واشنطن تحذر مؤججي الصراع في ليبيا من «تداعيات وخيمة»

TT

واشنطن تحذر مؤججي الصراع في ليبيا من «تداعيات وخيمة»

قال مسؤولان في وزارة الخارجية الأميركية، أمس، إن المتسببين في تأجيج الصراع داخل ليبيا «لن يفلتوا من العقاب، بما في ذلك روسيا»، مشددين على أن التسوية السياسية هي «السبيل الأمثل لحل الأزمة» في هذا البلد.
جاء ذلك في إفادتين أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي لكل من مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأوروبية والأوروآسيوية كريستوفر روبنسون.
وأكد شينكر أن أفضل السبل لمواجهة الأزمة في ليبيا «عن طريق إنهاء المعارك في طرابلس»، مبرزا أن التدخل الأجنبي «تصاعد وقد يستمر كذلك في الفترة المقبلة، بما يشكل تهديدا للنظام الدولي في شرق البحر المتوسط، وللمصالح الأميركية في المنطقة» أيضا. وقال بهذا الخصوص إن الوقت «حان لتهدئة هذا النزاع، والسبيل الأمثل لوقف هذا القتال عن طريق وقف التدخل الأجنبي، الذي يؤجج هذا الصراع، من حيث الأسلحة والأفراد والتمويل».
وأوضح شينكر على أن الولايات المتحدة تواصل بذل جهود لتحقيق الاستقرار في ليبيا، مشيرا في هذا الصدد إلى أن أميركا تعاونت في سنة 2016 مع حكومة الوفاق الوطني للقضاء على «داعش» في مدينة سرت الساحلية، وأنها تواصل علاقاتها مع شركائها في مكافحة الإرهاب عبر مختلف أنحاء ليبيا للدفاع عنها، وحمايتها من تمرد الجماعات الإرهابية. كما أشار إلى التعاون الدبلوماسي الأميركي مع ليبيا، القائم في تونس، وهو المقر المؤقت لمكتب التمثيل الدبلوماسي الأميركي لدى ليبيا، والذي يقوده السفير ريتشارد نورلاند.
في غضون ذلك، أوضح شينكر أن بلاده أكدت لكافة أطراف النزاع الليبي، وللداعمين من الخارج، على ضرورة حل الصراع الليبي عن طريق التفاوض، مبرزا أن واشنطن عاقبت من يهدد السلام والاستقرار في ليبيا، وأنها سوف تستمر في استخدام هذه الإجراءات حال الضرورة. كما أبرز أن تدخل اللاعبين الخارجيين يعرقل جهود إعادة الليبيين إلى مائدة التفاوض، وأن ليبيا ليست مكانا للمرتزقة الروس أو المقاتلين من سوريا أو تشاد أو تركيا.
وبخصوص مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا، لفت شينكر إلى أن الكثير من المشاركين فيه «لم يلتزموا بوقف مستدام لإطلاق النار، ورفض التدخل الأجنبي». وقال إن الولايات المتحدة ضمت صوتها بعد هذا المؤتمر إلى مجلس الأمن الدولي في مسودة قرار يعزز حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا، ويدعو المرتزقة سواء من مجموعة فاغنر الروسية، أو من غيرها إلى مغادرة ليبيا. مشددا على أن «الوقت حان لكي يواجه من يخالف قرارات مجلس الأمن عواقب تصرفاته. وأميركا ستواصل الضغط على الدول ذات الصلة بليبيا، نظرا لأن التسوية السلمية للأزمة الليبية لا تصب فقط في المصالح المشتركة، لكنها تعد أيضا المسار الوحيد القابل لإنهاء الصراع في تلك الدولة».
من جانبه، قال كريستوفر روبنسون إن روسيا تسعى لاستخدام القوة العسكرية، ووسطاء تابعين لها لفرض إرادتها على الدول الراغبة في تأكيد استقلالها وسيادتها. مشيرا إلى أن ليبيا الآن «في خطر أن تتحول إلى الموضع القادم لروسيا، وجهودها الخبيثة لاستغلال الصراعات الدولية من أجل تحقيق مكاسب ضيقة سياسية واقتصادية».
وذكر روبنسون أن قيام روسيا باستضافة ممثلين عن حكومة الوفاق الوطني، والجيش الليبي في موسكو في يناير (كانون الثاني) الماضي، أظهر أن روسيا تسعى لإيجاد مسارات دبلوماسية موازية للأمم المتحدة، وتحقيق مصالح روسية ضيقة. وقال بهذا الخصوص إن الإدارة الأميركية تشارك في عدد من الإجراءات لمواجهة مساعي روسيا للتدخل الخبيث في ليبيا، مشيرا إلى أن الوقت لم يتأخر بالنسبة لروسيا لتغيير مسارها، وأن تدعم التسوية السياسية في ليبيا.
وأكد روبنسون أن بلاده «ستواصل التنديد بالتدخل الروسي في ليبيا، وستكون روسيا مخطئة لو اعتقدت أن استخدام المرتزقة سيبعد عنها الاتهام بممارسة سياسات متهورة، ويظهر ذلك في العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على مجموعة «فاغنر»، وستضغط واشنطن على حلفائها الأوروبيين لفرض مزيد من العقوبات عليها»، مشددا على أن على روسيا أن تفهم أنها «لا يمكنها الإفلات من العقاب بسبب زعزعة الاستقرار في ليبيا».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).