«تفجير إرهابي» يستهدف مدرسة ليبية... والجيش يقصف مواقع في مصراتة

المصرف المركزي لم يدفع رواتب موظفي الدولة وإيرادات النفط هبطت إلى الصفر

TT

«تفجير إرهابي» يستهدف مدرسة ليبية... والجيش يقصف مواقع في مصراتة

أعلن مصرف ليبيا المركزي، أمس الاثنين، أن إيرادات النفط، وهي المصدر الرئيسي لدخل البلاد، هبطت إلى الصفر، وأنه لم يدفع رواتب موظفي الدولة الشهر الماضي. وجاء ذلك في وقت أصيب فيه 3 طلاب على الأقل في عملية إرهابية استهدفت مدرسة في غرب ليبيا، بينما استمرت الاشتباكات المتقطعة قرب العاصمة طرابلس، وسط معلومات كشفتها مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» عن قيادة «مرتزقة» موالين لتركيا المعارك التي تخوضها القوات الموالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج ضد قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.
وطبقاً لمعلومات استخباراتية وصلت الجيش الوطني، ونقلها مسؤول عسكري طلب عدم تعريفه، فإنه «يتم الزج بالمرتزقة السوريين في الخطوط الأمامية لمحاور القتال حول العاصمة»، مشيراً إلى أنه «تم وضع الميليشيات الليبية المحلية كإسناد خلف الخطوط باعتبار أن المرتزقة من مدفوعي الأجر هم من يتولون المراقبة والرصد». وتابع لـ«الشرق الأوسط»: «ينطبق الأمر على مرتزقة من الجنسية التشادية من التابعين للقوات التابعة لحكومة الوفاق في العزيزية والساعدية»، مشيراً إلى تصاعد وتيرة تهريب النفط «نتيجة تفرّغ الميليشيات الليبية للتهريب».
وقال قائد ميداني في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن محاور القتال في طرابلس شهدت اشتباكات متقطعة بعد ليلة من القصف العنيف المتبادل بالأسلحة الثقيلة، خصوصاً في طريق المطار والضواحي الجنوبية لطرابلس.
وأعلن المجلس البلدي لضاحية قصر بن غشير في طرابلس تعليق الدراسة في المناطق التابعة له لمدة 3 أيام اعتباراً من أمس. واستنكر في بيان «صمت الأمم المتحدة وعدم قيامها بدورها لحماية المدنيين والمؤسسات العامة». وقال سكان محليون إن أصوات القصف العنيف كانت تسمع بوضوح في مختلف أنحاء المدينة، بينما قالت وسائل إعلام محلية إن مدفعية الكتيبة 301 مشاة استهدفت أمس تجمعاً لقوات الجيش بمشروع الخلاطات، بينما اتهم الجيش الميليشيات الموجودة داخل قاعدة معيتيقة الجوية بقصف الأحياء السكنية بمنطقة عين زارة وقصر بن غشير.
كما قصفت قوات الجيش الوطني مواقع للميليشيات المسلحة في منطقة أبو قرين شرق مدينة مصراتة، حيث يواصل الجيش حشد قواته بعد إعلانه إلحاق خسائر كبيرة بالمعدات العسكرية للميليشيات.
ومن المقرر أن تعقد خلال الأسبوع المقبل الجولة الثانية من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي عقدت جولتها الأولى برعاية الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية بين طرفي النزاع في ليبيا، لكنها لم تسفر عن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وهذه اللجنة هي إحدى ثمار مؤتمر برلين الدولي الذي عقد الشهر الماضي للبحث في سبل إنهاء النزاع في ليبيا، ومن مهامها الاتفاق على شروط وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب قوات الطرفين من بعض المواقع.
في المقابل، قالت حكومة السراج إن عضو مجلسها الرئاسي محمد عماري ناقش مع السفير التركي بطرابلس سرحات أكسن الوضع الميداني و«التحشيدات العسكرية المستمرة من طرف العدو»، في إشارة إلى قوات الجيش الوطني على تخوم طرابلس. ونقل بيان الحكومة عن السفير التركي تأكيده استمرار دعم بلاده لحكومة السراج والتزامها بالتعاون معها ضد قوات المشير حفتر.
في غضون ذلك، أصيب 3 طلاب في عملية إرهابية استهدفت إحدى المدارس في مدينة الزاوية على بعد 40 كيلومتراً غرب طرابلس. وأكد عميد بلدية غرب الزاوية عبد الكريم الأبح إصابة 3 طلاب بإصابات طفيفة جراء التفجير، الذي قال بيان للمركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة بالجيش الوطني إنه تم بحقيبة متفجرة.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث فوراً، لكن بيان الجيش الوطني قال إن هذا الأسلوب «من الأعمال الإرهابية المعروفة لتنظيمات (داعش) وأنصار الشريعة وشورى بنغازي وجبهة النصرة ومن على شاكلتها».
من جهة أخرى، أكدت وزارة الداخلية بحكومة السراج أن حركة عبور المسافرين من معبري وازن ورأس أجدير الحدوديين مع تونس تسير بشكل طبيعي وسلس عبر الاتجاهين.
إلى ذلك، قال مصرف ليبيا المركزي أمس الاثنين إن إيرادات النفط، وهي المصدر الرئيسي لدخل البلاد، هبطت إلى الصفر في يناير (كانون الثاني) بعدما أغلقت قوات ورجال قبائل متحالفون مع القائد العسكري في شرق ليبيا خليفة حفتر موانئ نفطية رئيسية، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز». وقال المصرف المركزي، الذي مقره طرابلس، أيضاً في بيان على صفحته على «فيسبوك» إن إغلاق الموانئ والحقول النفطية تسبب في خسائر تتجاوز 2.5 مليار دينار ليبي (1.78 مليار دولار). وأضاف أنه لم يدفع أي رواتب للعاملين بالدولة الشهر الماضي.
ويعمل المصرف المركزي بشكل رئيسي مع حكومة طرابلس لكنه يدفع أيضا رواتب بعض موظفي الدولة في شرق ليبيا الخاضع لسيطرة حفتر.
وقال المصرف المركزي إن أكبر مصدر للدخل في يناير كان رسوم بيع النقد الأجنبي والتي جلبت 2.319 مليار دينار. وبلغت إيرادات الضرائب 53 مليون دينار بينما بلغت إيرادات الجمارك ثمانية ملايين دينار. وفي إطار مرتبط، قالت شركة الزاوية الليبية لتكرير النفط إنها اضطرت لوقف عمليات التكرير بسبب نقص إمدادات ومخزونات الخام، ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر بالشركة التابعة للمؤسسة الوطنية الليبية للنفط أن وحدتي تكرير تبلغ طاقة كل منهما 60 ألف برميل توقفتا عن العمل. وذكرت الشركة في بيان أنها «تعلن اضطرارها إلى إيقاف عمليات التكرير وذلك بسبب نقص إمدادات الخام من الحقول النفطية، وكذلك نفاد الخام من خزاناتها». وأضاف بيان الشركة «تدعو الشركة المسؤولين على قفل الحقول النفطية إلى ضرورة الفتح الفوري لها لأن ما يقومون به من عمل يتسبب في خسائر فادحة للميزانية العامة باعتبار أن النفط المصدر الأساسي والوحيد لدخل البلاد، وأنهم سيكونون أول المتضررين من ذلك».
وفي إشارة إلى أن إعادة فتح الموانئ والحقول ربما لا تكون وشيكة، قالت قبائل ومجتمعات في مناطق غنية بالنفط في شرق ليبيا يسيطر عليها الجيش الوطني إنها تعارض استئناف صادرات النفط ما لم يخرج المسلحون من طرابلس.
وكان غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة أعلن أنه ينتظر مطالب رجال القبائل المسؤولين عن الإغلاق الذي تصدر جدول أعمال اجتماع اقتصادي تستضيفه القاهرة بين ممثلين عن طرفي النزاع في ليبيا.


مقالات ذات صلة

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

المشرق العربي مقاتلان من الفصائل الموالية لتركيا في جنوب منبج (أ.ف.ب)

تحذيرات تركية من سيناريوهات لتقسيم سوريا إلى 4 دويلات

تتصاعد التحذيرات والمخاوف في تركيا من احتمالات تقسيم سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات بين الفصائل و«قسد» في شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )
أميركا اللاتينية شرطة فنزويلا (متداولة)

السلطات الفنزويلية تعتقل أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب

أعلن وزير الداخلية الفنزويلي ديوسدادو كابيلو، الاثنين، أن السلطات اعتقلت أكثر من 120 أجنبياً بتهم تتعلق بالإرهاب، عقب الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس )
الولايات المتحدة​ جندي أميركي خارج أسوار معسكر غوانتانامو (متداولة)

أميركا تقلص عدد معتقلي غوانتانامو إلى 15 بعد إرسال 11 يمنياً إلى عُمان

خفضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عدد السجناء في مركز احتجاز خليج غوانتانامو في كوبا بنحو النصف، بعد أن أرسلت 11 معتقلاً إلى عُمان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ تظهر نظارات «ميتا» الذكية المحدثة في المقر الرئيسي للشركة في مينلو بارك بكاليفورنيا في الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2023 (رويترز)

ما نظارات «ميتا» التي استخدمها مهاجم نيو أورليانز للاستكشاف قبل عمله الإرهابي؟

نظارات «ميتا» هي أجهزة بها كاميرا مدمجة ومكبرات صوت وذكاء اصطناعي، يمكن التحكم فيها بصوتك وبأزرار، والتحكّم بها كذلك ببعض الإيماءات.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز (الولايات المتحدة))

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».