مصر: تدهور بالقطاع الخاص مقابل طفرة مصرفية وتفاؤل بمستقبل الجنيه

مؤشر مديري المشتريات بأدنى مستوياته في 34 شهراً

مصر: تدهور بالقطاع الخاص مقابل طفرة مصرفية وتفاؤل بمستقبل الجنيه
TT

مصر: تدهور بالقطاع الخاص مقابل طفرة مصرفية وتفاؤل بمستقبل الجنيه

مصر: تدهور بالقطاع الخاص مقابل طفرة مصرفية وتفاؤل بمستقبل الجنيه

سجل مؤشر مديري المشتريات في مصر، الذي يقيس نشاط القطاع الخاص غير النفطي، أدنى مستوى له منذ 34 شهرا في يناير (كانون الثاني) الماضي. وواصل القطاع انكماشه، ليسجل المؤشر 46 نقطة فقط، مقارنة بـ48.2 نقطة في ديسمبر (كانون الأول)، ويبتعد أكثر عن المستوى المحايد عند 50 نقطة.
وتعني قراءة المؤشر فوق 50 نقطة نمو نشاط القطاع الخاص غير النفطي، فيما تعني القراءة دون 50 نقطة أن نشاط القطاع في حالة من الانكماش. ولفت تقرير المؤشر الذي تعده مجموعة آي إتش إس ماركيت إلى أن ظروف القطاع تراجعت في كل من الأشهر الستة الماضية، ما يشير إلى «تدهور كبير» في أوضاع القطاع.
وأسهم الانكماش الحاد في الإنتاج وضعف المبيعات بالشركات في هذا التراجع الحاد، وفقا للتقرير. وكان معدل انخفاض الطلبات الجديدة بالشركات هو الأسرع منذ نحو 3 سنوات. وأشار التقرير إلى تراجع حركة السوق وعدم وجود عقود جديدة، إلى جانب تدني طلبات التصدير للشهر الرابع على التوالي. ونتيجة لذلك تضررت عوامل العرض سلبيا. وانخفض النشاط الشرائي بأسرع وتيرة في 28 شهرا، بعد ارتفاع طفيف في ديسمبر. وأفاد المشاركون في التقرير بأن انخفاض المبيعات أدى إلى تراجع متطلبات مستلزمات الإنتاج، والذي أدى بدوره إلى انخفاض مستويات المشتريات والمخزون في بداية العام.
وأدى ضعف الطلب على مستلزمات الإنتاج إلى ثبات التكاليف، إذ أبقى الموردون على أسعار المشتريات دون تغيير على نطاق واسع للمرة الأولى منذ بدء إصدار تقارير المؤشر. وساعد انخفاض قيمة الدولار في خفض تكاليف الاستيراد، ومع ذلك فإن ارتفاع أسعار بعض المواد الخام وزيادة الرواتب بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة أدى إلى ارتفاع هامشي في النفقات الإجمالية. ورصد التقرير عدم استبدال الشركات للعاملين الذين تركوا وظائفهم بحثا عن فرص أخرى، لأن «ضعف المبيعات قلل من الحاجة إلى العمالة». وأبقت الشركات على تفاؤلها بشأن مستقبل نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر. وتوقعت نسبة كبيرة من الشركات المشاركة في التقرير نمو الإنتاج في الأشهر الـ12 المقبلة، فيما أعرب البعض عن قلقه من أن الانخفاض الحالي في النشاط سيستمر طوال عام 2020.
لكن في مقابل تراجع أنشطة القطاع الخاص المصري، ذكرت وكالة «بلومبرغ» الأميركية أن الأداء القوي للقطاع المصرفي المصري، مدعوما بالطفرة المحققة في أرباح البنوك، ينعش عمليات الاستحواذ والدمج، التي تعد أفضل السبل أمام الجهات المقرضة للنفاذ إلى الاقتصاد المصري «الأسرع نموا في منطقة الشرق الأوسط»، وفقا لأحدث بيانات الشبكة الأميركية.
وأكدت «بلومبرغ» في تقرير الأربعاء أن الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة المصرية أسهمت في إعادة إحياء النمو الاقتصادي بالبلاد بعد حالة الركود التي أصابته منذ العام 2011. وأشارت إلى أن قرار تحرير سعر العملة الذي أقدمت عليه مصر في 2016 أسهم في تدفق الأموال إلى الأسواق، ثم عمليات شراء مكثفة من قبل البنوك في سندات الخزانة والسندات بشكل عام لترتفع ربحيتها إلى مستويات قياسية.
ونقلت «بلومبرغ» عن آلان سانديب، مدير رئيس قسم البحوث في شركة «نعيم» للسمسرة بالقاهرة قوله: «تتمتع البنوك المصرية حاليا بميزانيات قوية للغاية إضافة إلى توافر السيولة النقدية؛ ما يسهم في تشجيع عمليات الاستحواذ، لكن يظل التساؤل المطروح حاليا هو من يريد البيع أكثر ممن يرغب في الشراء». وأشارت الوكالة إلى أن الكيانات الكبرى تسعى للنفاذ إلى أكثر الأسواق الواعدة في المنطقة وسط تراجع أسعار النفط وتنامي التوترات الجيوسياسية.
ونسبت الشبكة إلى منصف مرسي، رئيس قسم التحليل المال لدى مجموعة «سي آي كابيتال» قوله إن «البنوك المصرية تحقق أرباحا عالية سنويا بدعم ارتفاع العائد على الأوراق المالية الحكومية، لذلك نتوقع حفاظ البنوك على الطفرة المحققة في أرباحها على مدار العامين المقبلين».
وكانت مؤسسة «موديز» العالمية للتصنيف الائتماني قد منحت قطاع البنوك المصري نظرة مستقبلية مستقرة بدعم انتعاش النمو الاقتصادي وتوافر السيولة النقدية. وأوضحت في تقريرها الأخير الصادر في يناير الماضي، أن النظرة المستقبلية للنظام المصرفي المصري مستقرة على مدار الفترة من 12 إلى 18 أشهر المقبلة بدعم السيولة النقدية الوفيرة والتوسع الاقتصادي الذي سيسهم في تنشيط نمو الطلب على القروض؛ ومن ثم تحسين مناخ الأعمال.
من جهة أخرى، فإن بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال، أصبح «أكثر تفاؤلا» تجاه مسار الجنيه خلال العامين المقبلين، متوقعا أن تظل العملة المحلية مستقرة هذا العام قبل أن تنخفض إلى 16.2 جنيه مقابل الدولار خلال عام 2021، وقال في تقرير حديث إن الجنيه المصري سيصبح مقيما بشكل مبالغ فيه على نحو متزايد بسبب تراجع العجز في الحساب الجاري بأقل من التوقعات وزيادة التدفقات الداخلة.
وأصبح الجنيه سادس أغلى عملة بالأسواق الناشئة في العام الماضي، وفقا لنموذج سعر الصرف الفعلي الحقيقي التابع لرينيسانس كابيتال. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه، إذ يتوقع بنك الاستثمار أن ترتفع المغالاة في قيمة الجنيه من 14 في المائة حاليا إلى أكثر من 20 في المائة العام المقبل.
وبحسب البنك فإن المغالاة في قيمة الجنيه ستكون مدعومة جزئيا بتدفقات المحافظ المالية - على نحو أكبر من المتوقع - إلى السندات الحكومية، والتي لا تزال جذابة عقب تخفيضات أسعار الفائدة العام الماضي من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. ويتوقع رينيسانس كابيتال أن تشهد السوق المصرية تدفقات داخلة بقيمة مليار دولار خلال العام المالي المقبل 2020 - 2021 بدلا من تدفقات خارجة بقيمة ملياري دولار. ويرجح بنك الاستثمار أيضا تراجع العجز في الحساب الجاري بمعدل أقل مما كان متوقعا في السابق، لينهى العام المالي 2020 - 2021 عند مستوى 14 مليار دولار بدلا من 16 مليار دولار.
وتشمل المخاطر الرئيسية للجنيه عودة معدل التضخم للصعود فوق مستوى 9 في المائة، وأيضا التخفيضات الكبيرة في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي، وتحول الفيدرالي الأميركي نحو سياسة نقدية متشددة. ويمكن أن تؤدي الزيادة الملحوظة في التضخم أو انخفاض الرغبة في المخاطرة بين المستثمرين الأجانب إلى «حلقة مفرغة» من التراجع في سعر صرف الجنيه، إذ سيتجه حملة السندات لبيع ملكياتهم المقومة بالجنيه، مما يؤدي إلى عمليات بيع على نطاق كبير.


مقالات ذات صلة

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السعودية تعلن الميزانية العامة للدولة لعام 2025

جلسة سابقة لمجلس الوزراء السعودي (واس)
جلسة سابقة لمجلس الوزراء السعودي (واس)
TT

السعودية تعلن الميزانية العامة للدولة لعام 2025

جلسة سابقة لمجلس الوزراء السعودي (واس)
جلسة سابقة لمجلس الوزراء السعودي (واس)

تعلن السعودية غداً (الثلاثاء) الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1446 / 1447هـ (2025م).

وسيعقد مجلس الوزراء السعودي، يوم غدٍ (الثلاثاء)، جلسة مخصصة للميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2025م.

ووفقاً للبيان التمهيدي لميزانية عام 2025 الصادر في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، توقعت حكومة المملكة تسجيل عجز عند 118 مليار ريال (31.4 مليار دولار) هذا العام، على أن يستمر للسنوات الثلاث المقبلة ليبلغ ذروته في 2027 عند 140 مليار ريال، بوصفه عجزاً مُقدّراً.

وتركز الحكومة على الإنفاق الاستراتيجي على برامج «رؤية 2030»، وهو ما أوضحه وزير المالية محمد الجدعان، عند الإفصاح عن البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل، بتأكيده أن الحكومة ستواصل الإنفاق على المشاريع الكبرى ذات العائد الاقتصادي المستدام، إضافة إلى زيادة الصرف على البنية التحتية والخدمات العامة.

كما ارتفعت الإيرادات الحكومية بنسبة 20 في المائة في الربع الثالث مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي، لتبلغ 309.21 مليار ريال (82.4 مليار دولار)، وارتفعت النفقات بنسبة 15 في المائة لتبلغ 339.44 مليار ريال في الفترة ذاتها.

وبلغت الإيرادات غير النفطية ما قيمته 118.3 مليار ريال بارتفاع 6 في المائة على أساس سنوي، لكنها كانت أقل بنحو 16 في المائة مقارنة بالربع الثاني من هذا العام. وفي المقابل، سجلت الإيرادات النفطية 190.8 مليار ريال، بنمو 30 في المائة على أساس سنوي، لكنها كانت أقل بنسبة 10 في المائة عن الربع الثاني من 2024.

وحتى الربع الثالث من العام الحالي، أظهرت الميزانية السعودية لـ2024 ارتفاع الإيرادات الفعلية لتصل إلى 956.233 مليار ريال (254.9 مليار دولار)، مقارنة بالفترة نفسها من 2023 عندما سجلت نحو 854.306 مليار ريال (227.8 مليار دولار)، بزيادة قدرها 12 في المائة.

وتجاوز حجم النفقات نحو التريليون ريال (266.6 مليار دولار) حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي، قياساً بالفصل الثالث من العام الماضي، حيث كان حجم النفقات 898.259 مليار ريال (239.5 مليار دولار)، بنسبة 13 في المائة. وبالتالي يصل حجم العجز في الميزانية خلال هذه الفترة إلى 57.962 مليار ريال (15.4 مليار دولار).

وتوقعت وزارة المالية السعودية في تقريرها الربعي، بلوغ حجم الإيرادات في العام الحالي 1.172 تريليون ريال (312.5 مليار دولار)، مقارنة بالنتائج الفعلية للميزانية في 2023 عند 1.212 تريليون ريال (323.2 مليار دولار)، وإجمالي مصروفات يصل إلى 1.251 تريليون ريال (333.6 مليار دولار)، قياساً بالعام الماضي عند 1.293 تريليون ريال (344.8 مليار دولار)، وبعجز يبلغ 79 مليار ريال (21 مليار دولار)، بعد أن سجل نحو 80.9 مليار ريال (21.5 مليار دولار) في السنة السابقة.

وكشفت بيانات وزارة المالية وصول رصيد الاحتياطي العام للدولة حتى نهاية الربع الثالث إلى 390.079 مليار ريال (104 مليارات دولار)، والحساب الجاري إلى 76.675 مليار ريال (20.4 مليار دولار)، وتسجيل الدين العام سواء الداخلي أو الخارجي لآخر الفترة نحو 1.157 تريليون ريال (308.7 مليار دولار).