«إخوان» السودان: نظام البشير لم يكن إسلامياً

تلاحقهم اتهامات الشارع بخلق الأزمات... ويفتقرون إلى قيادة موحدة

البشير والترابي وبينهما غازي صلاح الدين العتباني خلال مؤتمر في 2014 (غيتي)
البشير والترابي وبينهما غازي صلاح الدين العتباني خلال مؤتمر في 2014 (غيتي)
TT

«إخوان» السودان: نظام البشير لم يكن إسلامياً

البشير والترابي وبينهما غازي صلاح الدين العتباني خلال مؤتمر في 2014 (غيتي)
البشير والترابي وبينهما غازي صلاح الدين العتباني خلال مؤتمر في 2014 (غيتي)

بعد نحو عام على سقوط حكم «الإخوان المسلمين» الممتد لنحو 30 عاماً، لا يزال كثيرون من السودانيين يعتقدون أن نظام الإسلاميين لم يرحل بعد. وتكثر الاتهامات لهم بأنهم «يتحكمون في مصير البلاد والعباد، ويحكمون قبضتهم على مفاصل الدولة بالحديد والنار»، عبر كوادرهم داخل المؤسسات المهمة والاستراتيجية، «ويساهمون بقدر وافر في عرقلة سير المؤسسات».
ورغم قرارات تفكيك النظام التي صدرت أخيراً لملاحقة الفاسدين من قادة الإسلاميين ومن ارتكبوا جرائم بحق الشعب السوداني، فإن معظم قادتهم لا يزالون طلقاء، ويذهب البعض إلى تحميلهم مسؤولية كثير من الأزمات التي تمر بها البلاد، مثل أزمات الوقود والخبز والازدحام المروري وعمليات التهريب النشطة التي تتم عبر الحدود لكثير من السلع الاستراتيجية.
ويشير سليمان بدوي، وهو ناشط سياسي ورجل أعمال، إلى أن «بضائع السودان تهرّب إلى كل دول الجوار. الماشية تهرب إلى مصر، وسلع مثل الدقيق والسكر والوقود تباع عياناً جهاراً في تشاد وأفريقيا الوسطى حتى الكاميرون، وشرقاً إلى آريتريا وإثيوبيا. كل هذه المنتجات تُشاهد في مراكز البيع في هذه الدول بكل وضوح... عناصر الإسلاميين لهم اليد الطولى في ذلك».
ويقول القيادي في «الحرية والتغيير» الناطق باسم «لجنة تفكيك نظام الإنقاذ» صلاح مناع لـ«الشرق الأوسط» إن «الإسلاميين ما زالوا موجودين ويسيطرون على مفاصل السلطة والمال، بل يتشبثون بالعودة إلى الحكم».
ويوضح أن «محاولاتهم لإفشال السلطة الانتقالية متواصلة، ولم تتوقف يوماً واحداً، وما مر يوم إلا وتم اكتشاف مؤامرة يقفون وراءها». وأشار إلى ضبط السلطات الأمنية متفجرات في أحد أحياء الخرطوم، «وهم ضالعون فيها، ما يدل ويؤكد تآمرهم». لكن مناع أكد قدرة الحكومة على «القضاء عليهم وتفكيك مراكز نفوذهم في السلطة والمال، واستعادة الدولة السودانية منهم». ورأى أن «الجرائم التي ارتكبوها خلال 30 سنة من الحكم، أنهت مستقبلهم السياسي في السودان إلى الأبد، والدولة لن تسمح بإقامة أحزاب على أسس دينية مجدداً».

- الأزمات منذ الاستقلال
قادة حزب «المؤتمر الشعبي» الذي أسسه منظّر الإسلاميين الراحل الدكتور حسن الترابي، يدافعون عن أنفسهم، ويرفضون اتهامهم بالوقوف وراء الأزمات. ويقولون إن ما يحدث هو «نتاج طبيعي لفشل الحكومة اليسارية التي يقودها الشيوعيون والبعثيون، ولا علاقة له بالتيار الإسلامي».
بشير آدم رحمة، الأمين العام المكلف للحزب، يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا علاقة لنا بما يحدث، فالسياسات التي تنتهجها الجماعات اليسارية الحاكمة هي التي تسببت في الأزمات، وأدت إلى وقف المساعدات الخارجية عنهم، والتي كان يمكن أن يتلقوها إذا انتهجوا سياسات معتدلة ومحاورية». وأضاف أن «الدول الخارجية ليست منظمات إغاثة... عندما ابتعدوا عن المحاور، أوقفوا عنهم الدعم».
وبشأن عمليات التهريب، يقول رحمة إن «التهريب إلى الدول المجاورة قديم، ويحتاج إلى معالجات، ولو لم تنفذ الحكومة أجندات الخارج فلن تجد الدعم». وأشار إلى أن «إنتاج الذهب يبلغ 10 مليارات دولار سنوياً، ويمكن أن يسد العجز في الموازنة الذي يبلغ 6 مليارات دولار... مشكلتنا في السودان تتمثل في إدارة الموارد، من كل الحكومات التي مرت منذ الاستقلال».
ودافع عن مشاركة حزبه في النظام قبل سقوطه، مشيراً إلى أنها «تمت باتفاق سياسي عبر برنامج الحوار الوطني، وأسهمنا في تعرية النظام من الداخل، بكشف الفساد المالي في مجلس الوزراء والبرلمان، ما كسر هيبة النظام، وشجع السودانيين على الخروج في الشوارع ضد النظام». ورأى أن «المحاور الإقليمية والعالمية انتهزت فرصة مشاركتنا في السلطة لإسقاط النظام والتخلص من الإسلام السياسي بضربة واحدة، فيما كان حزب المؤتمر الشعبي يعمل من الداخل لإسقاط نظام عمر البشير».

- الاعتراف بفساد «الإنقاذ»
واعترف رحمة بفساد نظام «جبهة الإنقاذ» الذي شارك حزبه في بداياته. وقال: «اعتذرنا عشرات المرات عن المشاركة في انقلاب 1989»، معتبراً أن نظام البشير «لم يكن إسلامياً». وأضاف أن «من أكبر أنواع الفساد الذي مارسه نظام الإنقاذ قتل النفس في دارفور، والحكم الديكتاتوري الفاسد».
غير أنه دافع عن نهج الإسلاميين في إقصاء الآخرين في السلطة بدعوى «التمكين»، معتبراً أن «أي حزب يأتي إلى الحكم يعمل على تمكينه في السلطة». وأشار إلى أن «نظام الإنقاذ كان يدار بواسطة الجيش والأمن والشرطة، وعندما استعصى علينا إصلاح الأوضاع نحو نظام ديمقراطي خرجنا منه».
وبرر رحمة انقلاب الإسلاميين على الحكومة الديمقراطية المنتخبة في العام 1989 بـ«الإقصاء الذي تمت ممارسته عليهم من قبل القوى السياسية» في الحكومة الديمقراطية، ومطالبات قيادة الجيش لرئيس الحكومة الصادق المهدي آنذاك بإبعاد الإسلاميين من السلطة، وموافقته على ذلك.
وقال إن «حزب المؤتمر الشعبي أعلن موقفاً واضحاً، أنه ضد الانقلابات العسكرية... (تاني خلاص توبة من العسكر). وقدمنا اعتذاراً للشعب السوداني عن انقلاب الإنقاذ. إذا كانت هناك محاكمات، فيجب أن يحاكم كل الذين شاركوا في الانقلابات التي حدثت في السودان منذ الاستقلال».
وأوضح رحمة أن «المؤتمر الشعبي ليس ضد محاكمة كل من ارتكب جرائم في حق الشعب السوداني... أي سلطة من دون رقابة مفسدة، ومن مساوئ الإنقاذ قمع الحريات وإقصاء الآخرين، وكل الممارسات الخاطئة للإنقاذ من قتل وتشريد، تعرضنا لها في حزب المؤتمر الشعبي».
وأشار إلى أن الأمين العام للحزب علي الحاج محمد «قُبض عليه بتهمة المشاركة والتدبير، في انقلاب الإنقاذ، وهو بريء منها، وهي تهمة سياسية، لأنه عندما وقع الانقلاب كان خارج البلاد». وأضاف أن «الحريات من أساس الدين، وأي نظام لا يبسط الحريات لا يمكن أن نسميه إسلامياً، ونظام الإنقاذ لم يكن إسلامياً، وإنما عسكرياً، بما في ذلك الفترة التي كنا فيها جزءاً من السلطة».
وبشأن موقف الحزب من تسليم الرئيس المعزول عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية، قال رحمة: «دخلنا السجون لأننا طالبنا بذلك، لأنه لا توجد عدالة في السودان، وحتى الآن لا توجد عدالة... هذه الحكومة مفروضة من الخارج، ويسيطر عليها اليسار، أحزاب الشيوعي والبعث، والناصريون، وحالياً القضاء مسيس». وأضاف: «في عهد البشير لم تكن هناك إمكانية لمحاكمة المطلوبين بواسطة القضاء الوطني، لذلك طالبنا بأن يحاكموا بواسطة المحكمة الجنائية الدولية... الآن هذا الطلب أولى أن يجاب، لأنه لا يوجد قضاء مستقل».
بيد أن رحمة توقع حدوث عقبات وتعقيدات إذا حاولت الحكومة تسليم المطلوبين إلى محكمة لاهاي. وقال: «لن يستقر السودان، لأن الجيش وأنصار حزب المؤتمر الوطني المحلول (حزب البشير) لن يسكتوا... سيؤدي هذا القرار إلى قلاقل في البلاد. وربما يؤدي إلى انقلاب عسكري أو فوضى عارمة».

- تحذير من «الشيطنة»
من جهته، يتحفظ الإسلامي المنشق رئيس «حركة الإصلاح الآن» غازي صلاح الدين العتباني عن تسليم البشير. ويقول: «عندما كنت مشاركاً في مفاوضات الدوحة توصلنا إلى حل مقبول يزاوج بين تحقيق العدالة وأن يكون الحل وطنياً... توصلنا إلى صيغة قبل بها المجتمع الدولي، (وتقضي بأنه) يجوز لكل من تضرر من أي شخص بما في ذلك الرئيس أن يقدم شكواه لمحاكمة وطنية، لكن بإشراف دولي، وأنا ملتزم بهذا الاتفاق الذي يجمع ما بين العدالة، ويأخذ في الاعتبار المعاناة والخسائر التي حدثت، ويزيل مخاوف الذين يقولون إن هذا مدعاة للتدخل الدولي».
ولا يعترض العتباني على ما يسميه «التدبر في أخطاء الإنقاذ ونقد تجربتها»، ويدعو إلى «الاستفادة منها لتجنبها في المستقبل... وهذا كافٍ ليثير جدلاً مفيداً، مثلما حدث في تجربة المصالحة والعدالة بجنوب أفريقيا، لكن ليس محاكمة لشخص معين، وهذا النوع من التمارين الديمقراطية مطلوب».
وأثار لقاء جمع العتباني ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك حملة استنكار واسعة، وهو ما يثير استغراب الرجل الذي يقول إن اللقاء «كان موفقاً». ويوضح أن حمدوك «دعاني إلى التشاور معه في القضايا الوطنية، وتبادلنا الآراء نحو الساعة، ما عزز مطلب الحوار لتوفير حلول لمشكلات البلاد». وانتقد الحملة ضد اللقاء، ووصفها بأنها «ضد الديمقراطية... من يدعون الديمقراطية بطاقاتهم مضروبة، لأنه لا يوجد شيء يمنع شخصاً يعمل وفق القانون، من أن يقابل من يقابل».
وعزا حالة «الكراهية» التي تواجه الإسلاميين إلى إخفاقات تجربة حكمهم، «واستغلال الخصوم السياسيين لهذه الإخفاقات». وقال: «نعم هناك أخطاء استخدمت لتجسيد موقف جديد، أساسه سياسي، وليس فكرياً، اتخذ ذريعة فكرية ليصور مجموعة من الناس بصورة الشيطان. لم يشهد تاريخ السودان الحديث أن تعرضت جماعة لمثل هذه الدرجة من الشيطنة».
ويحذر العتباني من الاستمرار في شيطنة الآخر، بقوله: «إذا وافقنا على منهج الشيطنة فسنكون جميعاً ضحايا لهذه الممارسة، يجب أن نوقفه ونمنعه، فهو مثيل لتجربة رواندا التي تحولت إلى مجزرة». ورأى أن «شيطنة الإسلاميين استخدمت ذريعة للتهرب من المسؤوليات، لدرجة أنها تحولت إلى سخرية من مروجيها». وأضاف: «تحولت المسألة إلى مكايدات وتربص بالآخر، حتى حرية الكلمة تأثرت بذلك. استغربت من بعض الأصوات التي ترفض أن نتكلم، هذا التكيف الذهني الجديد لن يؤدي إلى تحقيق الأهداف الكبرى، فقضايانا المتعلقة بالفترة الانتقالية كثيرة ولم تحسم».

- حظوظ الإسلاميين في الانتخابات
ويتوقع العتباني حصول الإسلاميين حال إجراء الانتخابات في موعدها على نسبة 20 في المائة من أصوات الناخبين، مستنداً إلى ما أسماه «النواة الصلبة للإسلاميين التي تمثل نسبة تتراوح بين 20 و25 في المائة».
ولم يستبعد الرجل الذي غاضب طرفي الإسلاميين في الحكم والمعارضة، عودة الإسلاميين إلى الحكم، لكن في الوقت ذاته حذر من «استخدام الانقلاب كوسيلة للتغيير». وقال: «وارد حدوث انقلاب، لكنه سيعقد القضية أكثر، وإذا حدث فسيأتي بالجيش وحده، لأنه مستعد لتقبل أي أطروحة من أي جماعة سياسية قد تدفعه لتحقيق أغراضها، لكن الناس استناداً إلى ردات الفعل من الحكومات العسكرية السابقة سيتنصلون منه، ويتنكرون له».
ورسم العتباني سيناريوهات بديلة، وضع على رأسها نجاح التحول الديمقراطي، أو أن يحدث انقلاب، وهو احتمال غير راجح، أو أن تؤدي المؤثرات الخارجية والداخلية بالتناغم مع انتشار السلاح إلى عنف سياسي غير مسبوق.

- غياب القيادة
المحلل السياسي والإسلامي السابق أبو ذر علي الأمين، لا يرى فرصة لتجمع الإسلاميين، «لأن حكم الثلاثين سنة الماضية فرقهم، فأصبحوا بلا آيديولوجيا واحدة، ولم يترك لهم زعيماً يتوحدون خلفه». ويوضح أن مستقبل حركات الإسلام السياسي «مواجه بتعقيدات كثيرة على المديين القريب والبعيد، وهم ما زالوا يرفضون الاعتراف بأنهم فقدوا حركة منظمة قوية ومتماسكة كانت توحدهم، وأنهم فقدوا السلطة، لذلك يتعاملون بالعنجهية ذاتها، ويستخدمون اللغة نفسها، ويقودهم الأشخاص أنفسهم... هذا كله بلا قيمة». وأضاف: «إذا تغاضينا عن عدم نقدهم لأنفسهم، فالحركة الإسلامية بحاجة لخطاب جديد، لأن الخطاب الذي قامت عليه لم يعد فعالاً في العهد الجديد. ومثلما فشل في الثلاثين سنة، سيفشل في مواجهة أسئلة اليوم».
وخلص إلى أن «حكمي النهائي أن الإسلاميين سيواجهون معاناة كبيرة، وأنهم في حال بروز تيارات سياسية جديدة تقود البلاد، لن يكونوا ضمنها، بسبب تجربتهم التي لم يخرجوا منها... أقصى ما يمكن أن يفعله الإسلاميون السودانيون هو أن يكونوا مزعجين، أكثر من أن يشكلوا خطراً، لأنهم غير قادرين على استيعاب المتغيرات داخلهم وحولهم».



تحالفات سياسية جديدة بالصومال تستبق انتخابات 2026

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال افتتاحه مصنع بنادر للصلب قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال افتتاحه مصنع بنادر للصلب قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

تحالفات سياسية جديدة بالصومال تستبق انتخابات 2026

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال افتتاحه مصنع بنادر للصلب قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال افتتاحه مصنع بنادر للصلب قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)

في إطار حراك متصاعد بشأن الانتخابات في الصومال العام المقبل، تشكل تكتل سياسي جديد يستهدف المشاركة بها، مقابل تحالفين سياسيين معارضين تأسسا وسط أزمة سياسية تتسارع وتيرتها منذ بداية العام.

التكتل الجديد «اتحاد الهيبة الوطنية» يترأسه رئيس الوزراء الأسبق عبدي فارح شردون، الذي اختير مرشحاً للتكتل في سباق الرئاسة 2026.

ويشتد الجدال داخل الصومال حول الانتخابات المباشرة المرتقبة في البلاد العام المقبل، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968.

وكانت انتخابات غير مباشرة قد جرت عام 2000، واعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد انقلابات وحروب أهلية، وفي ظل سيطرة 4 عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

الرئيس الصومالي خلال لقاء سابق مع قيادة «منتدى الإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

وجاء الإعلان عن تكتل «اتحاد الهيبة الوطنية» في ختام سلسلة مشاورات عقدها زعماء سياسيون واختاروا فيها شردون رئيساً له. وبحسب الموقع الإخباري «الصومال الجديد»، يضم التكتل سياسيين بارزين منهم وزير الأمن القومي السابق عبد الكريم حسين جوليد، ووزير الأشغال العامة السابق عبدي آدم هوسو.

تحالفان معارضان

يأتي هذا بعد نحو شهر من تشكيل «مجلس مستقبل الصومال»، وبعد 6 أشهر من تأسيس «منتدى إنقاذ الصومال»، وكلاهما معارض للرئيس حسن شيخ محمود.

و«مجلس مستقبل الصومال» أعلن عنه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قادة المعارضة الصومالية، ومنهم رئيس الوزراء الأسبق حسن علي خيري إلى جانب رئيسي ولايتي بونتلاند سعيد عبد الله ديني، وغوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي)، وذلك في ختام اجتماع بالعاصمة الكينية نيروبي أعقب مناقشات مكثفة حول القضايا الراهنة في الصومال.

وفي 31 مايو (أيار) الماضي، وفي أعقاب مؤتمر موسَّع عقدته المعارضة في العاصمة مقديشو استمر 4 أيام، تشكل «منتدى الإنقاذ الصومالي» على أيدي معارضين للرئيس شيخ محمود وحزبه الجديد «العدالة والتضامن».

وضم «المنتدى» شخصيات عامة مثل الرئيس الأسبق شيخ شريف شيخ أحمد الذي اختير زعيماً له، قبل أن يشهد انسحابات عديدة من بعض مؤسسيه عقب التوصل في أغسطس (آب) إلى توافقات مع الحكومة الفيدرالية بشأن خوض الانتخابات.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية علي محمود كلني أن التحالف الجديد يضم نخبة من الكوادر السياسية وقادة يمتلكون نفوذاً وتأثيراً واسعاً في المشهد السياسي، خاصة في العاصمة مقديشو، ما يجعله محط أنظار المراقبين والمهتمين بالشأن العام.

وحتى الآن، يصعب التنبؤ بحجم التأثير السياسي الذي يمكن أن يتركه هذا التحالف أو الدور الذي قد يلعبه في الانتخابات الوطنية المنتظرة مطلع عام 2026.

وقال كلني إن التحالف يمثل محاولة جديدة لإعادة ترتيب الصفوف في مواجهة الحزب الحاكم، لكنه أيضاً يواجه اختبار البقاء في بيئة سياسية تتسم بالتقلبات والتحالفات قصيرة العمر.

خلافات متصاعدة

على مدار نحو عام، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 الشرارة الأبرز لزيادة الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

فالجانبان رفضا تعديلات أجريت في مارس (آذار) 2024، ومهّدت لتغيير نظام الحكم من «البرلماني» إلى «الرئاسي»، وإقرار الذهاب لانتخابات مباشرة لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن. كما شددا في بيانات وتصريحات، آنذاك، على أهمية «استكمال الدستور وليس تعديله، والعودة عن ذلك المسار».

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة، بعد تأسيس حسن شيخ محمود في 13 مايو الماضي «حزب العدالة والتضامن»، وتسميته مرشحاً له في الانتخابات المباشرة المقبلة، وتلا ذلك إصدار 15 شخصية سياسية بارزة في الصومال بياناً دعوا فيه إلى عقد مشاورات عاجلة لإنقاذ البلاد.

وبعد سلسلة حوارات أطلقها حسن شيخ محمود ولم تستجب لها أغلب المعارضة، أطلقت ولايتا بونتلاند وغوبالاند، في بيان أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي، دعوة للحوار مع الحكومة الفيدرالية، في حين دعا «منتدى الإنقاذ» لاحتجاجات بالعاصمة مقديشو، أواخر الشهر ذاته، وسط تحذيرات الحكومة من إتمامها واحتمال اعتبارها «تخريبية».

ولم يُنهِ لقاء حاسم بين الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس ولاية غوبالاند أحمد مدوبي، في أكتوبر الماضي هذه الخلافات التي استمرت أكثر من عام، في وقت صعّد فيه «منتدى الإنقاذ»، المقرب من زعيم الإقليم، تحركاته في مقديشو، متمسكاً بالدعوة إلى تنظيم احتجاجات.

وفي ظل تلك الخلافات السياسية ونتائجها، يعتقد الخبير في الشؤون الصومالية والأفريقية كلني أن أمام التحالف مسارين: «التمكن من الحفاظ على تماسكه حتى الانتخابات المقبلة، أو أنه سيلحق بسابقيه إلى مشهد الانقسامات»، مشيراً إلى أن هذا «سيبقى مرهوناً بقدرة قادته على تجاوز الخلافات وبناء مشروع سياسي وطني حقيقي».


الجيش الأميركي: ساعدنا شركاء بسوريا في 22 عملية ضد «داعش» الشهر الماضي

جنود من القوات الأميركية في ريف دير الزور بسوريا (أرشيفية-الشرق الأوسط)
جنود من القوات الأميركية في ريف دير الزور بسوريا (أرشيفية-الشرق الأوسط)
TT

الجيش الأميركي: ساعدنا شركاء بسوريا في 22 عملية ضد «داعش» الشهر الماضي

جنود من القوات الأميركية في ريف دير الزور بسوريا (أرشيفية-الشرق الأوسط)
جنود من القوات الأميركية في ريف دير الزور بسوريا (أرشيفية-الشرق الأوسط)

أعلنت القيادة المركزية الأميركية، اليوم الأربعاء، أن قواتها قدمت المشورة والمساعدة والدعم لشركائها في سوريا في أكثر من 22 عملية ضد تنظيم «داعش» خلال الشهر الماضي، مما حد من قدرة الجماعة على شن عمليات محلية وتصدير العنف إلى أنحاء العالم.

وأضافت القيادة المركزية في بيان أن العمليات التي نفذت بالتنسيق مع شركاء سوريين في الفترة من 1 أكتوبر (تشرين الأول) حتى 6 نوفمبر (تشرين الثاني)، أسفرت عن مقتل خمسة من عناصر «داعش» واعتقال 19 آخرين.

ونقل البيان عن الأميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأميركية قوله «نجاحنا في مواجهة تهديد داعش في سوريا إنجاز كبير».

وأضاف «سنواصل ملاحقة فلول داعش بقوة في سوريا، مع العمل مع التحالف الدولي ضد داعش لضمان استمرار المكاسب التي تحققت ضد التنظيم في العراق وسوريا، ومنع داعش من تجديد نشاطه أو تصدير هجماته الإرهابية إلى دول أخرى».

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أعلنت سوريا الانضمام إلى التحالف الدولي ضد «داعش» لتصبح العضو التسعين في التحالف.


وزيرَا خارجية مصر وتركيا يؤكدان أهمية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة (إ.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة (إ.ب.أ)
TT

وزيرَا خارجية مصر وتركيا يؤكدان أهمية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة (إ.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة (إ.ب.أ)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأربعاء، مع نظيره التركي هاكان فيدان في أنقرة، تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وشددا على أهمية تثبيت اتفاق السلام المبرم في شرم الشيخ الشهر الماضي.

وقال المتحدث باسم «الخارجية» المصرية، تميم خلاف، في بيان، إن عبد العاطي أكد خلال المحادثات ضرورة الانتقال للمرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب.

وأضاف البيان: «كما تناول الجانبان التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر القاهرة الدولي لإعادة الإعمار والتعافي المبكر في قطاع غزة، حيث أعرب الوزير عبد العاطي عن تطلع مصر لمشاركة تركية فعالة في هذا المؤتمر بما يسهم في حشد الجهود الدولية لدعم إعادة إعمار القطاع».

وأكد الوزيران أيضاً تمسكهما بضرورة التوصل إلى حل الدولتين على أساس خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، ورفض أي محاولات لتغيير الوضع القانوني أو فرض وقائع جديدة على الأرض، حسب بيان «الخارجية» المصرية.

وفي وقت لاحق، أشاد فيدان في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري، بتطور العلاقات بين البلدين، وقال إن مصر أكبر شريك تجاري لتركيا في أفريقيا، وإن بلاده تسعى لتعزيز التعاون مع مصر في مجال الطاقة، وتطوير الحوار العسكري بين البلدين.

وفيما يتعلق بقطاع غزة، قال فيدان إن حركة «حماس» أظهرت رغبة في تنفيذ اتفاق وقف الحرب، وطالب إسرائيل بأن تبدي الرغبة نفسها من جانبها.

وأضاف: «يجب أن يكون هناك إطار قانوني بشأن قوة الاستقرار الدولية» المنتظر نشرها في غزة بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام.

وقال عبد العاطي إن التأكد من التزام الطرفين باتفاق غزة لن يتحقق إلا بوجود القوة الدولية، مضيفاً أن القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن بشأن القطاع «سيكون شديد الأهمية ولا بد من صياغته بعناية».

وتابع قائلاً إنه لا بد من تحديد دقيق لولايات الكيانات التي سيتم إنشاؤها ضمن قرار مجلس الأمن المقترح، وعبَّر عن أمله في أن يتم التوافق حول القرار وصدوره في أقرب وقت ممكن.

وذكر الوزير التركي أنه بحث مع نظيره المصري أيضاً الوضع في سوريا، ووصف زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن ولقائه مع ترمب في البيت الأبيض هذا الأسبوع بأنها «تشكل تطوراً مهماً».

كما عبَّر الوزيران عن القلق البالغ إزاء الوضع في الفاشر في إقليم دارفور بغرب السودان، وأكدا دعم البلدين لوحدة وسلامة أراضي السودان ورفض أي مخططات لتقسيمه.