الحكومة الإيرانية لاستفتاء على قانون الانتخابات

يحدّ من صلاحيات مجلس صيانة الدستور في أهلية المرشحين رغم دعم المرشد

إيرانيتان تمشيان أمام لوحة جدارية في أحد شوارع طهران أمس (إ.ب.أ)
إيرانيتان تمشيان أمام لوحة جدارية في أحد شوارع طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

الحكومة الإيرانية لاستفتاء على قانون الانتخابات

إيرانيتان تمشيان أمام لوحة جدارية في أحد شوارع طهران أمس (إ.ب.أ)
إيرانيتان تمشيان أمام لوحة جدارية في أحد شوارع طهران أمس (إ.ب.أ)

أعلنت الحكومة الإيرانية أمس، تجهيز مسودة قانون جديد لاستفتاء عام يحدّ من صلاحيات مجلس صيانة الدستور، الهيئة الرقابية على أهلية المرشحين وتنفيذ الانتخابات العامة، فيما أعلن رئيس المجلس أحمد جنتي، الجاهزية لمنع أي تلاعب في الانتخابات التشريعية التي تنطلق حملتها اليوم، قبل ثمانية أيام من توجه الإيرانيين للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع، وسط مخاوف من تراجع نسبة الإقبال على التصويت.
وقالت لعيا جنيدي، مساعدة الرئيس الإيراني للشؤون القانونية، أمس، إن الحكومة تجهّز لإجراء استفتاء عام يحدّ من صلاحيات مجلس صيانة الدستور في البتّ بأهلية المرشحين للانتخابات.
ونقلت وكالات عن جنيدي قولها إن القانون سيقدَّم إلى مجلس الوزراء الإيراني لتعيين إطار الإشراف الاستصوابي (التصحيحي) لمجلس صيانة الدستور.
ووجّه الرئيس الإيراني حسن روحاني، انتقادات لاذعة إلى مجلس صيانة الدستور الذي رفض أهلية مرشحي حلفاء الحكومة في التيارين الإصلاحي والمعتدل، ومن بينهم 90 نائباً في البرلمان الحالي للاشتباه بتورطهم بقضايا فساد.
ورجحت جنيدي أن تعرض الحكومة مشروع القانون للتصويت في البرلمان في الأيام الأخيرة على مهمة البرلمان الحالي، أي بعد أقل من أربعة أشهر. وأشارت في الوقت ذاته إلى خلافات بين الحكومة ومجلس صيانة الدستور في تفسير مهمة «الإشراف الاستصوابي» (التصحيحي). وقالت: «أي تفسير يجب أن يحترم الحدود عند تنفيذه». وأضافت: «إذا تسبب في حظر وتقييد وإضاعة الحقوق، يجب أن يؤخذ أصل الحق بعين الاعتبار».
أول من أمس، وفي خطاب ذكرى الثورة، أعرب روحاني عن عزمه إقامة استفتاء. ووجه تحذيراً ضمنياً إلى رأس النظام، عندما قال: «لو ترك النظام السابق (...) الناس أحراراً في اختيار نوع الحكومة والدستور، ووافق على قبول انتخابات نزيهة حرة وطنية، لم نكن بحاجة إلى الثورة». وقال إن بلاده قائمة على «حكم الشعب» و«الاستفتاء».
وجاءت خطوة الحكومة الإيرانية بعدما أمر روحاني، الخميس الماضي، بالعمل على لائحة قانون لإصلاح عملية الإشراف على الانتخابات، وذلك رداً على رسالة وجّهها حزب «اتحاد أمة إيران» الإصلاحي إلى روحاني للمطالبة بإقامة استفتاء.
وحذّر روحاني الشهر الماضي، من تحول الانتخابات إلى رسميات وانتصابات بسبب رفض أهلية المرشحين. ولم تمر أيام على انتقادات روحاني حتى وجه حزب «اتحاد أمة إيران» رسالة تحض الحكومة على العودة إلى الرأي العام في قضايا حساسة تخص الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة، وعدّ العودة إلى الرأي العام أساسياً في تخطي المأزق الحالي.
ولم تشهد إيران بعد الثورة استفتاءً سوى ثلاث مرات. وكان أول استفتاء في 1979 على تغيير نظام وتبني ولاية الفقيه والجمهورية الإسلامية قبل أن يدعو الخميني في العام نفسه إلى استفتاء لتغيير الدستور الإيراني. وكانت المرة الثالثة إعادة النظر في الدستور الإيراني بعد تولي خامئني منصب ولي الفقيه في 1989، وتضمن توسيع صلاحياته.
ويكلّف الدستور الإيراني «مجلس صيانة الدستور» بالنظر في أهلية المرشحين للانتخابات في إيران. ويختار المرشد علي خامئني نصف أعضائه الـ12 بشكل مباشر، بينما يختار النصفَ الآخر رئيسُ القضاء الذي بدوره يسمّيه المرشد، المسؤول الأول في البلاد الذي يتمتع بصلاحيات واسعة ولا يخضع للمساءلة. وإذا ما نجح مشروع القانون في الحصول على موافقة مجلس الوزراء والبرلمان فإنه سيحال إلى مجلس صيانة الدستور، الذي تعد الرقابة على قوانين الجديدة من مهامه الأساسية.
وكان خامئني قد جدد الأسبوع الماضي، دعمه لدور مجلس صيانة الدستور، ووجه تحذيراً إلى منتقدي المجلس بأنها «أسوأ الأعمال»، وعدّها «انتقادات عندما لا تكون الانتخابات في صالحهم».
وبدأت حملة الانتخابات التشريعية منذ أول دقائق اليوم (الخميس)، وتستمر إلى منتصف ليل الأربعاء قبل 24 ساعة على إدلاء الإيرانيين بأصواتهم لاختيار نواب يمثلونهم لأربعة أعوام مقبلة. ويشرف «صيانة الدستور» على عملية الانتخابات التي تنفّذها وزارة الداخلية. وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية عن رئيس لجنة الانتخابات الإيرانية جمال عرف، أمس، بأن 7 آلاف و148 مترشح سيخوضون التنافس على 290 معقداً في البرلمان.
ودعا كبار المسؤولين الإيرانيين إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات، لكن أوساطاً سياسية تحذّر من تراجع الإقبال الشعبي وسط تزايد السخط الشعبي على إدارة البلاد وبخاصة تدهور الوضع الاقتصادي وتفشي الفساد إضافة إلى ضغوط خارجية.
واستبعد رئيس مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي، أمس، أن تكون الانتخابات المقبلة «تنافسية»، منتقداً المواقف التي شككت في تنافسية الانتخابات بعد رفض أهلية عدد كبير من المرشحين.
ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن جنتي أنه دعا المسؤولين إلى «الجدية في الحفاظ على أمانة أصوات الناس». كما استبعد إمكانية التلاعب بنتائج الانتخابات، ومع ذلك حض المسؤولين التنفيذيين على تجنب أي انحياز إلى مرشحين في الانتخابات.
وانتقد المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي، عقب الاجتماع الوزاري الأسبوعي، أمس، بشدة ما تناقلته وسائل إعلام إيرانية من معلومات عن استقالة الرئيس حسن روحاني.
وأغلق ربيعي الباب نهائياً أمام أي احتمال لاستقالة روحاني رغم الضغوط الداخلية. وقال إن «أي خبر حول استقالة الرئيس حتى عام 2021 يتم تكذيبه مسبقاً»، وتابع أن روحاني سيبقى في منصبه حتى 3 من أغسطس (آب) 2021 وهو اليوم الذي يؤدي فيه خلفه القسم الدستورية أمام البرلمان. وقال: «سيكون إلى جانب الناس وينظر إلى الأمام» حتى نهاية رئاسته.



شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

شبح اعتقال الضباط والجنود في الخارج يحاصر إسرائيل

فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشمالي من غزة، الأربعاء وسط عملية عسكرية إسرائيلية، في جباليا في شمال قطاع غزة (رويترز)

طلب الجيش الإسرائيلي من الضباط والجنود الذين أنهوا مهمتهم في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، الامتناع عن القيام بذلك، في حين أصدرت الأوامر لـ8 على الأقل بالعودة من الخارج؛ خشية من الاعتقالات، بعد إصدار الجنائية الدولية مذكرتَي اعتقال لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وكانت المحكمة الدولية أصدرت في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مذكرتَي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمتَي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إنه في ظل تقديرات في الجيش بأن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، سيعطي زخماً للاعتقالات والإجراءات الجنائية الأخرى في جميع أنحاء العالم أيضاً ضد كبار الضباط في الجيش، وحتى ضد الجنود النظاميين والاحتياط الذين قاتلوا في قطاع غزة، بدأ الجيش في صياغة «تقييم المخاطر» لكل جندي يقدم استمارة طلب مغادرة البلاد، مع التركيز على المقاتلين والقادة الذين عملوا في غزة. وطلب الجيش من الجنود إزالة أي وثائق متعلقة بنشاطهم في غزة، وعدم تحميل صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم أثناء تواجدهم في غزة، أو التي تشير إلى تواجدهم في الخارج. وقد تم تعيين عشرات المحامين في الخارج لمواجهة «قوائم سوداء» للضباط والجنود.

وتشنّ إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي وقد قتلت نحو 50 ألف فلسطيني وجرحت أكثر من 100 ألف وخلَّفت دماراً واسعاً حوَّل الحياة إلى غير ممكنة في القطاع الساحلي الصغير.

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

وبحسب «يديعوت أحرنوت»، فقد حدد الجيش الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، نحو 30 حالة تم فيها تقديم شكاوى وتم اتخاذ إجراءات جنائية ضد ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في القتال في قطاع غزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، وتم تحذيرهم لتجنب القيام بذلك بسبب الخوف من الاعتقال أو الاستجواب في البلد الذي يريدون زيارته، فيما قيل لثمانية منهم على الأقل، بما في ذلك المقاتلون الذين انطلقوا بالفعل في رحلة إلى الخارج، إلى قبرص وسلوفينيا وهولندا، أن يغادروا ذلك البلد على الفور بسبب المخاطر. وكان ضباط وجنود وثَّقوا عمليات تفجير واعتقال وتحقيق في قطاع غزة، ونشروها بصورة أثارت انتقادات وجدلاً واسعاً، وأدت إلى إعداد منظمات كثيرة «قوائم سوداء» لهم. وأكدت «يديعوت» أنه تم الطلب من الضباط والجنود الدائمين والاحتياطيين الذي عملوا في غزة منذ بداية القتال، وحتى مؤخراً، الامتناع عن نشر صور وفيديوهات لهم وهم يقاتلون في قطاع غزة؛ حتى لا يتم استخدامها ضدهم دليلاً في تحقيق جنائي متعلق بارتكاب جرائم حرب.

وتم مؤخراً شحذ هذه السياسة في ضوء ردة الفعل العالمية العنيفة ضد إسرائيل. وقالت «يديعوت أحرنوت» إن المنظمات المؤيدة للفلسطينيين تعمل بشكل رئيس من أوروبا، لكن منتشرة في شبكة من الممثلين في جميع أنحاء العالم. وهي تراقب، بالإضافة إلى نشر أسماء وصور الجنود منشوراتهم كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن ينشروا قصصاً عن إجازتهم في بلجيكا، أو زيارتهم إلى فرنسا، أو رحلة إلى الولايات المتحدة أو الهند، على سبيل المثال. وفي تلك اللحظة سيتم تقديم شكوى ضدهم إلى النيابة المحلية، أو التماس شخصي ضدهم إلى المحكمة في ذلك البلد؛ وذلك للتحقيق معهم وتأخير مغادرتهم ذلك البلد. ولهذا السبب؛ نصح الجيش الجنود الذين يبلغون عن سفرهم إلى الخارج بتجنب نشر مواقعهم في العالم؛ حتى لا يصبحوا فريسة سهلة من شأنها أن تعرّضهم للخطر من جانبين: القانون الجنائي وبالطبع الأمن الشخصي أيضاً وتحذيرات ومناشدات.

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

ومنذ إصدار أوامر باعتقال نتنياهو وغالانت، ثمة مخاوف في أوساط المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن يطال ذلك قادة الجيش وجنوده. وتخشى إسرائيل حتى من صدور أوامر اعتقال سرية من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية، ضد قادة الجيش الإسرائيلي، وكبار الضباط فيه. وتدور المخاوف بشكل أساسي حول إمكانية صدور مذكرة اعتقال بحق رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي. وثمة قلق في إسرائيل من أن مثل هذه المذكرات قد صدرت بالفعل داخل المحكمة وتم إبقاؤها سراً لحين تفعيلها في الوقت الذي تقرره المحكمة.

ويقدّر مكتب المدعي العام العسكري في إسرائيل أن المدعي العام في لاهاي، كريم خان، يمكن أن يتعامل مع مذكرات اعتقال لهاليفي وقادة كبار ولن يتعامل مع الجنود أو القادة الصغار؛ لأنهم نفّذوا تعليمات تلقوها في ساحة المعركة. وتخشى إسرائيل من أن الوضع الحالي قد يصبح متفجراً بالفعل إذا توقف القتال في غزة وفتحت الطريق أمام الصحافيين ومنظمات حقوق الإنسان. واستعداداً لمرحلة كهذه؛ تم تشكيل فريق موسع مشترك بين الوزارات، بقيادة وزارتي العدل والخارجية وإدارة القانون الدولي بمكتب المدعي العام العسكري، وتمت الاستعانة بخدمات قانونية من محامين في عشرات دول العالم.

وشارك في الفريق الإسرائيلي ممثلون عن الموساد (المخابرات الخارجية) والشاباك (الأمن العام).