الاستثمارات النفطية العالمية أقل 20% من المطلوب

يُتوقع أن تبلغ 517 مليار دولار في 2020

الاستثمارات النفطية على مستوى العالم تراجعت بحدة منذ بداية الهبوط الكبير لأسعار النفط عام 2014 (رويترز)
الاستثمارات النفطية على مستوى العالم تراجعت بحدة منذ بداية الهبوط الكبير لأسعار النفط عام 2014 (رويترز)
TT

الاستثمارات النفطية العالمية أقل 20% من المطلوب

الاستثمارات النفطية على مستوى العالم تراجعت بحدة منذ بداية الهبوط الكبير لأسعار النفط عام 2014 (رويترز)
الاستثمارات النفطية على مستوى العالم تراجعت بحدة منذ بداية الهبوط الكبير لأسعار النفط عام 2014 (رويترز)

الاستثمارات النفطية تتراجع أكثر، وتبقى عند مستوى أقل بنسبة 40% مقارنةً مع عام 2014، وهي السنة التي بدأت فيها أسعار البرميل بالهبوط المستمر حتى تاريخه. وأكدت مصادر مطلعة أن عودة الانتعاش إلى استثمارات الشركات في قطاعي النفط والغاز ليست قريبة على ما يبدو، إذ تشير التوقعات إلى 517 مليار دولار في 2020 وفقاً لمرصد «آي إف بي إنرجيز». وهذا الرقم أقل بنسبة 4% مقارنةً بالاستثمارات التي سُجلت في 2019، علماً بأن العام الماضي سجل تراجعاً بنسبة 2% مقارنةً بقيمة الاستثمارات النفطية والغازية التي تحققت في 2018.
ويؤكد المعهد أن استثمارات السنة الحالية يُتوقع أن تبقى أدنى بنسبة 40% مقارنةً بعام 2014 بالأرقام النسبية الآخذة في الاعتبار تطور أسعار التجهيزات وكلفة الخدمات، واقل بنسبة 23% بالكلفة الثابتة. وبلغة الأرقام المقارنة أيضاً، فإن عام 2019 شهد حفر 71 ألف بئر، مقابل أكثر من 100 ألف بئر قبل 5 سنوات.
وعلى صعيد النفط الصخري الأميركي، الذي كان وراء بعض الانتعاش في هذا القطاع، فإن كلفة استثماراته آخذة في الانخفاض. إذ بلغت نسبة ذلك الانخفاض 7% في 2019 ويرجح أن تواصل تلك الصناعة الهبوط النسبي في 2020، فالشركات المتوسطة والصغيرة العاملة في قطاع النفط الصخري الأميركي تشد الحزام تحت ضغط المساهمين فيها بغية تحقيق بعض الأرباح على الرغم من انخفاض الأسعار، والحصول على توزيعات بعد فترة طويلة من الاستثمارات الثقيلة المكلفة.
وفي المقارنات أيضاً، يبدو أن الشركات الكبيرة، مثل «أكسون، وشل، وشيفرون، وبي بي» لا تعوض الفرق، بل هي أيضاً تضغط نفقات استثماراتها في النفط الصخري الذي بدأت الحفر من أجله في تكساس ونيو مكسيكو.
إلى ذلك، تشير التقارير المتقاطعة إلى انخفاض الاستثمارات في روسيا ومنطقة الخليج والشرق الأوسط، مقابل ارتفاعها في بحر الشمال النرويجي والبريطاني. وترتفع أيضاً في البرازيل وآسيا، وأفريقيا؛ لا سيما الحقول الغازية الهائلة التي اكتُشفت في المياه الإقليمية التابعة لدول موزمبيق وأنغولا وموريتانيا. وتؤكد تلك الحفريات والاكتشافات أن الحفر البحري ارتفع عموماً بنسبة 17% العام الماضي حول العالم. ويلاحظ معهد «آي إف بي إنرجيز» أيضاً ارتفاعاً في المسوحات الجيولوجية التي تساعد في تحليل مكنونات طبقات الأرض بحثاً عن مخزونات ما هنا وهناك. فالشركة الفرنسية «سي جي جي» الرائدة في هذه المسوحات الجيوفيزيائية، والتي كانت متعثرة في 2017 استطاعت العام الماضي زيادة حجم أعمالها في هذا القطاع بنسبة 14%.
أما بناء المنصات البحرية فمستمر على قدم وساق على قاعدة أن سعر البرميل اعتباراً من 60 دولاراً وما فوق يعد مجدياً في هذا القطاع، علماً بأن الأسعار كانت في هذه المستويات في مدى أشهر طويلة قبل أن تصل أزمة انتشار فيروس «كورونا» الذي خفض الطلب الصيني، فإذا بالأسعار تنخفض تحت حاجز 60 دولاراً للبرميل.
في الخلاصة، فإن النمو في البحر متواصل لكنه ليس كافياً لتعويض التراجع الحاصل في البر، لا سيما في الولايات المتحدة الأميركية، وبذلك تبقى الاستثمارات النفطية والغازية منخفضة مقارنةً مع القمم التاريخية التي سبق أن بلغتها سابقاً.
ويرى مناصرو البيئة في ذلك خبراً جيداً بالنسبة إلى قضيتهم الرامية إلى إبقاء المخزونات في باطن الأرض والبحث عن مصادر نظيفة بديلة للطاقة.
أما على صعيد انعكاس كل ذلك على المستهلكين، فإن التقارير المتخصصة في هذا المجال تتفق على أن تراجع الاستثمارات سينعكس سلباً على المستهلكين في السنوات المقبلة، لأن العرض سينخفض عن الطلب علماً بأن استخراج النفط الصخري ينخفض فيه المردود كل سنة إضافية مع نضوب تلك الحقول القليلة المخزون نسبياً، وعندئذ تعود الأسعار إلى الارتفاع في موازاة طلب يرتفع كل سنة أكثر. وهذا هو السيناريو الذي تحذر منه وكالة الطاقة الدولية، التي تعبّر عن مصالح الدول المتقدمة والأكثر استهلاكاً للطاقة، وتدعو الوكالة دائماً إلى مزيد من الاستثمارات واستخراج المزيد من النفط والغاز كي تبقى الأسعار معتدلة ولا تؤثر في نمو الاقتصادات المتقدمة خصوصاً ونمو الاقتصاد العالمي عموماً.
ويقول معهد «آي إف بي إنرجيز» إن العالم يحتاج إلى استثمارات نفطية بقيمة 660 مليار دولار سنوياً بين 2020 و2025 لإبقاء الإنتاج العالمي عند مستواه الحالي، أي إن المطلوب هو زيادة تلك الاستثمارات بنسبة 20% مقارنةً بما هي عليه حالياً. لكن النفط الصخري الأميركي قد يغيّر في المعادلة لأنه يتمتع بمرونة زيادة الإنتاج عند ارتفاع الأسعار وخفضه عندما تهبط الأسعار، وهذا ما بات يخشاه المنتجون الآخرون حول العالم.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)
مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)
TT

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)
مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي وتنمية استثماراته.

ووفق بيان للاتحاد، تم انتخاب الدكتور جابر الفهاد رئيساً، وسعد العجلان نائباً للرئيس، وستعمل اللجنة بالتكامل مع الوزرات والهيئات ذات الصلة، والشركات الكبرى لتحقيق مستهدفات القطاع وتمكين المستثمرين السعوديين والأجانب من الفرص المتاحة.

يأتي ذلك في ظل التوقعات بأن تصل استثمارات قطاع البتروكيماويات إلى 600 مليار دولار بحلول عام 2030، وخطط الوصول إلى 50 في المائة من الطاقة المتجددة ومشاريعها الضخمة، إلى جانب فرص الاستثمار ببرامج توطين المحتوى بالطاقة التي تستهدف توطين 75 في المائة من القطاع.

ويمثل قطاع الطاقة السعودي المصدر الأساسي للطاقة عالمياً، ويُقدَّر أثره الاقتصادي بنسبة 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما يُعدّ محركاً رئيسياً لقطاعات حيوية كالصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والتعدين وغيرها، وعاملاً أساسياً في دعم النمو الاقتصادي بالمملكة.

وبحسب البيان، يأتي تشكيل اللجنة متسقاً مع التوجهات الجديدة لاتحاد الغرف الرامية لمواكبة القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية في «رؤية 2030»، ومن ضمنها قطاع الطاقة، لفتح آفاق استثمارية جديدة بالقطاع.