مخاوف أفريقية من ارتدادات {الفايروس الصيني}

الانكشاف البالغ على بكين يزيد التوتر

تتزايد التكهنات بالارتدادات الاقتصادية المتوقعة لفيروس كورونا الصيني على القارة السمراء (رويترز)
تتزايد التكهنات بالارتدادات الاقتصادية المتوقعة لفيروس كورونا الصيني على القارة السمراء (رويترز)
TT

مخاوف أفريقية من ارتدادات {الفايروس الصيني}

تتزايد التكهنات بالارتدادات الاقتصادية المتوقعة لفيروس كورونا الصيني على القارة السمراء (رويترز)
تتزايد التكهنات بالارتدادات الاقتصادية المتوقعة لفيروس كورونا الصيني على القارة السمراء (رويترز)

تصاعدت حدة المخاوف بشأن مدى تأثير فيروس كورونا الجديد على اقتصاديات القارة الأفريقية، ولا سيما بعد موجة الانحدار التي ضربت أسواق المال العالمية في مطلع أسبوع التداول الجاري جراء التوتر الشديد الذي أصاب المستثمرين بشأن الانتشار السريع والمتصاعد لمعدلات الإصابة بفيروس كورونا في الصين.
وبدت المخاوف في أوضح صورها داخل ردهات بورصة جوهانسبرغ للأوراق المالية في دولة جنوب أفريقيا، التي منيت في الأسبوع الماضي بخسائر حادة زادت على 2.6 في المائة، مسجلة بذلك أكبر تراجع تصاب به منذ 8 أشهر.
وتجلى الانزعاج الذي انتاب المستثمرين في أسواق المال داخل دولة جنوب أفريقيا بوجه خاص، نظراً لأن الكثير من الشركات في البلاد انكشفت في تعاملاتها مع الصين، التي تفشى فيها الوباء الفيروسي القاتل الذي تسبب في مقتل عشرات في الصين وأصاب آلافاً من المواطنين الصينيين، حسب آخر الإحصاءات، بحسب تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية.
وتتصاعد المخاوف بأن يتسبب تفشي وباء فيروس كورونا في حدوث تباطؤ لثاني أكبر اقتصاد في العالم وسط قلق المستثمرين من عجز المسؤولين الصينيين عن وقف انتشار حالات الإصابة بالفيروس على الأجل القصير.
وبينما يرقب كثير من المتابعين الآثار الصحية المحتملة لفيروس كورونا المتفشي في الصين خشية انتقاله إلى بلدان وبقاع أخرى، فإن فريقاً آخر أخذ ينظر بقلق شديد ومواز للتداعيات الاقتصادية المرتقبة للوباء حول العالم، وخاصة قارة أفريقيا التي يرون أنها عرضة لتقلبات حرجة نظراً لأن معظم اقتصادات القارة تعتمد بصورة مكثفة على استيراد السلع من الخارج.
وتوقع المراقبون عدداً من الارتدادات والتداعيات الاقتصادية التي ستمنى بها أفريقيا حال استمرار تصاعد وباء فيروس كورونا في الصين، وجاء في مقدمتها أن حكومة بكين ستنكب إلى الداخل، واستشهدوا بما حدث أثناء انتشار وباء «سارس» في عام 2003 حين انغمست الصين في تفاصيل تلك الأزمة بصورة حرجة، وتوقعوا تراجع السياسة الاقتصادية الخارجية للصين، شأنها شأن القضايا التي لا تمس الأمن القومي للبلاد، لتحتل مرتبة متأخرة في جدول أولويات السياسية الصينية وأجندة الشركات الحكومية المملوكة للدولة تحت ضغط أزمة وباء فيروس كورونا لتصبح قضايا الداخل لها الأهمية والأولوية إلى أن تنتهي الأزمة الداخلية.
ودللت مجريات التداول في بورصة جنوب أفريقيا وما شابها من عمليات بيع مكثفة نفذها المستثمرون الأجانب، على الشكل الثاني المرتقب للتداعيات الاقتصادية المرتقبة في حال تصاعد أزمة فيروس كورونا في الصين، وتأثيراتها على أسواق المال الأفريقية، وهو ما سيلقي بضغوط ثقيلة الوطأة على العملات الأفريقية؛ خصوصاً في نيجيريا وكينيا وجنوب أفريقيا.
وأبدى بعض المراقبين في جنوب أفريقيا تخوفهم من إقدام الصين على وقف شراء ما يمكن استيراده من أفريقيا، قبل اندلاع أزمة فيروس كورونا، كان الاقتصاد الصيني دخل فعلياً في حالة تباطؤ، أما الآن ومع ميل عشرات الملايين من المواطنين الصينيين البقاء في منازلهم خشية الإصابة بالفيروس، وتصاعد أعباء وتكاليف الوقاية والرعاية الصحية، فإن الإنفاق الاستهلاكي للصينيين يتوقع تراجعه بوتيرة أكبر من ذي قبل، وقد تتسبب تلك العوامل في إحداث تأثير فوري على مستويات الطلب على الصادرات الزراعية والحيوانية الأفريقية مثل اللحوم الناميبية، والقهوة الرواندي، والشاي الكيني، والكحوليات والموالح القادمة من جنوب أفريقيا.
أما رابع التداعيات التي رصدها المراقبون فتتمثل في عزوف المسافرين الصينيين ورجال الأعمال والمستثمرين وخوفهم من السفر إلى الخارج أثناء تفشي وباء فيروس كورونا، وهو ما يتوقع أن يصاحبه انخفاض في أعداد المسافرين والسياح بين الصين وأفريقيا؛ حيث إن الكثير من خطوط الطيران الأفريقية أطلقت عددا لا يستهان به من رحلات الطيران المنتظمة لنقل الطلبة والعمال والسياح بين الجانبين، وهو قطاع يتوقع مراقبون أن يتضرر بصورة كبيرة قد تمتد حتى نهاية عام 2020.
ويرى خبراء اقتصاديون أن أزمة فيروس كورونا المتفشي في الصين ستلقي بظلالها الواضحة على الكثير من القطاعات الاقتصادية في قارة أفريقيا، مطالبين بأهمية الاستعداد لتلافي أو تخفيف أثر تلك التداعيات في المراحل المبكرة للأزمة، والعمل على تنويع مصادر وارداتها وعلاقاتها الاستثمارية؛ خصوصاً أن القارة الأفريقية هي أكثر مناطق العالم انكشافاً على الأسواق الصينية.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.