المجلس الشرعي يدعو الحكومة إلى إثبات قدرتها بالأفعال لا بالنيات

اجتماع المجلس الشرعي أمس برئاسة المفتي دريان (الوكالة الوطنية)
اجتماع المجلس الشرعي أمس برئاسة المفتي دريان (الوكالة الوطنية)
TT

المجلس الشرعي يدعو الحكومة إلى إثبات قدرتها بالأفعال لا بالنيات

اجتماع المجلس الشرعي أمس برئاسة المفتي دريان (الوكالة الوطنية)
اجتماع المجلس الشرعي أمس برئاسة المفتي دريان (الوكالة الوطنية)

اعتبر المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى أن الحكومة أمام تحد، وأكد أنه سيقوم بمتابعة تعهداتها بدقة، معلنا وفاءه لرئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، عشية الذكرى السنوية الـ15 لاغتياله، واصفا إياه بالرمز التاريخي الذي كان يتمتع برؤية استثنائية وحقق إنجازات كثيرة لا يزال الوطن ينعم بها.
وجاءت مواقف المجلس الشرعي في جلسة عقدها أمس برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وكان لافتا غياب جميع رؤساء الحكومة السابقين، في خطوة نادرة، إضافة إلى الرئيس الحالي حسان دياب. وفيما قالت مصادر مطلعة على موقف دار الفتوى، لـ«الشرق الأوسط» «إن الرؤساء السابقين اعتذروا لعدم قدرتهم على الحضور، لفتت إلى أن دياب الذي وجهت له الدعوة على اعتبار أنه بات عضوا طبيعيا في المجلس بمجرد صدور مرسوم تكليفه، لم يعتذر ولم يحضر». ومع رفض المصادر الربط بين المعلومات التي تشير إلى امتناع دار الفتوى عن استقبال دياب وعدم حضوره الجلسة، قالت إن قراره يحمل تفسيرات عدة، منها أنه ينتظر حصول حكومته على ثقة البرلمان، لكنها رأت أن مشاركته في اجتماع المجلس، لو حصلت، كانت ستشكل دفعا أكبر له وستمنحه ثقة طائفته قبل ثقة البرلمان الأسبوع المقبل. ورغم استغرابها موقف دياب، شددت المصادر على أنه لن يؤثر على استقبال المفتي له بعد نيل حكومته الثقة، مؤكدة أن باب دار الفتوى مفتوح للجميع.
وكان المجلس الشرعي قال في بيانه إن البيان الوزاري الذي سيطرح على مجلس النواب سيشكل تحديا كبيرا للحكومة، لإثبات قدرتها على النهوض بأوضاع البلاد المتردية والخطيرة، وإخراجها من أزماتها المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، مشيرا إلى أن ثقة اللبنانيين بالدولة تتعزز بمقدار ما تثبت الحكومة بالأفعال، وليس بالنيات فقط، فعاليتها وجديتها وتصميمها، وعزمها على الإنقاذ وإيجاد الحلول الناجعة، وعلى تحقيق ما وعدت به وأعلنته من تعهدات ومعالجات مالية واقتصادية في بيانها الوزاري. وشدد البيان على «ضرورة التزام الحكومة بتنفيذ مطالب اللبنانيين الإصلاحية المحقة، وأن المجلس الشرعي سوف يواكب هذه الالتزامات والتعهدات بدقة متناهية».
وتوقف المجلس عند الذكرى السنوية الخامسة عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، واصفا إياه بالرمز التاريخي المميز من رموز لبنان وصمام أمان لعروبة لبنان ووحدته واستقراره الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وقال إنه «كان يتمتع برؤية استثنائية وحقق إنجازات كثيرة لا يزال الوطن ينعم بها وعلينا المحافظة عليها»، مؤكدا: «سيبقى المجلس وفيا للرئيس الشهيد، لأن الوفاء من شيم اللبنانيين المخلصين والمحافظين على نهجه»..
من جهة أخرى، أكد المجلس على أن «إرادة اللبنانيين القوية والجامعة يجب أن تبقى خط الدفاع الأول عن لبنان ووحدته، ما يقتضي منا جميعا الوقوف بمسؤولية صفا واحدا في وجه المخططات ومشروعات تفتيت الدول، والتلاعب بمصائر الشعوب والمجتمعات، وضرب وحدة الكيانات السياسية والوطنية والمجتمعية وتمزيقها، فالدولة هي الجامعة، وكل المكونات أو الكيانات الأخرى، التي يستعاد الحديث عنها هذه الأيام، الجغرافية والطائفية والمناطقية، لا يمكن أن تحل محل الدولة، أو تكون بديلا منها، أو تشكل خيارا يرتجى منه الحماية أو الأمان أو الاستقرار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».