تركيا وظّفت خطابها الديني لـ«خدمة توسعات إردوغان»

دراسة رصدت التبريرات والفتاوى لتدخل أنقرة في المنطقة

TT

تركيا وظّفت خطابها الديني لـ«خدمة توسعات إردوغان»

قال مؤشر مصري للفتوى، إن «الخطاب الإفتائي في الداخل التركي وخارجه تم توظيفه ليكون مؤيداً لأعمال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التوسعية، حيث إن الرئيس التركي وأتباعه لم يَسلموا من توظيف الخطاب الديني بصفة عامة والإفتائي على وجه الخصوص، ليكون غطاءً لعملياتهم العسكرية، شأنهم شأن التنظيمات الإرهابية». وأضاف المؤشر أن «الرئيس التركي وظّف الخطاب الديني والفتاوى بنسبة 40% سواء داخلياً أو خارجياً، وجنّد بعض مفتي ودعاة جماعات الإسلام السياسي مثل تنظيم (الإخوان)، وميليشيات التطرف في أكثر من دولة، لخدمة أغراضه».
وكشف المؤشر العالمي للفتوى، التابع لدار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في دراسة له، أمس، عن أن «90% من الفتاوى السياسية الخاصة بتركيا تدعم إردوغان، حيث زعمت فتوى سابقة أن (دعم إردوغان فرض عين على كل مسلم، وأن حُرمة الوقوف ضده كحُرمة الهارب من الحرب)... كما طالب بعض الدعاة في تركيا، الشعب التركي بقبول أوضاع متردية في البلاد بذريعة محاربة الأعداء»، على حد وصفه.
وأكد مصدر في دار الإفتاء أن «الدار سبق أن حذرت من الأطماع التركية في المنطقة العربية، وسعي الرئيس التركي لإحكام سيطرته على سوريا ثم ليبيا، فضلاً عن أطماعه التوسعية في المنطقة، والتي من شأنها تهيئة بيئة خصبة لانتشار التيارات الإرهابية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «تحليل فتاوى تركيا التي تتعلق بالأوضاع السياسية في المنطقة، يكشف عن تنامي هذه المطامع التركية».
وأوضح مؤشر دار الإفتاء في هذا الصدد، أن «خطاب المؤسسة الدينية الرسمية في تركيا كان تبريرياً إلى حد كبير، ويرسخ مبدأ قبول الأفعال دون مناقشة أو تفكير، ويصور للناس أن ما يقوم به إردوغان حرب مقدسة... فرئيس مؤسسة (ديانت) التركي علي أرباش، نشر تغريدة على حسابه الرسمي بـ(تويتر) دعا فيها جميع المساجد إلى قراءة (سورة الفتح) كل يوم في صلاة الصبح، وذلك طوال فترة العملية العسكرية في سوريا».
«لم يوظف إردوغان الخطاب الإفتائي في الداخل لتبرير أعماله العسكرية فحسب؛ بل استغل الخطاب الإفتائي الخارجي أيضاً»، هكذا أوضح المؤشر العالمي للفتوى بمصر، مؤكداً أن «إردوغان يوظف الفتاوى في الخارج التركي بنسبة 70%، وتم استقطاب مفتين لتبرير التدخلات التركية في ليبيا بقواعد فقهية وشرعية، مثل (دفع العدو الصائل)، و(إقامة الخلافة)، و(تطبيق الشريعة)، وكفتوى الشيخ الليبي عمر مولود، الذي قال فيها إن طلب حكومة الوفاق الوطني (الليبية) المساعدة من الحكومة التركية هو حق شرعي لا غبار عليه... كما أفتى الداعية الليبي المقرب من (الإخوان) الصادق الغرياني، بأن التدخل التركي (حلال شرعاً ومشروع قانوناً)».
وخلص المؤشر في هذا السياق إلى أن تلك القواعد الفقهية مثل «دفع الصائل» وغيرها، هي ذاتها التي أدلى بها الإرهابي الليبي عبد الرحيم المسماري، حين أُلقي القبض عليه في القاهرة عام 2017 على خلفية حادث الواحات الإرهابي... كما عدّ المؤشر أن «إيواء الدولة التركية لأفراد من تنظيم (الإخوان) جعل من السهولة الاستعانة بمفتي التنظيم لإصدار الفتاوى المرسِّخة لآيديولوجية الرئيس التركي، وتنفيذ سياساته الساعية للهيمنة على الدول والشعوب».
في غضون ذلك، تحدث المؤشر عن الفتاوى المؤيدة للتدخل التركي في سوريا، والتي جاءت بنسبة 50% من فتاوى الخارج التركي، مستندةً إلى حجج شرعية وفقهية مثل «الولاء والبراء»، و«لا جنسية في الإسلام»، حيث خلص المؤشر إلى أن «الهيئات الشرعية المعارضة للنظام السوري كافة، جاءت داعمة ومؤيدة لسياسات إردوغان والتدخل التركي في سوريا... كما رصد المؤشر فتاوى لـ(هيئة الشام) إحدى هيئات المجلس الإسلامي السوري، التي أجازت الاشتراك في العمليات التي دعمتها تركيا في الشمال السوري عام 2016».
مؤشر دار الإفتاء لمح إلى أن «الرئيس التركي يريد عودة الإمبراطورية العثمانية من جديد؛ حيث يرى أن العديد من الدول العربية هي إرث عثماني يرغب في استعادته، وأنه (أي إردوغان) لن يتوانى عن إحياء حلمه باستخدام جميع القوى، سياسياً أو دينياً أو حتى عبر القوة الناعمة عن طريق الأعمال الثقافية والفنية، وخير دليل على ذلك مسلسلا (وادي الذئاب) و(قيامة أرطغرل)». وأشار المؤشر العالمي للفتوى إلى «قوى ناعمة أخرى يستخدمها إردوغان في الخطاب الديني؛ لكن في أوروبا، لا سيما ألمانيا، وهي قائمة المنظمات والجمعيات التي تتخذها الاستخبارات التركية كواجهات عمل، والتي يصل عددها إلى 15 جمعية مسجلة في ألمانيا، تعمل تحت اتحاد إسلامي تركي»، مضيفاً أن «معظم تلك الجمعيات تعمل وفق أجندة الإسلام السياسي المرتبطة بـ(الإخوان) بهدف أسلمة المجتمع في ألمانيا، عبر التربية الدينية في المدارس، والهيمنة على المساجد والمراكز الإسلامية، ومجابهة المعارضة التركية مثل جماعة (كولن) وكذلك الجماعات الكردية».
وطالب مؤشر الإفتاء بـ«ضرورة مواجهة الخطاب الإفتائي التركي، الذي يفتش في النصوص الشرعية عما يبرر به أعمال العنف والقتل، والذي يذهب بالأدلة الشرعية والقواعد الفقهية عن مرادها، لترسيخ وتصدير صورة صحيحة لأفعال خاطئة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».