الحكومة الجزائرية الجديدة تعرض «مخطط عمل» لامتصاص غضب الحراك

يقوم على محاربة الفساد وتعزيز الحريات وتنويع الاقتصاد

TT

الحكومة الجزائرية الجديدة تعرض «مخطط عمل» لامتصاص غضب الحراك

يتوقع مراقبون في الجزائر أن تجد حكومة الرئيس عبد المجيد تبون سهولة كبيرة في اعتماد «مخطط عملها» أثناء عرضه على البرلمان، بعد غد الثلاثاء. وترتكز «الوثيقة»، التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، على ثلاثة دعائم كبيرة: تفعيل آليات محاربة الفساد، وتعزيز الحريات خاصة ما تعلق بالصحافة والتظاهر في الشارع، وتنويع الاقتصاد بالبحث عن بديل للمحروقات، وهو ما عده عدد من المراقبين محاولة جديدة لامتصاص غضب الشارع.
وطلبت قيادتا الحزبين، اللذين يملكان الأغلبية بـ«المجلس الشعبي الوطني» (غرفة التشريع)، «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، من نوابهما تأييد «مخطط العمل»، على سبيل دعم تبون، الذي تسلم الحكم نهاية العام الماضي، إثر انتخابات رئاسية ترشح لها خمسة متنافسين. ولا يملك الرئيس الجديد قاعدة سياسية في البرلمان، يمكن أن يعول عليها في تنفيذ سياساته. لكن المعروف أن أحزاب الأغلبية في الجزائر تقدم دائماً الولاء لأي شخص يصل إلى الحكم.
وجاء في «المخطط» أن الحكومة تعتزم «إدراج مكافحة الفساد وأخلقة عمل السلطات العمومية، ضمن صميم عملية إصلاح الدولة». وبذلك ستتم مراجعة الأحكام القانونية المتعلقة بمحاربة الرشوة حسب الوثيقة، وذلك في إشارة إلى قانون محاربة الفساد الصادر في 2006، الذي استحدث أجهزة مثل «الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد»، و«الديوان المركزي لقمع الفساد». لكن هذه الآليات أثبتت ضعفاً في الحد من الفساد خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، التي عرفت انتشارا مخيفا لممارسات الرشوة ونهب المال العام، ما كان سببا في سجن مسؤولين بارزين، مثل رئيسي الوزراء سابقا أحمد أويحي وعبد المالك سلال، والعديد من الوزراء.
وتناول «المخطط» مسعى يتمثل في «تكييف القوانين مع إرادة الحكومة في استرجاع الأموال المنهوبة»، وهي قضية تثير تساؤلات كبيرة. فالرئيس سبق أن قال في حملة الانتخابات أنه يملك «خطة» لاسترجاع أموال كبيرة تم تهريبها إلى الخارج من طرف ما سمي «العصابة»، ويقصد بها الرئيس السابق ومحيطه. لكن في مؤتمر صحافي عقده منذ أسبوعين تراجع نسبياً عن هذا التعهد، وقال إن «القضاء هو من سيتولى استرجاع الأموال المهربة».
ويؤكد مختصون في القانون الجنائي الدولي أن الرئيس سيواجه صعوبات كبيرة في اقتفاء آثار الأموال المهربة إلى «الملاذات الآمنة» في العالم، هذا في حال أطلق مساعي باتجاه الدول، حيث توجد هذه الأموال، التي يجب أن تكون للجزائر معها اتفاقات قضائية تخص محاربة غسل الأموال.
يشار إلى أن رئيس الوزراء عبد العزيز جراد هو من سيعرض «مخطط العمل» على النواب، وسيخضع للمناقشة، وربما التعديل قبل المصادقة عليه بغرفتي البرلمان، بحسب الدستور، الذي يتيح للسلطة التشريعية رفض «المخطط».
وفي الجانب المخصص لـ«الحريات» في برنامج عمل حكومة، تعهدت السلطة الجديدة بـ«احترام الحق في الاجتماع والتظاهر السلمي»، وأكدت أنها «ستعيد النظر بشكل معمق في الترتيبات القانونية، التي تؤطر هذا الحق، وذلك من خلال تعزيز ضمانات ممارسة حرية التظاهر السلمي والعقد الاجتماعي». وكشفت بهذا الخصوص أن الاجتماعات العامة ستتم في المستقبل بناء على التصريح بها. ويفهم من ذلك أن الأحزاب والجمعيات لن تكون ملزمة بالحصول على رخصة وزارة الداخلية التي تريد عقد اجتماعاتها في الفضاءات العامة، كما هو يجري العمل بها حاليا، إذ تكتفي بإيداع طلب بذلك. وكثيرا ما تشتكي المعارضة من رفض الحكومة إصدار رخص لتنظيم لقاءاتها العامة.
ورفضت ولاية الجزائر العاصمة قبل عشرة أيام الترخيص لاجتماع «قوى البديل الديمقراطي»، التي تضم عدة أحزاب المعارضة، والتي اتهمت تبون بـ«التملص من تعهداته الانتخابية». وتعرض المتظاهرون أول من أمس في نهاية الحراك الأسبوعي لقمع شديد من طرف قوات الأمن بالعاصمة، وعد هذا التصرف مخالفا لوعود الرئيس بـ«احترام الحراك المبارك».
كما تضمن «المخطط» عزم الحكومة «إطلاق إصلاحات في مجال الحريات، قصد توسيع مجال حرية التعبير وحرية الصحافة»، وتحدث عن «حريات دون قيود». واللافت أن وسائل الإعلام الحكومية، والفضائيات الخاصة تتعرض للرقابة بشكل منظم بخصوص قضايا الحريات، وهي ممنوعة من تغطية المظاهرات، باستثناء بعض الصحف الخاصة المصنفة «جريئة».
وبشأن الأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد، منذ بداية تراجع مداخيل الدولة من النفط عام 2014، فإن الحكومة تعتزم حسب مخططها «إجراء إصلاح عميق للمنظومة المالية»، بحثاً عن إحداث توازن في الخزينة العمومية. ومن الأعمال التي تكتسي أهمية حسب وثيقة الحكومة «استعادة انضباط وصرامة الموازنة»، وإدخال «إصلاحات هامة على النظام المصرفي». كما تشير، باحتشام، إلى عزم الحكومة تنويع الاقتصاد للتخلص من التبعية للمحروقات، لكنها لا تقدم أي تفاصيل حول هذا المشروع، الذي تعهد به بوتفليقة منذ ولايته الثانية (2004 - 2009)، وعجز عن تحقيقه.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.