لأول مرة.. المغرب ينشر فرقا مسلحة من الجيش والشرطة في مدنه الكبرى

تهديدات «داعش» ترفع الاستنفار الأمني إلى درجة غير مسبوقة

جنود يقفون عند مدخل البرلمان في مدينة الرباط  في إطار خطة المغرب التصدي لتهديدات «داعش» (تصوير: مصطفى حبيس)
جنود يقفون عند مدخل البرلمان في مدينة الرباط في إطار خطة المغرب التصدي لتهديدات «داعش» (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

لأول مرة.. المغرب ينشر فرقا مسلحة من الجيش والشرطة في مدنه الكبرى

جنود يقفون عند مدخل البرلمان في مدينة الرباط  في إطار خطة المغرب التصدي لتهديدات «داعش» (تصوير: مصطفى حبيس)
جنود يقفون عند مدخل البرلمان في مدينة الرباط في إطار خطة المغرب التصدي لتهديدات «داعش» (تصوير: مصطفى حبيس)

تفاجأ سكان عدة مدن مغربية رئيسية بانتشار فرق مسلحة من الجيش والشرطة في شوارعها وساحاتها، وارتفاع درجات الاستنفار الأمني بشكل غير مسبوق.
وتُعدّ هذه أول مرة ينزل فيها أفراد الجيش المغربي برشاشاتهم إلى الشارع، والوقوف جنبا إلى جنب مع أفراد الشرطة للسهر على استتباب الأمن، الشيء الذي أثار فضول المواطنين. لكن كثيرا من السكان لم يفهموا للوهلة الأولى سبب وجود العسكر مدججين بأسلحتهم في الشارع، بيد أن وسائل الإعلام المغربية تحدثت، خلال الأيام الأخيرة، عن برنامج «حذر»، أعدته وزارة الداخلية، بتنسيق مع الجيش والشرطة وقوات الدرك الملكي والقوات المساعدة، لحماية البلاد من المخاطر الإرهابية المحتملة.
وقد ربط العديد من المواطنين في البداية وجود العسكر في الشارع بتداعيات الإضراب العام، الذي نفذته مجموعة من الاتحادات العمالية، الخميس الماضي، أي قبل يوم واحد من انتشار القوات المسلحة في شوارع المدينة، معتقدين أن هناك تهديدا بنشوب أعمال شغب. لكن سرعان ما بدأ الجميع يتحدث عن تنظيم «داعش» وتهديداته. وتعد هذه أيضا أول مرة يحس فيها سكان هذه المدن بوطأة وحدة التهديدات الإرهابية عن قرب وبشكل ملموس، وبشكل خاص في الدار البيضاء، التي شهدت تفجيرات إرهابية في 2003 و2007، واستهدفت مؤسسات وأماكن معينة: «أما اليوم، فالخطر داهم والعسكر يحرس باب الدار مباشرة»، حسب تعبير أحد سكان المدينة.
ويرى متتبعون أن مخاطر الإرهاب ارتفعت بشكل كبير في المغرب خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة مع التحاق قيادات جهادية مغربية مؤثرة في سوريا بتنظيم «داعش»، ومبايعتهم لأبي بكر البغدادي.
وكانت تقارير أمنية قد أشارت إلى التحاق عدد من قيادات وجنود حركة «شام الإسلام»، التي أسسها معتقلون مغاربة سابقون في غوانتانامو، بتنظيم البغدادي. وكانت الحركة التي تضم غالبية المقاتلين المغاربة في سوريا قد التزمت الحياد إزاء الخلاف بين «داعش» و«النصرة» مند تأسيسها من طرف الأفغاني المغربي إبراهيم بنشقرون، منتصف 2013.
ويرى المحلل السياسي المغربي عبد الله الرامي أن مبايعة قادة المقاتلين المغاربة في سوريا للبغدادي سيحسم الجدل الدائر، وسط التيار السلفي الجهادي المغربي، وانقسامه بين دعاة استمرار الولاء لتنظيم القاعدة، بقيادة أيمن الظواهري، أو مبايعة البغدادي. وفي هذا الصدد يقول الرامي: «مبايعة القادة الميدانيين في سوريا للبغدادي سوف يسحب البساط من تحت أقدام الشيوخ الموالين للظواهري في الداخل، الذين بدأ بعض الجهاديين المغاربة يتهكمون عليهم في المواقع الاجتماعية بإطلاق لقب (شيوخ النحو) بدل شيوخ الجهاد».
ويتخوف المغرب بشكل خاص من انتقال نشاط الخلايا التابعة لتنظيم داعش في المغرب، من تجنيد المقاتلين وإرسالهم للجبهات في سوريا والعراق ومنطقة الساحل والصحراء، إلى استعمال المجندين قنابل بشرية، في إطار الجهاد الفردي، أو ما يُسمى بـ«ظاهرة الذئاب المنفردة».
وقد أكدت التحقيقات مع آخر خلية إرهابية اعتقلها الأمن المغربي، التي تضم فرنسيا ومغربيا يحمل الجنسية الفرنسية، جرى اعتقالهما بمدينتي القنيطرة وفاس، أن نشاط المشتبه بهما كان يهدف إلى «تحفيز وحث الشباب المتشبع بالفكر المتطرف على القيام بعمليات إرهابية فردية داخل المغرب وفرنسا، وذلك على غرار الإرهابي الجزائري - الفرنسي محمد مراح».
ويُعدّ مراح، الذي ولد وقتل في مدينة تولوز الفرنسية، نموذجا لما يسمى بالجهاد الفردي، إذ تمكن باستعمال سلاح ناري ودراجة نارية من قتل 7 أشخاص، من ضمنهم أطفال يهود وحاخام وعسكريون، وجرح آخرين في عدة عمليات، قبل أن تحاصره قوات النخبة الفرنسية وتقتله في مارس (آذار) 2012، عن سن تناهز 24 عاما.
وكان وزير الداخلية، محمد حصاد، كشف عن البرنامج الأمني الجديد وسط الأسبوع الماضي، خلال ندوة صحافية مشتركة مع وزير الخارجية. ووجه حصاد خلال الندوة عدة رسائل لطمأنة المواطنين، مشددا على أن البرنامج الأمني الذي أطلقته الوزارة تحت اسم «حذر»، بتوجيه من العاهل المغربي الملك محمد السادس، يكتسي طابعا وقائيا واستباقيا لأي تهديد قد يواجهه المغرب.



​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.