سنوات السينما: Point Blank

لي مارڤن في لقطة من «بوينت بلانك»
لي مارڤن في لقطة من «بوينت بلانك»
TT

سنوات السينما: Point Blank

لي مارڤن في لقطة من «بوينت بلانك»
لي مارڤن في لقطة من «بوينت بلانك»

Point Blank
‪(‬1967‪)‬
تقييم الناقد: (ممتاز)
‫«بوينت بلانك» (تعبير عن نقطة قريبة لهدف ناري) كان ثاني فيلم للمخرج الآيرلندي جون بورمان وأول فيلم ينجزه في الولايات المتحدة من أصل أربعة أعمال هي، لجانب هذا الفيلم، «جحيم في الباسيفيك» (1968) و«خلاص» (1972 الذي تناولناه في حلقة سابقة من هذه الزاوية) و‬«طارد الأرواح 2» (1977).
كل من «خلاص» و«بوينت بلانك» هما بورمان المتوهج حيوية وموهبة. «طارد الأرواح 2» فيلم رعب أعمق من الجزء الأول لكنه العمق الذي لم يعجب هوليوود ولا المعتادين على نمط تفكيرها من المشاهدين.
الفيلم مقتبس عن رواية بوليسية للكاتب دونالد وستلايك بعنوان «الصياد» وتدور حول ذلك الرجل ووكر الذي ينتمي إلى عصابة تقوم بسرقة ناجحة لغنيمة هي بدورها من ممتلكات عصابة أكبر. لكن صديقه وشريكه في العملية مال (جون ڤرنون) يطلق عليه النار بهدف سرقة حصّته وامرأته. بعد حين يتعافى ووكر (لي مارڤن) ويعود إلى الواجهة من جديد مطالباً بتلك بنصيبه من الغنيمة (93 ألف دولار).
الرواية تختلف كثيراً عن الفيلم من حيث إن المخرج طوى صفحات كثيرة منها واهتم بالمادة التي تعزز حضور ووكر كمنتقم فرد يريد حصته من الغنيمة مع وجود شخصيّتين تلعبان دوراً أكبر في الفيلم من الحكاية المنشورة هما دور التحري الذي يريد من ووكر العمل لحسابه مانحاً إياه حرية الطريقة التي سيقدم عليها (يقوم به هنا كينان وين) وشخصية المرأة التي كانت عشيقة ووكر وأصبحت عشيقة عدوّه مال (جون ڤرينون) والآن هي في موقع لا تحسد عليه بين الاثنين (أنجي ديكنسون).
من مطلع الفيلم (تم تصوير المشاهد الأولى في سجن ألكاتراز من بعد هدمه) وحتى نهايته يمارس المخرج بورمان وسيلة جديدة من وسائل سرد الفيلم نوار البوليسي. مجمل اختياراته من اللقطات ومن المشاهد وكيفية توليفها بعضها ببعض ينقل هذا النوع من الأفلام من مرحلة سابقة إلى أخرى متوّجة برحيق سينما الستينات الذي اختلف بفضل مخرجين من أمثال بورمان قرروا أن الوقت حان لهم ليمنحوا التقليد الفن الذي يستحقه.
لي مارڤن (الذي قام لاحقاً ببطولة «جحيم في الباسيفيك» أمام الياباني توشيرو مفيوني) يستوعب ما يريده المخرج من الفيلم ومن دوره فيه. يندفع بجسده وبروحه معاً ليبلور شخصية عنيدة ومميتة. في أحد مشاهد الفيلم نراه يسير حثيث الخطا في ممر داخلي طويل. صوت خطواته يشبه هدير قطار قديم يجتاز المسافة بين محطتين. أنفاس ووكر- مارڤن مواكبة لذلك الهدير.
لكن عناية المخرج ليست منصبّة على ووكر وحده بل يستعين بنخبة من الممثلين الذين نراهم في ضوء مختلف رغم تعدد أعمالهم وشخصياتهم السابقة. في المقدّمة جون ڤرنون الذي لعب دور الشرير أكثر من مرّة لكنه لم يلعب هذا الوجه من الأدوار الشريرة من قبل.
خطوات وصول ووكر إلى صديقه وعدوه مال، تمر عبر سلسلة من الشخصيات الأخرى المرصوصة في مواجهات تنجلي عن مشاهد عنف غير فادحة أو دموية لكنها مؤثرة إلى حد بعيد. ما يثير اهتمام بورمان هو فن اللقطة، وبالتالي فن المشهد ووراءه فن الفيلم بأسره، لذلك كان من المقبول حينها أن نقرأ أن بورمان في فيلمه هذا أقدم على ما كان الفرنسي ألان رينيه يمكن أن يقدم عليه لو أراد تحقيق فيلم بوليسي. وفي البال، في الوقت ذاته، أن عنف ووكر لا يتوجه صوب قتل البشر. في الواقع لا يرتكب ووكر جريمة قتل، بل يسقط القتلى برصاص المنظمة هنا أو تبعاً لحادثة مخطط لها هناك. بذلك فإن العنف الموحى به داخل شخصية ووكر يتوقف عند ذلك الإيحاء وتتوزع بصماته ضد أشكال غير بشرية كما لو أنه يريد إفراغ غضبه من دون أن يرتكب جريمة قتل.


مقالات ذات صلة

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من الفيلم تجمع «شاهيناز» وأولادها (الشركة المنتجة)

«المستريحة»... فيلم مصري يتناول النصّابين يمزج الكوميديا بالإثارة

تصدَّرت مجسّمات دعائية للأبطال دار العرض عبر لقطات من الفيلم تُعبّر عنهم، فظهرت ليلى علوي في مجسّم خشبيّ جالسةً على حافة حوض استحمام مليء بالدولارات.

انتصار دردير (القاهرة )

شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
TT

شاشة الناقد: قضية المرأة في أفعانستان

«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)
«لقتل حصان مونغولي» (بلوتو فيلم)

TO KILL A MONGOLIAN HORSE ‫★★★⭐︎‬

* إخراج: جيانغ شياو شوان | Jiang Xiaoxuan

‫* هونغ كونغ / ماليزيا

من بين كثير من المشاهد اللافتة يوجد في هذا الفيلم مشهدان متباعدان، في الأول يربت ساينا على رأس فرسه الذي يستجيب لحنان صاحبه ويميل برأسه فوق كتفه بحنان ظاهر. في المشهد الثاني قبيل النهاية يتقدم ساينا صوب الحصان نفسه يربت على وجهه، لكن الحصان ينظر إليه سريعاً ومن ثَمّ يشيح بوجهه بعيداً عنه. تمر بين المشهدين أحداث تنعكس على تلك العلاقة، فساينا مُخيّر بين أن يبيع حصانه ويعتزل المهنة التي توارثها بصفته مدربَ خيول وفارساً، أو البقاء في ذلك العمل. الحصان لا بد بات يشعر بأن صاحبه لم يعد ذلك الرجل الواثق من نفسه وقد يضحي بالفرس متى شاء.

«لقتل حصان منغولي» يطرح طوال الوقت (85 دقيقة) مسألة بين الأمس واليوم. إنها صحاري منغوليا الجافة التي لم تعُد تشهد مطراً كافياً لإنبات الأرض. السبب في الأزمة التحوّلات البيئية، وهذه واحدة من المسائل المطروحة بوضوح. تشكل عصباً مهماً كون صلب الموضوع يتعلق بحياة تتغير لا يستطيع ساينا فعل شيء حيالها. إنه مرتبط عاطفياً بتقاليد فروسية ومعيشية متوارثة في حين أن المتغيرات طرقت باب تلك التقاليد ولا مجال للحفاظ على الوضعين معاً. على ساينا ترك الماضي أو الانضمام إلى الحاضر. قدمٌ هنا وقدمُ هناك، والفيلم ينتهي بقرار يرتاح المُشاهد إليه.

كانت المخرجة الصينية الشابة جيانغ شياو شوان صوّرت فيلماً قصيراً في تلك الأنحاء وتعرّفت على مدرّب الخيول ساينا وراقبته في عمله. هذا ما أوحى إليها بإخراج هذا الفيلم عنه وعن البيئة وأزمة الوجود بين عالمين على المرء أن يختار بينهما. ساينا ممثلاً لديه القدرة على استخدام عدم حرفيّته في تناسب مع الشخصية التي يؤديها. رجل لديه من المتاعب مع والده السّكير والمديون ومطلّقته. في مشهد آخر يذكّره والده بأنه هو من وضعه فوق الفرس لأول مرّة عندما كان طفلاً صغيراً. يحاول ساينا فعل ذلك مع طفله، لكن طفله يخاف. هي فعلاً حياة أخرى تندثر سريعاً.

الفيلم معزّز بالألوان والإضاءات المناسبة داخلياً وخارجياً. الإيقاع متمهّل، لكنه ليس مُملاً وفيه ملامح من بعض أفلام الوسترن الأميركية التي تحدّثت بدورها عن غروب حياةٍ وبدء أخرى.

* عروض مهرجان البحر الأحمر.

★★★⭐︎‬SIMA‪’‬S SONG

* رويا سادات | ‪Roya Sadat‬

‫* هولندا، فرنسا، أسبانيا ‬

لعلها صدفة لم تستطع المخرجة رويا سادات تحاشيها، وهي أن بداية فيلمها هذا شبيهة ببداية فيلم أفغاني القضية أيضاً، حققته ساهرا ماني في فيلمها التسجيلي «Bread ‪&‬ Roses» الذي شوهد في 2023. كلاهما يبدأ بمظاهرة نسائية في كابل تنادي بحقوقها. بعد 3 دقائق ينفصل الفيلمان بالضرورة ويعود «أغنية سيما» من زمن «طالبان» الحالي إلى عام 1973 عندما كانت أفغانستان على وعد مع التقدم المجتمعي. سورايا (مزهدة جمالزاده) هي إحدى المتظاهرات ومع عودة الفيلم إلى فترة سابقة نجدها حين كانت لا تزال شابة تؤمن بمبادئ التحرر عموماً وتحرر المرأة خصوصاً. في الواقع الحكاية التي نشاهدها هي حكايتها وليس حكاية سيما (نيلوفار كوقحاني) صاحبة الصوت الجميل التي حين تغني، في أحد المشاهد، تثير إعجاب الحضور.

«أغنية سيما» (بلوتو فيلم)

حينها، يقول الفيلم، كان بالإمكان للفتاة الظهور بتنانير والرجال بربطات عنق. صداقة سورايا وسيما قوية لدرجة رفضها الإفصاح عن مكان صديقتها سيما وزوجها عندما انضما إلى حركة «طالبان» وبدأت الحكومة الأفغانية سلسلة الاعتقالات والتحقيقات. مع اعتقال سورايا والإفراج عنها واحتلال الفيلا حيث كانت تعيش مع أهلها يدخل الفيلم جوّاً داكناً في أجوائه كما في تأطير مشاهده. يزداد التوتر وتبدأ رسالته بالتبلور صوب مراميها على نحو أفضل. إنه فيلم عن آخر فترة من حياة ثقافية ومجتمعية واعدة قبل دخول الاتحاد السوفياتي للدفاع عن الحكومة والولايات المتحدة لتأييد «طالبان».

يذكر الفيلم أن الأحداث مأخوذة عن قصّة واقعية، لكن هذا ليس ضرورياً، خصوصاً أن الشخصيات معروفة. ما يمكن التنويه إليه حقيقة أن التصوير وظّف أطراف مدينة أثينا بنجاح لافت.

* عروض مهرجان البحر الأحمر

في الصالات

* Juror‪#‬2 ‫★★★★‬

- دراما محاكِم نوعها غير معهود، للمخرج كلينت إيستوود، عن عضو لجنة محلّفين يحاول إخفاء جريمته.

* Nosferatu ‫★★★⭐︎‬

- يُعيد المخرج روبرت إيغرز سرد حكاية «نوسفيراتو» (1922) بزخم وطاقة جديدتين. يتضمن لحظات مرعبة.

* Carry‪-‬on ‫★★★‬

- تشويق جيد من جومى كوليت سيرا، حول رجل أمن في مطار مهدد باغتيال حبيبته إذا لم يهرّب متفجرة إلى طائرة.

* The Substance ‫★★⭐︎‬

- المخرجة الفرنسية كورالي فارجيت، تضع ديمي مور في بطولة فيلم عن امرأة تنشد شباباً وأنثوية دائمين.