جماليات تشكيلية بروح مصرية في معرض قاهري

اللوحات تحتفي بالخط العربي والزهور ونهر النيل

معبد فيلة في أسوان  -  «الهرم» ثيمة فنية تجريدية تعبر عن رسوخ الحضارة المصرية
معبد فيلة في أسوان - «الهرم» ثيمة فنية تجريدية تعبر عن رسوخ الحضارة المصرية
TT

جماليات تشكيلية بروح مصرية في معرض قاهري

معبد فيلة في أسوان  -  «الهرم» ثيمة فنية تجريدية تعبر عن رسوخ الحضارة المصرية
معبد فيلة في أسوان - «الهرم» ثيمة فنية تجريدية تعبر عن رسوخ الحضارة المصرية

برؤية فنية عميقة، يأتي معرض التشكيلية المصرية ثريا رفعت، التي لا تختزل رؤيتها لحضارة بلادها في موضوع واحد، أو ثيمة محددة، حيث تتنوع موضوعاتها في زوايا مختلفة، تتنقل بينها بفرشاتها، عبر مفردات متعددة بشكل غير مباشر، لكن محصلتها تشير إلى تنوع المفردات التي تراكمت لتشكل حضارة مصر.
تبدأ التشكيلية المصرية معرضها، الذي تحتضنه قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا المصرية، بمجموعة لوحات تحمل إيحاءات من الخط العربي، فهي ليست كلمات مقروءة بشكل مباشر، لكن تكوينات بمثابة أشرطة متداخلة، قدمتها بشكل تجريدي مفردات بصرية ذات دلالات، وبألوان متقاربة هادئة تشع إحساساً بالروحانية.
تقول رفعت: «لا أقدم الخط العربي بشكله المباشر، حيث أبتعد عن كلاسيكياته التقليدية، وهي فكرة قدمتها قبل 30 عاماً في فترة الثمانينات عندما شاركت في إعداد جدارية بمحطات مترو الأنفاق كانت مشروع تخرجي في كلية الفنون الجميلة قسم التصوير الجداري، واليوم أقوم بإعادة الفكرة نفسها؛ فالحروف لا تُقرأ، لكنها تدعو إلى التأمل في اللوحة، وذلك حتى لا يمل المتلقي». وتلفت إلى أن من بين هذه اللوحات ما يحمل تأثيرات عربية وقبطية ومصرية قديمة، في إشارة إلى الهوية واجتماع الحضارات في مصر.
إذا كانت الحضارة المصرية القديمة عرفت استخدامات عدة للزهور، حيث استخدمت لتزيين مائدة القرابين، وعنصراً جمالياً في العمارة والمعابد؛ فإن صاحبة المعرض خصصت المجموعة الثانية من أعمال معرضها لتدور حول الزهور، وخاصة الزهور البلدية، وهي أكثر الأنواع التي تفضلها والأكثر ارتباطاً بالأرض المصرية. لا تقدم رفعت الزهور بشكلها المعتاد، لكنها تلجأ إلى تقديمها بطريقة تأثيرية تجريدية، بشكل مبسط يفهمه المتلقي عند قراءة العمل الفني، معتمدة في ذلك على الألوان المبهجة الساخنة، التي تجذب عين المتلقي وتشع نوعاً من البهجة والقيم الجمالية بين أركان المعرض.
إلى مدينة أسوان وأرض النوبة (جنوب مصر)، كانت رحلة التشكيلية المصرية، التي عملت مشاهد الطبيعة البِكر هناك على إثارة وجدانها وفرشاتها، لتقوم بنقل ما تأثرت به إلى لوحاتها، التي تشكل المجموعة الثالثة للمعرض، مجسدة من خلالها ملامح ومشاهد من جماليات الأرض التي شهدت مهد الحضارة المصرية.
تقول: «تأثرت برحلتي إلى مدينة أسوان وأرض النوبة، حيث هدوء المكان وبهجة مشهد نهر النيل، بخلاف المعابد وأبرزها معبد فيلة، لأقوم بعد عودتي بنقل ما شاهدت من سحر الطبيعة في الكثير من اللوحات، التي تعكس جمال نهر النيل والمراكب الشراعية فيه أو الآثار، مستخدمة في ذلك ألوان الأكريلك والباستيل، هادفة من هذه اللوحات إلى إلقاء الضوء على الحضارة المصرية، وكيف أنها تزداد جمالاً وبهاءً رغم مرور السنوات عليها». بين لوحات المعرض؛ يظهر «الهرم» ثيمةً فنية مشتركة تربط بين المجموعات الثلاث السابقة، حيث يُستخدم رمزاً تجريدياً لتداخل الحضارات على أرض مصر، فنرى الهرم وسط حروف الخط العربي، أو وسط الأمواج، أو وسط الحقول.
تقول رفعت: «الهرم يمثل حالة عشق بالنسبة لي، فهو يبهرني فنياً من الزوايا كافة؛ فالتكوين الهرمي يعني لي معاني متعددة، على رأسها الاستقرار والرسوخ؛ لذا قدمته في وظائف رمزية لأقول من خلاله إن حضارتنا المصرية لا يوجد مثيل لها بوجد هذا الهرم، وأنه رغم الحضارات المتعددة على أرض مصر فإن الهرم لا يزال راسخاً وسيظل كذلك».



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.