جيلي فلاهيرتي: حاولت الانتحار عندما شعرت أنني دون حماية

مر أكثر من عقد من الزمان على محاولة لاعبة وستهام يونايتد، جيلي فلاهيرتي، الانتحار، قبل أن تجدها رفيقتها في المنزل وتنقذ حياتها. ولم تتحدث فلاهيرتي عن هذه الواقعة على الملأ منذ ذلك الحين. بل لم تتحدث عنها حتى بشكل خاص مع رفيقتها في المنزل، ولا مع عائلتها حتى وقت قريب، وكان أفراد العائلة يتحاشون الحديث عن هذا الأمر تماماً، وإذا اضطروا للإشارة إليه كانوا يقولون عنه: «ذلك الشيء الذي فعلته ذات مرة».
ومع ذلك، تحدثت اللاعبة الإنجليزية بكل أريحية عن هذا الأمر وهي تجلس في ملعب تدريب نادي وستهام يونايتد، وقالت: «لقد كنت أواجه المجهول. ولم أكن أعرف ما الذي سيحدث عندما ذهبت إلى المستشفى، وما إذا كان سيغير حياتي أم لا».
وتضيف: «خلال الأسبوع الماضي، لم أكن أريد أن أتحدث عما حدث، لكنني دخلت على موقع (تويتر)، ورأيت شخصاً قام بالانتحار. وفي اليوم السابق كان هذا الشخص قد كتب تغريدة قال فيها: هذه الحروف هي أصعب رسائل أكتبها. ثم انتحر هذا الشخص، لذا قررت أن أتحدث عن محاولتي الانتحار حتى يستفيد الآخرون من التجربة التي مررت بها».
وحققت فلاهيرتي كثيراً من الإنجازات وحصلت على كثير من البطولات والألقاب، حيث حصلت على 7 بطولات لكأس الاتحاد الإنجليزي، ولقب الدوري 8 مرات، كما فازت بدوري أبطال أوروبا عندما كانت تدافع عن قميص آرسنال الذي توج بالرباعية في ذلك الموسم. تقول اللاعبة الإنجليزية البالغة من العمر 28 عاماً: «أعتقد أنه كان بإمكاني إنهاء مسيرتي الكروية بالكامل من دون أن أتحدث عما مررت به في تلك التجربة. لقد أصبحت شخصاً مختلفاً تماماً الآن، عما كنت عليه في ذلك الوقت - فأنا أقوى الآن. لكن ما الفائدة من الحديث عن أشياء لا أعتقد أنها ستفيد الآخرين؟».
وتضيف: «ربما سيصاب الناس بالصدمة، فهم لم يتوقعوا ذلك مني لأنني أبدو سعيدة دائماً. أنا بالفعل سعيدة الآن، لكن في ذلك الوقت لم أكن أشعر بالسعادة، وكانت هناك أسباب لذلك».
وكانت فلاهيرتي تعيش آنذاك بعيداً عن منزلها، وكانت تتنقل من فرق الشباب بنادي ميلوول إلى أكاديمية الناشئين بنادي آرسنال. وكانت فلاهيرتي حساسة للغاية ومتعلقة كثيراً بأسرتها. لقد عانت كثيراً من أجل التأقلم على العيش بعيداً عن عائلتها، وزادت معاناتها بعد وفاة جدتها وعمتها الكبرى. تقول عن ذلك: «أقول لأمي الآن كم تمنيت لو أنني لم أرحل عن منزل العائلة أبداً. هذا لا يعني أي شيء ضد نادي آرسنال، لكنني أتمنى الآن لو أنني بقيت في منزل العائلة وكنت أذهب إلى الكلية وأتعلم التجارة وأنشئ شيئاً خاصاً بي».
وتضيف: «كنت أبقى في أكاديمية الناشئين من يوم الاثنين وحتى يوم الجمعة من كل أسبوع. لكن الآن، سوف تنهرني أمي بشدة إذا لم أتصل بها تليفونياً للاطمئنان عليها. تتواصل العائلات الآن عبر مجموعات على (واتساب)، لكن عندما كنت أصغر سناً كنت أذهب لأكاديمية الناشئين من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، ولم أكن أتحدث مع أفراد عائلتي طوال الأسبوع. لم يكن مستواي في الكلية جيداً، ولم أكن مهتمة بذلك من الأساس. كنت أشعر ببعض الأشياء الغريبة وكنت أعرف أنني لا أحبذ العلاقات الرومانسية، لكن مع تقدمك في السن فإنك تبدأ في التفكير في العلاقات، وتتحدث عن الأشياء بمنظور أوسع من مجرد الإعجاب بشخص ما أو التفكير في مظهر شخص لطيف».
ثم جاء دور كرة القدم في حياتها، وتقول عن ذلك: «كنت مع الفريق الأول بنادي آرسنال، لكنني لم أكن ألعب، وكنت أجلس دائماً على مقاعد البدلاء. كان الفريق قوياً للغاية في ذلك الوقت، لذلك لم يكن من المفاجئ أن أجلس على مقاعد البدلاء، لكنني لا أعتقد أنني تكيفت مع هذا الأمر بشكل صحيح، ولا أعتقد حقاً أنني حصلت على التوجيه الصحيح عندما كنت لاعبة صغيرة في السن».
وكانت فلاهيرتي تعاني من الوحدة القاتلة، وقد انتابها خليط من المشاعر الغريبة التي جعلتها في نهاية المطاف تحاول الانتحار وهي في السابعة عشرة من عمرها. تقول فلاهيرتي عن ذلك: «إنني أتمنى لو أنني تلقيت تعليماً مناسباً حول هذا الأمر، أو أن أقرأ شيئاً عن ذلك، أو أن يكون هناك شخص يحتويني ويقدم لي الدعم. يكون الأمر صعباً للغاية عندما يكون الشخص وحيداً».
وقد لعب الحظ دوراً كبيراً للغاية في إنقاذ حياتها، فمن حسن الحظ أن قفل باب غرفتها كان مكسوراً، وهو ما مكّن زميلتها في المنزل من العثور عليها ونقلها إلى المستشفى. تقول فلاهيرتي: «كانت جاين لودلو وسارا غرانت، اللتان كانتا تلعبان في صفوف آرسنال في ذلك الوقت، تعملان في أكاديمية الناشئين، وكانتا هما قائدتي الفريق ومن المفترض أن يتلقيا الاتصال من لاعبات الفريق الراغبات في المساعدة. لقد جئت إلى المستشفى وأتذكر أنني قلت لجاين: من فضلك لا تتصلي بأمي أو أبي، لا أريدهما أن يعرفا ما حدث. لكنها قالت: جيلي، كيف لا أتصل بأمك وأبيك؟ يجب أن نخبرهما».
وتضيف: «كنت فقط لا أريد أن يلومني أحد على ما قمت به. لا أريد أن يحكم الناس على ما قمت به الآن، لأنني أصبحت شخصاً مختلفاً تماماً عما كنت عليه آنذاك. قالت لي أمي ذات يوم: أنا أشعر بالقلق حقاً عندما تكونين هادئة، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو على (واتساب). لكنني أخبرتها أنني لن أحاول الانتحار مرة أخرى، ولن يخطر ذلك الأمر حتى على بالي مرة ثانية».
وتتابع: «في ذلك الوقت لم أتحدث إلى أي شخص، لكنني لم أفكر أيضاً في أي شخص آخر. لم أفكر في أمي وأبي، ولم أفكر في عائلتي. لكن الآن، فلا يوجد مفر من أن أفكر في هؤلاء الناس الذين سأتركهم من خلفي عندما أرحل».
وتؤكد فلاهيرتي أن تقديم المساعدة والدعم أمر مهم للغاية في مثل هذه الحالات، وتقول: «هناك أشخاص يمكنك التحدث إليهم، لكن هناك شيئاً يمنع الناس من فعل ذلك حقاً، وهذا ما يجعل الأمر صعباً. وفيما يتعلق بالانتحار، فلا توجد فرص ثانية. وإذا كنت تواجه مشاكل تتعلق بالديون أو المقامرة أو الإدمان أو الحياة الجنسية، فهل من الأفضل أن تحاول الانتحار وإنهاء حياتك أم تحاول البحث عن بديل؟ نحن بحاجة إلى التأكد من أننا نملك أكبر عدد ممكن من البدائل للناس».
كما صرحت فلاهيرتي لوالديها بعد محاولة الانتحار بأنها مثلية الجنس، وهو الأمر الذي رفع عن كاهلها كثيراً من الضغوط، وتقول عن ذلك: «كان أبي وأمي يعرفان ذلك، حتى لو لم أخبرهما بذلك».
وتشير فلاهيرتي إلى أن هذه التجربة جعلتها أكثر قدرة على التعامل مع المواقف الصعبة والتحكم في مشاعرها، وتقول: «أنا قادرة الآن على أن أتحدث. عندما كنت أصغر، في ذلك الوقت، لم يُسمح لي أبداً بالتعبير عن مشاعري، وكان البكاء على أرض الملعب أمراً غير مقبول. لأنك لو بكيت داخل الملعب سيعتقد الناس أنك غير قادرة على تحمل الضغوط. أما الآن فيمكنني أن أبكي وأنا أشاهد شيئاً على شاشة التلفزيون. ولن أخفي مشاعري بعد الآن، وسوف أبكي عندما أرى أي شيء يتطلب البكاء».
وتختتم حديثها قائلة: «أنا شخص عاطفي وأحب الجميع. لقد مررت بتجارب أسوأ من ذلك بكثير الآن، لكنني لن أسمح لنفسي بالاستسلام، ولن أترك أي شيء يهزمني».