مساعٍ لإكمال الربط الملاحي بين جيبوتي والسعودية

مباحثات في الرياض تضمنت عقد ملتقى اقتصادي وإنشاء منطقة حرة

جانب من لقاء وزير التجارة الجيبوتي والوفد المرافق له مع وزير النقل السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من لقاء وزير التجارة الجيبوتي والوفد المرافق له مع وزير النقل السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

مساعٍ لإكمال الربط الملاحي بين جيبوتي والسعودية

جانب من لقاء وزير التجارة الجيبوتي والوفد المرافق له مع وزير النقل السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من لقاء وزير التجارة الجيبوتي والوفد المرافق له مع وزير النقل السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)

كشفت جيبوتي عن مساعٍ جارية مع السعودية لإكمال الربط الملاحي بين البلدين، لتسهيل انسياب الحركة التجارية والاستثمارية، بالإضافة إلى إقامة ملتقى اقتصادي مشترك، مع استهداف أسواق ثالثة بشراكة سعودية - جيبوتية، فضلاً عن إطلاق منطقة سعودية حرة في القرن الأفريقي، في ظل وجود 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز الشراكة الاقتصادية.
وقال ضياء الدين بامخرمة، سفير جيبوتي لدى السعودية، لـ«الشرق الأوسط» إن وزير التجارة الجيبوتي، حسن إبراهيم، وقع مع نظيره السعودي، الدكتور ماجد القصبي، في الرياض، قبل يومين، على برنامج التعاون التجاري، كجزء من مرحلة التكامل الاقتصادي بين البلدين.
وأشار بامخرمة إلى أكثر من 25 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين لتعزيز التعاون الشامل، وتعزيز العمل المشترك، في ظل التنسيق والتشاور المستمر بين قيادتي البلدين، مبيناً أن المباحثات الأخيرة ضمت أكثر من جهة حكومية تعنى بالاستثمار والتجارة والاقتصاد.
ووفق بامخرمة، شملت المباحثات إطلاق منطقة تجارية سعودية حرة في جيبوتي، لزيادة التصدير للمنتجات السعودية إلى القارة الأفريقية وغيرها من دول العالم، وزيادة التبادل التجاري، وإطلاق استثمارات جديدة، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية تعاون بين هيئة المواصفات والمقاييس بالبلدين.
وبيّن أن وزير التجارة الجيبوتي بحث مع وزير النقل السعودي، صالح الجاسر، تعزيز التعاون بقطاع النقل، وما يتصل بالملاحة البحرية والتجارة الحرة، بحضور رئيس الهيئة العامة للنقل الدكتور رميح الرميح، ورئيس الهيئة العامة للموانئ المهندس سعد الخلب، ووكيل محافظ الهيئة العامة للجمارك لتيسير التجارة أمين سر اللجنة اللوجيستية فيصل البداح.
وتباحث الطرفان حول سبل تسهيل عمليات نقل البضائع واللوجيستيات، ومناقشة فتح خط جوي مباشر بين البلدين، إضافة إلى فتح خط ملاحي بحري مباشر بين المملكة وجيبوتي عن طريق ميناء جازان وميناء جدة الإسلامي، لتعزيز عملية التبادل التجاري بين البلدين. وأشار إلى اتفاق مع مجلس الغرف السعودية لتعزيز المعارض وتسهيل التجارة، من خلال مؤسسات الكوميسا ودول الإيقاد، وإنشاء منطقة سعودية حرة في منطقة القرن الأفريقي، وبالتحديد في جيبوتي. وأكد بامخرمة أهمية المشروعات السعودية التي أطلقتها في شمال وجنوب البحر الأحمر في جيبوتي، مشيراً إلى وجود مزيد من التعاون العسكري والملاحي، وأن بلاده حققت المرتبة الـ10 عالمياً من حيث بيئة الأعمال، فضلاً عن تحقيق المرتبة الـ40 بالنسبة لترتيب الموانئ الجيبوتية عالمياً. وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ 488 مليون دولار خلال عام 2018. ويميل الميزان التجاري للمملكة بقيمة 390 مليون دولار، وحجم الواردات 49 مليون دولار، مشيراً إلى أن جيبوتي تعد بوابة لشرق أفريقيا، وتمر عبر مينائها أكثر من 80 في المائة من بضائع إثيوبيا.
ومن جانبه، كشف حسن إبراهيم، وزير التجارة الجيبوتي، خلال لقاء بقطاع الأعمال بمجلس الغرف السعودية أمس بالرياض، عن مساعٍ مشتركة للدفع بالحراك الكبير الذي شهدته العلاقات الاقتصادية بين البلدين خلال الآونة الأخيرة إلى مستوى العمل الاستراتيجي المشترك.
وتوقع عقد ملتقيات اقتصادية مشتركة، وتوقيع اتفاقيات للتعاون مستقبلاً، منوهاً بإنشاء مجلس الأعمال السعودي - الجيبوتي الذي يعول عليه كثيراً في الدفع بالعلاقات التجارية لمسار تصاعدي.
ولفت وزير التجارة الجيبوتي إلى المزايا التي تتمتع بها بلاده من ناحية الاستقرار السياسي، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي كمدخل لدول القارة الأفريقية، وتوافق الرؤية بين قيادة البلدين، فضلاً عن الفرص الاستثمارية والبيئة المحفزة.
ومن ناحيته، اقترح الدكتور سامي العبيدي، رئيس مجلس الغرف السعودية، أن يكون بحث التكامل واستهداف أسواق ثالثة بشراكة سعودية جيبوتية، مشدداً على رفع حجم الصادرات والواردات، والتركيز على التعاون في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتحقيق مكاسب سريعة نظراً لسهولة اتخاذ القرار، وقدرة هذه المنشآت على الدخول بسهولة وسرعة للأسواق.


مقالات ذات صلة

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

قطاعا البنوك والطاقة يعززان السوق السعودية... ومؤشرها إلى مزيد من الارتفاع

أسهمت النتائج المالية الإيجابية والأرباح التي حققها قطاع البنوك وشركات عاملة بقطاع الطاقة في صعود مؤشر الأسهم السعودية وتحقيقه مكاسب مجزية.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال المائدة المستديرة في الرياض (تصوير: مشعل القدير)

مائدة مستديرة في الرياض تشدد على ضرورة «بناء أنظمة طاقة نظيفة ومرنة»

شدد مختصون بالطاقة النظيفة على ضرورة تنويع مصادر الإمداد وتعزيز قدرات التصنيع المحلية لضمان أمن الطاقة على المدى الطويل وتقليل نقاط الضعف.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد عدد من المسؤولين خلال الاجتماع الوزاري المُنعقد في عُمان (واس)

منظومة الطيران السعودية تحقق نسبة امتثال تبلغ 94.4 % بمؤشر تطبيق معايير الأمن

أكد رئيس «الهيئة العامة للطيران المدني السعودي»، عبد العزيز الدعيلج، أن السعودية حريصة على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات الأمنية.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد تتولى الهيئة الملكية لمدينة الرياض تنفيذ عدد من المشاريع الضخمة بالعاصمة السعودية (الهيئة)

«بارسونز» الأميركية تفوز بعقد قيمته 53 مليون دولار لبرنامج الطرق في الرياض

فازت شركة «بارسونز» الأميركية بعقد لإدارة تطوير شبكة الطرق بالرياض، في وقت تستعد العاصمة السعودية لاستضافة «إكسبو 2030» وكأس العالم لكرة القدم 2034.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.