اتفاق في السودان على تسليم البشير إلى «الجنائية الدولية»

المفاوضات بين الحكومة والمسلحين تضع ركائز للسلام والمصالحة الشاملة

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال مثوله أمام المحكمة بقضايا فساد (رويترز)
الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال مثوله أمام المحكمة بقضايا فساد (رويترز)
TT

اتفاق في السودان على تسليم البشير إلى «الجنائية الدولية»

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال مثوله أمام المحكمة بقضايا فساد (رويترز)
الرئيس السوداني المعزول عمر البشير خلال مثوله أمام المحكمة بقضايا فساد (رويترز)

أعلنت الحكومة السودانية استعدادها لتسليم الرئيس المعزول عمر البشير، ومساعديه المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، استجابةً لطلب الحركات الدارفورية المسلحة التي تتفاوض مع الحكومة في جوبا عاصمة جنوب السودان.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات قبض ضد البشير ووزير الدفاع وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووالي جنوب كردفان أحمد هارون، وقائد ميليشيا الجنجويد علي كشيب، في 2009، بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت في دارفور، ثم ألحقتها بمذكرة اعتقال ثانية في 2010 بتوجيه تهم التصفية العرقية والإبادة الجماعية ضد البشير.
ورفض البشير ومعاونوه المثول أمام محكمة لاهاي، وتحفظ له وسائل الإعلام السودانية مقولته الشهيرة «المحكمة الجنائية تحت حذائي»، في أثناء وجودهم على السلطة، وبعد سقوط نظامه بالثورة الشعبية في أبريل (نيسان) 2019 دار جدل طويل بشأن تسليمهم للجنائية أم محاكمتهم داخل البلاد، أم تكوين محكمة هجين، بيد أن التفاوض مع الحركات المسلحة والحكومة السودانية الانتقالية في عاصمة جنوب السودان جوبا توصل لتسليم المطلوبين.
من جانبه، قال أحد محامي الرئيس السوداني السابق  إن البشير يرفض التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية كونها "محكمة سياسية" وإن القضاء السوداني قادر على التعامل مع أي قضية.
وقال المحامي محمد الحسن الأمين "نحن نرفض دخول المحكمة الجنائية الدولية في هذا الأمر لأنها محكمة سياسية وليست عدلية كما نرفض تدويل العدالة ونعتقد أن القضاء السوداني لديه القدرة والرغبة للنظر في هذه الاتهامات"، بحسب مانقلت عنه وكالة رويترز للأنباء.
 وقال عضو مجلس السيادة عضو وفد التفاوض الحكومي محمد الحسن التعايشي، في جوبا أمس، إن الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة اتفقوا على تسليم البشير ومعاونيه للمحكمة الجنائية الدولية، والمثول أمامها من أجل تحقيق العدالة والمصالحة.
وأضاف: «توصلت المفاوضات مع الحركات المسلحة الدارفورية، لاتفاق مع الحكومة الانتقالية، ركزت على العدالة الانتقالية والمصالحة، وجرى الاتفاق على تحقيق مؤسسات تحقيق العدالة خلال الفترة الانتقالية»، وتابع: «اتفقنا وعن قناعة تامة بأن الوصول إلى اتفاق سلام شامل لن يتم دون الاتفاق على مؤسسات تنجز مهمة العدالة، وتحقق مبادئ عدم الإفلات من العقاب».
وأوضح التعايشي أنهم اتفقوا على 4 ركائز لتحقيق السلام في دارفور، من بينها مثول الذين صدرت بحقهم أوامر قبض من «الجنائية الدولية» أمامها، وقال: «لا نستطيع تحقيق العدالة إلاّ إذا شفينا الجراح بالعدالة، ولن نستطيع الهروب مطلقاً من أن هناك جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتُكبت في حق أبرياء في دارفور ومناطق أخرى، لن نستطيع ذلك دون مثول الذين صدرت بحقهم أوامر قبض أمام المحكمة الجنائية»، وأكد: «التزمنا واتفقنا اليوم على مثول الذين صدرت بحقهم أوامر قبض من المحكمة الجنائية الدولية».
وأوضح التعايشي أن الأطراف توصلت كذلك إلى «المحكمة الخاصة بجرائم دارفور» المختصة بإجراء التحقيق والمحاكمات في الجرائم التي ارتُكبت في دارفور، بما في ذلك «القضايا المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية»، إضافة إلى الاتفاق على آليات العدالة التقليدية والعدالة المرتبطة بالحقيقة والمصالحة.
وقال التعايشي إن الطرفين بعد الفراغ من نقطة متبقية تتعلق بمحكمة دارفور الخاصة، وأخرى تتعلق بالقضاء الوطني، يكونان قد أكملا ورقة تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة، وتابع مؤكداً: «مهما اجتهدنا في معالجة جذور الأزمة لا نستطيع ذلك دون تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا»، واستطرد: «قناعة الحكومة التي جعلتها توافق على مثول الذين صدرت بحقهم أوامر قبض أمام المحكمة الجنائية الدولية، مرتبطة بالعدالة بوصفها أحد شعارات الثورة، ومرتبطة بمبدأ بعدم الإفلات من العقاب»، وأضاف: «لا نستطيع معالجة جراحات الحرب إلا بتحقيق العدالة الانتقالية».
وتجري في جوبا عاصمة جنوب السودان منذ العاشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مفاوضات بين الحكومة الانتقالية في خمسة مسارات «الشرق، والوسط، والشمال، والمنطقتين، ودارفور»، بمشاركة فصائل المعارضة المسلحة، بوساطة تقودها دولة جنوب السودان، ويترأس وفد الحكومة المفاوض نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، وبمشاركة عدد من أعضاء مجلس السيادة والوزراء، وقوى إعلان الحرية والتغيير.



في خضم المعارك ضد «الفصائل»... الأسد يصدر مرسوماً بإضافة 50 % إلى رواتب العسكريين

صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
TT

في خضم المعارك ضد «الفصائل»... الأسد يصدر مرسوماً بإضافة 50 % إلى رواتب العسكريين

صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)

أوعز الرئيس السوري بشار الأسد، (الأربعاء)، في مرسوم رئاسي، بإضافة نسبة 50 في المائة إلى رواتب العسكريين، في خطوة تأتي في خضم تصدي قواته لهجمات غير مسبوقة تشنها فصائل مسلحة في شمال محافظة حماة.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، نشرت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» نص المرسوم الذي يفيد بـ«إضافة نسبة 50 في المائة إلى الرواتب المقطوعة النافذة بتاريخ صدور هذا المرسوم... للعسكريين»، ولا تشمل الزيادة مَن هم في الخدمة الإلزامية أو المتقاعدين.

وجاء ذلك في وقت يخوض فيه الجيش السوري مواجهات شرسة ضد الفصائل المسلحة، تقودها «هيئة تحرير الشام»، جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بـ«تنظيم القاعدة»، في ريف حماة الشمالي، لصد محاولات تقدمها إلى مدينة حماة. وكانت الفصائل المسلحة تمكنت من السيطرة على غالبية أحياء مدينة حلب، التي باتت بكاملها خارج سيطرة الجيش السوري للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في عام 2011. واستنزفت الحرب عديد وعتاد الجيش السوري الذي خسر في سنوات النزاع الأولى، وفق خبراء، نصف عديده الذي كان مقدراً بـ300 ألف، جراء مقتلهم في المعارك أو فرارهم. ويضمّ الجيش السوري إجمالاً ثلاث مجموعات رئيسة، وهم: المتطوعون في السلك العسكري، وهم المستفيدون من مرسوم الأسد، والملتحقون بالخدمة العسكرية الإلزامية، والمكلفون بالخدمة الاحتياطية. وكان الجيش السوري أعلن في يوليو (تموز) أنه يعتزم تسريح عشرات الآلاف من الخدمة الاحتياطية حتى نهاية العام الحالي، ومثلهم العام المقبل. وجاء التصعيد العسكري غير المسبوق وهو الأعنف منذ سنوات، بعد أكثر من 13 عاماً على بدء نزاع مدمر استنزف مقدرات الاقتصاد، وانهارت معه العملة المحلية، وبات أكثر من ربع السوريين يعيشون في فقر مدقع، وفق البنك الدولي. ولطالما شكّل الالتحاق بالخدمتين الإلزامية والاحتياطية هاجساً رئيساً لدى الشباب السوريين الذين يرفضون حمل السلاح، خصوصاً بعد اندلاع النزاع الذي أدى إلى مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وأسفر عن نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها.