صندوق النقد يدعو «المركزي» الياباني إلى «مزيد من الواقعية»

حث على مراجعة أهداف سياسته وحذر من تداعيات كورونا

يرى بنك اليابان المركزي الآن أن التضخم يقل عن هدفه البالغ 2% على الأقل خلال السنة المالية 2021 (أ.ب)
يرى بنك اليابان المركزي الآن أن التضخم يقل عن هدفه البالغ 2% على الأقل خلال السنة المالية 2021 (أ.ب)
TT
20

صندوق النقد يدعو «المركزي» الياباني إلى «مزيد من الواقعية»

يرى بنك اليابان المركزي الآن أن التضخم يقل عن هدفه البالغ 2% على الأقل خلال السنة المالية 2021 (أ.ب)
يرى بنك اليابان المركزي الآن أن التضخم يقل عن هدفه البالغ 2% على الأقل خلال السنة المالية 2021 (أ.ب)

قال تقرير لخبراء من صندوق النقد الدولي إنه يتعين على بنك اليابان المركزي إجراء مراجعة شاملة لأهدافه، وإعادة تحديد المستوى الذي يستهدفه للتضخم والبالغ 2 في المائة كهدف طويل الأجل.
وبحسب التقرير الذي صدر في العاصمة الأميركية واشنطن مساء الاثنين، ستجعل الخطوة المستوى المستهدف للأسعار أكثر واقعية، وتعطي البنك المركزي مرونة في التعامل مع الضغوط التي يضعها التيسير النقدي الذي طال أمده على المؤسسات المالية.
وقال التقرير: «يجب أن يوضح بنك اليابان أنه لا يركز بشكل مفرط على التضخم، لكن أهدافا أخرى، منها الاستقرار المالي، مهمة أيضا للسياسة النقدية».
وأخفقت سنوات من الطبع الكثيف للنقود في رفع التضخم إلى هدف الاثنين في المائة الذي يضعه بنك اليابان، مما يضطره للإبقاء على تحفيز مكثف على الرغم من التكاليف المرتفعة مثل تضرر أرباح البنوك التجارية من أسعار الفائدة الشديدة الانخفاض.
ورغم أن بنك اليابان لم يعد يحدد إطارا زمنيا صارما لبلوغ المستوى المستهدف للتضخم، فإن محافظ البنك هاروهيكو كورودا تجاهل دعوات لتخفيف حدة للوفاء بهدف الأسعار في أقرب وقت ممكن.
وقال صندوق النقد الدولي إن الثقل الكبير الذي يضعه بنك اليابان على هدف التضخم و«تفاؤله المفرط» حيال تحقيق هذا الهدف أثرا على مصداقيته، إذ لا يزال نمو الأسعار ضعيفا. وأضاف أن «التأكيد على تحقيق هدف استقرار الأسعار في أقرب وقت ممكن، إلى جانب توقعات غير واقعية للتضخم، ينطوي على إشكالية خاصة بالنظر إلى محدودية نطاق السياسة وتعثر الانتقال النقدي وتنامي تكاليف الاستقرار المالي».
وقال التقرير إن بنك اليابان يجب أن يوضح أن هدفه للأسعار سيتحقق في الأجل المتوسط إلى الطويل، وأن يستحدث نطاقا لذلك الهدف حتى يتمكن من ضبط السياسة إذا ارتفعت المخاطر على النظام المصرفي في اليابان.
وأضاف التقرير أن البنك المركزي يتعين عليه إجراء «مراجعة شاملة» لأهدافه لتوضيح أن مثل هذا التعديل لهدفه للتضخم ليس خطوة في اتجاه خفض التيسير، لكنه يهدف إلى جعل إطار سياسته أكثر مرونة. وقال: «إيجاد التوازن الأمثل بين أهداف الأسعار والاستقرار المالي وتحديد شروط واقعية لتحقيق هدف التضخم، ضروري لتحسين مصداقية السياسة وإرساء توقعات التضخم للأجل الطويل بشكل أفضل».
وفي ظل سياسة يطلق عليها التحكم في منحنى العائد، يضع بنك اليابان أسعار الفائدة القصيرة الأجل عند «سالب» 0.1 في المائة، وعوائد السندات لأجل عشر سنوات عند صفر في المائة. ويشتري أيضا سندات حكومية وأصولا تنطوي على مخاطر لإنعاش النمو.
وبلغ التضخم الأساسي السنوي لأسعار المستهلكين في ديسمبر (كانون الأول) في اليابان 0.7 في المائة، وهو ما يقل كثيرا عن المستوى الذي يستهدفه بنك اليابان، إذ يجعل ضعف الاستهلاك الشركات تحجم عن زيادة أسعار سلعها وخدماتها.
ويتوقع البنك المركزي أن يصل التضخم إلى واحد في المائة في العام الذي يبدأ في أبريل (نيسان)، وأن يتسارع إلى 1.4 في المائة في العام التالي، وهي توقعات قوبلت بانتقادات من محللين بالقطاع الخاص يعتبرونها مفرطة في الطموح. وجرى إعداد تقرير خبراء صندوق النقد الدولي بعد مشاورات البند الرابع للمقرض العالمي مع اليابان.
ومن جهة أخرى، حذر مسؤول كبير بصندوق النقد الدولي من أن استمرار واتساع نطاق تفشي فيروس كورونا سيلحق ضررا باقتصاد اليابان من خلال تأثيره على السياحة وتجارة التجزئة والصادرات بين قطاعات أخرى.
وقال بول كاشين رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليابان لـ«رويترز»: «يشكل انتشار فيروس كورونا خطرا نزوليا طارئا على اقتصاد اليابان، لكن التأثير الاقتصادي سيعتمد على مدى انتشار المرض والاستجابة السياسية».
وأضاف في مقابلة مكتوبة «إذا طال أجله واتسع نطاقه، سيؤثر هذا على الأرجح على أنشطة السياحة والتجزئة في اليابان من خلال تراجع في عدد السياح الوافدين والإنفاق من الصين وغيرها». وقال إن تفشي الفيروس قد يؤثر أيضا على التجارة والاستثمار، إذ إن أي تباطؤ جديد في اقتصاد الصين قد يؤثر على إنتاج الشركات اليابانية ويعطل سلاسل الإمداد.
ولم يعط كاشين تقديرات بشأن مدى تأثير تفشي الفيروس على النمو في اليابان، قائلا إن التأثير سيؤخذ في الحسبان في تحديث صندوق النقد الدولي المقبل لتوقعاته العالمية في أبريل.
وزاد الفيروس، الذي بدأ في الصين وانتشر إلى 27 دولة ومنطقة، المخاوف بين صناع السياسات اليابانيين من أن ثالث أكبر اقتصاد في العالم، المتضرر بالفعل من تراجع الطلب العالمي والاستهلاك الشخصي، قد ينحدر إلى الانكماش. وتنتج شركات صناعة السيارات اليابانية مكونات وتبيع شركات التجزئة نطاقا واسعا من البضائع إلى الصين، ثاني أكبر وجهة لصادرات اليابان.
وتفشي فيروس كورونا هو أيضا ضربة للمراكز التجارية والفنادق في اليابان، إذ شكل الصينيون 30 في المائة من إجمالي السائحين الذين يزورون اليابان، وقرابة 40 في المائة من إجمالي إنفاق السائحين الأجانب العام الماضي، بحسب مسح للقطاع.



نمو متسارع في سوق الذكاء الاصطناعي بالسعودية وسط دعم حكومي واستثمارات ضخمة

من أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي (واس)
من أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي (واس)
TT
20

نمو متسارع في سوق الذكاء الاصطناعي بالسعودية وسط دعم حكومي واستثمارات ضخمة

من أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي (واس)
من أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي (واس)

شهدت السعودية في السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً من كبرى شركات الذكاء الاصطناعي العالمية التي تسعى إلى تعزيز وجودها في المنطقة. وإلى اليوم، تعهدت هذه الشركات باستثمارات تتجاوز 15 مليار دولار، إلى جانب التزامها بتطوير الكفاءات المحلية، وافتتاح مراكز إقليمية داخل المملكة.

فالمملكة نجحت في استقطاب شركات مثل «أوراكل»، و«آي بي إم»، و«سيلزفورس»، التي أعلنت مؤخراً عن استثمار بقيمة 500 مليون دولار في السعودية، بالإضافة إلى تدريب 30 ألف مواطن في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

وتشير بيانات وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى أن الاقتصاد الرقمي في المنطقة نما بنسبة 73 في المائة ليصل إلى 260 مليار دولار، وتستحوذ السعودية على 50 في المائة من هذا النمو، بحسب الوزير عبد الله السواحة.

وفي هذا السياق، قال محمد الخوتاني، نائب الرئيس الأول والمدير العام لمنطقة الشرق الأوسط في شركة «سيلزفورس»، لـ«الشرق الأوسط» إن الشركة تخطط لاستثمار 500 مليون دولار في السعودية، بما يسهم في تطوير القوى العاملة، وتحسين المهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. وأوضح أن «سيلزفورس» ستنشر منصة «هايبرفورس» –الجيل الجديد من بنيتها التقنية– في المملكة عبر شراكة استراتيجية مع «أمازون ويب سيرفيسز».

محمد الخوتاني نائب الرئيس الأول والمدير العام في منطقة الشرق الأوسط لدى «سيلزفورس» خلال مؤتمر ليب (الشرق الأوسط)
محمد الخوتاني نائب الرئيس الأول والمدير العام في منطقة الشرق الأوسط لدى «سيلزفورس» خلال مؤتمر ليب (الشرق الأوسط)

وأضاف الخوتاني أن السوق السعودية تُظهر إمكانات نمو كبيرة، إذ يتوقع المحللون نمو سوق إدارة علاقات العملاء في المملكة بنسبة تزيد على 16 في المائة سنوياً خلال السنوات المقبلة. ويعكس ذلك النضج المتزايد للسوق المحلية، حيث تستثمر الشركات في أحدث التقنيات. كما تحتل المملكة المرتبة السادسة عالمياً في تطوير الحكومة الإلكترونية، وفقاً للأمم المتحدة، ما يعكس التزامها القوي بالتحول الرقمي.

وتزداد حيوية السوق السعودية مع ازدهار مختلف القطاعات، من العقارات والرعاية الصحية، إلى التجزئة والخدمات اللوجستية، وحتى القطاع المالي.

وتوقعت وكالة «موديز» نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 4.7 في المائة خلال عامي 2025 و2026، مدفوعاً بمشاريع حكومية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وتحقيق مستهدفات رؤية 2030.

وأشار الخوتاني إلى أن المملكة وضعت الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي جزءاً من رؤيتها المستقبلية، ما ساهم في دفع عجلة التحول الرقمي، إلى جانب النمو والتنوع الاقتصادي. كما تواجه المؤسسات العامة والخاصة ضغوطاً متزايدة لاعتماد حلول الذكاء الاصطناعي بهدف تلبية توقعات العملاء، ومواكبة المنافسة.

وفي سياق متصل، أظهر بحث عالمي أجرته «سيلزفورس» أن معظم الشركات لا تزال بعيدة عن الجاهزية الكاملة لتبني الذكاء الاصطناعي. إذ يرى 84 في المائة من الرؤساء التنفيذيين لشؤون المعلومات أن الذكاء الاصطناعي سيكون بنفس أهمية ظهور الإنترنت، في حين أفاد 11 في المائة فقط بأنهم بدأوا بنشر هذه التقنية بالكامل، بسبب تحديات تتعلق بالبنية التحتية الأمنية، والبيانات.

برج «سيلزفورس تاور نيويورك» في مانهاتن مدينة نيويورك الولايات المتحدة (رويترز)
برج «سيلزفورس تاور نيويورك» في مانهاتن مدينة نيويورك الولايات المتحدة (رويترز)

وتُسهم حلول مثل «إيجنت فورس» –نظام الذكاء الاصطناعي المتكامل من «سيلزفورس»– في تعزيز قدرات فرق العمل من خلال وكلاء مستقلين للذكاء الاصطناعي ضمن سير العمل، ما يساعد الشركات على توسيع عملياتها بشكل فعّال، وفق الخوتاني.

ختاماً، يعكس هذا التوجه الاستراتيجي ما أعلن عنه «صندوق الاستثمارات العامة» بالتعاون مع «غوغل كلاود»، في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنه قام بتوقيع شراكة لإطلاق مركز عالمي للذكاء الاصطناعي في المنطقة الشرقية، بالقرب من مدينة الدمام. ويُتوقع أن يسهم هذا المركز في إضافة نحو 71 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الثماني المقبلة.

وتمثل هذه الاستثمارات امتداداً لجهود المملكة لترسيخ موقعها على أنها مركز عالمي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، من خلال تطوير الكفاءات الوطنية، واستقطاب الاستثمارات، وتحفيز الابتكار، بما ينسجم مع مستهدفات «رؤية 2030» في تعزيز قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وتحقيق التحول الرقمي الشامل.