فصل طبيب سعودي وسحب ترخيصه المهني بعد ثبوت تسببه في خطأ طبي

عضو في «الشورى»: القرار جاء بعد عرضه على الهيئة الصحية الشرعية

فصل طبيب سعودي وسحب ترخيصه المهني بعد ثبوت تسببه في خطأ طبي
TT

فصل طبيب سعودي وسحب ترخيصه المهني بعد ثبوت تسببه في خطأ طبي

فصل طبيب سعودي وسحب ترخيصه المهني بعد ثبوت تسببه في خطأ طبي

أصدر وزير الصحة السعودي الدكتور عبد الله الربيعة قرارا بفصل أحد الأطباء الاستشاريين السعوديين من منسوبي وزارة الصحة وطي قيده، وذلك بعد ثبوت إدانته من الهيئة الصحية الشرعية في قضية خطأ طبي، حيث حكمت الهيئة بإلغاء ترخيصه من مزاولة المهنة الصحية وشطب اسمه من المرخص لهم، ويرأس الهيئة الصحية الشرعية قاضي فئة «أ» يجري تعيينه من وزير العدل، وعضو هيئة تدريس يجري تعيينه من وزير التعليم العالي، وعضوين أطباء من ذوي الخبرة والكفاءة يجري تعيينهم من قبل وزير الصحة، إضافة إلى مستشار نظامي.
وقالت الوزارة في بيان لها أمس إن هذا القرار يأتي في إطار متابعة الوزارة لسير العمل في منشآتها الصحية، من خلال برنامج «سلامة المرضى»، الذي يمكّن المسؤولين من رصد الأحداث الجسيمة والسلبية في منشآت الوزارة والقطاع الصحي الخاص، وذلك ضمن الخطوات التطويرية التي تبنتها الوزارة، وتحرص من خلالها على الارتقاء بمستوى أداء منسوبيها، وبما يكفل تجويد خدماتها المقدمة وتلافي أوجه القصور، واتخاذ الإجراءات النظامية مع كل من يثبت تقصيره أو إهماله.
وأشارت إلى أن برنامج «سلامة المرضى» يقوم برصد الأحداث السلبية، بما في ذلك الجسيمة، منذ وقوعها، ويقوم بإرسال تحليلها، ووضع السياسات التي تكفل عدم تكرارها.
من جانبه، بيّن مصدر في الهيئة الشرعية السعودية المختصة في الأخطاء الطبية أن اللجنة لم ترفع تقريرها وتوصياتها في القضية إلى وزارة الصحة إلا بعد استكمال جميع الإجراءات الخاصة بها، وهذا يعني أنها أخذت في الاعتبار جميع الجوانب المتعلقة بالقضية قبل رفعها إلى الجهة المسؤولة صاحبة القرار، ممثلة في وزارة الصحة. وبيّن المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» أن هناك هيئة طبية عليا تقوم بدور تقييم مدى كفاءة الطبيب، وإجراء الخطوات اللازمة قبل الرفع من جانبها إلى وزارة الصحة، وبعد ذلك يكون القرار النهائي لدى وزير الصحة.
وتوافق حديث الدكتور محسن الحازمي عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة الشؤون الصحية بالمجلس في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» مع ما جاء على لسان المصدر، حيث قال: «إن قرار طي القيد بسبب الخطأ الطبي لا يصدر باجتهاد من وزير الصحة، بل المرجع فيه هو الهيئة الصحية الشرعية، التي تتكون من عضو هيئة تدريس يعينه وزير التعليم العالي، وعضوين أطباء من ذوي الخبرة والكفاءة يعينهم وزير الصحة، بالإضافة إلى مستشار نظامي، ويرأسها قاضٍ يعيّنه وزير العدل».
وأردف رئيس اللجنة: «إن الأخطاء الطبية واردة الحدوث دائما، لأن من يعمل في أي مجال يمكن أن يخطئ، فهذا من خصال البشر، ولا يتصور أحد أن طبيبا أو ممارسا للطب يمكن أن يتعمّد إيذاء مريضه بأي شكل من الأشكال، لكن الإجراءات الإدارية مطلب مهمّ للارتقاء بالخدمات التي تقدمها وزارة الصحة للمرضى والمراجعين، ولرفع كفاءة الكوادر العاملة بالقطاع».
وأضاف الحازمي: «من الأمور المهمة التي يجب الإشارة لها أن النظر في الأخطاء الطبية ودراستها والبت فيها لم يعد مرتبطا بشكوى المريض المتضرر من الخطأ أو ذويه، بل هو من أولويات (لجنة سلامة المرضى) التي أنشأتها وزارة الصحة للعمل على ضمان سلامة وأمن المرضى بالمرافق الصحية المختلفة، فهي تتابع عمل الأطباء والعاملين بالقطاع الصحي والخدمات المقدمة للمرضى لرصد أي أخطاء أو تقصير، وتقوم بتسجيل الخطأ ورفعه للهيئة للبت ومحاسبة المخطئ حتى تضمن تلافيه في المستقبل».
إلى ذلك، بيّن المحامي الدكتور أحمد الصقيه القاضي السابق في المحكمة الإدارية بالمنطقة الشرقية حول مدى إمكانية إعادة الترخيص الذي جرى إلغاؤه، أن الأمر يحتاج إلى فترة لا تقل عن عامين يمر من خلالها باختبارات لقياس قدرته على الحصول على الرخصة المهنية، وهذا يعني أنه لا يمكنه استعادة الرخصة قبل هذه الفترة واستيفائه جميع شروط إعادتها أو الحصول على رخصة مزاولة جديدة.
وأضاف: «للطبيب المفصول حق التظلم في المحكمة الإدارية خلال 90 يوما من صدور القرار المتعلق بالفصل تحديدا، حيث إن قرار الفصل يعدّ قرارا إداريا ويمكن التظلم من خلاله لدى المحكمة على اعتبار أن القرارات الإدارية، ومن بينها الفصل، قابلة للاستئناف».
من جانبه، بيّن الدكتور محمد البيشي الأكاديمي المتخصص في السياسة الشرعية، ومن بينها الطب الشرعي، أن الطبيب يحاسب في حالة صدر منه تقصير في حالة أو مبالغة فيها خارج الإطار المتعارف عليه، بحيث لا يمكن محاسبته في حال ثبت أنه كان ماهرا في المهنة ولم يقصر في أي جانب منها، أو أنه لم يفرط في طرق العلاج، مثل استخدام أدوية لا يحتملها المريض الذي يشرف على حالته.
وزاد: «أما إذا ثبت أن الطبيب قصّر أو فرّط، فإنه يُحال إلى القضاء الشرعي بطريقة قانونية، ولأهل المتضرر أن يرفعوا دعوى ضده للتعويض عن الخطأ الذي ارتكبه، ويمكن أن يُتخذ قرار بإيقافه عن مزاولة العمل أو التوصية بفصله من قبل اللجنة الشرعية، ولكن من يتخذ قرار الفصل هي الوزارة، بحكم أنه عُيّن بقرار من الوزارة المعنية، وهي وزارة الصحة».
وشدد على أن الوزارة لا يمكن أن تصدر قرار بمطالبته بتعويض المتضرر، ما لم تكن هناك مطالبة من أهل المتضرر.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».