وفد أمني مصري في غزة لإنقاذ التهدئة وتجنب «التدهور»

غارات إسرائيلية على القطاع وتخيير الغزيين بين الحرب أو التسهيلات الاقتصادية

تحضير بالونات حارقة لإطلاقها قرب مخيم بريج على الحدود الإسرائيلية (أ.ف.ب)
تحضير بالونات حارقة لإطلاقها قرب مخيم بريج على الحدود الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

وفد أمني مصري في غزة لإنقاذ التهدئة وتجنب «التدهور»

تحضير بالونات حارقة لإطلاقها قرب مخيم بريج على الحدود الإسرائيلية (أ.ف.ب)
تحضير بالونات حارقة لإطلاقها قرب مخيم بريج على الحدود الإسرائيلية (أ.ف.ب)

بدأ وفد من المخابرات المصرية أمس، مباحثات في قطاع غزة من أجل إنقاذ التهدئة الحالية، بعد أيام من التوتر والقصف المتبادل، ولغرض دعم التدابير الأمنية التي تتخذها «حماس» على الحدود بين القطاع ومصر.
ووصل الوفد الأمني المصري إلى غزة قادماً من معبر بيت حانون (إيرز) شمالاً، بعد ساعات على قصف إسرائيلي للقطاع. وذكر مصدر قريب من الوفد المصري أن أعضاء الوفد التقوا عدداً من المسؤولين الإسرائيليين ليل الأحد/ الاثنين.
وقال مكتب الإعلام في المعبر إن الوفد وصل برئاسة اللواء أحمد عبد الخالق مسؤول ملف فلسطين في المخابرات المصرية مع 4 أعضاء آخرين. وأجرى الوفد جولة على الحدود المصرية - الفلسطينية في إطار الترتيبات الأمنية لمنع تسلل مسلحين، كما بدأ سلسلة لقاءات ثنائية مع قيادة حركة حماس والفصائل لمتابعة تنفيذ تفاهمات التهدئة.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد الأمني يهدف إلى تثبيت التهدئة سعياً لدفعها نحو الأمام. وأضاف: «يريد الوفد التأكد من أن التوتر الحالي لن يتطور إلى مواجهة، كما يريد استعادة الهدوء من أجل دفع مباحثات التهدئة نحو الأمام». وأردفت: «أيضاً سيطلع الوفد على إجراءات أمنية اتخذتها حماس على الحدود ويبحث طلبات للحركة بشأن الوضع الأمني هناك».
وتوتر الموقف في غزة بعدما كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، خطته لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، التي رفضها الفلسطينيون بشدة في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويطلق فلسطينيون بشكل شبه يومي صواريخ أو بالونات حارقة تجاه إسرائيل بعد فترة طويلة من الهدوء وتغير طائرات إسرائيلية على القطاع كذلك.
وقبل وصول الوفد، أغارت الطائرات الإسرائيلية على موقعين للفصائل الفلسطينية جنوب قطاع غزة. وقصف الطيران المروحي بـ3 صواريخ موقعاً في محيط الميناء الجديد غرب خان يونس جنوب غزة. وفي وقت متزامن، قصفت الطائرات المروحية موقع التل غرب دير البلح ما ألحق أضراراً مادية في الموقعين، فيما قصفت مدفعيته موقعاً شرق مدينة غزة. وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن طائراته قصفت أهدافاً لحركة حماس رداً على انطلاق صاروخ من غزة مساء الأحد.
ومرة أخرى حمل الجيش الإسرائيلي حركة حماس مسؤولية ما يجري في القطاع وينطلق منه. وهذا التصعيد المستمر أثر سلباً على تفاهمات التهدئة. والأسبوع الماضي، قلصت مساحة الصيد في قطاع غزة من 15 إلى 10 أميال بحرية، «رداً على استمرار إطلاق القذائف الصاروخية والبالونات الحارقة من القطاع». وكانت إسرائيل وسعت مساحة الصيد البحري ضمن اتفاق التهدئة الأخير الذي ينص على وقف الهجمات على إسرائيل مقابل إدخال تسهيلات.
وعرضت إسرائيل على «حماس» حرباً أو تسهيلات. وهدد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الأحد، بشن حملة عسكرية واسعة في قطاع غزة، مع استمرار التوتر الأمني وإطلاق القذائف الصاروخية والبالونات المتفجرة.
كما هدد وزير الجيش نفتالي بينت، بأن إسرائيل تقترب من تسديد ضربة عسكرية قاسية إلى قادة «حماس» في قطاع غزة «نتيجة تصرفهم المنفلت من عقاله». وأكد خلال جلسة تقييمية عقدها في فرقة غزة، أن الضربة المقبلة ستختلف عن التي سبقتها، وأنه ما من أحد سيكون في مأمن منها. وتابع: «أمام حماس خياران، إما الحياة والازدهار الاقتصادي أو طريقة الإرهاب، وبالتالي دفع ثمن باهظ لا يمكن تحمله». وهذه السياسة لم تعجب المعارضة الإسرائيلية وتحولت إلى سجال في جلسة خاصة بالكنيست الإسرائيلي، أمس.
وهاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية بيني غانتس طريقة تعاطي الحكومة الإسرائيلية مع ما وصفه بـ«معاناة مستوطني الجنوب وعجزهم عن إيجاد حل يضمن العودة للهدوء». ورد بينيت قائلاً إنه وقف وحيداً مصراً على خطورة أنفاق «حماس» في قطاع غزة إبان حرب عام 2014، بينما عارضه وزير الجيش آنذاك موشي يعلون وقائد الأركان بيني غانتس. ونوه بينيت بأن غانتس عوّل على «حسن نوايا حماس»، وأنها لن تستخدم الأنفاق في ذلك الحين، كما عجز عن تقدير أمد الحرب التي وصلت إلى قرابة الشهرين. وقال إنه بخلاف مزايدات خصومه على أعتاب الانتخابات، يعرف كيفية معالجة ظاهرة البالونات والصواريخ المنطلقة من غزة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».