا قرب طرابلس، كما يستمر تدفق السلاح رغم تعهدات في مؤتمر برلين الشهر الماضي بوقفها، بينما أدت المعارك التي اندلعت في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، إلى مقتل أكثر من ألف شخص ونزوح 140 ألفا، بحسب الأمم المتحدة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.