إسقاط ثاني مروحية سورية خلال أسبوع... والنظام يتقدم في ريف حلب

تقرير حقوقي يتحدث عن وفاة 167 نازحاً بينهم 77 طفلاً جراء البرد

راجمة صواريخ تركية في ريف حلب تستهدف قوات النظام شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
راجمة صواريخ تركية في ريف حلب تستهدف قوات النظام شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

إسقاط ثاني مروحية سورية خلال أسبوع... والنظام يتقدم في ريف حلب

راجمة صواريخ تركية في ريف حلب تستهدف قوات النظام شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
راجمة صواريخ تركية في ريف حلب تستهدف قوات النظام شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)

أسقطت مروحية تابعة للجيش السوري في شمال غربي البلاد، وقتل طياران كانا على متنها في ثاني حادث من نوعه هذا الأسبوع على خلفية توتر متزايد بين أنقرة من جهة ودمشق وموسكو من جهة ثانية، في وقت تقدمت فيه قوات النظام في ريف حلب.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المروحية أسقطت في محافظة حلب «جراء استهدافها من قبل القوات التركية المتمركزة هناك بصاروخ موجه»، مشيرا إلى العثور على جثتي طيارين. ولم تعلق أنقرة على الحادث على الفور. وكانت قوات النظام السوري تقدمت الجمعة في شمال غربي البلاد في مواجهة الفصائل المقاتلة بعد السيطرة على قاعدة عسكرية خسرتها قبل أكثر من سبع سنوات، كما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» والفصائل على 52 في المائة من محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات الثلاث المحاذية لها، حلب وحماة واللاذقية.
وتوجد مجموعات معارضة وفصائل جهادية أخرى أيضا في هذه المناطق التي تشكل آخر معقل جهادي خارج عن سيطرة قوات النظام.
في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2019، استأنفت قوات النظام السوري بدعم من حليفها الروسي، هجومها على محافظة إدلب.
وفي ختام «معارك عنيفة» فجرا مع الجهاديين وفصائل المعارضة استعادت قوات النظام الجمعة الفوج 46، القاعدة الواقعة على بعد 12 كلم غرب مدينة حلب، حسب «المرصد».
وأضاف «المرصد» أن قوات تركية كانت موجودة في تلك القاعدة لكنها انسحبت منها الخميس. وأوضح أن «الأتراك انسحبوا من هذه القاعدة أمس وكان هناك خلال الليل معارك عنيفة مع الفصائل والجهاديين. الأتراك كانوا هناك منذ عدة أيام».
يذكر أن قوات النظام خسرت في أواخر عام 2012 نحو 150 عنصرا من قواتها إبان عملية سيطرة الفصائل على الفوج، خلال إعدامات ومعارك في آخر ساعات المعركة.
وتنشر تركيا التي تدعم فصائل معارضة في سوريا، قوات في شمال غربي البلاد وأرسلت تعزيزات في الأيام الماضية.
وقال مدير «المرصد» أمس: «الآن النظام بحاجة إلى السيطرة على أورم الكبرى وكفر ناها من أجل تأمين حزام أمان لطريق إم 5 دمشق حلب الدولي».
ومنذ ديسمبر (كانون الأول)، تركز هجوم قوات النظام على ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي ثم على ريف حلب الجنوبي الغربي المجاور، حيث يمر الطريق الدولي «إم 5» الذي يصل مدينة حلب بالعاصمة دمشق، ويعبر مدناً رئيسية عدة من حماة وحمص وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع الأردن.
وسيطرت قوات النظام على عشرات القرى والبلدات، أبرزها مدينتا معرة النعمان ثم سراقب في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وأضاف «المرصد» أن «قوات النظام أصبحت على نحو 2 كلم من أورم الكبرى». كما قال إن «قوات النظام أصبحت أيضا على بعد أقل من 5 كلم من الأتارب»، أكبر بلدة بريف حلب الغربي تحت سيطرة الفصائل التي أصبحت خالية من سكانها.
وتحدثت الأمم المتحدة عن نزوح نحو 700 مدني من جنوب شرقي إدلب جراء هجوم قوات النظام وروسيا. وفي ظل موجة البرد القارس التي تضر بالمنطقة، يواجه اللاجئون السوريون في شمال سوريا وفي لبنان، وبالخصوص في مخيمات منطقة عرسال التي تحاصرها الثلوج، معاناة إضافية بسبب النقص الكبير في وقود التدفئة والمواد الغذائية، بالتزامن مع غياب الخطط الفعلية لمساعدتهم بشكل جاد، فيما ينشغل لبنان بالأزمة الاقتصادية الحادة التي يواجهها، حسب «الائتلاف الوطني السوري».
وشهد الأسبوعان الماضيان أكثر من تسع حالات وفاة في المخيمات، نتيجة البرد، في ظل استمرار موجات النزوح للمدنيين من أرياف إدلب وحلب، في حين يشير تقرير لـ«الشبكة السورية لحقوق الإنسان» إلى وفاة 167 مواطناً سورياً بينهم 77 طفلاً بسبب البرد منذ مارس (آذار) 2011، وتابع «الائتلاف» أنه «رغم الظروف القاسية والصعبة جداً، يعلن اللاجئون السوريون رفضهم المطلق للعودة في ظل نظام الاستبداد والإرهاب، ومنتظرين أن تتوفر الظروف المناسبة لعودتهم الآمنة والكريمة والمشرفة إلى وطن حر يحفظ حقوقهم».
وأضاف أن «السلطات اللبنانية والمجتمع الدولي بالإضافة إلى المنظمات الدولية والإغاثية مطالبة بالتحرك الفوري لتوفير المستلزمات الضرورية لإنقاذ السوريين، وبقية المناطق المتضررة بفعل الأحوال الجوية، بما يضمن توفير وقود التدفئة والمواد الإغاثية والدعم الطبي اللازم بأسرع وقت ممكن».
يشار إلى أن لبنان، الذي يعاني وضعا اقتصاديا صعبا للغاية، يستضيف منذ عام 2011 مليون ونصف لاجئ سوري فروا من الحرب في بلادهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».