اقتصاد أوروبا يواجه تحديات الإنفاق الاستهلاكي

«كورونا» و«بريكست» والتوترات الجيوسياسية أبرز المعوقات

منظر عام لمنتدى تجاري في ميونيخ (رويترز)
منظر عام لمنتدى تجاري في ميونيخ (رويترز)
TT

اقتصاد أوروبا يواجه تحديات الإنفاق الاستهلاكي

منظر عام لمنتدى تجاري في ميونيخ (رويترز)
منظر عام لمنتدى تجاري في ميونيخ (رويترز)

يواجه الاقتصاد الأوروبي تداعيات خطيرة، حيث فقد القطاع الاستهلاكي قوته الدافعة في النمو، في ضوء الأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية.
ويواجه بالفعل أكبر اقتصاد في أوروبا مشكلات في الإنفاق الاستهلاكي، والتوقعات المستقبلية للقطاع، وسط توقعات بركود في الاقتصادات المجاورة، وبالتحديد في إيطاليا. وتأتي تلك التحديات على وقع التوترات الجيوسياسية والغموض ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) والتداعيات الاقتصادية لفيروس «كورونا».
وهذه المعوقات المحتملة استشهد بها محافظ البنك المركزي الإيطالي إغنازيو فيسكو، يوم السبت، عندما حذر من أن اقتصاد البلاد الراكد قد يسوء أكثر من المتوقع في المستقبل القريب. ويعاني ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من ركود في إجمالي الناتج المحلي وقلة الإنتاجية وارتفاع الدين العام.
وأظهر تقدير أولي مؤخراً أن نمو اقتصاد منطقة اليورو تباطأ عن المتوقع في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2019، بينما ارتفع التضخم في يناير (كانون الثاني) بما يتماشى مع التوقعات، بفضل قفزة سجلتها أسعار الأغذية والمشروبات الكحولية والتبغ والطاقة.
وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إن الناتج المحلي الإجمالي في دول منطقة اليورو البالغ عددها 19 دولة، ارتفع 0.1 في المائة على أساس فصلي، مسجلاً زيادة بنسبة 1 في المائة على أساس سنوي.
وكان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا نمواً 0.2 في المائة على أساس فصلي، وزيادة سنوية نسبتها 1.1 في المائة.
وانخفضت أسعار المستهلكين واحداً في المائة على أساس شهري، في يناير، وسجلت زيادة 1.4 في المائة على أساس سنوي، مما يمثل تسارعاً من معدل بلغ 1.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، و1 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). لكن ارتفاع التضخم العام يرجع بشكل أساسي إلى قفزة في الأسعار المتقلبة للأغذية والمشروبات الكحولية والتبغ، التي صعدت 2.2 في المائة على أساس سنوي. كما زادت أسعار الطاقة 1.8 في المائة.
وتوقع بنك إيطاليا الشهر الماضي نمو إجمالي الناتج المحلي بواقع 0.5 في المائة في 2020، وبواقع 0.9 في المائة في 2021، و1.‏1 في المائة في 2022، ولكن محافظ «المركزي» الإيطالي قال إن هذا قد يكون تفاؤلاً كبيراً الآن. وأضاف فيسكو في مدينة بريشيا في شمال البلاد، في مؤتمر «آسيوم فوركس» لمشغلي الأوراق المالية: «هناك مخاطر كبيرة بالانخفاض تؤثر سلباً على التوقعات».
وجاء تحذير المحافظ بعد أسبوع من نشر إيطاليا أرقاماً بالسلب لإجمالي الناتج المحلي في الربع الأخير من 2019؛ حيث تقلص بواقع 0.3 في المائة على أساس ربع سنوي.
أما عن الاقتصاد الألماني، أكبر اقتصاد في أوروبا، فقد ذكر الاتحاد التجاري الألماني (إتش دي إي) مؤخراً، أن كثيراً من المستهلكين في ألمانيا ما زالوا يحجمون عن الإنفاق، بسبب الشكوك حول التطور المستقبلي للاقتصاد. وأشار الاتحاد إلى أن «كثيرين ينشئون لذلك احتياطات مالية، ليكونوا مستعدين للفترات المالية المتوترة المحتملة خلال العام». ولا يتوقع الاتحاد لذلك أن يوفر الاستهلاك الخاص قوة دفع كبيرة للاقتصاد الكلي في الأشهر المقبلة.
وقد انخفض مؤشر الاستهلاك التابع للاتحاد إلى 99.18 نقطة في يناير الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ عامين على الأقل. ويستمر الركود خلال فبراير (شباط) الجاري. ويعكس المؤشر توقعات المستهلكين للأشهر الثلاثة القادمة، ويستند إلى مسح شمل نحو ألفي شخص.
ومن جهة أخرى، دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأوساط التجارية إلى إقامة علاقات تجارية عادلة مع المزارعين. وقالت مؤخراً في برلين - خلال اجتماع مع ممثلين عن قطاع تجارة التجزئة وإنتاج المواد الغذائية - إن هناك مصلحة مشتركة في تعزيز الإمدادات المحلية، موضحة أن الأوساط السياسية لا تهدف إلى وضع حد أدنى رسمي للأسعار؛ بل إلى «علاقات عادلة» بين الأطراف الفاعلة المختلفة في السوق.
وأضافت أن الأمر يدور حول بيع مواد غذائية جيدة، والاهتمام في الوقت نفسه بأن المزارعين يكسبون أموالهم «على نحو كافٍ». وأشارت المستشارة إلى شروط حماية البيئة الجديدة، موضحة أنها مجدية وصحيحة؛ لكن لها ثمنها أيضاً، مضيفة أن السؤال يدور حول ما إذا كان المزارعون الذين ينتجون المواد الغذائية سيستطيعون التعايش مع هذه الشروط.
وشاركت في الاجتماع أيضاً وزيرة الزراعة الألمانية يوليا كلوكنر، ووزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير. وكانت الحكومة الألمانية قد أوضحت من قبل أنه لن يكون توفير المواد الغذائية محلياً أمراً ممكناً، إلا إذا حصل المزارعون المنتجون على المستوى المحلي على أسعار مناسبة، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤثر أيضاً على المستهلكين.
يُذكر أن ميركل عقدت من قبل اجتماعاً مع ممثلين عن القطاع الزراعي في ديسمبر الماضي. وتم عقد هذا الاجتماع في ديوان المستشارية، على خلفية احتجاجات مستمرة للمزارعين، اعتراضاً على شروط جديدة لحماية البيئة، وعروض منخفضة التكلفة للإنتاج السمكي ومواد غذائية أخرى.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».