معركة «الحريرية السياسية» من تبعات انهيار التسوية

TT

معركة «الحريرية السياسية» من تبعات انهيار التسوية

مع حلول ذكرى مرور 15 عاماً على اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، يمر لبنان بظروف سياسية صعبة ومعقّدة، إثر انهيار التسوية بين رئيس الوزراء السابق سعد الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون وانقطاع التواصل بينهما، وهو ما انسحب على علاقة «تيار المستقبل» بـ«التيار الوطني الحر» ودفع باتجاه تشكيل حكومة «من لون واحد» برئاسة الرئيس حسان دياب.
فالتسوية السياسية التي أصبحت في خبر كان بادر إلى الانسحاب منها حزب «القوات اللبنانية» بعد أن أطاح رئيس الجمهورية، بالتناغم مع رئيس «التيار الوطني» جبران باسيل «إعلان النيات»، كما تقول مصادر سياسية بارزة في قوى المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، وصولاً إلى انعدام الثقة بين «العهد القوي» ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط. وتفرّد «الكتائب» عن الآخرين بعدم انتخاب عون رئيساً للجمهورية ورفض مشاركته في الحكومة.
وسألت المصادر السياسية عن «الأسباب الكامنة وراء تدهور العلاقة بين عون والقوى السياسية التي تتموضع حالياً في المعارضة، ودور باسيل في تعطيل الحوار وحصره علاقة العهد بالثنائي الشيعي، رغم أنها ليست مستقرة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري بخلاف ثباتها مع (حزب الله)». كما سألت عما إذا كان من المفيد لعون أن يتعامل معه المجتمع الدولي على أنه حليف لـ«الثنائي الشيعي»، معتبرة أن «باسيل هو من ألحق الضرر السياسي بـ(العهد القوي) لأنه تصرّف ولا يزال كرئيس ظل، وهذا ما تسبب بتدهور علاقة عون بالآخرين».
وتوقفت المصادر نفسها أمام الحملات السياسية التي يرعاها عون وباسيل وبعض الأطراف في «قوى 8 آذار»، والتي «يراد منها استهداف الحريري، بذريعة أن السياسات التي اتبعتها الحريرية السياسية قبل 30 عاماً كانت السبب في الأزمات المالية والاقتصادية التي يغرق فيها لبنان اليوم». وسألت عن الدوافع التي أملت على الرئيس دياب الانضمام إلى هذه الحملات.
وفي هذا السياق، قالت مصادر بارزة في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» إن «من يرعى هذه الحملات يريد الهروب إلى الأمام ليصرف الأنظار عن مسؤوليته في إيصال البلد إلى كل هذه الأزمات». وسألت عما تبدّل «ودفع برئيس الجمهورية لرعاية هذه الحملات المنظمة والتي تأتي استنساخاً لحملات مماثلة كان قام بها الرئيس السابق إميل لحود من خلال ما يسمى بغرفة الأوضاع التي أنشأها قبل أن يلغيها ويصرف النظر عنها».
وقالت إن الحريري سيرد على هذه الحملات في الخطاب الذي سيلقيه الجمعة المقبل في ذكرى اغتيال والده، وكشفت أن «المستقبل» أعد كتيّباً بعنوان «30 سنة من الوثائق وبالأرقام» يتناول فيه «السياسات الحريرية ومسلسل التعطيل، ويدعمه بفيلم يشرح فيه للبنانيين المسار الذي بدأه الحريري، وانتهى مع قراره بعزوفه عن الترشُّح لرئاسة الحكومة».
واعتبرت أن «من يقف وراء هذه الحملات يتحدث عن 30 سنة من عمر الحريرية السياسية، وهناك من يصر على تحميلها ما لحق بالبلد من أضرار كبرى من جراء حروب التحرير والإلغاء التي قام بها العماد عون في العام 1989 قبل خروجه من بعبدا». وأشارت إلى أن «الكتيّب يسرد بالتفاصيل ما واجهته المرحلة الحريرية من صعوبات وتعطيل بالأرقام، خصوصاً منذ اغتيال الرئيس الحريري حتى اليوم وكيف تعطّل باريس - 1 وباريس - 2 وتم التعامل بسلبية مع مؤتمر سيدر». وسألت: «كيف يتحدث هؤلاء عن مسؤولية الرئيس رفيق الحريري منذ العام 1992 ويغيب عن بالهم ما حصل في البلد في 9 سنوات من تولي لحود رئاسة الجمهورية؟ وهل كان الحريري نافذاً في حينها؟ وإلا لماذا يصرون على تحميله المسؤولية؟».
وإذ تعترف بدوره طوال الفترة الممتدة من العام 1992 إلى العام 1998 أي أثناء تولي الرئيس الراحل إلياس الهراوي رئاسة الجمهورية، فإنها في المقابل تركّز على «مسلسل التعطيل الذي بدأ مع مشاركة (التيار الوطني) في الحكومات، وكان سبقه إقحام البلد في فراغ بعد انتهاء ولاية لحود، استمر لأكثر من عام ونصف العام، وتلاه انتخاب ميشال سليمان رئيساً للجمهورية».
ولم يغب عن بال «المستقبل» عودة «التيار الوطني» إلى تعطيل انتخاب رئيس خلفاً لسليمان لأكثر من 3 سنوات ونصف السنة، وهو ما لم ينته إلا بانتخاب عون رئيساً للجمهورية. كما أن هذه المصادر ستترك للحريري تقويم التسوية السياسية التي أبرمها معه، وإن كانت لا تعفي تياره السياسي من «تعطيله ليس لتشكيل الحكومات فحسب وإنما لمنع مجالس الوزراء من الإنتاجية».
ومع أن التسوية أوجدت من وجهة نظر «المستقبل» الحل السياسي الذي لم يدم أكثر من 3 سنوات نتيجة سلوك وممارسات باسيل الذي استقوى بدعم رئيس الجمهورية له، وراح يوظفه في تعطيل مجالس الوزراء ومنعه من تفعيل العمل الحكومي، فإن الحريري أراد منها إعادة انتظام المؤسسات الدستورية ومنع انهيار البلد وقطع الطريق على الانفجار الأهلي وأطفأ فتيله.
لذلك فإن «المستقبل»، كما تقول مصادره: «ليس هو من شن الحروب المتنقلة التي أشعلها باسيل بلا رادع أو حسيب، وأيضاً في خرقه لسياسة النأي بالنفس بخلاف ما تعهدت به الحكومات السابقة، وهذا ما أقحم لبنان في سياسة المحاور وأضر بعلاقاته العربية والدولية ووفّر الذرائع للدول القادرة بأن تنأى بنفسها عن مساعدة لبنان للنهوض من أزماته المالية والاقتصادية».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.