مسلمو أوروبا يشعرون بالضغوط بسبب شبهة الإرهاب

مخاوف ترتبط بـ«القاعدة» منذ هجمات سبتمبر.. واليوم تتأكد بسفر المئات إلى «داعش»

عليسيف سيران الطالب في جامعة كوبنهاغن اتهم بالإرهاب بمحض الصدفة بسبب لحيته  وحقيبة غامضة يحملها وكتاب ما حول الإرهاب (واشنطن بوست)
عليسيف سيران الطالب في جامعة كوبنهاغن اتهم بالإرهاب بمحض الصدفة بسبب لحيته وحقيبة غامضة يحملها وكتاب ما حول الإرهاب (واشنطن بوست)
TT

مسلمو أوروبا يشعرون بالضغوط بسبب شبهة الإرهاب

عليسيف سيران الطالب في جامعة كوبنهاغن اتهم بالإرهاب بمحض الصدفة بسبب لحيته  وحقيبة غامضة يحملها وكتاب ما حول الإرهاب (واشنطن بوست)
عليسيف سيران الطالب في جامعة كوبنهاغن اتهم بالإرهاب بمحض الصدفة بسبب لحيته وحقيبة غامضة يحملها وكتاب ما حول الإرهاب (واشنطن بوست)

في قارة يستنكر فيها زعماء المسلمين في أوروبا زيادة حالات العدوان والتمييز التي يتعرضون لها، يأتي عليسيف سيران إرهابيا بمحض الصدفة.
قفز عليسيف، الطالب في جامعة كوبنهاغن، البالغ من العمر 21 عاما، في قطار الركاب ذات صباح في تلك المدينة الإسكندنافية الفاخرة، معتمرا حقيبته على ظهره، يحمل فيها طابعة حاسوبه الشخصي. يساوره الكثير من القلق حيال اختبار اليوم في الجامعة، ويشعر بعصبية متزايدة أثناء مطالعته لكتاب على حاسوبه المحمول، وكان بعنوان «الولايات المتحدة بعد الـ11 من سبتمبر».
أحد رفاقه من ركاب القطار، الذي أبلغ الشركة عن عليسيف، برغم كل شيء، لم يرَ منه إلا لحية المسلم الذي يعتمر حقيبة غامضة وكتابا ما حول الإرهاب. ومن ثم، شنت السلطات الدنماركية المحمومة حملة مطاردة شعواء في جميع أرجاء المدينة، عقب تلقيهم المعلومة المذكورة. وسرعان ما انتشرت صورة لوجه الطالب سيران، التي التقطتها كاميرات المراقبة، عبر شبكة الإنترنت والتلفزيون الوطني، مما أثار هلع عائلة الطالب وأصدقائه الذي كانوا يخشون من إلقاء القبض عليه، أو أن تطلق الشرطة عليه النار فور رؤيته.
يقول سيران الذي اتصل بالشرطة عندما شاهد صورته في الأخبار، ومن ثم اختبأ في حمامات الجامعة حتى وصول الشرطة: «كانت تلك هي المرة الأولى التي أرى والدي فيها باكيا، لقد كان شديد القلق عليّ. أعتقد أن ما حدث معي يعكس حالة الرعب المتزايدة من الإسلام هنا. يعتقد الجميع أننا جميعا إرهابيون».
إن المحنة التي مر بها سيران ليست إلا إشارة من إشارات أوروبا العصر الحديث، حيث يتواجه المسلمون بما يقارنه بعض قادة المجتمعات المحلية بالمحيط العام في الولايات المتحدة عقب هجمات الـ11 من سبتمبر لعام 2001.
ومن ثم، ترتبط تلك المخاوف على الفور بتنظيم القاعدة. واليوم، ترتبط بتنظيم «داعش»، وأيضا، وبصورة أكثر تحديدا، تُعزى إلى المئات من الشباب المسلم في أوروبا، الذين انطلقوا إلى سوريا والعراق للمشاركة في القتال. ورغم أن العشرات من الشباب المسلم الأميركي يُعتقد مشاركتهم في القتال، فإن التقديرات تفيد بأن أكثر من 3 آلاف شاب من أوروبا انضموا إلى القتال، وفقا إلى مجموعة صوفان، وهي مؤسسة بحثية معنية بشؤون الاستخبارات، وتتخذ من مدينة نيويورك مقرا لها.
وقد نظم أحد الفرنسيين العائدين من القتال هجوما مميتا في بلجيكا، العام الماضي، وعقب إحباط كثير من المخططات الإرهابية أخيرا في النرويج وبريطانيا، فإن المخاوف من الأخطار الحقيقية التي يشكلها المتشددون المحليون تتصاعد إلى ذروتها بين جموع السياسيين الأوروبيين، ووسائل الإعلام والجمهور على حد سواء.
تقول السيدة ماري كراروب، وهي من المشرعين البارزين لدى حزب الشعب الدنماركي، وهو ثالث أكبر القوى السياسية في البلاد: «إنه صراع الحضارات».
ويشير قادة المسلمين إلى سلسلة من الحوادث المهمة ودفعة جديدة لحزمة من القوانين المقيدة للممارسات الإسلامية، مثل الختان، مما يوحي بأن تلك المخاوف تتخطى الحدود إلى دائرة التعصب.
وفي ألمانيا، شهد أحد الاحتجاجات ضد الأصولية الإسلامية في مدينة كولونيا أحداث عنف، حين هتف الآلاف من المتظاهرين يقولون: «اطردوا الأجانب»، ومن ثم وقعت الاشتباكات مع الشرطة، التي خلفت عشرات الجرحى.
ويشير زعماء المسلمين كذلك إلى سلسلة من الأحداث الأخيرة وقعت في ألمانيا، بدءا من إهانات موجهة إلى النساء المحجبات في الشوارع، إلى إلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة على أحد المساجد في شهر أغسطس (آب) الماضي.
وفي بريطانيا، نقلت الصحف عن السيد بوريس جونسون عمدة مدينة لندن قوله: «الآلاف من سكان لندن يخضعون للمراقبة حاليا للاشتباه بهم كإرهابيين محتملين». وفي العاصمة الفرنسية باريس خلال الأسبوع الماضي، طُردت امرأة مسلمة بشكل غير رسمي من عرض «لا ترافياتا» في أوبرا الباستيل لمجرد أنها ترتدي زيا إسلاميا يحجب وجهها.
ورغم أن فرنسا قد مررت حظرا على ارتداء النساء المسلمات للحجاب الكامل في الأماكن العامة، اعتبارا من عام 2010، فإن تلك الحادثة تتضمن إنفاذا نادرا للقانون من قبل إدارة خاصة لم تتخذ الخطوات القانونية من استدعاء الشرطة أولا.
ويقول المسلمون المعتدلون إنهم يتعرضون للمزيد من الضغوط والهجوم، وخصوصا في الصحافة والإعلام الأوروبي، حيث جاء تعليق أخير في صحيفة «بيلد» الألمانية يدين، على سبيل المثال، «معدلات الجريمة غير المتناسبة بين المراهقين من ذوي الخلفيات الإسلامية»، فضلا عن الازدراء القاتل تجاه النساء والمثليين جنسيا.
يقول علي كيزيلكايا رئيس المجلس الإسلامي في ألمانيا: «تلك هي الساعة التي ينخرط فيها منتقدو الإسلام في هجمة لاذعة ضد الإسلام بلا رادع».
والمزاج العام الحالي، على حد ما يصفه زعماء المسلمين، هو تحول طفيف مفاجئ أكثر منه تفاقما في المناخ العام، الذي ظل يشهد حالة من التآكل عبر السنوات الماضية.
بعد التفجيرات التي انتقلت بين العاصمة الإسبانية مدريد والبريطانية لندن حاصدة أرواح المئات من المواطنين الأبرياء، في منتصف القرن الـ20، واجه المسلمون في أوروبا المزيد من الضغوط والانتقادات، فلقد واجه المجتمع المسلم هناك تحدي عدم القدرة (أو عدم الرغبة) لدى كثير من المهاجرين المسلمين، وكذا أطفالهم، في الاندماج داخل المجتمعات الأوروبية التقدمية. وخلال السنوات الأخيرة، مررت كل من فرنسا وبلجيكا قوانين تحظر على المسلمات ارتداء الحجاب الكامل. ومنعت سويسرا كذلك بناء مآذن جديدة للمساجد على أراضيها. وفي بريطانيا، تصاعدت حدة المشاعر السلبية في شهر مايو (أيار) الماضي إثر مقتل الجندي البريطاني في لندن على يد اثنين من المتطرفين المحليين. وبعد حادثة القتل، قالت السيدة عاصمة شيخ (36 عاما)، وهي أم لاثنين وتساعد أخاها في متجر لبيع الملابس الإسلامية، شمال غربي لندن، إن إطارات سيارتها تعرضت للثقب وكتبت عبارة «عودوا لبلادكم»، على زجاج السيارة الأمامي.
وخلال هذا العام، كما تقول، أدى صعود تنظيم «داعش»، وهي الجماعة المتطرفة المعروف بذبح وصلب المعارضين، وتنفيذ عمليات الإعدام الجماعية، إلى تفاقم الحالة العامة ضد المسلمين.
وتقول: «إنهم يسمونني (الرجل الوطواط)، وينعتوني بالجهادية»، ويسألونني: «ما الذي تخفينه تحت وشاحك هذا؟».
وشهدت بلدان قليلة في المنطقة نقاشات أكثر ضراوة حول الإسلام من الدنمارك، التي صارت مصب غضب المسلمين في عام 2006، بعد نشر رسوم كاريكاتيرية ساخرة تسيء للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في إحدى الصحف الدانمركية.
وفي الآونة الأخيرة، غادر الدانمرك ما يقرب من مائة مسلم، ومعظمهم من الشباب، متجهين للقتال في سوريا والعراق.
وقد أشاد التقدميون بإحدى البرامج في مدينة آرهوس، الذي يحاول مساعدة العائدين من الجهاد عن طريق إيجاد فرص عمل لهم وتوفير أماكن في المدارس والجامعات. ولكن على الصعيد الوطني، يقول زعماء المسلمين والقادة السياسيون التقدميون في الدنمارك إن التوترات تتصاعد وسط الجدل المحتدم بين الجمهور حول الإسلام نفسه.
وفي وقت سابق من هذا العام، فرضت الدنمارك قيودا جديدة على التقاليد الإسلامية من الذبح الحلال، ويناقش المشرعون الوطنيون حاليا قانونا من شأنه أن يفرض قيودا جديدة على الختان الديني، وهو خطوة قد تؤثر على المسلمين واليهود على حد سواء. ويطالب بعض السياسيين بحظر جديد على الهجرة الوافدة من الدول الإسلامية.
وبعض الشباب المسلم مثل سيران، وهو طالب يدرس اللغة الإنجليزية والماندرين الصينية، ويعمل معلما للشبان البائسين، وهو نجل لمهاجر تركي إلى الدنمارك، بدأوا التفكير بعمق في جدوى، والحكمة من البقاء في البلاد، حيث يقول: «الوصمة التي تلازم المسلمين تزداد سوءا مع الوقت، ولقد فكرت في الانتقال إلى السويد عبر الحدود مع الدنمارك. أشعر أنني هنا، كما يقولون إن الاندماج يساوي التخلي عن القيم الدينية، وأنا لا أتفق مع ذلك».

* خدمة «واشنطن بوست»



مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.


خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
TT

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

ركَّزت الجلسة الحوارية الرئيسية التي شهدها اليوم الأول من «منتدى الدوحة» على تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوِّض عملية السلام. وعدّ متحدثون في الجلسة الحوارية أن اليمن أمام مفترق طرق بين معوقات سياسية في ظل إعادة تشكيل الإقليم.

وحملت الجلسة الحوارية، التي عُقدت يوم السبت، عنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والقانون الدولي والمساءلة». وشهدت مشاركة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، والدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات.

تحدث المشاركون خلال الجلسة، عن أبرز المعوقات التي تواجه الملف اليمني اليوم، والذي يشهد تحولات هائلة، وتحديداً بعد حرب غزة الأخيرة، مشددين على أن التعاطي مع اليمن يحتاج لتفكير عميق، وليس الاكتفاء بالتعاطي مع الأحداث الآنية ووليدة اللحظة.

العملية السياسية

أكد المتحدثون أهمية إيجاد الحل السياسي لإنهاء الصراع اليمني، والذي يحتاج لوقف عملية إطلاق النار، ليتم بدء العملية السياسية التي يبدأ الأطراف خلالها بمناقشة كيفية معالجة هذه الصراعات وصولاً إلى حل دائم.

وأوضحوا أن معالجة أبعاد الصراع في اليمن تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبدأ بإرادة حقيقية لدى الأطراف للوصول إلى تسوية دائمة، لافتين إلى أن أي عملية سياسية ذات جدوى لا بد أن تُبنى على حوار شامل يضم مختلف القوى الفاعلة، بما في ذلك المكونات السياسية والاجتماعية والمعارضة الداخلية؛ لضمان تمثيل واسع يرسّخ شرعية أي اتفاق مستقبلي.

وأشاروا إلى أن استمرار غياب الحل السياسي يعني استمرار دوامة الصعوبات والتوترات، ما يجعل الحاجة ملحة لخطوات عملية تعيد الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وتطرقوا إلى أبرز الأبعاد الاقتصادية للصراع، التي أصبحت جزءاً أساسياً من ملف الحل، مبينين أن معالجتها تتطلب توافقاً حول برامج إنعاش اقتصادي وإصلاحات عاجلة تسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار.

الشراكة والتعقيدات

شدد الخبراء على أن إنجاح العملية السياسية يستوجب إشراك مجموعة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم الدعم للمشاركين بما يمكّنهم من تجاوز الخلافات وبناء أرضية مشتركة.

ولفتوا إلى أن أي حل مستدام ينقذ مستقبل اليمن لن يتحقق ما لم تؤخذ بالاعتبار تعقيدات المشهد اليمني وتوازنات القوى ومعارضة بعض المجموعات، وهو ما يتطلب جهداً منظماً وإرادة سياسية صادقة.

وخلال الجلسة، استعرض المشاركون عدداً من الأحداث والحقبات والمراحل الزمنية التي مرت على اليمن، مؤكدين أن هناك تعقيدات وتحديات تحتاج إلى تفكير عميق للولوج إلى حل سياسي يعيد البناء من جديد.


انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر». وبينما تناولت مشاورات بـ«منتدى الدوحة»، السبت، «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودخول المرحلة الثانية من الاتفاق». توافقت قطر ومصر على سرعة تشكيل «قوة الاستقرار الدولية».

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال «منتدى الدوحة»، السبت، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في الشهر ذاته، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إنه على «حماس» الالتزام بإعادة الرهائن جميعاً، الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعربت المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، عن بالغ القلق إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

وشدَّد وزراء خارجية الدول الـ8، في بيان، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

وأكدوا «ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تضمَّنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أي من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم، والمشاركة في بناء وطنهم، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية».

وشكَّل معبر رفح بُعداً جديداً للتوتر بين مصر وإسرائيل، بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء الماضي، «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيُفتَح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت «هيئة الاستعلامات المصرية» عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين، للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي للسلام».

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أخيراً، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير، المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسراً أو طوعاً فهو خط أحمر بالنسبة لمصر».

بدر عبد العاطي خلال جلسة «إعادة تقييم المسؤوليات العالمية ومسارات السلام في غزة» على هامش «منتدى الدوحة» (الخارجية المصرية)

وشارك وزير الخارجية المصري، السبت، في جلسة بعنوان «محاسبة غزة... إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، على هامش «منتدى الدوحة»، مشيراً إلى أن «معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، والمشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في 5 معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها».

ولفت إلى أن خطة الرئيس الأميركي تنص «على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع»، مؤكداً أن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام».

وفيما يتعلق بـ«قوة الاستقرار الدولية»، دعا عبد العاطي إلى نشر «قوة استقرار دولية على الخط الأصفر في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف، وهو إسرائيل، ينتهك وقف إطلاق النار يومياً، لذا فنحن بحاجة إلى مراقبين».

وبحسب مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ستُمنح قوة الاستقرار الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وتأمين الحدود، ودعم شرطة فلسطينية مدربة، وضمان وصول المساعدات، وحماية المدنيين.

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليونَي فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً.

طفل يقف بموقع قُتل فيه فلسطينيون بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش «منتدى الدوحة»، التقى عبد العاطي، رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، وتطرقت المحادثات بينهما إلى «تطورات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة»، حيث أكدا «أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع أي خروقات». وشدَّدا على أهمية «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار».

إلى ذلك دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «مرحلة حرجة» بحسب تأكيد الوسيط القطري، وسط خروقات إسرائيلية متكررة والتفاف على بنود خطة الرئيس الأميركي.

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتحدَّث رئيس الوزراء القطري، السبت، خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، عن أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بـ«مرحلة حرجة»، مؤكداً أن «الوسطاء يعملون معاً لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار». كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال «المنتدى» أيضاً، السبت، أن المفاوضات بشأن قوة إرساء الاستقرار في غزة لا تزال جارية، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، قال: «هناك إدراك من الجميع بأن هناك خطراً يتهدد خطة ترمب في ظل تلكؤ إسرائيلي في تنفيذ المرحلة الثانية مما يجعل هناك ضرورة للتنبيه واستدعاء تحرك دولي عاجل لدعم مسار الاتفاق»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تتحرك واشنطن لدعم وجهة النظر العربية حالياً، ووقف أي مناورات إسرائيلية دعماً لاستقرار المنطقة.

في حين أكد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك استشعاراً عربياً، لا سيما من الوسيطَين مصر وقطر، بخطورة ما يتم في غزة، وإمكانية أن يتطور الأمر لما يهدد الاتفاق واستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن المطلوب تحرك أميركي أكبر بمواعيد محددة وليس أقوالاً فقط.

وأوضح أن المرحلة الحرجة تأتي في ظل 3 سياقات مهمة مرتبطة بالاتفاق، أولها بدء ترتيبات تشكيل مجلس السلام، وثانيها الضغط على الإدارة الأميركية للتعجيل بالمرحلة الثانية، وثالثاً وقف أي تقدم إسرائيلي للالتفاف على خطة ترمب بخطط بديلة.

في حين يتوقَّع المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن يتحرك الوسطاء نحو تفاهمات أكبر مع واشنطن، لإنهاء منغصات المرحلة الثانية المرتبطة بتشكيل القوات الدولية وصلاحياتها ونزع سلاح «حماس»، وفق رؤية تُنفَّذ على الأرض وليس كما ترغب إسرائيل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «توصيف الوسطاء المرحلة الحالية بأنها حرجة، يأتي في ظل استشعارٍ بأن إسرائيل تريد العودة للمربع الأول بعد تسلم رهائنها، وعدم الالتزام بالاتفاق ولا بنوده؛ مما يقوِّض مسار خطة ترمب بالكلية».