إيران تبدأ حملة الدعاية في انتخابات يُمنَع الآلاف من خوض منافساتها

إيرانيون يمشون أمام ملصق لمرشح الانتخابات التشريعية في طهران أمس (إ.ب.أ)
إيرانيون يمشون أمام ملصق لمرشح الانتخابات التشريعية في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

إيران تبدأ حملة الدعاية في انتخابات يُمنَع الآلاف من خوض منافساتها

إيرانيون يمشون أمام ملصق لمرشح الانتخابات التشريعية في طهران أمس (إ.ب.أ)
إيرانيون يمشون أمام ملصق لمرشح الانتخابات التشريعية في طهران أمس (إ.ب.أ)

بدأ أكثر من 7 آلاف مرشح إيراني حصلوا على موافقة السلطات لخوض الانتخابات التشريعية، حملاتهم الانتخابية أمس قبل تصويت الأسبوع المقبل، وسط جدل كبير على منع السلطات آلاف آخرين من الترشح، وخاصة حلفاء الرئيس الإيراني حسن روحاني في التيارين الإصلاحي والمعتدل، في خطوة اعتبرها كثيرون «حسمت النتائج قبل عملية الاقتراع».
وأفادت وكالة «رويترز»، أمس، عن التلفزيون الرسمي، بأن حملة الدعاية التي تستمر أسبوعاً للانتخابات البرلمانية بدأت الخميس. وتعدّ هذه الانتخابات اختباراً لشعبية النظام في وقت تدنت فيه العلاقات مع واشنطن إلى أسوأ مستوياتها منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979.
وقد رفض مجلس صيانة الدستور المكلف اعتماد المرشحين لخوض الانتخابات نحو 6850 مرشحاً، من بينهم 90 نائباً ما يعادل نحو ثلث النواب، يشتبه بارتكابهم تجاوزات مالية والتورط في قضايا فساد، وذلك من بين 14 ألفاً تقدموا بطلبات لخوض الانتخابات التي تُجرى يوم 21 فبراير (شباط) شباط الحالي.
وقال التلفزيون الإيراني «بدأ اليوم (أمس الخميس) المرشحون البالغ عددهم 7150 مرشحاً لخوض الانتخابات النيابية حملات الدعاية».
وانتقد الرئيس حسن روحاني شطب المرشحين، لكنه طالب في خطوة مماثلة للمرشد الإيراني علي خامنئي بالإقبال على التصويت في وقت تواجه فيه البلاد تحديات بسبب النزاع المتعلق ببرنامجها النووي.
وأيّد خامنئي، صاحب القول الفصل في نظام الحكم في إيران، مجلس صيانة الدستور، وقال: إن البرلمان المقبل ليس به مكان للخائفين من رفع أصواتهم ضد الأعداء الخارجيين. ويقول المؤيدون للحكومة الإيرانية، إن رفض طلبات «المعتدلين أو المحافظين لصالح المحافظين».
ويخشى المسؤولون الإيرانيون من تراجع الإقبال الشعبي على الانتخابات التي تعتبرها السلطات فرصة لتوجيه رسائل إلى الخارج. وخلال العام الماضي، ردد الإيرانيون شعار «انتهت الحكاية، لا إصلاحي ولا محافظ» في إشارة إلى تعويل السلطات على التنافس بين التيارين الأساسيين لرفع مشاركة التصويت.
وكانت التوترات مع الولايات المتحدة اشتدت منذ 2018 عندما انسحب الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى الكبرى، وأعاد فرض العقوبات بهدف إجبار طهران على تعديل سلوكها الإقليمي، ووقف برنامج تطوير الصواريخ الباليستية، وذلك بعدما أغلق المرشد الإيراني الباب على أي مفاوضات رغم ما تردد على اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران للدخول في مفاوضات جديدة بعد الاتفاق النووي.
وازدادت الأزمة بين طهران وواشنطن سوءاً عندما قُتل مسؤول العلميات الخارجية قاسم سليماني في هجوم بطائرة أميركية مُسيرة في بغداد في الثالث من يناير (كانون الثاني)؛ وهو ما أدى إلى رد إيراني بهجوم استهدف مواقع أميركية في العراق في الثامن من الشهر نفسه.
ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، أمس، قوله إن «الأعداء تراجعوا ويسعون وراء المفاوضات من دون شروط مسبقة، لكننا نرفض». وأضاف أن «الحكومة تسعى للاعتماد على نفسها في حل المشكلات في وقت تتعرض لأقصى الضغوط الأميركية».
لكن «رويترز» ذكرت في هذا السياق، أنه «لن يكون للانتخابات تأثير كبير على السياسة الخارجية أو على السياسة النووية في إيران، حيث إن الكلمة فيها لخامنئي. ومن المُرجح في ضوء استبعاد الشخصيات المعتدلة وشخصيات محافظة بارزة أن يهيمن المتشددون الموالون لخامنئي على البرلمان».
ونسبت الوكالة لـ«ساسة مؤيدين للإصلاح» قولهم الشهر الماضي، إنهم ليس لهم مرشحون للمنافسة على 230 مقعداً من بين مقاعد البرلمان البالغ عددها 290 مقعداً. وأضافوا أن مطالب الإيرانيين بانتخابات «حرة ونزيهة» لم تُلبّ بسبب شطب عدد كبير من المرشحين.
ويبلغ عدد من يحق لهم من الإيرانيين الإدلاء بأصواتهم نحو 58 مليوناً من بين السكان البالغ عددهم 83 مليون نسمة.
ويواجه التيار الإصلاحي والمعتدل صعوبة في حشد أنصاره الذين أصابتهم خيبة الأمل لإخفاق روحاني في الوفاء بوعوده الخاصة بتخفيف حدة القيود الاجتماعية والسياسية؛ ما يهدد فرص هذا التيار مقابل أنصار التيار المحافظ الذين يسيطرون على أجهزة مؤثرة في صنع القرار الإيراني.
وأنعش الفصيل الإصلاحي في النظام حظوظه في العودة إلى السياسة الإيرانية بعد قيود طالت نشاط أحزابه ومؤسساته عقب احتجاجات الحركة الخضراء ضد نتائج الانتخابات الرئاسية 2009.
وفي طهران التي يمثلها 30 مقعداً في البرلمان يأتي على رأس المرشحين المحافظين محمد باقر قاليباف، رئيس بلدية العاصمة السابق، والذي كان في وقت من الأوقات قائداً للحرس الثوري، ونافس روحاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.



عودة ترمب للبيت الأبيض... فرصة للحوار أم تهديد لإيران؟

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

عودة ترمب للبيت الأبيض... فرصة للحوار أم تهديد لإيران؟

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية، تباينت آراء الخبراء والسياسيين الإيرانيين حول عودة دونالد ترمب للمكتب البيضاوي، وتأثيرها على إيران. ويراها البعض فرصة للتفاوض بناءً على ميول ترمب للحوار، بينما يرى آخرون أن عودة سياسة «الضغط الأقصى» بما فيها العقوبات الاقتصادية والخيار العسكري، لا تزال احتمالاً قائماً.

ويعتقد مؤيدو التفاوض المباشر مع واشنطن أن غياب إيران عن أولويات ترمب الأولى يمثل فرصة لتخفيف الضغوط وفتح باب للحوار، خصوصاً في ظل فتوى تحظر الأسلحة النووية في إيران.

في المقابل، يحذِّر منتقدو الحوار من «تغلغل» أميركي واستغلال التفاوض لفرض تنازلات، ويشيرون إلى انعدام الثقة وتجارب الماضي، بما في ذلك انسحاب ترمب من الاتفاق النووي.

وأشارت صحيفة «شرق» الإيرانية إلى «قلق» بين غالبية الخبراء، وقالت إن احتمالية عودة سياسة «الضغط الأقصى»، مثل تقليص صادرات النفط الإيراني، وتحريك آلية «سناب باك»، وعودة القرارات الأممية، وحتى احتمال اللجوء إلى الخيار العسكري، لا تزال قائمة.

وفي المقابل، هناك فئة ترى أن عودة ترمب قد تخلق فرصاً أكبر لإيران للتفاوض والوصول إلى اتفاق، نظراً لميول ترمب للتفاوض. وقال علي مطهري، نائب رئيس البرلمان الإيراني السابق، إن عودة ترمب قد تمثل فرصة وليس تهديداً لإيران، خصوصاً إذا أظهر ترمب رغبة في التفاوض.

ودعا مطهري إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع الحكومة الأميركية بدلاً من الاعتماد على الوسطاء؛ لأن «التجربة السابقة أظهرت أن المفاوضات غير المباشرة لم تحقق النتائج المرجوة».

ورأى أن «تطوُّر الوضع في منطقة الشرق الأوسط، مثل الاتفاقات مع روسيا ووقف إطلاق النار في غزة، يجعل إيران في موقع قوي للتفاوض من موقف متساوٍ مع الولايات المتحدة»، وأضاف: «في ظل الأوضاع الحالية أفضل قرار هو بدء المفاوضات».

ومن جهتها، تحدثت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية عن جدار مرتفع من انعدام الثقة بين إدارة ترمب وطهران. وقالت: «كثيرون في إيران يترقبون أي ترمب سيواجهون؟»، في إشارة إلى «التوقعات المتباينة» حول كيفية تعامل ترمب مع إيران.

وقال الناشط الإصلاحي، محمد هاشمي رفسنجاني للصحيفة إن «برنامج حكومة ترمب ليس خوض صراعات مع إيران في الشرق الأوسط، بل السعي لحل القضايا العالقة مع طهران بأسرع وقت ممكن». وقال: «ترمب أعلن أنه إذا لم تمتلك إيران أسلحة نووية، فبإمكان البلدين بناء علاقات بناءة في مجالات أخرى. كما أن بناء الأسلحة النووية محظور في إيران وفقاً لفتوى القيادة، وإيران ليس لديها برنامج لتنفيذه».

ونقلت الصحيفة عن الناشط الإصلاحي محمد صادق جواد حصار قوله إنه «في حال التزم ترمب بتعهدات لتهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط وإقامة علاقات بناءة مع إيران فإن ذلك سيؤثر إيجاباً في الساحتين السياسية والاقتصادية في إيران».

أما الناشط المحافظ، حسين كنعاني مقدم فقد قال للصحيفة إن «ترمب يعمل على تمهيد الطريق للاستفادة من القوى العالمية مثل الصين وروسيا، وكذلك القوى الإقليمية مثل إيران التي لها تأثير في المعادلات السياسية والإقليمية. بالنظر إلى حقيقة أن حكومة بزشكيان هي حكومة وفاق وطني، يبدو أن هناك إشارات تُرسل إلى أميركا مفادها أن إيران مستعدة للعمل على حل القضايا الإقليمية».

ويعتقد النائب السابق حشمت الله فلاحت بيشه، أن غياب إيران عن أوامر ترمب التنفيذية الأولى وسعيه للابتعاد عن الأزمات الإقليمية «مؤشر» على تراجع نفوذ المتشددين في واشنطن وإمكانية فتح قنوات للتفاوض، رغم توقعات بضغط اقتصادي محدود.

وأكد فلاحت بيشه في افتتاحية صحيفة «آرمان ملي»، غياب اسم إيران من أول أوامر تنفيذية وقَّعها ترمب في يومه الأول، وهو «مؤشر إيجابي»، وذلك بعد توقعات بأن تتضمن أوامره الأولى عقوبات على طهران.

وقال فلاحت بيشه الذي كان رئيساً للجنة الأمن القومي، إن إيران «ليست ضمن أولويات إدارة ترمب العشرين الأولى؛ إذ تتركز أغلب أولوياته على إدارة الشؤون الداخلية، وتحقيق وعوده الانتخابية».

وكتب: «عدم وجود إيران ضمن أولويات ترمب لا يُعد عاملاً سلبياً، بل قد يُشكل فرصة إيجابية، لو كانت إيران من أولوياته لكان من المحتمل أن تتحول إلى هدف تجريبي للرئيس الأميركي الجديد». وأضاف: «سعي ترمب للابتعاد عن الأزمات الإقليمية وعدم فرض ضغوط قصوى على إيران في أول يوم عمل له يُظهر تراجع نفوذ المتشددين، واحتمالية تقديم مقترح للتفاوض من قِبَل الولايات المتحدة، على الرغم من إمكانية بدء ضغوط اقتصادية محدودة».

من جهة أخرى، واصلت صحيفة «كيهان» الرسمية انتقاداتها لمسؤولين في حكومة مسعود بزشكيان بسبب تأييدهم التفاوض مع الولايات المتحدة. وقالت إن تصريحات الرئيس التي تحدث فيها بحذر عن المفاوضات مع أميركا «تتناقض مع أقوال نوابه ومستشاريه التي يترتب عليها عواقب للبلاد».

وكان مستشار الرئيس الإيراني علي عبد العلي زاده، قد قال نهاية الشهر الماضي، إن «مجموعة الحكم وصلت إلى قناعة بضرورة التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة».

وحذرت «كيهان» من «التسلل»، وقالت: «كثير من القلاع صمدت أمام الضربات القوية، لكن أبوابها فُتحت بيد عناصر خائنة ومتسللة». وهاجمت وسائل إعلام مؤيدة لمسعود بزشكيان قائلة إنها «تعد التفاوض مع أميركا الحل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد».

وقالت: «إثبات ما إذا كانت أميركا مستعدة للالتزام بالتوافق أو لا، هل يكون بناءً على (التجربة الماضية) أو بناءً على وعد آخر من أميركا أو توقيع آخر مثل توقيع جون كيري على الاتفاق النووي؟! إذا كانت أميركا قد أثبتت استعدادها لعبد العلي زاده، فمن الأفضل أن يعرف الناس طريقة هذا الإثبات». وأشارت أيضاً إلى الشكوك التي أبداها مستشار بزشكيان في التوصل لاتفاق خلال شهرين إلى ثلاثة من المفاوضات، وحذر من «مراوغة» ترمب لإجبار طهران لتقدم التنازلات، ودفع «لتغيير القواعد تحت الطاولة»، وسخِرت صحيفة «كيهان» من ذلك قائلة: «من أين جاءك هذا الاعتقاد بشأن تحت الطاولة من أمريكا، أيها المستشار؟! لماذا تشك في أميركا وتزرع اليأس في نفوس الناس من الآن؟!».