أنقرة تتمسك بـ«حدود سوتشي» وتطالب الوفد الروسي بتنفيذ الالتزامات

مصادر دبلوماسية أكدت لـ«الشرق الأوسط» اهتمام الجانب التركي بنقاط المراقبة

قافلة عسكرية تركية تعبر بلدة المسطومة في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
قافلة عسكرية تركية تعبر بلدة المسطومة في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تتمسك بـ«حدود سوتشي» وتطالب الوفد الروسي بتنفيذ الالتزامات

قافلة عسكرية تركية تعبر بلدة المسطومة في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
قافلة عسكرية تركية تعبر بلدة المسطومة في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

ناقش وفد روسي ضم أحد مساعدي وزير الخارجية ومسؤولين عسكريين واستخباراتيين، مع الجانب التركي في مقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة أمس (السبت)، التطورات في محافظة إدلب شمال غربي سوريا التي تشهد تقدماً لقوات النظام على حساب المعارضة في الأسابيع الأخيرة، فضلاً عن توتر مع أنقرة بسبب استهداف نقاط مراقبتها العسكرية ومقتل عدد من جنودها الأسبوع الماضي.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن المباحثات ركزت على مذكرة إدلب الموقعة في سوتشي بين الجانبين التركي والروسي، وإن أولوية الجانب التركي كانت الالتزام بالحدود المنصوص عليها في مذكرة سوتشي الموقعة في 17 سبتمبر (أيلول) 2018 التي رسمت حدود المنطقة العازلة منزوعة السلاح بين قوات النظام والمعارضة، إضافة إلى وضع نقاط المراقبة العسكرية التركية ومنع النظام من التعرض لها، وانسحابه إلى حدوده السابقة وراء هذه النقاط قبل حلول نهاية شهر فبراير (شباط) الجاري، كما حدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في المهلة التي أعطاها للنظام الأسبوع الماضي. وأضافت المصادر أن أولوية الجانب الروسي كانت تنفيذ أنقرة التزاماتها بموجب المذكرة وفصل مجموعات المعارضة المعتدلة في إدلب عن الجماعات المتشددة وفتح الطرق الرئيسية.
وأشارت المصادر إلى أنه في حال عدم قدرة الجانبين على التوصل إلى توافق خلال المباحثات، فإن الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين سيلتقيان مجدداً لبحث الوضع في إدلب.
وبحسب ما تم التوصل إليه في مباحثات آستانة عام 2017، أنشأ الجيش التركي 12 نقطة مراقبة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، ثم أنشأ نقطة في معر حطاط تعمل نقطة تجميع للدعم اللوجيستي لنقاط المراقبة الأخرى، ثم أنشأ نقطة أخرى في شرق إدلب، وأقام الأسبوع الماضي 5 نقاط في مطار تفتناز العسكري وحول سراقب، قبل أن يسيطر عليها النظام في محاولة لمنع قواته من السيطرة عليها.
وقالت مصادر محلية، أمس، إن القوات التركية ثبتت في ساعة متأخرة من ليل أول من أمس، نقطة تمركز جديدة في «معسكر المسطومة» جنوب مدينة إدلب، بعد يوم واحد من تثبيت نقطة أخرى في منطقة الإسكان العسكري شرق مدينة إدلب.
وتم رصد دخول رتل عسكري تركي ضخم معزز بآليات ودبابات إلى معسكر المسطومة أو «معسكر الطلائع» القريب من الطريق الدولية «اللاذقية - حلب» (إم 4).
كانت القوات التركية أنشأت، الأحد الماضي، رابع نقاطها العسكرية حول مدينة سراقب الاستراتيجية بريف إدلب الشمالي الشرقي لتطوق المدينة من محاورها الأربعة، وهي نقطة معمل السيرومات شمال جسر سراقب، ونقطة الصوامع مرديخ (جنوب)، ونقطة كازية الكناص (شرق)، ونقطة معمل حميشو (غرب).
وسيطرت القوات الحكومية السورية، أول من أمس، على جزء من الطريق الدولية «دمشق - حلب» التي تمر بمحافظة إدلب، ولم يتبقَ إلا جزء من الطريق بمحافظة حلب المجاورة لاستعادة الطريق بأكملها.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، يضع الجيش الحكومي السوري استعادة السيطرة على هذه الطريق السريعة المعروفة باسم «إم 5» هدفاً رئيسياً له، لأنّ من شأن هذا الأمر أن يعيد حركة المرور إلى طبيعتها على هذا الشريان الرئيسي بين العاصمة دمشق وحلب، ثاني كبرى مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية سابقاً.
وأشار المرصد إلى أن التقدّم الذي أحرزته القوات الحكومية يعني أن 30 كيلومتراً فقط، تتمثّل في 13 قرية وبلدة لا تزال بأيدي مسلحي المعارضة، تفصل قوات النظام عن السيطرة على الطريق بالكامل.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، أنه سيتم الرد بشدة على أي هجوم جديد ضد نقاط المراقبة التابعة لها في إدلب، وأن القوات التركية، التي تواصل مهامها في نقاط المراقبة، قادرة على حماية نفسها من خلال الأسلحة والعتاد والقدرات الحربية التي تمتلكها. وأضافت: «سيتم الرد مجدداً بأشد الطرق في إطار حق الدفاع المشروع عن النفس، في حال وقوع أي هجوم جديد».
ولفتت إلى أن القوات التركية موجودة بالمنطقة لمنع نشوب اشتباكات في إدلب، وأن النظام السوري أطلق النار ضدها رغم أن مواقعها كانت منسقة مسبقاً، ما أدى إلى مقتل 7 جنود وموظف مدني أتراك.
وقال البيان إن وحدات حماية الشعب الكردية لا تزال موجودة في شرق وغرب منطقة عملية «نبع السلام» شمال شرقي سوريا، وهو ما يستدعي تعزيز نقاط المراقبة في محافظة إدلب.
وأرسل الجيش التركي، أمس، تعزيزات ضخمة إلى وحداته المنتشرة على الحدود مع سوريا، في قافلة ضمت أكثر من 300 مركبة عسكرية توجهت صوب الوحدات المتمركزة على الحدود مع سوريا.
وأول من أمس، دفع الجيش التركي بتعزيزات ضخمة إلى نقاط المراقبة في إدلب، في إطار تعزيزات مستمرة على مدى أسبوعين.
وتألفت التعزيزات من قافلة ضمت 200 آلية بينها مدرعات وآليات على متنها قوات كوماندوز، وجاءت بعد أن أرسل الجيش التركي، الخميس، قافلة أخرى من 150 عربة عسكرية نقلت قوات من الكوماندوز إلى نقاط المراقبة داخل إدلب.
وطوقت القوات الحكومية السورية معظم نقاط المراقبة التركية في عمليتها الأخيرة التي بدأتها نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ليصل عدد النقاط التركية المطوقة إلى 8 نقاط. ودفع التصعيد منذ ديسمبر 580 ألف شخص إلى النزوح من المنطقة باتجاه مناطق أكثر أمناً قرب الحدود التركية.
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أمس، استعداد طهران لمساعدة تركيا والنظام السوري على تجاوز خلافاتهما. وأكدت أهمية حل الأمور في سوريا عبر الدبلوماسية، وذلك خلال لقاء بين مسؤولين إيرانيين ومبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا غير بيدرسن الذي يزور إيران.
وقالت الوزارة، في بيان على موقعها الإلكتروني، إنه لا يجب استخدام المدنيين دروعاً بشرية، وإن إيران مستعدة للوساطة بين تركيا وسوريا لحل المسألة.
على صعيد آخر، قالت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، إن قواتها العاملة في منطقة عملية «نبع السلام» شمال شرقي سوريا، تقوم بالرد اللازم على التحرشات المتواصلة لعناصر وحدات حماية الشعب الكردية.
وأضافت أن «التنظيم الإرهابي (الوحدات الكردية) يواصل انتشاره في المناطق الواقعة شرق وغرب منطقة عملية (نبع السلام)، رغم التفاهم المبرم مع روسيا حول انسحابهم»، مشيرة إلى استمرار تحرشاتهم عبر إطلاق النار من تلك المناطق، نحو القوات العاملة في منطقة «نبع السلام»، وأكدت أنه يتم الرد اللازم على تلك التحرشات.
وفي بيان آخر، أكدت الوزارة مقتل جندي تركي وإصابة 4 آخرين، جراء حادث في منطقة عملية «نبع السلام»، شمال شرقي سوريا، مشيرة إلى أنه نتج عن انقلاب مركبتهم.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.