جدل حول تزامن هبوط طائرة مدنية في مطار دمشق مع القصف الإسرائيلي

TT

جدل حول تزامن هبوط طائرة مدنية في مطار دمشق مع القصف الإسرائيلي

ظهرت تساؤلات أمس عن أسباب تأخير إقلاع طائرة مدنية سورية من القاهرة إلى دمشق ثم وفاة أحد طياريها بالتزامن مع قصف إسرائيل لمواقع قرب مطار دمشق الدولي ليل الخميس - الجمعة.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أكد أن ضربات ليلية نسبت إلى إسرائيل «أسفرت عن مقتل سبعة مقاتلين، ثلاثة من الجيش السوري وأربعة من الحرس الثوري الإيراني».
وأفاد موقع «روسيا اليوم» أمس: «تأخير وصول الطائرة من القاهرة في سيناريو يكاد يكون مشابها لما حصل في اعتداء سابق، عندما اضطرت طائرة مدنية تزامن وصولها مع القصف، إلى تحويل مسارها باتجاه مطار حميميم كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية آنذاك. ووقتها استطاع الملاحون الجويون أن يتصرفوا بمهنية عالية لتحويل المسار وتجنب كارثة».
ونقل الموقع عن الكابتن البحري محمد محفوظ حديثا «عن حالة الهلع التي عاشها المسافرون أثناء تساقط القذائف، ويقول إن التوقيت تزامن مع خروجهم من صالة الواصلين: عندما خرجنا من الصالة، وقبل أن نستنشق الهواء، بدأ تساقط القذائف. كان هناك نساء وأطفال وكبار في السن، ولم يكن أحد يفهم ما يحدث: مطار مدني فلماذا يستهدف؟».
كان محفوظ عائدا بعدما أنهى عقده في الإسكندرية في مصر، وكان موعد إقلاع الطائرة محددا في السادسة مساء. وأوضح: «أخبرونا بتأجيل الانطلاق حتى الثامنة، ثم عادوا وأخبرونا بتأجيله حتى التاسعة والنصف، وحين سألنا قالوا إن ثمة خطأ فنيا، ثم أخبرونا أن التأخير من المطار في سوريا، ثم قالوا إن ثمة زحاما في مدرجات مطار القاهرة». تابع: «في التاسعة والنصف انطلقت الرحلة، لتصل في الحادية عشرة والنصف تقريبا أي قبل حوالي ربع ساعة من بدء الاعتداءات الإسرائيلية».
ونقل «روسيا اليوم» عن شاهد آخر قوله: «القذائف طالت مدرج المطار وصالة الاستقبال»، كما شاهد قذائف تستهدف خزانات وقود إذ «سقطت قذيفة في المحرس الذي يقع أول المطار كان بعيدا عني بنحو 20 مترا»، لافتا إلى أن القصف استهدف مدرج المطار رغم وجود طائرة عليه كانت تستعد للمغادرة إلى العراق. وشيع الجمعة في قرية جليتي في مدينة بانياس غرب سوريا، الطيار نمير درويش الذي قتل في القصف. وكتب في النعي أن «العميد شرف نمير درويش قتل في 14 فبراير (شباط) أثناء تصديه للعدوان الإسرائيلي على دمشق، عن عمر ناهز 47 عاما» وكان درويش، حسب مصادر دمشق، في قصف مناطق في دير الزور شرق البلاد.
وكانت وزارة الدفاع الروسية اتهمت إسرائيل بـ«اتخاذ الطائرات المدنية غطاء خلال هجماتها على دمشق لإعاقة عمل منظومة الدفاع الجوية السورية»، وقالت إن «طائرة ركاب كان على متنها 172 شخصا، اضطرت للهبوط بحميميم بدل دمشق يوم 6 من فبراير الجاري تفاديا لإصابتها أثناء الغارة الإسرائيلية».
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أفادت أول من أمس، أنّ الدفاعات الجويّة السورية تصدّت مساء الخميس لصواريخ فوق سماء العاصمة دمشق مصدرها الجولان المحتلّ.
ونقلت «سانا» عن مصدر عسكري قوله إنه ليل الخميس في الساعة 23:45 (21:45 ت غ) «تم رصد صواريخ معادية قادمة من الجولان المحتل، وعلى الفور تعاملت معها منظومات دفاعنا الجوي وأسقطت عدداً من الصواريخ المعادية قبل الوصول إلى أهدافها».
ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات في سوريا، استهدفت بشكل أساسي مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني.
وتُكرّر الدولة العبرية التأكيد على أنّها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا وإرسال أسلحة متطوّرة إلى حزب الله.
والأسبوع الماضي قتل 23 مقاتلاً على الأقل، بينهم جنود سوريون ومسلّحون موالون لطهران، في قصف جوي اتّهم النظام السوري إسرائيل بشنّه على مواقع عسكرية قرب دمشق وفي جنوب البلاد.
وفي 14 يناير (كانون الثاني)، أسفرت ضربات استهدفت مطار «تيفور» العسكري في وسط البلاد واتهمت دمشق إسرائيل بشنّها، عن مقتل ثلاثة مقاتلين موالين لإيران على الأقل، وفق «المرصد».
وفي 20 نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلن الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن سلسلة غارات جوية «واسعة النطاق» استهدفت قوات تابعة للنظام السوري وأخرى لفيلق القدس الإيراني، ما أسفر عن مقتل 21 مقاتلاً، من بينهم 16 أجنبياً، إضافة إلى مدنيين اثنين، وفقاً لـ«المرصد».
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو آنذاك أن فيلق القدس المكلف العمليات الخارجية لدى إيران، كان ضمن الأهداف. ثم اتهم إيران بالتحضير لهجمات ضد إسرائيل مؤكدا أنه سيقوم بكل شيء لمنعها من القيام بذلك. وقال آنذاك «هذا يشمل الإجراءات الضرورية لمنع نقل أسلحة قاتلة من إيران نحو سوريا سواء جوا أو برا».
وتعدّ طهران داعماً رئيسياً لدمشق. وقدّمت منذ بدء النزاع عام 2011 دعماً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً كبيراً لدمشق. وتمكنت مع مجموعات موالية لها من تعديل موازين القوى ميدانياً لصالح القوات الحكومية السورية على جبهات عدة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.