مطعم الاسبوع: «Fabrica De Pasteis De Belem» أشهر محل لبيع الحلوى في لشبونة

يرشدك إليه التاريخ والرائحة والطابور

TT

مطعم الاسبوع: «Fabrica De Pasteis De Belem» أشهر محل لبيع الحلوى في لشبونة

قصة هذا المتجر ولدت من رحم الثورة وإقفال الأديرة وإيقاف المساعدات للنساك والرهبان في لشبونة.
ومنذ افتتاح «فابريكا دي باستييس دي بيليم» في عام 1873، وهو يتصدر عناوين أكل هذه الحلوى، ولا يمكن أن تكتمل زيارتك إلى العاصمة البرتغالية من دون أن تزور منطقة بيليم الشهيرة بمعالمها السياحية الثقافية، لا سيما المتاحف، وهذا المتجر لا يحتاج إلى معرفة عنوانه بالكامل لسببين؛ الأول لأن كل سائقي التاكسي يعرفونه، والسبب الثاني الرائحة المنبعثة منه والطابور الطويل خارج أبوابه.
أفضل طريقة لتفادي الانتظار لوقت طويل، الدخول إلى المطعم والحصول على طاولة، فالمطعم لا يبدو كبير الحجم، بمجرد الدخول إليه، لأنه يضم جلسات إضافية عديدة في الخلف، فتشعر وكأنك تدخل في دهاليز برائحة السكر والمخبوزات الطازجة.
الجدران مغلفة بالبلاط الأزرق والأبيض، الكراسي والطاولات من الخشب وبسيطة جداً، ليس من ديكور يذكر، إلا أن المدخل يضم المطبخ المفتوح الذي يخولك رؤية العاملين وهم يقومون بالعجن وتقوير العجين بواسطة اليد، واللافت هو أن العاملين هم من المنطقة وطاعنون في السن، فالمتجر أشبه بمنزل يعمل فيه أعضاء عائلة واحدة، والسبب هو أن المالكين هم من العائلة نفسها التي بدأت العمل في القرن الثامن عشر.
من الممكن الأكل في الداخل، أو شراء الحلوى، وأكلها في الخارج، وفي حال لم يكن لديك الوقت للانتظار، أو طلب الحلوى في الداخل يمكنك الاستعانة بأحد سائقي «التوك توك» (هذه وسيلة نقل سياحية معتمدة في كل مكان من المدينة) ولقاء مبلغ مادي إضافي يدخلك السائق إلى المتجر من الباب الخلفي لشراء الحلوى.
قطعة الحلوى تستطيع أن تلتهمها في قضمتين، فلن تكتفي بقطعة واحدة بالتأكيد، فأنصحك بشراء خمس قطع كأقل معدل، ولكن لا تشتري الكثير منها، لأنها لن تكون بالطعم نفسه عندما تصبح باردة.
ميزة هذا المكان أنه تقليدي وزيارته أشبه بالغوص في تاريخ البرتغال، كيف لا وهو جزء لا يتجزأ من الثورة التي شهدتها البلاد.
يشار إلى أن الوصفة لم تعدل على الإطلاق منذ افتتاح المتجر، وأبقت العائلة صاحبة المشروع على سريتها، ولو أن هناك متاجر عديدة أخرى إلا أن الطعم يختلف، ولا تجوز المقارنة ما بين «فابريكا» الأقدم في لشبونة ومتاجر أخرى.
عندما تزور المتجر ستلتقي ذواقة من جميع الجنسيات، ولكنك ستلاحظ الكم الهائل من الزوار الآسيويين، لا سيما في البلدان التي كانت تحت الاستعمار البرتغالي مثل البرازيل وماكاو، وهناك نسبة عالية من الزوار اليابانيين. هذه الحلوى تُباع في بعض من بلدان أوروبا الغربية وفي اليابان وحتى في لندن تم افتتاح مقهى مخصص لبيع الحلوى والقهوة، ولكن وبصراحة لم يستطع أي صانع حلوى بعد أن يصل إلى مذاق حلوى «فابريكا» في بيليم.
فمن الضروري بأن هناك سراً في الخلطة مثل أي وصفة ناجحة أخرى حول العالم، والإقبال الشديد على «فابريكا» سببه المذاق والخدمة والاحتفال بالتقاليد البرتغالية.
إلى جانب تقديم الحلوى التي تباع كميات ضخمة منها يومياً، يقدم المقهى السندوتشات والمشروبات والحلوى الخاصة بأعياد الميلاد ورأس السنة.
ومن الحكايات الجميلة التي تدور حول قصة المتجر، أنه في عام 1837، ومع إطلاق الوصفة، كان يسعى الخباز إلى تجهيزها في غرفة سرية مرتبطة بمعمل تكرير السكر، وهذه الصفة أتي بها من الدير، وأعطيت إلى رئيس الخبازين الذي قام بهندسة الحلوى في تلك الغرف السرية، ولم يتم تغيير أي من المكونات للوصفة، ولا تزال على حالها من دون أي تعديل منذ القرن الثامن عشر.
هذه الحلوى ستجعلك مدمناً عليها، فيها شيء غريب وقد يكون التناقض بين نكهتي العجينة المورقة المقرمشة وطراوة الكريمة ورائحة القرفة التي تفتح القابلية على الأكل. زيارة واحدة للمتجر ستجعلك زبوناً دائماً طيلة فترة زيارتك للشبونة.
المتجر يبعد نحو العشرين دقيقة من وسط العاصمة بواسطة التاكسي، ويمكن الوصول إليه أيضا عبر الترام أو القطار.


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.