حرب الولايات المتحدة على التنوع الهندسي

المعمار يمكن أن يرمز إلى الفخر أو يشير إليه كأداة للقمع والاستعمار

متحف «سميثسونيان الوطني لتاريخ وثقافة الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية في واشنطن»
متحف «سميثسونيان الوطني لتاريخ وثقافة الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية في واشنطن»
TT

حرب الولايات المتحدة على التنوع الهندسي

متحف «سميثسونيان الوطني لتاريخ وثقافة الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية في واشنطن»
متحف «سميثسونيان الوطني لتاريخ وثقافة الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية في واشنطن»

كنت أسير بالقرب من متحف «سميثسونيان الوطني للتاريخ والثقافة الأميركيين ذات الأصول الأفريقية في واشنطن» في فترة ما بعد الظهيرة عندما تعامدت شمس الشتاء لتجعل الواجهة المصنوعة من الألمنيوم تتوهج لتدفئ «المركز التجاري الوطني» المتجمد بفعل برودة الشتاء، وإلى جواره المبني الحجري الرمادي، وجميعها مصمَّمة بشكل كلاسيكي.
من الناحية المعمارية، لا أعلم إلى أي مدرسة ينتمي هذا المتحف. لكنني أعلم أن ديفيد أدجاي، المهندس المعماري البريطاني من أصل غانيّ، هو مَن قاد فريق التصميم. ويتميز المبنى بتصميم كلاسيكي، من قاعدته إلى قمته، فيما اعتمدت فيه أعمال الواجهة على مشغولات الحديد من صنع العبيد بجنوب البلاد، فيما استُلهمت واجهة المبنى المكونة من ثلاث طبقات من تقاليد النحت من غرب أفريقيا.
يعكس التصميم نوعاً من التأمل في المعاني الرمزية للكلاسيكية الأميركية وكيف أن أسلوب المعمار يمكن أن يرمز إلى الفخر، أو يشير إليه كأداة للقمع والاستعمار، وقد يستخدم الحداثة المتمثلة في الزجاج الشفاف والابتكار التقني في الإشارة إلى الهروب والتحرر. بالمعنى المعماري، فإن المتحف خليط من أشياء كثيرة، وهو من أكثر المباني العامة الجديدة نجاحاً في واشنطن في القرن الحالي.
تدرس إدارة ترمب حالياً مسودة أمر تنفيذي «لإعادة الجمال للمباني الفيدرالية مرة أخرى» وذلك بالتوجيه نحو استخدام الأساليب المعمارية التقليدية والكلاسيكية في جميع المباني الفيدرالية الجديدة وكذلك عند تجديد القديم منها (فقد حصل مبني «سميثسونيان» على تصريح بهذا الشأن).
إن أي مشروع يسعى إلى الحصول على إعفاء من الوصاية والابتعاد عن تلك الاشتراطات يجب أن يحصل على موافقة من رئاسة «لجنة إعادة التجميل». سيستهدف ذلك النظام أشكالاً مختلفة من الحداثة ويسعى إلى التراجع عن برنامج «التميز في التصميم» الذي حظي بإعجاب واسع والتابع لـ«إدارة الخدمات العامة»، وهو نظام لمراجعة النظراء لاختيار المهندسين المعماريين المؤهلين للمشاريع الفيدرالية. وقد استقال مدير البرنامج، ديفيد إنسينغا، الأسبوع الماضي، حسب السجل المعماري، الذي نشر خبراً بهذا الشأن.
أثارت الأخبار احتجاجات قوية في أوساط المعماريين وبين المعنيين بالحفاظ على البيئة التاريخية ومؤيدي الهندسة المعمارية التقليدية.
والسبب في ذلك يرجع إلى أنه يستثير مؤيدي العمارة الحديثة والتنوع المعماري. فالمشروع لامع وقد اجتذب أعداداً كبيرة على موقع التواصل «تويتر». إذ إنه وضع الشعبويون في مواجهة النخب. فهو نوع من الغضب الذي يبهج قاعدة الرئيس ترمب، فهو مشروع فائز من جميع النواحي بالنسبة إليه.
قد لا يكون ذلك فوزاً لمؤيدي ذلك الأمر التنفيذي مثل «الجمعية الوطنية للفنون المدنية»، التي قادت السير في ذلك الاتجاه. فهذا ما سمعته من المنظمات التي تدعم العمارة الكلاسيكية ولكنها تريد أن تنأى بنفسها عن المقترح وعما يتعلق بها من سياسات، وكان هذا أيضاً ما قالته «جمعية الفن المدني». لقد أصدر «الصندوق الوطني للحفاظ على التاريخ» بياناً، الخميس، لدعم المعايير الفيدرالية الحالية، قال فيه «إن مسودة النظام ستعرّض المباني الفيدرالية للخطر في جميع أنحاء البلاد، وهي ما تسرد قصتنا الأميركية الكاملة»، مضيفاً: «نحن نعارض بشدة أي جهد لفرض مجموعة ضيقة من الأساليب للمشاريع الفيدرالية المستقبلية بناءً على الأذواق المعمارية لعدد قليل من الأفراد».
مَن يدري ما تعنيه الكلاسيكية في نهاية المطاف، ولكن ترتيب المسودة يجعلها تظهر في صورة تافهة، بل مرعبة. ومهما قال مؤيدوها عن أن فرض القانون لن يكون عقائدياً، فإن هذا الأمر يثير إشارات لا مفر منها للأنظمة الاستبدادية في الماضي التي فرضت أوامرها الخاصة عن طريق مسيرات الهندسة المعمارية، وتعرض صوراً لأميركا قبل الحرب عندما كان تصميم العمارة الفيدرالية بأسلوب كلاسيكي أمراً بالغ الصعوبة. مثل هذه الجمعيات قد تبدو متطرفة، كذلك حال الأمر التنفيذي الذي نحن بصدده الآن.
ولنفنّد هذه الحجة، شأن الكثير من النقاشات العامة الأميركية اليوم، حريٌّ بنا أن نقول إن الولايات المتحدة مارست منذ فترة طويلة قوتها الناعمة من خلال بناء السفارات وغيرها من المباني التي يعطي عدم توافقها المعماري رسالة عن الابتكار والحرية.
هل يحتاج المرء حقاً إلى الإشارة إلى السبب الذي يدفع بأولئك الذين يدافعون عن حق الدولة في الجدال ضد الهندسة المعمارية لمبنى معين صُمم بطريقة تتناسب مع ثقافات أميركا المتنوعة؟ وما الذي يدفع بهم إلى إعلان الطاعة بطلب تفويض في هذا الشأن من واشنطن؟ ألا يدركون أن الخلافات حول الأسلوب المعماري يعني مجتمعاً صحياً وديمقراطياً؟ لإجابة هي أنه لا يوجد نمط واحد من العمارة يمثل الأمة، ولا ينبغي إثارة نقاش كهذا.
يستلهم الأمر التنفيذي لغة «المبادئ التوجيهية للعمارة الفيدرالية» التي كتبها دانييل باتريك موينيهان عام 1962 عندما كان السيناتور لاحقاً يعمل في وزارة العمل في عهد كينيدي. اعتقد موينيهان أن العمارة الفيدرالية «يجب أن تقدم شهادة مرئية لكرامة الحكومة الأميركية ونشاطها واستقرارها»، حيث يشير الاقتراح الجديد أيضاً إلى الكرامة والمشاريع والحيوية والاستقرار.
لكنّ الأمر التنفيذي يلغي المبادئ الأساسية التي تعتمد عليها -حسب موينيهان- تلك الأهداف، وهي أن التصميم يحدده المعماريون أولاً ثم الحكومة، لا العكس، ذلك لأن الخبرة مهمة.
في المناخ السياسي الحالي، يمكن أن تشعر بعدم جدوى إثارة مسألة النفاق، لذلك دعونا نترك أبراج ترمب الزجاجية الحديثة جانباً. يشيد مشروع النظام بمبنى واشنطن المعروف الآن باسم «مبنى أيزنهاور التنفيذي للمكاتب» بوصفه «جميلاً ومحبوباً»، وقد وصفه هاري ترومان بأنه «أعظم وحشية في أميركا». ويكفي القول إن التغييرات جعلت من عنصرين سطحيين (تغيير المذاق والذوق العام) ضمن معايير تقييم العمارة.
المباني، شأن الناس، تستحق أن تُحترم وتُحاكَم بشكل فردي، والفشل يحدث في بعض الأحيان، كما هو الحال مع أي شيء ذي معنى في الحياة. إن إضافة أعمدة كورنثية أو نوافذ بلادينية (أرستقراطية) إلى مبنى محكمة أو سفارة فيدرالية لا تعني شيئاً بالنسبة إلى من يستخدمونه، كما أنها لا تشهد على كرامة الحكومة الأميركية ونشاطها. لا يمكنني سرد وصف جميع المباني التقليدية في الولايات المتحدة التي أراها جميلة ومرتفعة، لكن الأعمدة اليونانية والنوافذ الإيطالية لن تجعلها تبدو أكثر أميركية من غيرها.
الجدال ينزلق بنا إلى نقاش حول الذوق أو الأسلوب، إنه أشبه بالفجوة الثقافية التي يحب هذا الرئيس استغلالها. شأن معظم الناس، يمكنني أن أضع قائمة بالمباني الحديثة التي لا أحبها، لكن إذا قلت إنني معجب بـ«مركز شيكاغو الفيدرالي» في «ميس فان دير روه» أو محكمة توماس فايفر في «سولت ليك سيتي» أو مبنى أوكلاهوما سيتي الفيدرالي لروس بارني، فإن ذلك سيكون تشجيعاً لمحبي الكراهية في «تويتر» ولأنصار «اجعل المباني الفيدرالية جميلة مرة أخرى»، الذين يجادلون بشكل أساسي بأن العمارة الفيدرالية، مثل الهيئة الانتخابية، يجب ألا تمثل جميع الناس.
في النهاية، نحن ما نبنيه. إذا لم يكن هناك من لاحظ فإن البنية التحتية للبلاد في حالة من الفوضى، وهناك نقص كبير في الإسكان ذي السعر المعقول، وما زالت الحكومة عاجزة عن اتخاذ إجراء.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».