أولمرت وعباس معاً في نيويورك ضد «صفقة القرن»

سيعقدان مؤتمراً صحافياً مشتركاً في مقر الأمم المتحدة الأسبوع المقبل

الاحتلال يغلق البلدة القديمة في القدس عقب إطلاق النار على شاب في باب الأسباط (وفا)
الاحتلال يغلق البلدة القديمة في القدس عقب إطلاق النار على شاب في باب الأسباط (وفا)
TT

أولمرت وعباس معاً في نيويورك ضد «صفقة القرن»

الاحتلال يغلق البلدة القديمة في القدس عقب إطلاق النار على شاب في باب الأسباط (وفا)
الاحتلال يغلق البلدة القديمة في القدس عقب إطلاق النار على شاب في باب الأسباط (وفا)

اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، على إطلاق حملة مشتركة ضد «صفقة القرن»، يؤكدان فيها أنها ليست التسوية الواقعية الممكنة وأن «هنالك صيغة أفضل بإمكانها التوصل إلى اتفاق سلام حقيقي وشامل بين إسرائيل والفلسطينيين والعرب أجمعين». وسيتم إطلاق هذه الحملة في مؤتمر صحافي مشترك بينهما، يعقد في نيويورك، بالتزامن مع الجلسة المغلقة التي تعقد في مجلس الأمن، في الأسبوع المقبل، والتي ستخصص لبحث الصفقة.
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، إن أولمرت وافق على الشراكة في هذه المهمة، خلال اتصالات مع مكتب الرئاسة الفلسطينية. وجرى التواصل بينه وبين مكتب أبو مازن، إثر مقال نشره في صحيفة «معريب» الإسرائيلية، يوم الجمعة الفائت، وقال فيه إن هذه الصفقة «لا يمكن أن تصبح أساساً لحل الصراع مع الفلسطينيين» واعتبرها «مجرد إنجاز كبير لبنيامين نتنياهو في مجال العلاقات العامة لخدمة حملته الانتخابية، ولن تخدم إسرائيل والفلسطينيين بشيء». وقال أولمرت إن «خطة ترمب تمكن إسرائيل من ضم غور الأردن، والمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ومنطقة غور الأردن. ولن تجد من يؤيدها من الفلسطينيين». وحذّر منها بقوله «أخشى أن تنتهي الزفة التي كانت في واشنطن الثلاثاء الماضي، ببكاء كبير، وأخشى أن نكون نحن الباكين».
وفي ضوء ذلك، اتفق عباس وأولمرت أن يظهرا معا في مؤتمر صحافي في نيويورك، في الوقت نفسه الذي يعرض فيه كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب وصهره، جاريد كوشنر، تفاصيل الخطة الأميركية المعروفة بـ«صفقة القرن»، على جلسة لمجلس الأمن الدولي. وسيحاولان التوضيح بأن رفض خطة ترمب لا يعني رفض عملية السلام. وسيقدمان بديلا عنها يمكنه تحقيق السلام، يقوم على أساس ما تم التوصل بينهما من تفاهمات في سنة 2008، عندما كان أولمرت رئيسا للحكومة الإسرائيلية.
وكما هو معروف، فإنه في أعقاب مؤتمر أنابوليس، الذي التأم في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 2007. في الولايات المتحدة الأميركية، برعاية الرئيس بيل كلينتون، بدأت مفاوضات جدية بين الفلسطينيين والإسرائيليين بغية التوصل إلى اتفاق سلام في موعد لا يتجاوز نهاية عام 2008. وعقد أولمرت وأبو مازن عشرات المحادثات، وبموازاة ذلك جرت مفاوضات بين وفدين رسميين، الإسرائيلي برئاسة تسيبي لفني، القائمة بأعمال رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية، والفلسطيني برئاسة أحمد قريع (أبو العلاء)، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. ووفقا لأولمرت وعباس، فإن المحادثات بينهما بلغت حافة الاتفاق. فقد توصلا إلى مسودة اتفاق تقضي بأن الحل يكمن في المبدأ المعروف: «دولتان لشعبين». وبموجبه تقام دولة فلسطينية على مساحة 94 في المائة من الضفة الغربية، تكون عاصمتها القدس الشرقية. وتقدم إسرائيل تعويضا عن 6 في المائة من أراضي الضفة الغربية، بأراض تساويها في المساحة والقيمة من أراضي 1948. قسم منها شمالي الضفة الغربية وقسم منها بتوسيع الحصة الفلسطينية من منطقة شمالي البحر الميت وقسم منها في الأراضي الخصبة الواقعة شرقي قطاع غزة، وهذا بالإضافة إلى ممر آمن ما بين غزة والضفة الغربية. وقد عرض أولمرت خريطة توضح هذا التقسيم رسمها بقلمه على محرمة ورق. فقال له عباس إنه يريد أن يدرسها مع القيادة الفلسطينية، لكن أولمرت طلب منه أن يوقع عليها أولا.
وفيما بعد، تبين أن تسيبي لفني أقنعت نظيرها الفلسطيني بأن الاتفاق مع أولمرت لن يكون مجديا. إذ أنه بدأ يواجه تحقيقات في الشرطة حول عدة قضايا فساد. فقالت إن أولمرت يظهر كرجل فاسد في المجتمع الإسرائيلي وكل ما يوقع عليه سيسقط. ودعت الفلسطينيين بأن ينتظروا حتى تصبح هي رئيسة للحكومة وتكمل المحادثات معهم. وفي هذه الأثناء استقال أولمرت وجرت انتخابات، لكن لفني لم تستطع تشكيل حكومة وحل محلها بنيامين نتنياهو، الذي طوى المشروع وراح يعزز الاحتلال وتسبب في تجميد تام للعملية السلمية. بينما أولمرت حوكم وأدين ودخل إلى السجن.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الصلة بين أولمرت وأبو مازن تجددت السنة الماضية وباشرا التفكير في استثمار التفاهمات التي توصلا إليها وعدم إضاعة جهديهما التاريخي هباء. واليوم يجدانها أفضل فرصة للعودة إلى تلك المسودة. وقد أبدى أولمرت استعداده للقول إن الرئيس الفلسطيني لا يرفض لمجرد الرفض، وإن وقوفه كرئيس وزراء إسرائيلي سابق إلى جانبه هو دليل على أن القيادة الفلسطينية مستعدة للسلام، بشرط أن تكون هناك خطة واقعية تأخذ بالاعتبار مصالح الشعبين وتنجم عن المفاوضات بين الطرفين.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.