حتى الآن لم يصل فيروس «كورونا» إلى مرحلة تستدعي تصنيفه وباءً عالمياً، ما دام أنه لم يبلغ مرحلة الخروج عن السيطرة. لكن ذلك لا يمنع تحوّله إلى مرضٍ فتّاك يتخطّى حدود الصين ويهدد البشرية بأسرها، ما لم تنجح دول العالم في احتوائه والقضاء عليه في غضون أسابيع قليلة... وهذا، باعتبار أن فرص انتشاره كبيرة، وعدد الوفيات يزداد، والإحصاءات تسجّل إصابات بالآلاف يومياً داخل الصين، مع تفشّي تلك الحالات في دول كثيرة قريبة من الصين وعلى تماس معها.
لا تقف خطورة هذا الداء عند الجانب الصحي فحسب، بل سرعان ما وجّه ضربة قويّة للاقتصاد العالمي، باعتبار أن الصين تشكّل القوة الاقتصادية الثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية، وتحوّلت في السنوات الأخيرة إلى مصنع العالم، يرفد الأسواق بصناعاته المتعددة والمتنوعة. وبالتالي، فإن تطويق هذا الفيروس والقضاء باتت ضرورة عالمية وليست مسؤولية الصين وحدها، التي جنّدت كل طاقتها البشرية والمالية لمكافحة الوباء القاتل.
أمام المخاطر المتعدّدة الناجمة عن سرعة انتشار «فيروس كورونا المستجد» في الصين، دولة المنشأ، فإن جهود احتوائه تتصدّر الاهتمام الدولي، وهي تنقسم إلى شقين: الأول محاولة إنقاذ حياة المصابين أو أغلبهم، وتعزيز فرص الوقاية من الإصابات. والثاني تجنيد الطاقات لاكتشاف العلاجات الكفيلة بمحاربته والقضاء عليه.
حتى اللحظة، ما وجدت منظمة الصحة العالمية ما يبرّر تصنيف الفيروس الذي اكتشف وما زالت بؤرته الرئيسية في مدينة ووهان، بوسط الصين، وباءً يهدّد البشرية. وكانت المنظمة قد أعلنت الثلاثاء الماضي، أن «هذا الفيروس المستجد الذي انتقل من الصين إلى 24 دولة لا يمثل بعد حالة وباء عالمي، لكنه يشكل الآن حالة طوارئ صحية عامة». وكررت سيلفي بريان، رئيسة إدارة مكافحة الجوائح والأمراض الوبائية في منظمة الصحة العالمية، للصحافيين في مدينة جنيف بسويسرا: «حالياً لسنا في حالة وباء عالمي».
في لبنان، يتفق الأطباء المتخصصون في الأمراض الجرثومية والفيروسية مع ما ذهبت إليه المنظمة الدولية، لجهة رفض تعميم «فوبيا» المرض وتحويله كابوساً يقضّ مضاجع الناس، اللهمّ إذا ما اعتمدت الأساليب الناجعة في التعامل مع المصابين. ويعتبر الدكتور بيار بو خليل، رئيس قسم الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، أن خطر «فيروس كورونا المستجد» أقل وطأة من خطر فيروس «سارس» (SARS) الذي انتشر قبل سنوات، كما أنه أقل فتكاً من أمراض جرثومية وفيروسية أخرى عرفها العالم سابقاً.
ويشير إلى أن «نسبة الوفيات الناتجة عنه لا تزال عند حدود 2 في المائة من عدد المصابين، وهذا الرقم ليس متدنياً، لكنه ليس مرتفعاً أكثر من الحدّ المعقول».
هل هذه الأرقام كفيلة بتبديد القلق الذي ينتاب عامة الناس؟ وكيف يتجنّب المرء خطر الإصابة بهذا الفيروس؟
يشرح الدكتور بو خليل بالتفصيل، أين تبدأ الخطورة في هذه الظاهرة سريعة الانتشار، ويؤكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المخيف في هذا المرض، أنه جديد ومعدٍ وينتقل من شخص إلى آخر بالهواء، عدا عن أن انتشاره يزداد بشكل سريع، ولم تحصل سيطرة عليه بعلاجات فعّالة». وهو يعترف في الوقت نفسه بوجود «خوف حقيقي من خروجه عن السيطرة، لا سيما، أن العلاجات الخاصة به غير متوفرة حالياً. لذا فإننا كأطباء ننصح باعتماد سبل الوقاية من الإصابة بالفيروس، كونها الدرع الواقي في ظلّ عدم توفّر العلاجات الكفيلة بالقضاء على المرض». وحسب بو خليل: «حتى الآن لا يوجد علاج لهذا الفيروس، كما أن المضادات الحيوية الخاصة بمعالجة الالتهابات الناجمة عن الإنفلونزا والبكتيريا العادية، لا تتفاعل معها، ولا يمكن خفض حرارة جسم المصاب بهذا الفيروس عبر الأدوية التقليدية المستخدمة الآن. إنما يحاول الجسم الطبي، إسعاف المصابين بواسطة الأكسجين إذا أدت الإصابة إلى نقص في أكسجين الجسم، وإعطاءهم جرعات من دواء (البنادول/ Panadol) فقط، ومحاولة تقوية جهاز المناعة لدى المصاب، ليتولى مهاجمة هذا الفيروس والقضاء عليه».
ضحاياه في الصين
وتسبب الفيروس في وفاة 490 شخصاً في الصين وحدها حتى الآن، كما سجّلت 20438 إصابة. وسجّلت حالة وفاة واحدة في هونغ كونغ، وحالة وفاة أحدة في كل من سنغافورة والفلبين. لكن هذا الرقم مرشّح للارتفاع في ضوء اتساع رقعة الإصابات. وبينما ينصح الأطباء بإيلاء العناية للأشخاص المعرّضين للإصابة بهذا المرض، ينبّه رئيس قسم الأمراض الصدرية والجهاز التنفسي في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى أن الوباء «أكثر ما يصيب المسنّين، والأشخاص الذين يعانون من أمراض صدرية مثل الربو والحساسية المفرطة، والمصابين بضعف في جهاز المناعة». ويشير الدكتور بو خليل إلى أنه «كلما كانت صحة الإنسان جيدة ومناعته قوية، يصبح الجسم كفيلاً بمواجهته»، معتبراً أن «الخبراء ما زالوا في طور اكتشاف هذا المرض، والبحث عن أدوية للعلاج، وبالتالي، من الصعب التكهّن بتوقيت القضاء على هذا الفيروس».
من ناحية أخرى، رغم أن منظمة الصحة العالمية لم تصنّف «فيروس كورونا المستجد» وباء عالمياً، فإن هذا لا يعني النوم على حرير والاطمئنان إلى أن هذا المرض لن ينتشر في العالم. وهنا يشدد الدكتور بو خليل، على أن «تأخر السيطرة على هذا الفيروس، قد يعني تحوّله وبسرعة إلى وباء عالمي، إذ لا ضمانات بأن هذا الوباء لن يتفشّى بشكل سريع وفتّاك».
التداعيات الاقتصادية
من ناحية أخرى، لا تقتصر التداعيات السلبية للفيروس على الجانب الصحي، بل أصابت العملاق الاقتصادي الصيني بالصميم، وانسحبت آثاره على دول العالم ككل، على حدّ تعبير الخبير الاقتصادي الدكتور جهاد حكيّم. إذ قال حكيّم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاقتصاد الصيني متداخل مع الاقتصاد العالمي بشكل كبير، خصوصاً أن الصين باتت مصنع العالم، عدا عن أن هذا العملاق يشكل 15.5 في المائة من مجمل الاقتصاد العالمي، ولذا تعدّ الصين القوّة الاقتصادية الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة الأميركية».
ويلفت حكيم إلى أن «تقديرات الخبراء تتحدث عن إمكانية انخفاض نمو الاقتصاد الصيني في الفصل الأول من العام الحالي من 6.5 في المائة إلى 5 في المائة، لكنني أتوقع أن يتدنّى إلى حدود 4 في المائة، وربما أكثر من ذلك، ما لم يحاصر هذا الفيروس خلال أيام أو أسابيع قليلة». ويشدّد الخبير الاقتصادي اللبناني على أن «النقطة السلبية في الأمر أن تأثيرات هذا الفيروس على السوق الصينية، تأتي في وقت ما كادت الصين تخرج فيه من حربها الاقتصادية مع أميركا»، لافتاً إلى أن «تراجع النمو مرتبط بتدني أسهم الشركات وتقلبات الأسعار في السوق الصينية، بسبب تراجع العرض والطلب».
جدير بالذكر، أن صادرات الصين بلغت في عام 2019، حدود 2.5 تريليون دولار أميركي، وكان متوقعاً أن تسجل ارتفاعاً أكبر، خصوصاً بعد الاتفاق الذي أمكن التوصل إليه مع الولايات المتحدة، كما وصل فائضها التجاري إلى 1.14 تريليون دولار للعام الماضي، لكنّ هذه النسبة ستشهد تراجعاً ملحوظاً نتيجة الفيروس الفتّاك.
ويشرح الدكتور حكيم أن «انخفاض النموّ يقلق الصين إلى حدّ كبير، لأن سياستها تسعى للحفاظ على نمو لا يقلّ عن 6.5 في المائة، في سبيل لتحقيق انتصار في محاربة الفقر في البلاد». إلا أنه في المقابل، لم يبدِ تخوفاً من «انحدار الأمور نحو الأسوأ، ما دام أن تطويق هذا الفيروس بات قضية تعني العالم ككل».
وبرأي حكيم، فإن «محاصرة هذا المرض خلال فترة زمنية قصيرة، قد يساعد في استعادة الاقتصاد الصيني عافيته بشكل سريع». ويضيف أنه عندما ضرب فيروس «سارس» (SARS) بلداناً عدّة بين عامي 2002 و2003، من بينها الصين، وأدى إلى وفاة نحو 800 شخص، خسر الاقتصاد العالمي 33 مليار دولار، أما الآن، فأعتقد أن الخسائر المالية ستكون أكبر، لأن حجم الاقتصاد الصيني والعالمي في عام 2020 نما كثيراً مع عام 2002، وبالتالي قد تكون الخسارة مضاعفة.
انعكاسات محلية وعربية
من جانب آخر، مني القطاع التجاري في دول الشرق الأوسط، بخسائر كبيرة أيضاً، جراء «فيروس كورونا المستجد»، بدءاً من إحجام التجار عن السفر إلى الصين، ووضع أي بضاعة آتية منها تحت الرقابة الدقيقة، وكذلك إجراء مسح شامل وعلميات فحص دقيقة لحمولة السفن المبحرة من الصين، لكون التجّار يقدمون سلامة صحتهم على الأرباح المالية.
محمد فارس، وهو تاجر كبير لبناني، وأحد مستوردي المعدات الصناعية من الصين، قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه، إن «الشركات الصينية التي تصنّع معداته، بعيدة مسافة تزيد على 4 ساعات ونصف الساعة بالطائرة عن ووهان»، لكنه يعترف بأنه «لن يغامر بالذهاب إلى الصين، رغم حاجته إلى سفر وشيك بسبب نفاد البضاعة التي لديه».
ويشير فارس وهو وكيل معدات ومحركات تستخدم لعشرات الآليات الصناعية إلى أن «الشركات التي تصنّع بضاعته لا تزال تعمل بشكل طبيعي، ولم تتأثر بموجة الفيروس، إلا أنها كانت متوقفة عن العمل بسبب عطلة رأس السنة الصينية، الممتدة بين 20 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 فبراير (شباط)، والمفترض أن تستأنف عملها بعد انتهاء العطلة، مع توقعات بمحاصرة الفيروس خلال وقت قريب، في ظلّ القدرات المالية والطبية التي رصدت له من قبل الصين ودول العالم».
ووفق كلام فارس، الذي يستورد جزءاً من هذه المعدات إلى لبنان، وجزءاً آخر إلى بلدان آسيوية، «ربما تكون السوق اللبنانية الأقل تأثراً بالأزمة الصينية، لأنها لا تعادل شيئاً أمام السوق الأميركية، خصوصاً بعد الاتفاق الجمركي بين البلدين، والسوق الروسية الضخمة جداً، والسوق الأسترالية». ثم تابع: «الأسواق الخليجية قد تكون الأكثر تأثراً في المنطقة، بالنظر لدور الشركات الصينية الضخمة، التي تشارك بشكل فاعل في المعارض الموجودة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة و(إكسبو دبي) وغيرها».
وتتعدد القطاعات التي راكم الفيروس خسائرها، لا سيما تجّار الألبسة الذين يعانون صعوبة الاستيراد في هذه المرحلة، ويكشف أحد أعضاء لجنة تجّار سوق مار الياس في بيروت لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأزمة ألحقت به وبغيره من التجار أضراراً طائلة». وتحدث عن «عجز التجّار عن الوفاء في التزاماتهم، خصوصاً لدى تجّار الجملة، ومستوردي البضائع التي يجري تسويقها أحد المعارض الضخمة في مدينة إزمير التركية، وكان يفترض تسلّم البضاعة في موعد أقصاه نهاية شهر شباط (فبراير) الحالي». وأوضح التاجر الذي رفض ذكر اسمه، أن «الشركات الصينية التي أبرمت العقد معه ومع غيره، متوقفة الآن عن العمل ولن تتمكن من استئناف عملها قبل القضاء على الفيروس. وبالتالي، لن تسلمنا بالموعد المحدد البضاعة المتفق عليها، لأن عملية التصنيع متوقفة، عدا عن أن أغلب مصممي الأزياء العالميين غادروا الصين، وقد لا يعودون إلا بعد مرور أشهر على مكافحة المرض»، لافتاً إلى أنه مع غيره من التجّار «سيتجهون إلى أسواق بديلة ومؤقتة؛ ومنها تايوان وكوريا وإندونيسيا وتركيا، وإن بكلفة أعلى وربح أقلّ».
وأظهرت الإحصاءات أن الدول القريبة من الصين، هي الأكثر تأثراً بالفيروس، والأكثر قابلية للتفشي فيها؛ وهي تايلاند (25 إصابة)، واليابان (20)، وسنغافورة (18، بينهم حالة وفاة)، وكوريا الجنوبية (16). وخارج آسيا، كانت بين الدول الأكثر تأثراً ألمانيا التي سجّلت (12 إصابة) والولايات المتحدة (11 إصابة).
دول الشرق الأوسط قلقة... ولبنان الأقل مناعة
> يجتاح الخوف والقلق بلدان الشرق الأوسط، لا سيما الدول العربية، من وصول هذا الفيروس إليهم. هذا الخوف بات مضاعفاً لدى اللبنانيين، وتحديداً في هذه المرحلة الصعبة، إذ تعاني المؤسسات الصحية من صعوبات كبيرة في استيراد الأدوية والعلاجات الضرورية للأمراض العادية، بسبب الأزمات المالية التي تعانيها البلاد، وعجز التجار والوكلاء عن سحب الدولار من المصارف، أو تحويله إلى الخارج لشراء الضروريات. وما يزيد من حالة الخوف، هو أن المستشفيات اللبنانية، غير مجهّزة للتعامل مع خطر هذا الفيروس في حال اكتشاف أي حالة من هذا النوع.
مع هذا، طمأنت مصادر طبية، بأن «الفيروس لا يزال - عملياً - محصوراً في الصين، وإن اكتشفت حالات محدودة جداً في دول على احتكاك دائم بالصين». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إذا وصل هذا المرض لا سمح الله إلى دول الخليج، عندها سيرتفع منسوب الخطر على لبنان، لأن بلدنا الموجود على تماس مباشر ودائم مع الخليج العربي، هو الأقل مناعة للتصدي، وهناك مئات آلاف اللبنانيين الذين يعملون في هذه الدول ويترددون إلى البلد».
وتتخذ السلطات اللبنانية أسوة بكل دول العالم، إجراءات وقائية مشددة، سواء في مطار رفيق الحريري الدولي، أو في المعابر البحرية والبرية، لرصد أي إصابة قادمة من الخارج، واطلع وزير الصحة العامة اللبناني الدكتور حمد حسن، مركز الحجر الصحي في المطار، وعاين الإجراءات الوقائية المتخذة لمنع انتقال الفيروس. وأكد حسن أن «الإجراءات الوقائية تهدف للحؤول دون عبور أي حالة مصابة بالفيروس وتركها من دون علاج». وتحدث عن «مرحلة لوجيستية وقائية تمنع وصول أي شخص مشتبه بإصابته بالفيروس إلى لبنان، واعتماد إجراءات الحظر المتخذة في الشرق الأقصى»، لافتاً إلى «عدم وجود خط مباشر بين الشرق الأقصى ولبنان، بل هناك ترانزيت في بلد ثانٍ، حيث يفترض أن يحصل الكشف المبكر لأي حالة قبل وصولها إلى لبنان». وأوضح وزير الصحة اللبناني أن «هناك استمارة عممتها رئاسة المطار والمديرية العامة للطيران المدني، وتتم تعبئتها على متن الطائرة لتجميع المعلومات الدقيقة عن الوافدين، علماً بأن الفريق الطبي جاهز لمواكبة وصولهم».
ووهان... من واحة سياحية إلى مدينة أشباح
> لم يسبق لمدينة ووهان، عاصمة إقليم هوباي بوسط الصين، أن استقطبت الاهتمام العالمي قبل انطلاق «فيروس كورونا المستجد»، وتفشّيه فيها بشكل سريع، ومن ثم خروجه إلى العالم كلّه. لقد قلب الفيروس حياة هذه المنطقة رأساً على عقب، وأجبر الملايين من سكانها على التزام منازلهم في محاولة لمنع انتشاره.
مدينة ووهان، التي تشكلت من 3 مدن هي هانكو وهانيانغ وووتشانغ (حمل اسمها الأحرف الأولى في أسمائها)، إحدى كبريات مدن الصين، إذ يقدر تعداد سكانها بنحو 11 مليون نسمة. وهي تقع عند مصب نهر الهان في نهر اليانغتسي، أكبر أنهار الصين.
وتعد هذه المدينة العامرة مركزاً ثقافياً وتعليمياً واقتصادياً ضخماً، وفيها جامعات كبرى أشهرها جامعة ووهان تستقطب الطلاب الأجانب. إلا أن هذه المدينة تحولت اليوم بفعل الفيروس الذي تذكر تقارير أنه انطلق من إحدى أسواقها إلى منطقة منبوذة وموضوعة في الحجر الصحي. لقد جعلها الفيروس الذي شل حركتها وأفرغ شوارعها الرئيسية وطرقها الفرعية التي تفصل بين مبانيها الشاهقة، «مدينة أشباح» حقيقية شبه خالية من المارّة.
وترجّح الدراسات غير النهائية أن الفيروس الجديد ظهر للمرة الأولى خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في إحدى أسواق ووهان حيث تباع حيوانات برية. وانتشر خلال عطلة رأس السنة القمرية الصينية، التي يسافر خلالها ملايين الصينيين داخل البلاد وخارجها. لكن هذا المرض حرم أهالي ووهان، وكثيراً من مناطق الصين، من متعة العيد لهذا العام، إذ نصحت سلطات ووهان سكان المدينة بالتزام بيوتهم للحد من انتشار الفيروس، غير أن السكان ابتكروا طريقة بسيطة لتشجيع بعضهم ورفع معنوياتهم، وأظهرت أشرطة مصوّرة نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، الناس وهم يهتفون «ووهان جيايو» من شبابيك شققهم، وهو هتاف يعني «حافظي على قوتك يا ووهان».