قبل عودة صديق صبحي من العمل إلى منزله في منطقة منشية البكاري إحدى مدن محافظة الجيزة المصرية، تلقى اتصالاً من زوجته لتؤكد له ألا ينسى إحضار أقنعة واقية لابنته جنين (7 سنوات) قبل الذهاب لمدرستها الابتدائية صباح أمس (الأحد). و يقول صبحي إنه ابتاع مجموعة من الأقنعة بقيمة 5 جنيهات للقناع الواحد (أقل من نصف دولار)، متعجباً من ارتفاع سعرها من جنيهين فقط قبل تنامي أخبار فيروس «كورونا» المستجد في مصر.
يقول صبحي لـ«الشرق الأوسط» إنه كان يعتاد شراء الكمامات لابنته في مواسم الإنفلونزا والبرد وقاية لها من العدوى من زملائها، لكن سماع زوجته لأخبار «كورونا» من وسائل إعلام مصرية، ورغم عدم وجود أي حالة في مصر للفيروس المستجد، ولّد إحساس الحذر لدى الأسرة المصرية قبل بداية موسم العودة للمدارس.
أحضر صبحي (32 عاماً) الكمامات لأسرته من الصيدلية التي يعمل فسها، مضيفاً أنه وجد إقبالاً من الأهالي في المنطقة في الأيام الماضية رغم ارتفاع السعر. سقول: «للأسف الكمامات ناقصة في السوق منذ تصاعد أزمة كورونا، وهناك صيدليات تحتفظ بها لمزيد من الربح. سعر العلبة الواحدة ارتفع من 30 جنيهاً إلى 120 جنيهاً دفعة واحدة، وحتى بعد ارتفاع الثمن لا نجدها في السوق بسهولة».
ودفعت المخاوف من العدوى بـ«كورونا» عدداً من الأسر لشراء أقنعة لأطفالها، ونقلت وسائل إعلام مصرية أمس (الأحد)، أن الطلاب ارتدوا الكمامات في أول أيام الدراسة، ونشرت جريدة «الأخبار» المصرية الرسمية عبر موقعها الإلكتروني صورة لطلاب يضعون الكمامات مع بداية الدراسة.
وفي السياق ذاته، يلحظ شادي عبد الغني (33 عاماً) الذي يعمل صيدلياً في منطقة المهندسين بالقاهرة زيادة الطلب على الأقنعة الواقية في الأسبوعين الماضيين، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الصيدلية التي يعمل فيها (إحدى السلاسل الشهيرة) قررت رفع ثمن القناع من جنيهين إلى 5 منذ قرابة أسبوعين، بعدما ارتفع سعرها من المورد في سوق المستلزمات الطبية.
يضيف عبد الغني: «للحصول على الكمامات (الأقنعة) نتعامل حتى مع السوق الموازية (السوداء). هناك من يسألني لطلب كمامة لأبنائه، وهناك تجار يسألون عن 1000 كمامة دفعة واحدة».
والكمامات في السوق المصرية نوعان، الأول رخيص الثمن كان سعره جنيهين وأصبح الآن 5 جنيهات، وهناك نوع آخر أغلى كان ثمنه 40 جنيهاً والآن يصل إلى 70 جنيهاً، حسب صبحي وعبد الغني.
وكان المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية خالد مجاهد قد أعلن السبت أن مصر خالية تماماً من أي إصابة بفيروس كورونا المستجد، ولم تُرصد أي حالة مصابة أو اشتباه حتى الآن في كل محافظات الجمهورية، حسبما نشر عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك».
https://www.facebook.com/Official.Ministry.of.Health.Egy/posts/1094569500880218?__tn__=K-R
وأعلنت وزارة الصحة المصرية في بيان السبت خطتها لمكافحة الأمراض المعدية بين طلاب المدارس، والتي تضمنت الانتهاء من تدريب الفرق الطبية على كيفية مكافحة الأمراض المعدية، والتعريف بالطرق الاحترازية والوقائية ضد أي مرض معدٍ، والقدرة على الاكتشاف المبكر والإبلاغ الفوري عن المشتبه بإصابته بأي أمراض وبائية.
ورغم الإعلان الرسمي بعدم وجود حالات لـ«كورونا»، فإن هناك حالة تهافت على شراء الأقنعة في السوق المصرية، حسبما ذكر علي عوف رئيس شعبة الأدوية في غرفة التجارة المصرية بالقاهرة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «في الأسبوعين الماضيين، شهدت سوق الأقنعة دخول تجار بحثاً عن الربح»، معتبراً أن نشر وسائل إعلام مصرية أخباراً عن «كورونا» قد دفع الأهالي لشراء الأقنعة بكميات كبيرة بالتزامن مع موسم المدارس.
ورأى محمد إسماعيل رئيس شعبة المستلزمات الطبية في الغرفة التجارية بالقاهرة (وهي مؤسسة رسمية ذات موارد خاصة تشرف على النشاط التجاري والاستثماري لمنشآت القطاع الخاص)، أن هناك حالة من «الهوس» بشراء الأقنعة رغم عدم دخول «كورونا» إلى مصر، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الأقنعة ضرورية في مكان انتشار الفيروس فقط، حسب قوله.
وقبل تفشي «كورونا»، كانت مصر تستورد ما يقارب 40 مليون قناع سنوياً، بحسب إسماعيل، وقال إن مصر كانت تستورد الأقنعة لسد حاجات السوق المحلية مثل حاجة القطاع الطبي في المستشفيات وغرف العناية المركزة وعيادات الحساسية وخلافه، لكن الصين أوقفت التصدير إلى كل دول العالم بعد تفشي «كورونا».
وفي مصر 7 خطوط إنتاج لصناعة الكمامات تنتج ما يقارب 60 مليون قناع سنوياً، حسب عوف، فيما يقر إسماعيل بأن الكمية المحلية لا تكفي حتى دون وجود «كورونا»، وقال: «نحن نعتمد على الصين في الاستيراد، نراً لأن سعر الأقنعة هناك أقل من تكلفة الإنتاج في مصر».
وأقر المسؤولون في غرفة التجارة بالقاهرة بأن وزارة الصحة المصرية أرسلت 10 أطنان من المستلزمات الطبية إلى الصين في 1 فبراير (شباط) الجاري، من بينها الأقنعة الواقية، من أجل مساعدة الشعب الصيني.
واعتبر إسماعيل أن ظهور التجار الباحثين عن الربح أمر وارد، محذراً المستهلكين من شراء كمامات غير أصلية، ومستبعداً أن تزيد مصر خطوط إنتاجها للأقنعة، مفسراً ذلك بقوله: «الأمر ذاته حدث عندما تفشت حمى إنفلونزا الخنازير في 2009. فقد زادت مصانع منخطوط إنتاجها، وبعد ذلك توقف الطلب على الأقنعة. وبالتالي توقفت الخطوط وتم تحويل العاملين عليها إلى خطوط أخرى، وتحمل أصحاب المصانع خسارة الآلات التي لم تعد تُستخدم. لا مجال لزيادة إنتاج الأقنعة سوى تدخل الدولة».
وصرحت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد في مداخلة هاتفية لأحد البرامج الحوارية المسائية الأسبوع الماضي، أن مخزون مصر من الكمامات كافٍ تماماً ولا يوجد نقص، وهي من إنتاج مصري خالص بشروط منظمة الصحة العالمية. وكان المتحدث باسم وزارة الصحة قد قال في بيان صحافي في 1 فبراير الجاري إن لدى مصر «مخزوناً استراتيجياً كافياً من المستلزمات الطبية والوقائية اللازمة لخطة التأمين الطبي للتصدي لفيروس (كورونا) ومنع دخوله البلاد».
واستقبلت مصر الاثنين الماضي رعاياها القادمين من مدينة ووهان الصينية في مطار العلمين (شمال غربي القاهرة)، وسط إجراءات طبية احترازية مشددة، خوفاً من دخول فيروس «كورونا» إلى البلاد، ونقلتهم إلى مستشفى النجيلة المركزي في محافظة مطروح الساحلية (شمال غربي القاهرة)، وأخضعتهم للمتابعة لمدة 14 يوماً.
«كورونا» ينعش مبيعات الأقنعة الواقية في مصر
60 مليون قطعة تنتَج محلياً كل سنة... ومسؤول يشير إلى حالة «هوس» بشرائها
«كورونا» ينعش مبيعات الأقنعة الواقية في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة