شي يدعو إلى تدابير «أكثر حزماً» لمواجهة «كورونا»... ولندن ترفع مستوى التحذير

ترمب توقع زوال الفيروس في أبريل بسبب الحرارة

شي جينبينغ لدى زيارته مركز تشخيص في بكين أمس (أ.ف.ب)
شي جينبينغ لدى زيارته مركز تشخيص في بكين أمس (أ.ف.ب)
TT

شي يدعو إلى تدابير «أكثر حزماً» لمواجهة «كورونا»... ولندن ترفع مستوى التحذير

شي جينبينغ لدى زيارته مركز تشخيص في بكين أمس (أ.ف.ب)
شي جينبينغ لدى زيارته مركز تشخيص في بكين أمس (أ.ف.ب)

دعا الرئيس الصيني شي جينبينغ، أمس، في أول ظهور علني له منذ بدء انتشار فيروس «كورونا» الجديد، مرتدياً قناعاً للحماية، إلى اتخاذ تدابير «أكثر قوة وحزماً» ضدّ المرض الذي قضى حتى الآن على حياة أكثر من 900 شخص. في غضون ذلك، عبّرت منظمة الصحة العالمية عن قلقها من تفشٍ أوسع في دول أخرى.
وزار الرئيس الصيني مستشفى وحياً سكنياً في العاصمة بكين، لمتابعة جهود مكافحة انتشار الفيروس، الذي تجاوز عدد الإصابات به 40 ألفاً، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي تقرير طويل بُثّ خلال نشرة أخبار المساء، تحدّث شي عن الوضع في مدينة ووهان القابعة تحت حجر صحي منذ 23 يناير (كانون الثاني) مع مناطق عدة من مقاطعة هوباي، حيث يتركز العدد الأكبر من الإصابات. وقال شي: «لا يزال الوباء في هوباي وووهان خطيراً للغاية»، داعياً إلى اتخاذ «إجراءات أقوى وأكثر حزماً لوضع حد بصورة حاسمة لتفشي العدوى».
وقد اتخذت حكومته إجراءات جذرية، مُنع بموجبها سكان هوباي، البالغ عددهم 56 مليون شخص، من مغادرة المقاطعة. لكن السلطة تعرضت لانتقادات أيضاً لتأخّرها في التصدي للداء، واتهامها أول من حذروا منه بـ«نشر شائعات»، وفق عدّة تقارير. وأثار موت أحدهم، وهو طبيب كان يبلغ من العمر 34 عاماً، الجمعة، دعوات غير اعتيادية لحرية التعبير.
وحسب الصور التي بثها تلفزيون «سي سي تي في»، ظهر شي علناً للمرة الأولى، ووجهه مغطى بقناع للوقاية بات ارتداؤه أمراً منتشراً في الصين. وقيست حرارة جسده بعد ذلك عبر ميزان حرارة إلكتروني، وهو أمر بات إجراؤه رائجاً جداً في الأماكن العامة في الصين. وظهر لاحقاً وهو يتكلم مع سكان الحي المقنعين أيضاً عن بعيد.
وأسفر فيروس «كورونا» المستجد عن وفاة 908 أشخاص في الصين القارية، وفق آخر حصيلة صادرة عن السلطات، ما يشير إلى استقرار في تفشي الداء. في المقابل، سجّلت الساعات الـ24 الماضية 97 حالة وفاة في الصين القارية على الأقل، 91 منها في هوباي. وأحصت الصين 3 آلاف إصابة جديدة. وتوفي سابقاً شخصان آخران خارج الصين، في الفلبين وهونغ كونغ.
عالمياً، اتّخذت بريطانيا، أمس، إجراءات جديدة لمكافحة فيروس «كورونا» الجديد يوضع بموجبها أشخاص يعانون من المرض في حجر صحي قسري، إذا كانوا يشكلون خطراً على الصحة العامة. ويعقد وزراء الصحة الأوروبيون اجتماعاً طارئاً، الخميس، في بروكسل، لمناقشة سبل مكافحة الداء.
ويمكن أن تتزايد أعداد الإصابات خارج الصين مع انتقال العدوى لأشخاص لم يسافروا قط إلى الصين، كما حذر الأحد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية. وكتب، في تغريدة، أن «تسجيل عدد قليل من الحالات يمكن أن يشير إلى تفشٍ أوسع في دول أخرى، باختصار، نحن لا نرى إلا رأس جبل الجليد». وبعد ذلك بساعات، وصلت «بعثة دولية من الخبراء» تابعة لمنظمة الصحة العالمية إلى الصين، لاستطلاع التطورات بشأن انتشار فيروس «كورونا» الجديد.
وتزامن الظهور العلني الأول لشي مع عودة خجولة للعمل، أمس، في الصين، خارج المناطق التي يفرض فيها حجر صحي، لكن التلاميذ بقوا في بيوتهم، بينما سمحت شركات لموظفيها بالعمل من المنزل. وفي بكين، كما شنغهاي، عادت حركة السير بشكل محدود، أمس، إلى الطرقات، لكن الازدحام الاعتيادي الذي تشهده هاتان المدينتان العملاقتان كان غائباً.
وأشارت وسائل إعلام رسمية إلى أن نسبة ارتياد مترو بكين كانت أقل بـ50 في المائة من المعتاد خلال يوم عمل عادي في الأسبوع. كما يسود خوف في أوساط الموظفين العائدين إلى أعمالهم. وقال عامل في صالون تجميل فرغ من زبائنه في حي تجاري في العاصمة، لوكالة الصحافة الفرنسية، «نحن قلقون طبعاً»، موضحاً: «إذا دخل زبائن، نقوم بقياس حرارتهم، ونعرض عليهم استخدام معقم ونطلب منهم غسل أيديهم».
ونصحت بلدية شنغهاي، الموظفين، داخل المكاتب، بعدم التجمع مع اعتماد ساعات عمل متداخلة، وتفادي تناول الطعام بشكل مشترك بين الزملاء الذين عليهم أن يحافظوا على مسافة تزيد على متر فيما بينهم. كما فرض إطفاء أنظمة التهوية.
وفي مؤشر إلى الصعوبات الاقتصادية الناتجة من الفيروس، أعلنت بكين، أمس، عن ارتفاع بأكثر من 20 في المائة لأسعار الطعام في يناير. وأغلقت طرقات في مناطق مختلفة في البلاد في محاولة للتصدي للداء. وحاول شي طمأنة الصينيين عبر التلفزيون، بقوله إن أثر الفيروس «سيكون محدود المدة». كما دعا إلى «التنبه جيداً لمسألة البطالة»، و«تفادي تسريح العمال بشكل واسع».
وفي العالم، تأكدت 320 إصابة في 30 بلداً. وأعلنت فرنسا، السبت، إصابات إضافية (4 راشدين وطفل من الجنسية البريطانية)، ما يرفع عدد الإصابات في هذا البلد إلى 11، كما أعلنت بريطانيا عن 4 إصابات جديدة، ما يرفع الحصيلة إلى 8.
ووصفت الحكومة البريطانية، الفيروس، بأنه تهديد «خطير ووشيك للصحة العامة»، وأعلنت اتخاذها تدابير لحماية السكان. وقالت وزارة الصحة البريطانية، في بيان، «الإصابة أو نقل فيروس (كورونا) المستجدّ يشكلان تهديداً خطيراً ووشيكاً للصحة العامة»، موضحة أنها اتخذت تدابير «لتأخير أو منع انتقال الفيروس» إلى مزيد من الأشخاص.
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، أن موظفاً بأحد المراكز الطبية في مدينة برايتون بجنوب إنجلترا تأكدت إصابته بفيروس «كورونا». وأضافت «بي بي سي» أن مركز «كاونتي أوك» الطبي جرى إغلاقه لفترة مؤقتة. وأعلن مسؤولو الصحة، الأسبوع الماضي، اكتشاف إصابة بـ«كورونا» في برايتون، وقالوا إنهم يبذلون جهوداً للحيلولة دون انتشار الفيروس.
من جهته، توقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس، زوال فيروس «كورونا» الجديد في أبريل، بسبب الحرارة، مشيداً مجدداً بالخطوات التي اتخذها المسؤولون الصينيون لاحتوائه. وقال ترمب، في البيت الأبيض، «بحلول أبريل، أو خلال شهر أبريل، فإن الحرارة عموماً تقضي على هذا النوع من الفيروس».
لكن الوباء يواصل تفشيه، ولم تحدد السلطات الصحية حتى الآن موعداً تتوقع فيه أن يأخذ انتشار العدوى بالتراجع أسبوعاً تلو آخر. وفي هذا السياق، قال مدير المعهد الأميركي للأمراض المعدية، أنطوني فوسي، الجمعة، وهو أيضاً عضو في مجموعة العمل الرئاسية حول الفيروس، «لا نعلم».
ويبقى العامل الرئيسي في ذلك مدى تفشي الفيروس خارج الصين، وقدرة الدول الأخرى على احتوائه. وأشاد ترمب مجدداً برد فعل بكين، وقال: «أعتقد أنهم يقومون بعمل جيد. تحدثت طويلاً إلى الرئيس شي (جينبينغ) (...) وهو واثق جداً».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».